الناس » وكم ثمر به من آفة ومنكر؛ ومنهم من يخلو يلعب الشطرنج ؛ ومنهم
من يقطع الزمان بكثرة الحوادث من السلاطين» والغلاء والرخص .. إلى غير
وقال : «من أراد اماع رإريا لا انحر بوكالسترا تزع
على ما يضر ء وقد حربت على نفسي مرارًا أن أحصرها في بيت العزلة ؛
والنظر في سير القوم دواء » واستعمال الدواء مع الحمية عن التخليط نافع » فإذا
بحي اقبي لازا لبوا يزيت تشتت القلب المجتمع؛ ووقع الذهول
عما كنت أراعيه ؛ وانتقش في القلب ما قد رأته العين ؛ وفي الضمير ما تسمعه
الأذذ» وي في النفس ما تطمع في تحصيله منن الدنياء وإذا جمهور المخالطين
أرباب غفلة ؛ والطبع بمجالستهم يسرق من طباعهم ؛ فإذا عُدت أطلب العلم
لم أجده؛ وأروم ذلك الحضور فأفقده» فييقى فؤادي في غمار ذلك اللقاء
للناس أيامًا حتى يسلو اللهوى؛ وما فائدة تعريض البناء للنقض ؟ فإن دوام
العزلة كالبناء » والنظر في سير السلف يرفعه ؛ فإذا وقعت المخالطة انتقض في
به دينه من المباحات الحاصلة ؛ لا عن تكلف
بالعلم يدله على الفضائل؛ ويفرجه في البساتين» فهو يسلم من الشيطان
والسلطان والعوام بالعزلة؛ ولكن لا يصلح هذا إلا للعالم » فإنه إذا اعتزل
الجاهل فاته العلم فتخبط » . , الصيد» (777) +
« قلت : كلام ابن الجوزي في فضل الاعتزال عن الخلق ؛ وأنه سيب لجمع
القلب وصرف الوقت إلى تحصيل العلم والعمل» وما ينجم عن المخالطة من
ضد ذلك كلام جميل ومتين ولا يصدر إلأ عن بحرّب » وأجمل من ذلك أنه
ألزم الجاهل بالتعلم أولاً» وإلاً تخبط وتحير وضلٌ بسبب جهله .
© ابن الجوزي .. ونصيحة إلى طلاب العلم 0
قال في «الصيد» (0705 105):
«ينبغي لطالب العلم أن يكون جُلّ همته مصروفًا إل الحفظ والإعادة؛ فلو
صحّ صرف الزمان إلى ذلك كان الأول » غير أن البدن مطية ؛ وإجهاد المسير
مظنة الانقطاع» ولما كانت القوى تكلُ فتحتاج إلى تجديد ؛ وكان اللسخ
والمطالعة والتصنيف لا بد منه مع أن المهم الحفظ ؛ وجب تقسيم الزمان على
الأمرين ؛ فيكون الحفظ في طرفي النهار وطري اليل ويوزع الباقي بين عمل
بالنسخ والمطالعة ؛ وبين راحة للبدن وأخل خط ؛ ولا ينبغي أن يقع الغبن بين
الشركاء ؛ فإنه متى أخذ أحدهم فوق حقه أثر الغين وبان أثره» وأن النفس
لتهرب إلى النسخ والمطالعة والتصنيف عن الإعادة والتكرار ؛ لأن ذلك أشهى
وأخف عليها ؛ ومع العدل والإنصاف يتأتى كل مراد ؛ ومن انجرف عن الجادة
على أن الإنسان إلى التحريض أحوج ؛ لأن الفتور ألصق به من الجد؛ وبعد
فاللازم في العلم طلب المهم» .
قال في «الصيد» (ص )١9 :
« من علامة كمال العقل علو الهمة .. والراضي بالدون دني» .
وقال (ص 0778 179):
المعالي » وريما لا يساعد الزمان» وقد تضعف الآلة فيبقى في عذاب؛ وإني
لا يحلو العيش بقدر عدم العقل ؛ والعاقل لا يختار زيادة اللذة بنقصان العقل ..
ونظرت إلى علو همي فرأيت عجبًا » وذلك أني أروم من العلوم ما أتيقن أني
لا أصل إليه ؛ لأني أحب نيل كُلٌّ العلوم على اختلاف فنونهاء وأريد
استقصاءً كل ف ؛ وهذا أمر يعجز العمر عن بعضه» فإن عرض - ظهر - لي
وقال الذهبي في « تذكرة الحفاظ» (ص 1746):
© قلت : وهذا قد تم في الآونة الأخيرة من حياته ؛ بعد النكبة الي حلت
دخوله إلى بغداد .
وقال في «الصيد» (140):
تلب العالي المقربة إلى الحق عز وحل».
وقال (رص 7180 751):
فأحذت أسأل الله تطويل العمر » وتقوية البدن» وبلوغ الآمال» فأنكرت علي
تجاوز العادات» .
وقال في «الصيد» (465) 457):
«من رزق همة عالية يُعذِّب بمقدار علوها .. وبيان هذا أن من علت همه
وهذا ما لا يحتمله البدن» ثم يرى أن المراد العمل » فيجتهد في قيام اللل وصوم
النهار» والجمع بين ذلك وبين العلم صَخْبٌ » ثم يرى ترك الدنيا ويحتاج إلى ما
لا بد منه ؛ ويحب الإيثار » ولا يقدر على البخل» ويتقاضاه الكرم والبذل +
ومنعه عز النفس عن الكسب من وجوه التبذل » فإن هو جرى على طبعه من
الكرم احتاج وافتقر؛ وتأثر بدنه وعائلته؛ وإن أمسك فطبه يأبى ذلك» وفي
الجملة يحتاج إلى معا جمع بين أضداد» فهو أبدًا في نص لا ينقضي »
وتعب لا يفرخ» ثم إن حقى الإخلاص في الآمال زاد تعبه وقوي وصبّه .
ودنيء الهمة إن كان فقيهًا فسعل عن حديث قال : لا أعرفه » وإن كان
مقصّر .. والعالي الهمة يرى التقصير في بعض العلوم فضيحة قد كشفت عييه»
وقد أرت الناس عورته .
والقصير الحمة لا يبالي ممنن الناس عليه ؛ ولا يستقبح سؤاهم ؛ ولا يأنف من
رد» والعالي الهمة لا يحمل ذلك» ولكن تعب العالي الهمة راحة في المعنى »
وراحة قصير الهمة تعب وشين» إن كان ثَمّ فهم» والدنيا دار سباق إلى أعلى
المعالي ؛ فينبغي لذي الهمة العالية أن لا يقصر في شوطه؛ فإن سبق فهو
© ابن الجوزي .. شيخ الوعاظ 0
الآلاف » وحضر بحالسه الوزراء والأمراء والسلاطين .
ذكر ابن رجب في «الذيل على طبقات الحنابلة» (404/7):
فجعل المستضئ يمشي في قصره ويقول : إي الله : وترعى عين غيرك في
عظيمة النفع» يتذكر بها الغافلون » ويتعلم منها الجاهلون» ويتوب فيها
المذنبون ؛ ويسلم فيها المشركون .
وذكر هو في « تاريخه» أنه تكلم مرة » فتاب في المجلس على يده نحو مائي
رجل » وقطعت شعور مائة وعشرين منهم .
وقال في آخر كتاب «القصاص والمذكرين» له : «ما زلت أعظ الداس
وأحرضهم على التوبة والتقوى ؛ فقد تاب على يدي - إلى أن جمعت هذا
الكتاب - أكثر من مائة ألف رجل ؛ وقد قطعت شعور الصبيان اللاهين أكثر
من عشرة آلاف طائلة » وأسلم على يدي أكثر من ماثة ألف» +
وقال الحافظ الدبيثي في « الذيل على تاريخ ابن السمعاني » :
« شيخنا ابن الجوزي كان من أحسن الناس كلاماء وأتمهم نظمًا»
وسمع الناس منه أكثر من أربعين سنة؛ وحدّث بمصنفاته مرارًا ؛ قال : وأنشدني
ياساكن الدنياتأهمب واتظر يوم القفراق
وابكالذنوب بأمع| تتهلمن سحب لمآق
وأنشدني :
إذا رضيت:ميسور من القوت أصبحت في النلى حر غو ممقوت
ووعظ السلطان مرة فقال :
قول القائ : أنتم أهل بيت مغفور لكم».
الحق» لا يخشى ني الله لومة لاثم ؛ ولا يداهن أحدًا بعلم أو عمل أو يرائي في
القول والعمل .
كما قال لولي الأمر ذات مرة:
«اذكر عند القدرة عدل الله فيك » وعند العقوبة قدرة اللّه عليك ؛ وإياك
أن تشفي غيظك بسقم دينك» .
وقال : « يفتخر فرعون تملك مصر وينهر ما أجراه .. ما أجرأه!».
وقال : «عقارب المنايا تلسع؛ وخَدَرَّانَ جسم الأمل يمنع الإحساس» وماء
الحياة في إناء العمر يرشح بالأنفاس» .
وانظر إلى عظيم تقديره لإخوانه وحسن ظنه بهم ؛ قال لصاحب له :
«أنت في أوسع العذر من التأخير عن لثقبي بك» وفي أضيقه من شوقي
بغداد - في كل زمان» اختلف الشيعة وأهل السنة في تفضيل علي على أبي
بكر أم العكس ؛ فقام إليه رجل فقال : يا سيدي؛ تريد كلمة نتقلها عنك
أيهما أفضل : أبو بكر أو علي ؟ فقال : أفضلهما من كانت ابنته تحته . فألقى
هذا القول في أودية الاحتمال ورضي الفريقان بجوابه .
وسأله آخر فقال : أبما أفضل أُسبّح أم أستغفر ؟ فقال : الشوب الوسخ
أحوج إلى الصابون من البخور .
ووعظ ابنه يوم فقال : , إياك أن تتشاغل بالتعبد من غير عِلْم ؛ فإن خلقًا
كثيرًا من المتزهدين والمتصوفة ضلوا طريق الهدى إذ عَملُوا بغير علم» وامسوز
نفسك بثوبين جميلين » لا يشهرانك بين أهل الدنيا برفعتهماء ولا بين
المتزهدين بضعتهما » وحاسب نفسك عند كل نظرة وكلمة وخطرة» فإنك
إلا بنية ؛ ولا تمشين إلا بنية؛ ولا تأكلن لقمة إلا بنية ؛ ومع مطالعة أخلاق
السلف تنكشف لك الأمور».
إلى أخبار أخرى كثيرة من زهده ووعظه؛ وذكر ثقافئه؛ ومحبته ؛ وسرد
مصنفاته وكتبه البالغ عددها ألف صف » وموقفه من الفلاسفة وقصاص
زمانه والمتصوفة » ننزك القارئ يطلع عليها ؛ ويتعرف على عظيم شخصية
الإمام من خلال مظان ترجمته المذكورة في ثايا المقدمة؛ والذي يعنينا هنا
كيه شيط ا سإ تا ]
0 عقيدة الإمام ابن الجوزي - رحمه الله - 0
نقل الحافظ الذهبي في «السير» (787/171 787):
قال موفق الدين عبد الله بن أحمد المقدسي : «رابن الجوزي إمام أهل عصره
في الوعظ ؛ وصنف في فنون العلم تصانيف حسنةٌ وكان صاحب فون» كان
وكانت تنفلت منه في بعض الأوقات كلمات تنكر عليه في السنة ؛ فيستفتى
وكان أبو المظفر ابن حمدي ينكر عليه كثيرًا كلمات يخالف فيها السنة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (135/4):
«إن أبا الفرج نفسه متناقض في هذا الباب - يعي الصفات - لم يت
على قدم النفي ولا على قدم الإثبات» بل له من الكلام في الإثبات نظمًا وثراً
ما أثبت به كثيرًا من الصفات » فهو في هذا الباب مشل كثيرين من الخائضين
من أنواع الناس » يثبتون تارة وينفون أخرى في مواضع كشيرة من الصفات »
كما هو حال أبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد الغزَالي ».
وقال ابن رحب الحنبلي :
« نقم عليه جماعة من مشايخ أصحابنا ميله إلى التأويل في بعض كلامه»
واشتد نكيرهم عليه في ذلك» ولا ريب أن كلامه في ذلك مضطرب مختلف »
المسائل» وكان ابن عقيل بارعنا في الكلام ؛ ولم يكن تام الخبرة بالحديث
والآثار ؛ لهذا يضطرب في هذا الباب وتتلون فيه آراؤه وأبو الفرج تابع له في
هذا التلون» . انظر « ذيل طبقات الحنابلة» (/414) +
وانظر على سبيل المثال إلى يطه في هذا لباب رده على الحافظ ابن عبد لير
الأندلسي في إثبات العلو والفوقية لله ععز وحل» قال في «وصيد الخاطر»
() : «ولقد عجبت لرجل أندلسي يُقال له : ابن عبد البر صنف كتاب
«التمهيد» فذكر فيه حديث النزول إلى السماء الدنيا» فقال : هذا يدل على
أن الله تعالى على العرش ؛ لأنه لولا ذلك لما كان لقوله: ينزل؛ معنى . قال
ابن الجوزي رد عليه بزعمه : وهذا كلام جاهل بمعرفة الله عز وجل ؛ لأن هذا
استسلف من حِسَّه ما يعرفه من نزول الأحسام » فقاس صفة الحق عليه» .
ونجده تارة يرد - بل يشنع - على أهل الكلام والفلسفة فيقول :
«أهل الكلام يقولون : ما في السماء رب » ولا في الصحف قرآن» ولا في
القبر ني » ثلاث عورات لكم» !1
ورد على الفلاسفة رد جميلاً في كتاب , تلبيس إبليس» فقال : إن المتبعين
هم لا مستند لكفرهم إل علمهم بأن الفلاصفة كانوا حكماء أتراهم ما
علموا أن الأنبياء كانوا حكماء وزيادة؛ وذكر قول الشافعي - رمه الله -:
«لأن ييتلى العبد بكل ما نهى الله نه - ما عدا الشرك - خيرٌ له من أن ينظر
في الكلام»» وعن أحمد بن حتبل قوله : ولا يفلح صاحب كلام أبدًا؛ علماء
الكلام زنادقة» .
ورد على ابن عقيل قوله : « أنا أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر
والعرض » فقال : فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن» وإن رأيت أن طريقة
المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت» .