ويستازم إتهام الرسول فيه بأنه لم بين أكثر القرآن للناس . فإن نصوص
الصفات والأضماء في القرآن كثيرة جداً بل أغلب آيات القرآن العزيز تختم
بتقرير صفة لله أو إسم
والحقيقة التي لا اشكال فيها إلا على من أعمى الله بصيرته إن
في نفوسهم وبلغ حبهم لصفات كماله غايته لأجل ذلك كانوا أكثر الناس
قرىء عليه القرآن أدرك أن معنى الرحيم غير معنى المنتقم ومعنى الجبار غير
معنى الرؤوف ومعنى الأول غير معنى الآخر وصفة الضحك غير صفة
الغضب وصفة السمع غير صفة البصر . ولو لم يدرك المستمع للقرآن من
نصوص الصفات معنى لكان عنده صفة الضحك مثل صفةالغضب ولكان
إل زنديق أو مكابر . فالصحابة رضوان الله عليهم لا يفوضون المعنى
الكيفية مع اعتقادهم بأن صفات الله لا تشبه صفات المخلوقين فإن كيفية
ويمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت ببعض الناس إلى الإنحراف عن
طريقة الصحابة في تلقي العقيدة وفي فهمها فيما يلي :
)١( وجود بعض الناقمين على الإسلام بين المسلمين . إذ دخلوا في
الإسلام ظاهراً وأرادوا الكيد له ولأتباعهٍ باطناً فاخذوا يشيعون الأكاذيب
والخرافات بحجة الغيرة على الإسلام أو الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر وعلى رأس هؤلاء اليهودي الخبيث عبد الله بن سبأ الذي تولى
كبر الفتنة في عهد عثمان وعهد علي رضي ححا زاخل علي
المسلمين عقائد فاسدة كعقيدة الرجعة وأن علياً وصي النبي ويجصمة
الأئمة ونحوذلك .
)١( انتشار الفتوحات الإسلامية في بقاع كثيرة من العالم ودخول أهلها في
الإسلام وهم يحملون رواسبٌ كثيرة من رواسب الجاهلية التي كانوا
مشل ما نال الرعيل الأول من الصحابة على بد رسول الله ف وذلك
لكثرتهم وانشغال الفاتحين بالحروب والفتوحات الجديدة فاخذ هؤلاء
المسلمون الجدد في بث مالديهم من ثقافةٍ ورواسبٌ جاهليتهم
السابقة ظناً منهم أنها لا تتعارض مع الإسلام مع العلم بأن الثقافة
المبثقة من تصورات جاهلية خطر على العقيدة الإسلامية فهي تزعزع
(©) عدم اقتصار المسلمين على ما في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة
الأجيال التالية فلسفةً الإغريق ومنطقهم وأساطيرٌ الفرس وتصوراتهم
وإسرائيليات اليهود ولاهوت النصارى وغير ذلك من رواسب
العربية واقبل أكثر الناس على الكتب المترجمة بدون تمييز بين الغِتٌ
والسمين والنافع والضار واختلطً هذا كله بتفسير القرآن الكريم وعلم
العقيدة والفقه والأصول ونحو ذلك .
(؟) تحكيم العقل البشري القاصر في مسائل العقيدة مما نتج عنه ردّ روايات
وأحاذيث كثيرة زعم المبتدعة أن العقل يخالفها وهذا جهل قبيح فما
فائدة الوحي إذا كانت العقول البشرية تستقل بمعرفة ما يجب لله
(0) الغلو . كغلو الشيعة في أهل البيت وغلو الخوارج في نصوص الوعيد
وغلو المرجئة في نصوص الوعد وغلو المعتزلة والأشاعرة في تقدير
قيمة العقل وإدراكِه حتى حكموه في النصوص الشرعيّة .
(3) الرد على البدعة ببدعة مثلها كما ردت المعتزلة بدعة الخوارج في
مرتكب الكبيرة ببدعة مثلها وكما ردت المشبهة بدعة المعطلة في إنكار
الصفات ببدعة مثلها وهي تشبيه صفات الله بصفات خلقهِ حتى قال
انشغال بعض أمراء المسلمين عن تربية الناس على العقيدة الصحيحة
ورد غوائل البدع عنهم باللهو والملذات والتفانفي في جمع حطام الدنيا
وتثبيت عروشهم أكثر من تثبيت قواعد التوحيد .
وقد بادر صحابة رسول الله بيه بالإنكار على كل منحرف عن نهج
الحق في العقيدة فأنكروا على الخوارج بدعتهم في تكفير مرتكب الكبيرة
والخروج على خليفة المسلمين فأقام الحجة عليهم عبد الله بن عباس حبر
هذه الأمة وترجمان القرآن + وقاتل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ومعه ,
جمع كثيف من الصحابة من استمر منهم على بدعته وأنكروا على القدرية
بدعتهم وتبرأوا منهم فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن يحى بن
يعمر قال : « كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا
أصحاب رسول الله كَيةٍ فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر فوفق لنا
عبد الله بن عمر بن الخطاب داخالٌ المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن
أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤن القرآن ويتقفرون العلم وذكر من
شأنهم وأنهم يزعمون أنه لا قدر وأن الأمر أنف قال فإذا لقيت أولشك
فأخبرهم إني بريء منهم وأنهم برآء مني والذي يحلف به عبد الله بن عمر
لو أن لاحدهم مثل أحد ذهباً فانفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر »9 .
وأنكر الصحابة على الرافضة غلوهم وانحرافهم في العقيدة بل حرق
علي بن أبي طالب رضي الله عنه مجموعة منهم كمائبت في صحيح
البخاري عن عكرمة قال أتى علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك
ابن عباس فقال : « لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله فَيةِ لا تعذبواً
بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله كَل من بدل دينه فاقتلوه م99 .
أما بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم فقد توسعت البدع وانتشرت
وكثر دعاتها وألفوا فيها التأليف الكثيرة فرأى السلف الصالح السالكين لنهج
الصحابة محاربة البدع وأهلها على جبهات عدة منها :
. النهي عن مجالسة أهل البدعة ومحادثتهم - ١
قال أبو قلابة لا تجالسوا أهل البدع ولا تخالطوهم فإني لا آمن أن
وعن أيوب قال لقيني سعيد بن جبير فقال : ألم أرك مع طلق قلت :
وقال «الفضيل بن عياض : من أناه رجل فشاوره فدله على مبتدع فقد
غشٌ الإسلام احذروا الدخول على أصحاب البدع فإنهم يصدون عن
188/١ صحيح مسلم بشرح النووي )١(
(1) صحيح البخاري كتاب المرتدين 50/8
(©) شرح السنة للالكائي 174/1
(8) البدع والنهي عنها لابن وضاح ص 51
(ه) السنة للالكائي 176/1
وكان ابن طاوس جالساً فجاء رجل من المعتزلة فجمل يتكلم فأدخل
واشدد لا تسمع من كلامه شيئاً١ا»
وكلام السلف الصالح ومؤلفاتهم في هذا الجانب كثيرة جداً .
() ترك رواية الحديث عن أهل البدع الداعين إلى بدعتهم كما في
صحيح مسلم عن محمد بن سيرين قال إن هذا العلم دين فانظروا عمن
أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم . وفي صحيح مسلم أيضاً عن جرير قال :
لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه كان يؤمن بالرجعة . وفيه أيضاً
عن عبد الله بن المبارك أنه قال : دعوا حديث عمرو بن ثابت فإنه كان يسب
() تولى السلف الصالح الرد على أهل البدع بمؤلفات قيمة تقيم
الحجة وتكشف الشبهة وتوضح الحق وتبطل التأويل الفاسد ومن أمثلة
الرد على الزنادقة والجهمية لأحمد بن حنبل -7411 ه ] .
الرد على الجهمية لعبد الله بن محمد بن عبد الله الجعفي -[1 179 ه] +
السرد على الجهمية لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة لعبد الله بن مسلم بن
قتيبة -[1 173 ها ] .
)١( المصدر السابق
() انظر هذه الأحاديث في مقدمة صحيح ملم بشرح النووي 44/1- 84
الرد على الجهمية لعثمان بن سعيد الدارمي -[ +18 ه] +
الرد على بشر المريسي لعثمان بن سعيد الدارمي المذكور أعلاه .
وغير هذه كثير
(4) تولى السلف الصالح عرض العقيدة الصحيحة من الكتاب والسنة
وأقوال الصحابة وبينوا أدلتها وشرحوها وهذا المنهج وحده من أكبر وسائل
إزهاق الباطل فإن الحق إذا ظهر للناس وانتشر اضمحل الباطل وخنس +
فإن على الحق نوراً يدل عليه وعلى الباطل ظلمة وكآبة . ومن الأمثلة على
مؤلفات السلف في هذا السبيل مايلي : -
١ - السنة رسالة لأحمد بن حنبل 1411 ه] .
7 -السنة لأبي بكربن الأثرم 1771 ه ]2
٠ السنة لعبد الله بن أحمد بن حنيل [ 148ه] .
؛ - السنة لمحمد بن نصر المروزي 1441 ه] .+
٠ - السئة لأحمد بن محمد بن هارون الخلال -[ 171١ ه] .
+ - كتاب التوحيد لابن خزيمة [ 171١ ه] +
١ - الإبانة لعبيد الله بن محمد بن بطة 7871 ه ] .
8 - كتاب التوحيد لمحمد بن إسحاق بن منده 17401 ه] .
4 -شرح السنة لأبي عبد الله محمد بن عبدالله بن أبي زمنين
. كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام 1741 ه] ٠
+ كتاب الإيمان لأحمد بن حنبل [141 ه] ١
شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القإسم هبة الله بن
الحسن اللالكائي [414ه] .
وغير هذا من المؤلفات التي تزيد على المئات
هذا هو منهج السلف الصالح رضي الله عنهم في تلقي العقيدة
والدفاع عنها :
- إقتصار على الوحي الكتاب والسنة في تلقي العقيدة
7 تلقي نصوص الوحي للتحرك بها والعمل بموجبها وصبغ السلوك
الظاهري والباطني بأوامرها .
٠ إخضاع العقل لنصوص الوحي لا إخضاعها للعقل البشري الناقص
4 - الدعوة إلى العقيدة الصحيحة باللّسان والسنان والدفاع عنها ضد
هجمات الكُفّار والزنادقة والمبتدعة بأسلوب الردّ وأسلوب المرض
والتوضيح كما تقلم .
ما الفرّق المبتدعة فهم مذاهب شتى في مصدر التلقي فبعضهم
يتلقى العقيدة من كتب علم الكلام ومن شروح القلسفة الوثنية اليونانية
الكرّامي وعقل القرمطي ينكر ما يثبته عقل الماتوريدي وهذا شأن العقول إذا
أعرضت عن الوحي واستقلت بالعمل في غير مجالها .
وبعضهم يتلقون العقيدة عن طريق الأحلام والرؤى كما هو شائع في
فأمرني بكذا ونهانفي عن كذا فيعمل بموجب حلم أملاه عليه الشيطان وكأن
الى الله عن قول المبتدعة علواً كبيراً ٠
وقد افترى بعض أتباع هذه الفرق المبتدعة فرية عظيمة مضمونها أن
الصحابة والتابعين والعلماء من بعدهم لم يحرروا مذهب السلف ولم
يتوسعوا في شرحه وتوضيحه بل كان أحدهم يقرأ الآية أو الحديث وسكت
ولا يفهم من النصوص معاني !! وهذه فرية بلقاء لا نصيبٌ لها من الصحة
والغرض منها هو صرف أبناء المسلمين الساشرين على نهج السلف عن
مقارعة المبتدعة وفضحهم وهتك أقوالهم المدخولة المصادمة لنصوص
الوحي وقد مر بك أيّها القارىء الكريم إنكار الصحابة على البدع التي
حدثت في عصرهم ومرّ بك أقوال أثمة العلماء في التحذير من مجالسة
المبتدعة وأخذ الحديث منهم يومر بك طرف ليس بالقليل من تعداد مؤلفات
علماء السلف التي فيها إيضالخ الحق والرد على المبتدعة ونزيد الأمر إيضاحاً
بنقل أقواله لطائفة من العلماء عاشوا قبل ابن تيمية وابن القيم بقرون
أوضحوا فيها عقيدة السلبب الصالح وإنها ليست تلاوة آيات وأحاديث
يقول الخطيب البغْدا المتوفى عام 417 ما يلى :
يقو ب البغدادي المتوفى عام يلي
دأما الكلام في الصفات فإنه ماروي منها في السئن الصحاح مذهب
السلف رضوان الله عليهم إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية
والتشبيه عنها وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله سبحانه وحققها من المثبتين
قوم فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف والقصد إنما هو
سلوك الطريقة المشوسطة بين الأمرين ودين الله بين الغالي فيه والمقصرعنه
والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات
وجل إنما نو إئبات وجود لا إثبات كيفية فكذلك إثبات صفاته نما هو إثبات
وجود لا إثبات تحديد وتكييف . فإذا قلنا لله تعالى يد وسمع وبصر فإنما
هي صفات أئبتها الله تعالى لنفسه ولا نقول أن معنى اليد القدرة ولا أن
معنى السمسع والبصر العلم ولا نقول أنّهها جوارح ولا نثبّهها بالأيدي
والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ونقول إنما وجب إثباتها
لان الشوقيف ورد بها ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تبارك وتعالى : ( ليس
ولما تعلق أهل البدع على عيب أهل النقل برواياتهم هذه الأحاديث
ولبسوا على من ضعف علمه بأنهم يروون ما لا يليق بالتوحيد ولا يصح في
الدين ورموهم بكفر أهل التشبيه وغفلة أهل التعطيل أجيبوا بأن في كتاب
الله تعالى آيات محكمات يفهم منها المراد بظاهرها وآيات متشابهات
لا يوقف على معناها إلا بردّها إلى المحكم ويجب تصديق الكل والإيمان
بالجميع فكذلك أخبار الرسول فيه جارية هذا المجرى ومنزلة على هذا
التنزيل برد المتشابه منها إلى المحكم ويقبل الجميع وتتقسم الأحاديث
المروية في الصفات ثلاثة أقسام :
١ - منها أخبار ثابتة أجمع أثمة النقل على صحتها لاستفاضتها وعدالة
ناقلبها فيجب قبولها والإيمان بها مع حفظ القلب أن يسبق إليه اعتقاد
والتغير والحركات .
القسم الثاني : أخبار ساقطة بأسانيد واهية وألفاظ شنيعة أجمع
أهل العلم بالنقل على بطلانها فهذه لا يجوز الإشتغال بها ولا التعريج
© القسم الثالث : أخبار إختلف أهل العلم في أحوال نقلتها فقبلهم
البعض دون الكل فهذه يجب الإجتهاد والنظر فيها لتلحق بأهل القبول أو
تجعل في حيز الفساد والبطول”" » .
< نقل هذا النص الالباني في مختصر العلو ص 48 من مخطوطة في الصفات . للخطيب توجد )١(