ولهذا أولى المحدثون عناية بشرح متون السنة المطهرة؛ وقد
حظي الصحيحان للإمامين البخاري ومسلم بالقسط الأوفر من تلك
العناية؛ لصحة أحاديثهما» وتلقي الأمة لهما بالقبول» وحرص العلماء على
بيان ما فيهما من مسائل أصول الدين وفروعه .
ويعتبر كتاب «إكمال المعلم بفوائد مسلم » للقاضي عياض أقدم ما
وصلنا مكتملاً من شروح صحيح مسلم.
وقد تعددت جوانب الامتياز والإبداع في هذا الكتاب وتنوعت»؛
بحيث يمكن استخراج عدة مميزات من كل مبحث» غير أني ساقتصر على
أهمهاء كما أن الإنصاف والأمانة والموضوعية تقتضي التنبيه على بعض
ما تبين لي من مواضع القصور» وهذا مما لا ينجو منه أحدء ولايستتكفه
بشر فقد أبى الله عزُوجلُ أن تكون عصمة لغير كتابه وماصتح عن
نبيه قله .
فمما امتازبه كتاب «إكمال المعلم» ما يلي:
١ - ميزة السبق مع الشمول والتوسع» فهو أول شرح موسع ومتكامل
لصحيح الإمام مسلم.
» - تعلقه بشرح ثاني أصح كتابين بعد كتاب الله عز وجل؛ ولا
يخفى عظم مكانة هذا الصحيح في نفوس المسلمين وحرصهم على فهم
معاني أحاديشه؛ والوقوف على ما فيها من مسائل العقيدة والاحكام
الفقهية والفوائد والآداب الشرعية؛ وبشرح هذا الصحيح يكون القاضي
عياض ( رحمه الله ) قد خدم السنة المطهرة وأفاد المسلمين إفادة كبرى ٠
» - اعتماد مؤلفه على الشرح بالمأثور والنقل دون إهمال طريقة
الشرح بالمعقول والنظر.
© - عنايته بتقرير وبيان مسائل العقيدة على منهج أهل السئة
والجماعة من حيث الجملة؛ ورده على أهل البدع والفلاسفة وأهل الملل
٠ - اشتماله على مادة وافرة متعلقة بالتفسير وعلوم القرآن؛ ومع
التوسع في ذلك أحيانًا بشكل لا يكاد يوجد في الكتب التخصصة؛
+ - توسّعه في شرح مقدمة صحيح مسلم؛ وبسطه لما فيها من
مسائل علوم الحديث رواية ودراية؛ وبظهور هذا الكتاب يمكن وضع يد
الباحثين على الحلقة المفقودة بين الخطيب البغدادي (ت 497 )» وابن
الصلاح (ت 143 ) بخصوص التصنيف في مصطلح الحديث.
١ - اهتمامه بتفسير غريب الحديث وبيان معاني الألفاظ» وقد
8 - العناية العامة بإيراد مختلف روايات الصحيح؛ مع الترجيح
بالادلة؛ ومقارنة روايات مسلم بغيرها مما في المصنفات الاخرى.
4 - توجيه عناية خاصة لضبط الألفاظ وأسماء الرواة وكناهم
وألقابهم وأنسابهم وأسماء الأماكن والبلدان» مع بيان المبهم وتقييد الملهمل
وتمييز المشكل في كل ذلك.
-٠ قيامه في الغالب بتخريج الأحاديث؛ وقد يضيف الحكم على
في الغالب» والعناية بالترجمة لبعض الأعلام.
-١" العناية العامة بالجمع بين ما ظاهره التعارض من الأحاديث»
وتفسير الأحاديث المشكلة.
١ التنبيه على العلل» وتصحيفات المحدثين»؛ وأوهام الرواة في المتون
١6 تأسيسه الفقه على الحديث؛ وعنايته بالتوسع في إيراد فقه
المذاهب الأربعة وغيرهاء واهتمامه بالمسائل الخلافية؛ مع البسط والبيان
بحق مصدر أساسي لهذا العلم.
١٠ تناوله بالبحث كثيرًا من أهم مسائل أصول الفقه؛ عرض فيها
المذاهب المختلفة؛ مع الترجيح غالبًاء وقد سردت رؤوس موضوعاتها في
أصول الفقه وتطورها بين المتقدمين والمتاخرين بمن صنف في هذا الفن .
)١( راجع منهجية فقه الحديث عند القاضي عياض 184-174 للمؤلف.
-١ العناية بعلوم اللغة العربية بشرح المفردات وضبطها وبيان الوجوه
ا مختلفة في ذلك؛ والتنبيه على ضروب البلاغة» وأنواع الأدب؛ وبعض
قواعد اللغة مع التوسع في النقل عن اللغويين وهو يعتبر بلا تردد مصدرًا
١77 الاهتمام بالتواريخ والمغازي والسير.
-١8 الإضافات والاختيارات في معظم ما تقدم ذكره من العلوم.
٠ - الإنصاف وعدم القعصب» والأدب الرفيع مع المحالفين؛
والاعتراف بالفضل لأاهله.
-٠١ النقد والتمحيص والتحقيق وعدم التقليد» مع الموضوعية في
ذلك» والحرص على تحري الصواب .
١؟- التيقظ التام وحضور الشخصية؛ بحيث كان ينتبه للسقط
والتصحيف والاختلال» والخطا في نقول المصادر» ويرجح في المسائل
الخلافية؛ ويتعقب المجيد بالاستحسان؛ والمقصر المخطئ بالاستدراك
والتكميل والتصويب.
١" بذل الفائدة لأدنى ملابسة؛ واستشعار أن التاليف مسئولية
وأمانة ينبغي أداؤها على الوجه الاكمل.
١ حسن التأليف» وسلاسة الأسلوب» وسهولة العبارة؛ ووضع يد
القارئٌ على المواضع المختلفة لاطراف الملبحث الواحد» وإرشاده إلى مواضع
بسط بعض المباحث المهمة في مصنفاته الأخرى.
4- طول النفس» والصبر والمداومة على الشرح بنفس الاسلوب من
أول الكتاب إلى آخره.
1 الاحتفاظ بمادة وفيرة استقاها من كثير من الكتب التي لا تزال
+1 إضافة أسماء مصادر جديدة لم أقف عليها فيما بين يدي من
المصادر» مثل أصول العبارة لابن قتيبة والكنى لابن الجارود.
. نقل مادة بعض ما تعلق بالمبتدعة من مصادرهم 1١
لقد اتضح لي من خلال معايشتي لهذا الديوان القيم جملة من
النقص ملازم لاعمال البشرء والمعصوم من عصمه الله تعالى .
١ - تأويله للصفات الخبرية؛ كالغضب والرضا والمحبة؛ ونحوهاء
وتفويض المعنى في بعضها الآخرء والاصح في هذا الإثبات على الحقيقة
بمعنى معلوم؛ وكيف مجهول.
؟ - ترجيحه القول بالصزكة في إعجاز القرآن» وهذا مخالف لما عليه
جماهير علماء الأمة من أن إعجاز القرآن في بلاغته وبيانه وأسلوبه ونظمه»
بإمكانهم وصرفهم الله عنه؛ وقد بسط القاضي حجته وبين وجهة مصيره
© عدم تخريج كثير من الأحاديث» والقصور في تخريج كثير منها.
4 - الاستدلال ببعض الأحاديث الضعيفة التي لم يحكم عليهاء
ومنها ما كان في مسائل العقيدة.
٠ - الاكتفاء عند العزو إلى المصادر بذكر اسم المؤلف فقط في
الغالب؛ وكثيرًا ما يذكر طرفًا من الاسم يصعب معه تحديد اسم الشخص»
وقد أتعبتني ملاحقته في ذلك سواء عند التحقيق أو عند إعداد مبحث
+ - عدم إيراد تبويب لأحاديث صحيح مسلم» مع أنه قد اطلع على
نسخ مُبَوْبة؛ ومع أن تبويب الشروح كان معروفًا قبل عصره؛ وثمن فعله أبو
الحسن علي بن خلف بن بَطَّال القرطبي (ت 444 وقيل: 444 ) في شرحه
زخر ل" ) عن بعض الأندلسيين أن عياضًا نفسه قد ترجم لأبواب مسلم»
جد النسخ الخطية للكتاب:
أما النسخ الخطية للكتاب فسابسط الكلام حولها في العناصر التالية:
١ - مواضع نسخ «إكمال المعلم» في مكتبات العالم.
7" - التعريف بالتسخ الاصليّة للكتاب .
© - وصف القسم المحقق من النّسخ الأربع المعتمدة في التحقيق .
منهجي في التحقيق. - +
١ - مواضع نُسخ «إكمال المْعْلم» في مكتبات العالم:
والحث على الرّحلةٍ في طلبه وبيان أجر صاحبه؛ فإ العلم هو عصب حياة
وقد كان من أهمٌ أغراض الرحْلات العلميّة وثمراتها بعد شيرع
التصنيف :قيام المرتجل بجلب ما أمكنه سماغه أو استجازئه من المؤلفات؛
وثقاس أهمّيةٌ الكتاب بمقدار رغبة أهل العلم من مُختلف البُلدان في
ومن هذه الكتب المهمّة جد كتاب «إكمال الْمعُلِم» فقد حَرّصَ
بلاد المغرب إلى مُخْتَلِف حواضر العالم الإسلاميق» مثل توّس؛ ومِصرَ»
وجدت لها وصفًا في كتب فهارس المخطوطات فسيكون في المبحث التّالي
لهذا إن شاء الله تعالى .
أولاً: نُسخُ خزائن المخطوطات بالمغرب الأقصى:
رمي تحمل الأرقام الثالية: الى تنحف الى ححذالى
الخزانة المذكورة» وقد وفقني الله تعالى للعشور عليها بعد طول بحث ولم
ولم يذكرها الأستاذ محمد المنُّوني وهو من أهل الرّباط في كتابه:
«مخطوطات مغربيَةٌ في علوم القرآن والحديث»؛ مع آله ذكر تُسَخ الخزانة
© - خزانةٌ القرَوتين بفاس: