نزلا أولا عند الشيخ عبد القادر بن عبد الله الجيلي. الحنبلي
فأحسن إليهماء وأقاما عنده بالمدرسة» واشتغلا"" عليه؛ ثم مات
الشيخ عبد القادر بعد قدومهما بخمسين ليلة؛ ثم أقاما عند ابن
الجوزي» ثم انتقلا إلى رباط النعال» واشتغلا بالفقه والخلاف
والأصول على ناصح الذين ١ بي الفتح نصر بن فتيان بن مطرء ابن
المَنيّ الحنبلي» المفتي وشيخ الحنابلة. وسمعا من هبة الله بن
وأحمد بن المُقَرّب» وعلي ابن تاج القراء» ومعمر بن الفاخر
وأحمد بن محمد الرّحبي؛ وحيدرة بن عمر العلوي» وعبد الواحد
ابن السكنء وأبي شجاع محمد بن الحسين المادراني؛ وأبي
حنيفة محمد بن عبيد الله الخطيبي؛ ويحيى بن ثابت.
عمروء وتفقه على أمنتاذه أبي الفتح ابن المَنَي حتى فاق الأقران؛
وحاز قصب السبق؛ وانتهى إليه معرفة المذهب وأصوله.
وبعد عودته إلى دمشق؛ عاد الموفق مرة ثانية إلى بغداد؛ 'سنة
معروف عند المتأخرين
سبع وستين وخمس مئة؛ ومعه عماد الدين أبو إسحاق إبراهيم بن
عبد الواحد بن علي المقدسي فأقاما سنة؛ وحج سنة ثلاث
وسبعين فسمع بمكة المكرمة.
وذكر الناصح بن الحنبلي أن ابن قدامة حجّ سنة أربع وسبعين
وخمس مثة ورجع مع وفد العراق إلى بغدادء؛ وأقام بها سنة؛
دمشق واشتغل بتصنيف كتاب «المغني».
مستغرقة للعلم والعمل» وكان يفحم الخصوم بالحجج والبراهين»
قال الضياء المقدسي محمد بن عبد الواحد: كان الموفق لا
الذهبي بين أهل عصره من الضيق بالمناظرة العلمية.
وقيل: إن الموفق ناظر ابن فضلان الشافعي الذي كان يضرب
به المثل في المناظرة فقطعه
وقد كتب الضياء المقدسي سيرة شيخه الموفق في جزءين
يخرج من وجهه لحْسنه؛ واسع الجبين»؛ طويل اللحية؛ قائم
الأنف»؛ مقرون الحاجبين» صغير الرأس» لطيف اليدين والقدمين»
نحيف الجسمء مُمََّاً بحواه.
وكان شديد الذكاء. حسن التصرف» من أطرف ما حكي عنه
خُطفت عمامَئةُ. فقال لخاطفها: يا أخي خذ من العمامة الورقة
قال ابن النجار: كان الموفق إمام الحتابلة بجامع دمشق؛ وكان
ثقة حُحجّة نبلا غزير الفضل» نزهاً» ورعاً عابداً؛ على قانون
وقال عمر بن الحاجب: هو إمام الأئمة مفتي الأمة؛ خضصَّهُ الله
بالفضل الوافرء والخاطر الماطرء والعلم الكامل» طنَّتْ بذكره
الأمصار» وضنّت بمثله الأعصارء أخذ به جامع الحقائق النقلية
يسمح بمثله؛ متواضعٌ؛ حسن الاعتقاد؛ ذو أناة وحلم ووقار»
مجلسه مَعْمُور بالفقهاء والمحدّئين» وكان كثير العبادة دائم
وقال أبو العباس ابن تيمية: ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه
من الشيخ الموفق رحمه الله
وذكر ابن كثير: أنه كان يتنفل بين العشاءين بالقرب من
محرابه» فإذا صلى العشاء انصرف إلى منزله بدرب الدَولَجِي
وكان منزله الأصلي بقاسيون. فينصرف بعض الليالي بعد العشاء
إلى الجبل .
قال الضياء: كان حسن الأخلاق لا يكاد يراه أحداً إلا متبسماً؛
القراءة يُمازحنا ويبسِط. وكالوه » مرة في صبيان يشتغلون
كان أكثر حاجة من غيره؛ وكان يُؤثر.
جاءه مرة الملك العزيز ابن العادل_يزروه؛ فصادفة يصلي؛
يتجوز في صلاته .
قال عنه سبط ابن الجوزي: وكان صحيح الاعتقاد مبغضاً
شناعة الخُلْقَ على الحنابلة بالتشبيه عزمت على سؤال الشيخ
دقائق الكلام. وكان كثير المتابعة للمنقول في باب الأصول
وغيره؛ لا يرى إطلاق ما لم يؤثر من العبارات» ويأمر بالإقرار
والإمرار لما جاء في الكتاب والسنة من الصفات؛ من غير تفسير
ولا تكييف» ولا تمثيل ولا تحريف» ولا تأويل ولا تعطيل .
قآل ضياء الدين المقدسي: رأيت أحمد بن حنيل في النوم
صاحبكم الموفق في شرح الخرقي.
وقال: كان الموفق -رحمه الله- إماماً في التفسير وفي الحديث
النحو والحساب والأنجم السيارة والمنازل.
وقال: ولما قدم بغداد قال له الشيخ أبو الفتح ابن المَنّيّ:
وسمعتُ المفتي أبا بكر محمد بن معالي بن غنيمة يقول: ما
أعرف أحداً في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق.
أحوال شيخنا وسيدنا موفق الدين فإني إلى الآن ما أعتقِدٌ أن
والحلم والمُؤدد؛ والعلوم المختلفة والأخلاق الحميدة؛ والأمور
وحسن عشرته؛ ووفور حلمه؛ وكثرة علمه؛ وغزير فطئته؛ وكمال
مروءته؛ وكثرة حيائه» ودوام بشره؛ وعزوف نفسه عن الدنيا
وأهلهاء والمناصب وأربابهاء ما قد عجز عنه كبار الأولياء؛ فإن
رسول الله كل قال: دما أنعم الله على عبدٍ نعمةً أفضل من أن
يُلهمه ذكرها*© فقد ثبت بِهُذا أن إلهام الذّكر أفضل الكرامات»
وأفضل الذكر ما يتعدّى نفعه إلئ العباد؛ وهو تعليم العِلْم والشئةء
وأعظم من ذلك وأحسن ما كان جِلَةٌ وطَ ٠ كالحلم والكرم
وفرع عليه المكارم إفراغاًء وأسبغ عليه النَّعُم؛ ولطف به في كل
وله نظم حسن» قال سبط ابن الجوزي: أنشدني الموفق لنفسة:
(*) أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» 177/7 من حديث أبي ذر. وهو في «الترغيب
والترهيب» للمنذري /١ 177 (8١17؟).
كأني بجسمي فوق نعشي مُمَلَداً
فإني بماأنزلقة تلَتُصَتَقٌ
كؤوس الموتٍ دائرة علينا
ويقول حالجاتي إلي