بالمطلوب» ثم إني بيت صحّة الكتاب لمولفه؛ ووصفت النسخة الوحيدة
المعتمدة؛ وفي الأخير وضّحت منهجي في تحقيق هذا الكتاب. والله أسأل أن
أبو علي طه بو سريح
تمهيد
لقد ال علم الحديث مكانة مرموقة في الثقافة الإسلامية
العربية عمومًاء وفي علم الشريعة خصوصًا؛ لأن السنّة المصدر الثاني
من مصادر التشريع» وهي الأساس في بيان المصدر الأول» ولا أبعد
النجعة إن قلت: إن علم الإسناد له اتصال وثيق بالقرآن. قال الشيخ
أحمد محمد شاكر: فإ المسلمين اشتدّت عنايتهم من عهد الخدر
الأول بحفظ أسانيد شريعتهم من الكتاب والسنة بال تن به ١ مه
متواترًا آية آية. وكلمة كلمة؛ وحرفًا حرفا حفظًا في الصدور وإثبانًا
لشرعه, والمأمور بإقامة دينه؛ وكلّ أقواله وأفعاله وأحواله بيان للقرآن
وهو الرسول العصوم والأسوة الحسنة. . يقول الله تعالى - في صفتة:
من رسول الله» صل الله عليه وسلم» فنبته قريش فذكر ذلك لرسول
غائب فإ الشاهد عسى أن لم من هو أوقى
غم الشاهد الغائب. فربٌّ مل أوعى من
سامع»0. وقد حرّروا القواعد التي وضعرها لقبول الحديث؛ وهي
لدينهم فكانت قواعده التي ساروا عليها أصخٌّ القواعد للإثبات التاريخي
وتَحامَوُها بغي علم منهم ولا بية.
لما لها من تأثير في صحة الحديث وضبطه.؛ قال محمد بن سيرين:
«الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء»0»» واعتباره
الإسناد من الدين؛ لأن الإسناد وسيلة لتمييز الأحاديث ومعرفة
الصحيح من الموضوع» مما يترتب عليه أحكام وتعاليم الدين وهوا
)١( قال الشيخغ شاكر بالهامش ص #: درواه أجمد في المسند (رقم حاص
17) بإسناد صحيح ورواه أبو داود والحاكم وغيرهما بمعناه» .
.)147/1 قال أحمد شاكر بالهامش : رواه البخاري و انظر (فتح الباري )١(
(©) الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ص 8 -9.
(4) رواه مسلم في «مقدمة صحيحه؛ (15/1).
تأخذون دينكم »© وقد أصبح ' قبول الحديث منوطًا بذكر الإسنادء
وبقل»”» أي أنه كالطعام الذي لسورياض جرد
وفي هذا المعنى قال شعبة أي أيضا: «كل حديث ليس فيه حدثنا
الرجل لا يستطيع توجيه بعيره فكذلك لا يستطيع المحدّث ضبط
الحديث وتمييزه ومعرفته دون إسناد. فالإسناد هو الوسيلة إلى نقد
الحديث ومعرفته ولذلك قال سفيان : «الإسناد سلاح المؤمن إذا لم يكن
معه سلاح فبأيٍّ شيء يُقاتل»» ولذلك فإن الحديث الذي لا إسناد له
ثناء 0
ومن بين الأنواع التي اهتم المحدثون بها مسألة الأسانيد العالية
والنازلة وهي وإن وَضعٍ لها اصطلاحات في فترة متأخرة من تاريخ
الإنتدلال العام الضا باه عمل ال علي سل + لما أخبره عبدالله بن
«مقدمة صحيحة:؛ .)١4/١(
() ابن حبان: : امجروحين من المحدثين (4/1 ب) نقلً عن بحوث في تاريخ السئة
المشرفة ص 83 : لأكرم ضياء العمري ثم خرجتُ أغلب هذه الآثار في تعليقي
على جزء للحافظ الناجي .
(© «بحوث في تاريخ السنة المشرفة؛ ص 67-51
!5 «تدريب الروي» للسيوطي وغيره (160/7).
استحباب الرحلة» إذ في الاقتصار على النازل كما قال الخطيب: إبطال
لها وتركها وقد رحل خلق من العلماء قدييًا وحديثًا إلى الأقطار البعيدة
طلبًا للعلٌ كما قدّمناء قال الإمام أحمد: «وكان أصحاب عبدالله
يرحلون من الكوفة إلى المدينة فيتعلّمون من عمر ويسمعون منه» وهذا
كله شاهد لتفضيل العلوٌ وهو المشهور بل لم بحكِ الحاكم خلاقة؛
وحينئذ فلا يكتفى لساع النازل مع وجود العالي»». وهكذا ألاحظ
بجلاء أنَّ من دوافع الرحلة التي كان لها أثر عميق في علم الحديث -
طلب الإسناد 0 وعدم الاكتفاء بالنازل إضافة لما للإسناد العالي من
مزايا يأتي بيان بعضها في «أقسام العلر.
تعريف العلو وأقسامه:
قال الشيخ جمال الدين القاسمي : «وهو ما قربت رجال سنده
من رسول الله» صل الله عليه وسلم» بسبب قلَّة عددها بالنسبة إلى
سند آخرء يرد ذلك الحديث بعينه بعدد كشير أو بالنسبة لمطلق
الأسانيد . .096. وهو تعريف جيّد وقوله: «لمطلق الأسانيد» أي يمكن
أن يكون السند عاليًًا بدون قيد أو بالنسبة لإسناد آخر أو بالنسبة لتزول
إمام آخر فيه كما أطلقه ابن الصٌّلاح» ورده العراقي بقوله : «وليس ذلك
)6/9( «فتح المغيث» )١(
١177 «قواعد التحديث» للشيخ جمال الدين القاسمي ص )7(
+788 «مقدمة ابن الصلاح» بشرح العراقي ص )©(
على إطلاقه وإنيا هو الغالب. وربًا يكون هذا النوع من العلوغير تابع
لنزول بل يكون عاليًا من حديث ذلك الإمام أيضًا. .06 أي من طريق
صاحب | لكتاب أو الجزء الذي رَويتٌَ من طريقه الحديث موافقة؛ أو
العراقي بحديث وقع له عاليًّ بسنده وقد رواه الإمام الترمذي بسند عال,
التو الأوّل: القرب من رسول الله؛ صل الله عليه وسلم :
وذلك يكون بإسناد نظيف غير ضعيف وذلك من أجل أنواع
العلواا» وقد قال الإمام العراقي :
«وقسّموه خمسة فلأول قرب من الرسول وهو الأفضل
والاحظ أن ابن الصلاح والعراقي قيّدا ذلك القرب بنظافة الإسناد وعدم
ضعفه ويقصدان بذلك ثقة رجاله وخلوه من العلل قال السخاوي : «لأن القرب
من ضعفه بسبب بعض رواته لا اعتداد به ولا التفات إليه خصوصًا أن اشتداد
الضعف حيث كان من طريق بعض الكذَّابين الذين ادعوا الشَاعَ من الصحابة كأبي
104-188 المصدر السابق ص )١(
794 المصدر السابق ص )١(
(©) «المقدمة» لابن الصلاح بشرح العراقي ص 781 .
(9) «فتح المغيث» (4/1).
أسلم الطوسي الزاهد العالم فيها نقله ابن الصلاح : «قرب الإسناد قُربة
لآن قرب الإسناد قرب إلى رسول الله» صل الله عليه وسلم » والقربة
إليه قرب إلى الله عز وجل»». وقال ابن دقيق العيد تعقيبًا على ما
سبق ذا كل اج ال فق ريح . . ولا أعلم وجهًا جيَدًا
لترجيح العلو إلا أ نه أقرب إلى الصحة وقلّة الخطأ. . فإذا كثرت
الوسائط وقع من كل واسطة تساهل ما كر الخطأ والزلل وإذا قلت
الوسائط قل. -». وقد نقل السخاوي عن الخطيب البغدادي تبعًا
للحاكم والخليلي: «ليس العال من الإسشاوما يزئية عوامٌ الناس
يعدون الأسانيد فيا وجدوا منها أقرب عدد إلى الرسول يتوهمونه أعلى
يوجد في مسانيد العلماء منبا حديث واحد. . 6. وهذا هو العلو
المطلق وما سواه علو نسبي .
النوع الثاني : القرب من إمام من أئمة الحديث:
ويكون ذلك الإمام ذا صفة عليّة من حفظ وفقه وضبط مثل
مالك وسفيان والليث والأعمش وغيرهم «إن كثر العدد من ذلك الإمام
() «الاقتراح في معرفة الاصطلاح» ص 46 +
() «فتح المغيث» .)٠0/7( انظر: «معرفة علوم الحديث» للحاكم 4 - ٠١
و«الإرشاد للخليلي» 177/1 - 174 -
مثل له الحاكم بحديث يرويه من طريق الأعمش في إسناده سبعة رواة
من سليمان بن مهران الأعمش فإن الحديث له وهو إمام من أئمة
الحديث وكذلك كل إسناد يقرب من الإمام المذكور فيه فإذا صحُت
الرواية إلى ذلك الإمام بالعدد اليسير فإنه عال»0.
النوع الثالث: العلوّ بالنسبة إلى رواية الصحيحين أو أحدهما أو غيرهما
من الكتب المعتمدة:
وذلك ما اشتهر آخرًا من الموافقات والإبدال والمساواة
والمصافحة». وبين ' ذلك الشيخ أحمد شاكر بقوله : «وصورته أن تأي
وهكذاء ويكون رجال إسنادك أقل عددًا ما لورويته من طريق
البخاري".ٍ . قال ابن الصلاح : «وقد كثر اعتناء المحدّثين المتآخرين
بهذا النوع ص وجدت هذا النوع في كلامه أبو بكر الخطيب الحافظ
وبعض شيوخه وأبو نصر بن ماكولاء وأبوعبدالله الحميدي وغيرهم من
طبقتهم شن جاء بعدهم»©» . وهو الشأن بالنسبة للفراوي فإنه يروي
() «معرفة علوم الحديث» للحاكم النيسابوري ص ١1١-٠١
(4) «الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث» ص 1877
بعض الكتب بأسانيد عالية مثل «صحيح أبي عوانة» و«مسند أبي يعلى»
ويدخل في هذا الصنف أنواع من العلو.
وهي أن يقع لك الحديث عن شيخ مسلم فيه مثل عاليًا بعدد
بإسنادك عن مسلم عنه». وبيانها كما قال الشيخ أحمد شاكر: «أن
يكون مسليًا روى حديثًّا عن يحبى - وهو شيخ مسلم عن مالك. عن
نافع ؛ عن ابن عمرء فترويه بإسناد آخر عن يحبى بعدد أقل مما لورويته
من طريق مسلم عنهم0.
مثل شيخ مسلم في ذلك الحديث». وصورتها كما قال الشيخ أحمد
شاكر: «في المثال السابق أي السند الآنف الذكر قريبًا - أن ترويه
بإسناد آخر عن مالك أوعن نافع أوعن ابن عمر بعدد أقل أيضًاء.
وفي تمثيل الشيخ نظر وذلك أنهم قيّدوا ذلك بأن تقع الموافقة للراوي في
الغالب لشيخ شيخ مسلم كما هو الشأن في المثال السابق. قال
السخاوي : «ثم إن المخرجين لا يطلقون اسم الموافقة أو البدل إل مع
لعل وحيث فقد فقد لا يلتفتون لذلك كي قاله ابن الصلاح ولكن قد
() «الباعث الحثيث» ص 2187
(4) «الباعث الحثيث» ص 198