ورحم الله عمران القصير حين قال: إياكم والمنازعة والخصومة؛
ورضي الله عن عمر الفاروق القائل: سيأتي ناس يجادلونكم
بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن» فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله
وها هو إمام السنة رحمه الله الإمام المبجل أحمد بن حتبل الأعلم
بالسنة يتصدى لأولئك النفر الذين خلعوا ربقة الإسلام من أعناقهم:
الزنادقة والجهمية. في رسالته القيمة التي فد فيها مزاعم أهل الزيغ
والضلال؛ ولم يأت الإمام أحمد ببدع من القول؛ بل كان على عهد من
سلفه من أصحاب النبي كي وتابعيهم رضي الله عنهم +
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأحمد بن حنبل وإن كان
قد اشتهر بإمامة السنة والصبر في المحنة؛ فليس ذلك لأنه انفرد بقول
ودعا إليها وصبر على من امتحنه ليفارقهاء وكان الأئمة قبله قد ماتوا
الثالثة'" على عهد المأمون وأخيه المعتصم ثم الوائق ودعوا الناس
)0 جاء في حاشية منهاج السئة النبوية (307/7): قلت: والعجب أن الشارح ابن تيمية
ار الأولين أخطأ بهذاء إذ التجهم كان أقدم من هذا
التاريخ بكثير » وكان ولاد؛
اشتهر مذهب جهم بن صفوان الترمذي في عهد أبي حنيفة رضي الله عنه. . . ثم قال
محقق منهاج السنة الدكتور محمد رشاد سالم رحمه الله : وابن نيمية يقول : إن الجهمية <
إلى التجهم وإبطال صفات الله تعالى» وهو المذهب الذي ذهب إليه
بعضهم» وعاقبوهم وأخذوهم بالرهبة والرغبة؛ وثبت الإمام أحمد بن
ثم قال ابن تيمية رحمه الله: وأحمد وغيره من علماء أهل السنة
والحديث مازالوا يعرفون فساد مذهب الروافض والخوارج والقدرية
والجهمية والمرجئة؛ ولكن بسبب المحنة كثر الكلام؛ ورفع الله قدر
بإعلامها وإظهارها واطلاعه على نصوصها وآثارها وبيانه لخفي
أسسرارها» لا لأنه أحدث مقالة أو ابتدع رأيا!"؟.
منافقون النفاق الأكبر» وأولتك كفار في الدرك الأسفل من النار» فما
أكثر ما يوجد في الرافضة والجهمية ونحوهم زنادقة منافقون» بل أصل
هذه البدع هو من المنافقين الز: قة ممن يكون أصل زندقته عن
حدثت في أواخر عصر التابعين وإن أول الجهمية الجعد بن درهم المقتول نحو سنة
تعارض العقل والنقل 8/ 748-144
اال تح م مها
كافر في الظاهر أيضا”"".
تكلم في تضليلهم يوسف بن أسباط ثم عبد الله بن المبارك؛ وهما
إمامان جليلان من أجلاء أثمة المسلمين» قالا: أصول البدع أربعة:
الروافض والخوارج والقدرية والمرجئة. فقيل لابن المبارك:
لنحكي كلام اليهود والنصارى» ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية .
وهذا الذي قاله اتبعه عليه طائفة من العلماء من أصحاب أحمد
وغيرهم» قالوا: إن الجهمية كفار فلا يدخلوا في الاثنتين والسبعين
الإسلام وهم الزنادقة. وقال آخرون من أصحاب أحمد وغيرهم: بل
الجهمية داخلون في الاثنتين والسبعين فرقة؛ وجعلوا أصول البدع
للصفات - إنما هو مأخوذ عن تلامذة اليهود والمشركين وضلال
الصابئين» فإن أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام -
أعني أن الله سبحانه وتعالى ليس على العرش حقيقة؛ وأن استوى
مجموع فتاوى شيخ الإسلام (441//17)-
() مجموع فتاوى شيخ الإسلام (0/ 300
بمعنى استولى ونحو ذلك هو الجعد بن درهم وأخذها عنه الجهم بن
صفوان وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه. وقد قيل: إن الجعد أخذ
الأعصم» وأخذها طالوت عن لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي
سحر النبي ييا
وقال أيضاً رحمه الله: المشهور من مذهب الإمام أحمد وعامة
أئمة السنة تكفير الجهمية وهم المعطلة لصفات الرحمن فإن قولهم
صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل من الكتاب» وحقيقة قولهم
لسان رسله» ولهذا قال عبد الله بن المبارك: إنا لنحكي كلام اليهود
ببق اي أن نحكي كلام الجهمية. وقال غير واحد من
الأئمة من اليهود والنصارى» يعنون من هذا الجهمية؛
0 إن القرآن مخلوق+ وأن الله لا يرى في الآخرة
أقول: إن نشر هذا الكتاب وتحقيقه وفتح مغاليقه لهو من الجهاد
)30/8( مجموع فتاوى شيخ الإسلام )١(
)4/37 485/170 مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية )(
الرد على الجهمية والزنادقة
في سبيل الله؛ وإن كنت حرمت أو عجزت عن الجهاد بالسيف والسنان
فلا أحرم أو أعجز عن الجهاد بالقلم واللسان؛ فقد بين ذلك ووضحه
أتم إيضاح شيخ الإسلام عليه من الله الرحمة والرضوانء حيث قال:
ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسئة أو
العبادات المخالفة للكتاب والسنة فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم
واجب باتفاق المسلمين» حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم
ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام
وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه» وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو
للمسلمين» هذا أفضل . فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم؛ من
جنس الجهاد في سبيل الله إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعتة
ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق
فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب» فإن هؤلاء إذا
يفسدون القلوب ابتداء؟
وقال رحمه الله: والداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق
لا يستحق العقوبة أو لا يمكن عقوبته» فلابد من بيان بدعته والتحذير
منهاء فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (14/ 71 177
الله به ورسوله. والبدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء ما اشتهر
عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة: كبدعة الخوارج
قال عبد الله بن المبارك: الجهمية كفار زنادقة.
وقال سلام بن أبي مطيع : هؤلاء الجهمية كفار.
وقال إبراهيم بن طهمان: الجهمية كفار .
وقال عبد الوهاب الوراق: الجهمية كفار زنادقة مشركون.
وقال يزيد بن هارون: هم والله زنادقة عليهم لعنة الله.
وقال خارجة بن مصعب: كفرت الجهمية في غير موضع من كتاب الله.
وقال عبد الحميد الحماني: جهم كافر بالله.
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي: بشر المريسي وأبو بكر الأصم
وقال قتيبة بن سعيد: بشر المريسي كافر.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: لو كان الأمر إلِيّ لقمت على الجسر
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (6©/ 418-417
صم الرد على الجهمية والزنادقة
وقال أيضاً: من زعم أن الله لم يكلم موسى يستتاب؛ فإن تاب
وإلا ضربت عنقه .
وقال إبراهيم بن أبي نعيم: لو كان لي سلطان ما دفن الجهمية في
مقابر المسلمين:
وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: لا نصلي خلف من يقول:
القرآن مخلوق»؛ هؤلاء كفار . ١
وقال عبد الله بن المبارك: من قال: القرآن مخلوق؛ فقد طلقت
وقال البخاري رحمه الله: ما أبالي صليت خلف الجهمي
والرافضي أم صليت خف اليهود والتصارى» ولايسلم عليهم
* ولكن هل يكفر الجهمية باعيانهم؟ أي أن كل من اعتقد
)١( الإبانة )٠١٠-٠٠١ /١( وا الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي
العنيد (084-0174/1) والشريعة للأجري (1/ 904-4417 ١)
)0 خلق أفعال العباد (رقم 97 ) وانظر : بيان تلبيس الجهمية (1/ 487) +
يجيب عن السؤال ويدفع هذا الإشكال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله حيث قال: إن المقالة تكون كفراً: كجحد وجوب الصلاة
والزكاة والصيام والحج وتحليل الزنا والخمر والميسر ونكاح ذوات
لا يكفر به جاحده؛ كمن هو حديث عهد بالإسلام أو نشاً ببادية بعيدة
لم تبلغه شرائع الإسلام» فهذا لا يكفر بجحد شيء مما أنزل على
الرسول» إذا لم يعلم أنه أنزل على الرسول. ومقالات الجهمية هي من
هذا النوع» فإنها جحد لما هو الرب تعالى عليه ولما أنزل الله على
رول
وقال أيضاً رحمه الله: وسبب هذا التنازع يعني تنازع أهل السئة
في تكفير الجهمية بأعيانهم - تعارض الأدلة؛ فإنهم يرون أدلة توجب
إلحاق أحكام الكفر بهم؛ ثم إنهم يرون من الأعيان الذين قالوا تلك
المقالات من قام به من الإيمان ما يمتنع أن يكون كافراً» فيتعارض
عندهم الدليلان. وحقيقة الأمر أنهم أصابهم في ألفاظ العموم في كلام
الائمة ما أصاب الأولين في ألفاظ العموم في نصوص الشارع. كلما
رأوهم قالوا: من قال كذا فهو كافر. اعتقد المستمع أن هذا اللفظ
في حق المعين» وأن التكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين إلا إذا
0004/0 مجموع فتاوى شيخ الإسلام )١(
الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام
بعينه. . . ثم قال: : وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة
يحمل الأمر على التفصيل. فيقال: من كفر بعينه فلقيام الدليل على أنه
في حقه هذا مع إطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم"'"*
وقال أيضاً رحمه الله: وإذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء
الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار لا يجوز الإقدام
عليه؛ إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية؛ التي يتبين بها أنهم
الكلام في تكفير جميع المعينين.
مع أن بعض هذه البدع أشد من بعض؛ وبعض المبتدعة يكون فيه من
أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة؛ ومن ثبت إيمانه
لم يزل ذلك عنه بالشك» بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (4/4-441//17)
© مجموع فتاوى شيخ الإسلام (500/17)