يسم الله الرحملن الرحيم
١ تقديم »
إن الحمد لله ؛ نحمده ونستعينه » ونستغفره » ونعوذ بالله من شرور أنفسنا »
ومن سيئات أعمالنا ؛ من يبده الله فلا مضل له » ومن يضال فلا هادي له ؛ وأشهد
٠ أن لا له إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ف يأنها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق مها زوجها وبث
أما بعد : فإن خير الحديث كناب الله ؛ وخير المدي هدي محمد عله وشر
وإن عقيدة التوحيد أساس هام لا بد منه لصحة الأعمال وقبوها عند الله ؛ فهي
ركيزة الدين » وبها بعث الله تغالل جميع الرسل ؛ فقال سبحانه : ل وما أرسلنا من
وقال سبحانه عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام : هل وإذ قال إبراهم
في عقبه لعلهم يرجعون »' . وأمر سبحانه أمة محمد ع أ
الصلاة والسلام والذين معه فقال تعالى : هل قد كانت لكم أسوة
ذا آل غماة : 107 0 () السام : 3١
م الأحربات ا ا 0( لأني د48
ولعت سبحانه من يرغب عن ملة إيراهيم - وهي التوحيد الخالص لله جل
جلاله - بالسفه ؛ لإعراضه عن هذه الملة ؛ وهي ملة من أسلم لله عز وجل ©
واصطفاه الله سبحانه في الدنيا ؛ وكان من الصالحين في الآخرة » فقال سبحانه :
م ذكر تعالى أن خليله إبراهيم وص بنيه » وكذلك يعقوبُ بالتزام ملة التوحيد
إلا وأنم مسلمون »"" .
ثم بين سبحانه أن يعقوب عليه الصلاة والسلام سأل بنيه عندما حضره الموت
مسلمون له جل وعلا - فقال سبحانه : «ل أم كنم شهداءً إذ حضر يعقوبّ الموث
وإسحاق إفاً واحداً ونحن له مسلمون 6" .
وكذلك قال تعال عن رسله كنوح ؛ وهود ؛ وصالح ؛ وشعيب عليهم الصلاة
والسلام أنهم دعوا أقوامهم بقوحم ف اعبدوا الله ما لكم من إله غيره »" .
والتوحيد ينقضه الشرك ؛ والشرك لا يغفره الله تعالى » إذا مات صاحبه مُصِرَاً
عليه ؛ سواء كان شركاً بلملائكة » أو بالأنبياء ؛ أو بالكواكب ؛ أو بالأصنام ١ أو
ممن يزعم بعض الناس بأنهم صالحون أو أولياء من الأموات أو الأحياء - فقال
البقرة د 177 0 قر د
() الكهف :14013
بالله فقد افترى إنماً عظيماً : ( إن الله لا يقفر يُشرك
وقد جعل الله جزاء نقض التوحيد والتلبس بالشرك بطلان العمل في الحياة
الدنيا ؛ يقول تعالل : هف ولو أشركوا لحبط"" عنهم ما كانوا يعملون 6" . ويقوا
ولتكونن من الخاسرين ١ بل الله فاعبد وكن من الشاكرين »!” .
وجعل الله تعالل جزاء نقض التوحيد والشرك في الآخرة الحرمان من دخول
الجنة والخلود في النار - والعياذ بالله - إذا مات العبد مصراً عليه وبلغ شركه درجة
الشرك الأكبر ؛ إما إذا اققصر على الشرك الأصغر أدخل النار فترة على قدر شركه »
ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين الذين يأذن الله لهم ويرضاهم ؛ ويدخل بفضل الله
الجنة -
يقول تعالى : إ إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار
وما للظلمين من أنصار 6" .
وقد أخرج الإمام مسلم رحمه الله - بسنده - عن جابر رضي الله عنه أن رسول
الله ع قال : « من لَِىَ الله لا يشرك به شيعا دخل الجنة » ومن لقيه يشرك به شيفاً
دخل الثار » .
لهذا أكد الله جل وعَلًا على رسولنا محمد تل أن يتبع ملة إبراهيم الخليل عليه
الصلاة والسلام » وهي ملة التوحيد واجتئاب الشرك بكل ألوانه وصوره » فقال
تعال ث( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين 9 .
ولقد أخبرنا لله عر وجل أن المشركين وكفرة أهل الكتاب هم شر الخلق
جميعاً » وأنهم في نار جهنم خالدون » وأن المؤمنين الموحدين هم خير الحلق جميعاً »
وأنهم في جنات عدن خالدون » فائرون برضا الله عزّ وجل . فيقول سبحانه :
116 : النساء :48 () النساء )١(
© بطل () الأسام د هه ء رع الرمرت فت 15
(6) الاقدة : 79 (0) التحل : 133
ف إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أواتك هم
عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيا أبداً رضي الله عنهم
ولأن الشرك بالله ظلم عظم لقوله تعال في وصية لقمان لابنه وهو يعظه
يا بي لا نشرك بالله إن الشرك لظلمٌ عظِيمٌ 6" . والقليل من الناس من ينجو
فل وما يؤمن أكارهم لله إلا وهم مشركون » أفأموا أن تأيهم غاشية من عذاب الله
عصر ومصر طائفةً منصورةً من أمة رسوله الخاتم محمد عل تقوم على بيان الحق »
وجل . وقد أخرج الإمام مسلم رحمه الله - بسنده - عن ثوبان رضي الله عنه حديثاً
لا يضرهم من خذلم حتى يأني أمر الله تبارك وتعالى 6 .
وحين ننظر إلى واقع المسلمين اليوم ؛ وقد تَُلوا عن عقيدة التوحيد التي كان
عليها سلفهم الالح رضوان الله عليهم » نجدهم قد غزتهم أفكار مسمومة من الداخل
والخارج » وعقائد زائغة رَوّجَها مبتدعون خرافيون ؛ وأصحاب مصالح مادية +
وتطلعات ومطامع دنيوية ؛ فابَّسُوا الحى بالباطل في جرأة قوية » ووشَُّهُوا العقيدة
وقع في برائنهم عدد غير قليل خاصة من الشباب الجاهلين الغافلين ؛ ففسدت
حياتهم » وأفسدوا حياة غيرهم » وعاشوا في متاهات الظلام ودياجير الضلال حيارى
وقد وفق الله عالاً جليلاً هو فضيلة الشيخ الدكتور محمد أمان بن علي الجامي
عميد كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية ورئس شعبة العقيدة بقسم
الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً » والمدرس بالمسجد النبوي
الشريف حالياً - فبذل كل جهوده في بيان التق من كتاب الله وسنة رسوله تن
المتخبطين إلى تصحيح عقيدتهم بالبعد عن خرافات وبدع مقلدي الفرق الني أنتسيتٌ
زوراً إل الإسلام والتي مزقت الأمة الإسلامية وشتتت شمل أفرادها وهم جميع +
وأَجُجِتُ نار الخصومة والعداوة والبغضاء بينهم . أقول : وفق الله تعالى - بفضله
ونه هذا العام الفاضل » فأخذ ينصح محاضراً ومؤلفاً وكان من ضمن مؤلفاته هذا
للمسلم » كا بين سبب انصراف الناس عنها » وانقسامهم إلى فرق مختلفة صارت
إذ قال سبحانه : ف( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم
واصبروا إن الله مع الصابرين 0
الإسلام ؛ م بين كيف كانت هذه الفرق وبلا على الأمة الإسلامية قدماً .
بل ولا زالت تطل برؤوسها في العصر الحديث لتعيد تاريخ الأمس بما حدث فيه
كيف ظهر دعاة صدق ؛ وعلماء حى كسروا جمود الجامدين الضالين الذي ضلوا
وأضلوا » وكشفوا عما ؤُورِيّ من الحق » فاستار يعلمهم وبيانهم من عَدَى الله »
واندثر من حَقْتْ عليهم الضلالة . ولايزال هذا العالم بمؤلفات أخرى يتابع النصح
ويوالي التوجيه والإرشاد - أدام الله عليه التوفيق - ليبصر المسلمين إلى خطر الانهاء
إلى أي فرقة من فرق الضلال ؛ التي نسبت نفسها بهتاا إلى الإسلام » فقد ظهرت في
أفكار الإسلام + وحسبوا أنهم على شيء ؛ وظنوا أنهم أعطوا ذكا: ًٌ
وكان حصاد ما جمعوا أن أوقعهم في برائن أتباع الفرق الزائغة ؛ والجماعات
الدماء » وسلب الأموال » وهتك الأعراض ؛ أظهر أسالييهم في فرض أفكارهم +
فملأوا الأقطار رُعباً ؛ والنفوس ذُعراً » حتى أصبح الفرد يخشى على نفسه من أيه ؛
من - ناجات الغدر والنكبات .
أسأل الله تعال أن يعيد أولعك الفارّين - بغواية الغاوين - مرة أخرى إلى
ولا يفسدون .
كم أسأل الله جل وعلا أن ييارك في المؤْلّف الجليل » وأن يديم انطلاق لسانه
بالصدق ؛ وسيلان قلمه بالحق » وأ يجزيه عما يقدم خير الجزاء » وأن يجعلم خالصاً
لوجه الله الكريم » وأن يثقل به ميزان حسنات الولف يوم لا ب: ينفع مال ولا بنون إلا
من أتى الله بقلب سلم +
وصل الله وسلم وبارك على عيده ورسوله محمد وعلى آله وصحيه +
دكتور / سعد عبد الرحملن ندا
أستاذ بكلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية
بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً
ومبعوث رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء
والدعوة والإرشاد حالياً
المدخل
» العقيدة في اللغة :
لهذه الكلمة عدة معانٍ في اللغة :
ومما قال أهل اللغة : « عقد الحبل والبيع والعهد يعقده عقداً : شد »
* قال صاحب « تاج العروس » : « والذي صرح به أئمة اللغة والاشتقاق أن
العقد نقيض الحل ؛ يقال : عقده يعقده عقداً ... » إلى أن قال : « ثم استعمل في
أنواع العقود من الببوعات وغيرها ؛ ثم استعمل في التصمم والاعتقاد الجازم © وفي
اللسان : عقدت الحبل فهو معقود ؛ وكذا العهد » ومنه عقدة التكاح 6 .
والاعتقاد الجازم الذي لا يخالطه شك في المطالب الإلية » والنبوات ؛ وأمور المعاد »
وغيرها مما يجب الإيمان به .
المطالب الاقية +
ونعني ب ( المطالب الطية ) : الإيمان بالله في ربوبيته وألوهيته » والإممان بأسمائه
فيجب عل العبد أن يؤمن بوجود الله الحقيقي الإيمان اليقينيٌّ » غير شاك بأن الله
إذ لا يعلم كيف هو إلا هو ؛ ومع ذلك لا يخلو مكان من علمه تعالى ؛ بل هو مع
ومدبر الأمور وحده ؛ إذ يدير الأمر من السماء إلى الأرض » وهو بكل شيء علم +
ويدخل في المطالب الإلهية الإيمان بقدر الله السابق وقضائه النافذ » وأنه ما شاء
وذلك لقوله تعالى : ا
وقوله تعا
والآيات والأحاديث في وجوب الإمان بالقدر والقضاء كثيرة دا كا
لا يخفى + وهذا المقدار الذي ذكرناه يكفي في الإممان بالقدر ؛ مع الكف عن
الخوض في أسرار الرب تعالى في قدره وقضائه وأفعاله التي لا تصدر إلا عن حكمة ؛
عن أسرار قدره وقضائه ب ( اذا ) أو ب ( لم ) ؛ فلا يجوز للمؤمن أن يقول : لم
مجرد تعلق الارادة بالمفعول ا يزعم بعض أهل الكلام ذلك ( وهم الأشاعرة
(©) فاطر د 7
وقد ثبت عن غير واحد من السلف الصالح قولهم : ؛ القدر سر الله + فلا
نكشفه » ؛ فالتعرض لهذا السر الإلحي مزلة الأقدام ؛ ومن أسباب الزيغ والضلال 4
فليحذر كل الحذر .
وما يدخل في المطالب المية : الإممان بملائكته جملة وتفصيلاً ؛ تصديقاً لخبر
لله تعال ؛ وهم جنود الله في سماواته وأرضه » موظفون في متلف الوظائف :
يمان بكتبه المنزلة على رسله باهفدى ودين
الحق » وأن تلك الكتب من كلام الله تعال حقيقة » وأن كلام الله لا نفاد له .
وغير ذلك مما يجب الإيمان به من جزيئات هذا الباب العظيمم +
+ النبوات :
نعني بالإممان بالنبوات : الإمان برسل الله تعال جملة وتفصيلاً » والإيمان بنبينا
محمد عل بصفة خاصة ء وأنا خاتم الأنبياء ؛ وأن الأعمال لا تقبل من أحد إلا إذا
جاءت موافقة لهديه ع ؛ وأنه هو إمام المرسلين » وسيد الناس أجمعين » صاحب
الرسالة العامة إل جميع الثقلين الجن والإنس ؛ وأنه يجب تصديقه في كل ما أخبر به +
وطاعته فيما أمر به » مع الانتهاء عم نهى عنه ؛ إذ طاعته من طاعة الله ؛ ومعصيته
من معصية الله .
)١( التحريم :5 )١( لقمان : 77
© الكهف :104 (0) النجم :© - ع