الحق ووافقه . وإن كان واحدا . والذى لم يكن معه دليل الكتاب
نليس لعالم ولا لمتعلم ولا لمن يفهم - وإن كان مقصاً - أن يقول ؛ إن
الحق بيد من يقتدى به من العلماء . إن كان دليل الكتاب والسنة
فان ذلك جهل عظيم ٠ وتعصب ذميم . وخروج من دائرة
الإنصاف بالرة . لآن الحق لا يعرف بالرجال . بل الرجال يعرفون
بالحق ٠ وليس أحد من العلماء للجتهدين والأئمة المحققين بمعصوم +
لا بالرجوع إلى دليل الكتاب والسنة ٠ فان وافقهما فهو مصيب » وإن
من له أدنى حظ من العلم . وأحقر نصيب من العرفان ٠ ومن لم يفهم
هذا ويعترف به فليتهم نفسه . ويعلم أنه قد جنى على نفسه بالخوض
نفسه لطلب علوم الاجتهاد التى يتوصل بها الى معرفة الكتاب والنة
وفهم معانيهما . والتمييز بين دلائلهما . ويجتهد فى البحث فى السنة
وعلومها . حتى يتميز عنده صحيحها من سقيمها. وتقبولها من
مردودها . وينظر فى كلام الآئمة الكبار من سلف هذه الأمة وخلفها
ال بما قدمنا . ندم على ما فرط منه قبل أن يتعلم هذه
العلوم غاية الندم. وتمنى أنه أسك عن التكلم يما لا يعنيه ٠
وسكت عن الغوض فيما لا يدري . وما أحسن ما أدينا به رسول
خيراً أوصمت » وهذا فى الذى تكلم فى العلم قبل أن يفتح الله عليه
بما لابد منه. وشفل نفسه بالتعصب للعلماء . وتصدى للتصويب
صمت فلم يتأدب بالأدب الذى أرشد اليه رسول الله صلى الله عليه
وسلم +
واذ تقرر لك من مجموع ما ذكرناه وجوب الرد الى كتاب
الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بنص الكتاب العزيز واجماع
للسلمين أجممين . عرفت أن من زعم من الناس انه يمكن معرفة
اللخغطىء من العلماء ء من غير هذه الطريق عند اختلافهم فى مسألة من
السائل فهو مخالف لما فى كتاب الله , ومخالف لإجماع المسلمين
أجمعين , فانظر أرشدك الله الى أى جناية جنى على نفسه بهذا الزعم
الباطل وأى مصيبة وقع فيها بهذا الخطأ الفاحش . وأى بلية جلها
عليه القصور والتقصير وأى محنة شديدة ساقها اليه التكلم قيما ليس
وها أنا أوضح لك مثالا لما ذكرناه من الاختلاف
العلم, ومن كيفية الرد الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه
حتى تعرف الحق حق معرفته ويتضح لك غاية الاتضاح ٠ فإن
والجلاء الى غاية لا يخفى معها على من له فهم صحيح وعقل رجيح
فضلا عمن لم يكن له فى العلم نصيب . وفى العرفان حظ . ولتجمل
السألة التى لهج بالكلام فيها أهل عصرنا ومصرثا مواقي لا
الآيام لأسباب لا تخفى . وهى
الساجد والقباب على القبور +
فنقول : اعلم أنه قد اتفق الناس ٠ سابقهم ولإحقهم . وأوليم
وآخرهم من لدن الصحابة رضى الله عنهم الى هذا الوقت : أن رفع
القبور والبناء عليها بدعة من البدع التى ثبت النهى عنها واشتد وعيد
رسول الله لفاعلها كما يأتى بيانه . ولم يخالف فى ذلك أحد من
السلمين أجمعين . لكنه وقع للإمام يحيى بن حمزة مقالة تدل على
أنه يرى أنه لا بلى بالقباب والشاهد على قبور الفضلاء . ولم يقل
كتب الفقه من الزيدية فهو جرى على قوله واقتداء به ٠ ولم نجد
القول بذلك ممن عاصره . أو تقدم عصره عليه لا من أهل البيت ولا
غيرهم ٠ وهكذا اقنصر صاحب البحر الذى هو مدرس كبار الزيدية .
ومرجع مذهبهم ومكان البيان لخلافهم فى ذات بينهم . وللخلاف
بينهم وبين غيرهم ٠ بل اشتمل على غالب أقوال الجتهدين وخلافاتهم
فى السائل الفقهية . وصار هو المرجوع إليه فى هذه الأعصار. وهذه
الديار لمن أراد معرفة الخلاف فى المسائل وأقوال القائلين بإثباتها أو
نفيها من الجتهدين ؛ فإن صاحب هذا الكتاب الجليل لم ينسب هذه
القالة . أعنىء جواز رفع القباب والمشاهد على قبور الفضلاء إلا الإمام
يحيى وحده فقد قال ما نص
سألة . الإمام يحيى ؛ لا بأس بالقباب والمشاهد على قبور
الفضلاء والملوك . لاستعمال المسلمين ولم ينكر ٠ أنتهى *
"التكير. ثم ذكر صاحب البحر هذا الدليل الذى استدل يه الإمام
فإذا عرفت هذا تقرر لك أن هذا الخلاف واقع بين لجنم
أهل البيت والمتأخري من أهل اللذاهب الأربعة وغيرهم ٠ ومن
بذلك الدليل الذى استدل به . وإن كان غير مجتهد فلا اعتبار
بت أن تعرف : هل الحق ما قاله الإمام يحيى . أو ما قاله غير *
من أهل العلم ٠ فالواجب عليك رد هذا الاختلاف إلى ما أمرنا الله
بالرد إليه ٠ وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم *
قلت ؛ افتح لما أقوله سمعاً . واتخذ له فهماً . وأرهف له ذهنا ٠
ها أنا أوضح لك الكيفية الطلوبة ٠ وأبين لك ما لا يبقى عندك
بعده ريب ؛ ولا يصاحب ذهنك وفهمك عنده لبس . فأقول ,
ثتهوا ) فهذه الآية فيها الإيجاب على العباد بالاتمار بما أمر به
فاتبعونى يحببكم الله ) ففى هذه الآية تعليق محبة الله الواجبة على
كل عبد من عباده باتبلع رسوله صلى الله عليه وسلم وأن ذلك هو
العيار الذى يعرف به محبة العبد لربه على الوجه العتبر. وأنه
السبب الذى به العبد أن يحبه الله وقال الله سبحانه ؛ ( من
يطع الرسول فقد أطلع الله ) ففى هذه ١ أن طاعة الرسول طاعة
عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحن أوللك رفيقا)؛
فأوجب هذه السعادة لمن أطاع الله ورسوله . وهى أن يكون مع هؤلاء
الذين هم أرفع العباد درجة عنده وأعلاي منزلة وقال : ( ومن يطع
الأنهار خالدين فيها
ورسوله ويخش الله ويتقه فأوللك هم الفائزون ) وقال سبحانه
( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) وأنزل الله على رسوله أن يقولك
فاتقوا الله وأطيعون ) والآيات الدالة على هذا المعنى فى الجملة
أكثر من ثلاثين آية ٠
ويستفاد من جميع ما ذكره ؛ أن ما أمر به الرسول صلى الله
وسنوضح لك ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى
غير حديث من النهى عن رفع القبور والبناء عليها ٠ ووجوب
حكم التوطئة والتمهيد لذلك . ثم ننتهى إلى ذكر ما هو الطلوب +
يحيى وما قاله غيره فى القباب وامشاهد إلى ما أمر الله بالرد إليه ٠
وهو كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم - كان فى
ذلك ما يشفى ويكفى ويقنع ويغنى ذكر بعضه . فضلا عن ذكر
جميعه ٠ وعند ذلك يتبين لكل من له فهم ما فى رفع القبور من
العظيمة لهذه الامة من !! البالغة التى كادهم الشيطان
بها ٠ وقد كاد بها من كان قبلهم من الأمم السالفة , كما حكى الله
ويعوق ونسرا ) ٠ ٠ كانوا قوماً صالحين من بنى آدم . وكان لهم أتبلع
وبهم يسقون الطر » فعبدوهم . ثم عبدتهم العرب بعد ذلك ؛ وة
حكى معنى هذا فى صحيح البخارى عن ابن عباس رضى الله
الأمد فعبدوهم ٠6
الله عنها : أن أم سلمة رضى الله عنها ذكرت لرسول الله صل الله
عليه وسلم كنيسة بأرض الحبشة ٠ وذكرت له ما رأت فيها من
الصور ٠ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أولئك قوم إذا مات
فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ٠ وصوروا
فيه تلك الصور ٠ أولئك شرار الخلى عند الله ٠٠ وأخرج ابن جرير
فى تفسير قوله تعالى ؛ ( أفرأيتم اللات والعزى ) قال : ٠ كان يا
السويق للحاج ٠ قمات فعكفوا على قيره ٠+
وفى صحيح ملم عن جندب بن عبد الله البجلى رضى الله
عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت
يقول * ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أ
ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ٠ فإنى أنهاكم عن ذلك ٠»
الهم مساجد +
وفى الصحيحين من حديث عائثة رضى الله عنها قالت
ا نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة على
والنصارى فقد اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ٠ يحذر ما صنعوا »
وفى الصحيحين مثله أيضاً من حديث ابن عباس رضى الله
عنهما ٠ وفيهما أيضاً من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال ؛ « قاتل الله اليهود والتصارى اتخذوا
قيور أنبيائهم مساجد »+
وفى الصحيحين من حديث عائثة رضى الله عنها قالت
الله اليهود والتصارى ٠ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ولولا ذلك لأبرز
قبره + غير أنه خشى أن يكون سجداً ٠» وأخرج الإمام أحمد فى
مسنده بإسناد جيد . من حديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه ٠
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ؛ « إن من شرار الناس من
تدركهم الساعة وهم أحياء . والذين يتخذون القبور مساجد » ٠ وأخرج
أحمد وأهل السنن من حديث زيد بن ثابت رضى الله عنه أنه صلى
الله عليه وسلم قال ؛ « لعن الله زائرات القبور والتخذين عليها
المساجد والسرج ٠»
وفى صحيح مسلم وغيره عن أبى الهياج الأسدى قال : « قال
لى على بن أبى طالب رضى الله عنه ألا أبمشك على ما بعثنى عليه
نحو ذلك ٠
وفى هذا أعظم دلالة على أن تسوية كل قبر مشرف بحيث
يرتفع زياد على القدر الشروع واجبة متحتمة ٠ فمن إشراف القبور أن
يرفع سمكها أو يجعل عليها القباب أو الساجد . فإن ذلك من النهى
لهدمها أمير امؤمنين علياً ٠
ثم أمير المؤمنين بعث لهدمها أبا الهياج الأسدى فى أيام
وأخرج أحمد وسلم وأبو داود والترمذى وصححه النسائى
وابن حبان من حديث جابر قال ؛ « نهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يوطأ »+
وزاد هؤلاء المخرجون لهذا الحديث عن مسلم « وأن يكتب
قال الحاكم : النهى عن الكتابة على شرط مسلم وهى صحيحة
غريبة *
وفى هذا التصريح بالنهى عن البناء على القبور. وهو يصدق
على ما بنى على جوانب حفرة القبر ٠ كما يفعله كثير من الناس من
رفع قبور المونى ذراعا فما فوقه +