3 المقدمة
وكان الأستاذ العقاد من الواعين لدخائل الغرب في دوافعه الدينية
ألقاب التاج البريطاني الحارس للديانة المسيحية)"".
كما لم يفته تتبع أمارات الصبغة المسيحية للحضارة الغربية؛ بما تكرر على
ألسنة فلاسفتهاء وساساتها من دعوة إلى الغزو باسم المسيح الفلا وبدليل أن
التبشير هو الأول في الترتيب قبل الاستعمار والاستغلال» ومن رأيه أن الغرب
يتحاشى إثارة العاطفة الدينية لدى المسلمين.
ويبقى حديثنا للطرف الثاني المعارض للتصرف في كتب التراث بالاختصار
فنقول: من مبررات الاهتمام بكتب التراث ومنها هذا الكتاب تصحيح العقائد التي
عصر الاحتلال العسكري الأوروبي أخذ ملامح متباينة؛ فاختلف باختلاف المدارس
الوطنية التي خطط المبشرون مناهجهاء أو الأجنبية التي أنشأها الاستعمار لتربية
أجيال تسقى من معين ثقافته؛ مع فشو الأمية؛ وسيطرة الفرق الصوفية بعقائدها
البدعية على الجماهير؛ فنتج عن ذلك اضطراب في التصور العقائدي وأصبحت
ملامحه تتوزع في الغالب حسب التصنيف التالي:
-١ وقف البعض عند مظاهر التدهور ولم يعنوا بالبحث عن العقائد الصحيحة
من مصادرهاء إذ خلطوا بين أحوال المسلمين المتدهورة والإسلام في أصوله
ومنابعه؛ فانصرفوا عن التدين وأصلوا الدين إلا في المناسبات والأعياد وعنوا بالشكل
دون المضمون.
"- خضعت العامة للصوفية وعاشت أجواء من الجهل والخرافات» وأصبح
التدين عندهم زيارة أضرحة واحتفال بالموالد.
- دار الكتاب العربي ٠١ الإسلام في القرن العشرين حاضره ومستقبله؛ العقاد ص )١(
21 نفسة ص )1(
المقدمة ف
؟- اعتقد بعض خاصة المشثقفين بوحدة الأديان فالإسلام عندهم كالنصرانية
واليبودية دون ييز
؛- غلب على أصحاب اللقافة الغربية تصور الدين كعاطفة قلبية تخضع
للعلاقة بين العبد وربه ولا شأن له بالحياة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو
وكانت المزائم المتوالية؛ والتقهقر المشين في النزال مع قوى الغرب ورأس
الحربة إسرائيل.
وكانت بوادر اليقظة التي جذبت الدارسين والمحللين بمراكز البحوث؛ وظن
تعبيرًا عن العجز التكنولوجي؛ ثم تبين خطؤهم الفادح؛ لأنهم عجزوا عن فهم العامل
الجد؛ ويرونه محور حياتهم)!".
شدها بكتب التراث في شكل مختصرات كمداخل للتوعية الصحيحة بعقائد الإسلام؟
والفائدة المرجوة هي نشر المعلومات الصحيحة على أوسع نطاق ممكن
بطبعات شعبية في وقت حالت فيه ارتفاع أسعار الورق وتكاليف الطباعة دون نشر
الأصول وهي من شأن خاصة طلاب العلم.
ومؤلف المختصر هو محمد بن علي بن سلوم التميمي (توفي سنة 1749ه)
واشتهر الكتاب بأنه (مختصر شرح عقيدة السفاريني).
أما السفاريني فهو الشيخ/ محمد بن الحاج أحمد بن سالم السقاريني» نسبة إلى
سفارين» قرية من أعمال نابلس ولد سنة 1141 ه وتوني سنة 11885 ه وقد
طبع المختصر بعنوان: مختصر لوامع الأنوار الببية وسواطع الأسرار الأثرية
شرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
)١( الإسلام كبديل» د. مراد هوفمان» بحلة النور الكويتية - مؤسسة بافارياء ترجمة د/ غريب
محمد غريب»؛ شوال ١١١ ه - 1137م
بتحقيق الشيخ محمد زهري النجار من علماء الأزهر
ومنهج المؤلف لا يختلف عن مناهج كتب العقائد الإسلامية في عرض
قضاياها بشكل مفصل» مع تدعيم عقائد أهل السنة؛ والجماعة؛ ردًا على الفرق
المخالفة لهم؛ فيتفعنا بإعادة صقل المفاهيم العقدية بالكتاب والسنة وإحيائبا في
العقل والوجدان لصد موجة المطالبة بالتوافق مع العصر -وهي في حقيقتها تغيير
للدلالات الثابتة بمفردات العقائد الإسلامية المتوارثة جيلا بعد جيل والمجمع عليها
بواسطة علماء السنة؛ وهي في عصرنا الحاضر بمشثابة (الخندق)الثقافي الذي نحتمي به
ونتفادى السهام الموجبة إلى العقائد والقيم في شكل حملات طعن وتشكيك وتشويه
مستغلة التقدم التكنولوجي بوسائل الاتصال كالبث الفضائي والإنترنت؛ ويا حبذا لو
استعملنا نفس هذه الوسائل في الدعوة إلى الله عز وجل وشرح عقائد الإسلام
ومبادئه كدين عالمي للبشرية كافة؛ ورد كيد (العولمة) إلى نحور أصحابا.
وقد التزمت بمنهجي بحذف الآراء المكررة الدائرة حول إحدى العقائد إذ
يلاحظ صعوبة متابعة المؤلف بسبب غزارة النقول عن العلماء وعرض المذاهب في
كل مسألة؛ واستبعاد نقاط الخلاف التي ريما تثير البلبلة في أذهان غير المتخصصين»؛
مع المحافظة على ارتباط أبواب الكتاب بترتييها حسب الأصل.
واسأل الله العلي القدير أن ينفعني به والمسلمين» ويجعل عملي خالصًا لوجبه
مصطفى بن محمد حلمي
الإسكندرية: ١6 ذي الحجة 4149 اه
أول إبريل 1983م
الباب الأول
في معرفة الله تعالى»
وما يتعلق بذلك من الصفات
كالسلف. وأسمائه تعالى وغير ذلك
مجني
عرض المؤلف في هذا الباب لأقوال المعتزلة بأن معرفة الله عز وجل وجبت
عقلا لا شرعاء بينما يرى علماء الحديث والسنة أن وسيلة معرفة الله تعالى هي
الفطرة» وأورد قول الشيخ عثمان النجدي (أول نعم الله الدينية على عبده؛ أن أقدره
على معرفته فيجب على كل مكلف شرعًاء أن يعرف الله تعالى بصفات الكمال).
ثم يخصص فصلا في بحث أسماء الله جل وعلاء يمهد له بتنبيبين:
)١( الأول: اختلف في مراتب إحصاء أساء الله تعالى'؟ التي من أحصاها
دخل الجنة. وهذا قطب السعادة» ومدار النجاة والفلاح.
شيء) أو (ياذات) اغفر لي وارحمني؛ بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيًا
قال في (البدائع) وهذه العبارة أولى من عبارة من قال: نتخلق بأساء الله» فإنها
ليست بعبارة سديدة» وهي منتزعة من قول الفلاسفة: الفلسفة التشبه به على قدر
والحاصل: أن لهم أربع مراتب» أشدها إنكارًا عبارة الفلاسقة؛ هي التشبه به
تعالى» ثم يليها عبارة من قال: (التخلق بأسمائه تعالى) وأحسن منها عبارة أي
الحكم بن برجان وهي التعبد؛ وأحسن من الجميع الدعاء» وهي المطابقة للأمر
(9) الثاني: الإلحاد في أسمائه تعالى المشار إليه ني قوله تعالى: ج وَل الْأَسْماء
)١( يقصد حديث الرسول 8 (لله نتسعة وتسعون اممًا).
٠ الباب الأول/في معرفة الله تعالى وما يتعلق بذلك من الصفات التي يثبتها المتكلمة
مأخوذ من الميل كما تدل عليه مادة زل ح د) تقول العرب (التحد فلان إلى فلان)
إذا عدل إليه؛ والإلحاد في أسمائه تعالى أنواع:
أحدها: أن تسمى الأصنام بها كتسميتهم (اللات) من الإهية و(العزى) من
وآلحتهم الباطلة.
ثالقها: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص» كقول أخبث اليهود (إنه
فقير) وقوضم (إنه استراح بعد أن خلق خلقه) وقوهم (يد الله مغلولة) وأمثال ذلك
(إن أسمائه تعالى ألفاظ بجردة لا تتضمن صفات ولا معان).
وهذا من أعظم الإلحاد فيهاء عقلا» ولغة» وشرغاءوفطرة؛وهو مقابل لإلحاد
خامسها: تشبيه صفاته تعالى بصفات خلقه» فبو إلحاد في مقابلة إلحاد
المعطلة؛ تعالى الله عن الحادهم علوًا كبيرًا.
وبرأ الله أتباع رسوله 1 وورثة نبيه القائمين بسنته عن ذلك كله؛ فلم
فكاا» إثباتهم بريًا من التمثيل وتتزيبهم خليًّا عن التعطيل» والله يبدي من
الباب الأول/في معرفة الله تعالى وما يتعلق بذلك من الصفات التي يثبتها المتكلمة 17
فصل في بحث صفات مولانا عز وجل
اعلم أن التوحيد ثلاثة أقسام» توحيد الربوبية؛ وتوحيد الإفية؛ وتوحيد
الصفات. فتوحيد الر؛
ولا معدم إلا الله تعالى.
وتوحيد الإلهية: إفراده تعالى بالعبادة؛ والتأله له؛ والخضوع, والذل؛ والحب؛
والافتقار» والتوجيه إليه تعالى.
وتوحيد الصفات: أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه؛ وبما وصفه به نبيه
وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتهاء إثبات ما أثبت من الصفات؛ من غير
تكييف ولا شثيل» ومن غير تحريف ولا تعطيل» وكذلك ينفون عنه؛ ما نفاه عن
والله سبحانه بعث رسله بإثبات مفصل؛ ونفي بحمل.
فالإئبات المفصل من أسمائه وصفاته؛ ما أنزله من محكم آياته كقوله تعالى:
الباب الأول/في معرفة الله تعالى وما يتعلق بذلك من الصفات التي يثبتها المتكلمة
ل َي الى أمثال هذه الآيات والأحاديث الثابتة في أسماء الرب
واثبات وحدانيته ينفي التمثيل؛ ما هدى الله به عباده إلى سواء السبيل؛ فهذه طريقة
الرسل صلوات الله عليم أجمعين.
بخلاف من حاد وزاغ عن سبيلهم من الكفار والمشركين؛ ومن ضاهى هؤلاء
)١( الصابئة في تعريف الشهرستاني: أنها فرقة كانت في زمان إبراهيم الخليل عليه السلام» كانت
الملل والنحل ج١ ص 1٠١ تخريج محمد بن فتح الله بدران؛ مكتبة الأنجلو المصرية» شوال
7ه حمايو 465١م
القرامطة: هم الشيعة الإساعيلية؛ امتازت عن الاثنى عشرية بإثبات الإمامة لإساعيل بن جعفر»
الجهمية: أصحاب (جهم بن صفوان) وهو من (الخبرية الخالصة).. وافق المعتزلة في نفس
ومنها قوله: إن الإنسان لا يقدر على شيء ولا يوصف بالاستطاعة وإما هو بحبور في
الباب الأول/في معرفة الله تعالى وما يتعلق بذلك من الصفات التي يثبتها المتكلمة 15
قدم البحث عليهاء
السبع صفات»؛ صفات الثبوتية.
له الحياة والكلام والبصر اسع إرادة وعلم واقتدر
قال شيخ الإسلام: ومعنى قول السلف (واليه يعود) ما جاء في الآثار (إن
القرآن يسرى به؛ حتى لا يبقى في المصاحف منه حرف ولا في القلوب منه آية).
للمتوكل في رسالته التي أرسل بها إليهاء عن النبي يا أنه قال: "ما تقرب العباد إلى
عباس رضي الله عنهما لما سمع قائلاً يقول لميت لما وضع في لحده: اللبم رب
القرآن اغفر له؛ فالتفت إليه ابن عباس فقال: مه» القرآن كلام الله ليس بمربوب؛ منه
ومنها قوله: إن حركات أهل الخلدين تنقطع؛ والجنة والنار تفنيان.
وعملء قال: ولا يتفاضل أهله فيه؛ فإيمان الأنبياء وإيمان الأمة على شط واحد.
وقد على الشهرستاني على عقائده الباطلة بقوله: (وكان السلف كلهم من أشد الرادين
عليه؛ ونسبته إلى التعطيل المحض؛ وهو أيضًا موافق (للمعنزلة) في نفس الرؤية واثبات خلق
الكلام؛ وإيجاب المعارف بالعقل قبل ورود السمع. ص هج ١ الملل والنحل»