للاعتبار من أحدائها والحذر من أفكارها فإن في ذلك الفضل كل
الفضل ؛ أما إن كانت الأخرى ؛ فهو الفساد وإشاعة الفاحشة لهدم
العقول وإمانة القلوب .
هله واحدة » والأخرى : ان الأفكار الأننوت .يموت
أصحابها . فالفكر نتاج عق إنساني أقرب في مادته إلى الروح منه
إلى الجسد » وحياته أطول أمداً من حياة أصحابه » وبقاؤه مرهون
عدواها فقصيب الناس بمثل ماأصابت به صاحبها . تلك هي طبيعة
الفكر ونتاج العقل ؛ فلا بد من استيعاب تلك الخصيصة التي ثبت
بالاستقراء من خلال تاريخ الفكر الإنساني عامة
امتداد الزمان والمكان » فإنك واجدٌ تشابها كبيراً يما ينها وستعجب
من ذلك التشابه » وكأنه مستمد بعضه من بعض
بالفعل وماذلك إلا نتيجة استعداد العقل وتوجهاته الأصلية وام
معطيات التفاعل الاجتماعي والنفسي أفكاراً تتشابه في أصولها إلى
الأفكار التي تجمعت من قبل في فرقة * المعتزلة » والتي تفرق بعضها
متنائراً في فكر بعض المحدئين .
وطبيعة البحث في فكر المعتزلة » قد يجرنا إلى متاهات
ومعميات « علم الكلام » الذي كان للمعنزلة الفضل الأول إن
جاهدين أن نتخطى تلك العقبة ؛ بأن نكتفي بالحديث عن أصول
ذلك الفكر لدى تلك الفرقة » دون الدخول في كثير من التفصيلات
ستتناول في الباب الأول من هذا البحث نشأة علم الكلام
وآئاره ؛ ذلك العلم الذي فدر له أن يسيطر لعهود متطاولة على فكر
العديد من المسلمين على أنه علم « التوحيد » الذي يجب أن تجتمع
عليه عقائد العامة والخاصة » والذي كانت نشأته على يد المعتزلة +
وتأثر به الأشاعرة من بعد » وكان من آثاره ذلك الخلط في مفهوم
التوحيد ؛ والذي أدى بدوره إلى الانحطاط والتقليد والإغراق في
المباحث اللفظية » ثم ينا رأي أهل السنة في ذلك العلم وأقوال أئمة
الكلام أنفسهم » في مدى غنائه .
وعقدنا الباب الثاني لبيان عقائد المعتزلة المتمثلة في أصولهم
الخمسة التي قررها أمتهم » وبّنا مذهبهم في سائر ماشققوه من أمور
نابية عن الفطر بعيدة عن الهدى الالهي في النظر والاستدلال +
وأوضحنا بالأدلة الشرعية القول الحق في تلك المسائل .
كذلك كان لابد أن نتعرض لمواقف المعزلة من ثلاث قضايا
تعتبر غاية في الأهمية لأنها تدل على منهجهم في استقاء الأحكام
وفهم العقائد والشرائع وهي :
١ موقفهنم من الحديث النبوي
7 موقفهم من الصحابة .
7 موقفهم من التاويل
وفي الباب الثالث تناولنا التطور الفكري والسياسي للمعتزلة
ونعني به مراحل وجودها على مسرح الحياة الإسلامية كفرقة مستقلة
الذروة من السطوة السياسية في عهد المأمون العباسي ثم مرحلة
الرافضة ؛ إلى أن ذاب الاعتزال كمذهب مستقل تحمله فرقة تعرف
به ويعرف بها » وانتفل إلى فكر الرافضة قلباً وإلى منهج الأشاعرة
في دراسة العقيدة قالباً .
من نحا نحو المعنزلة في هذا العصر مدعياً تعظيم العقل ؛ ومعظماً
لدور الاعتزال في حماية عقيدة الإسلام في القرون الأولى ؛ وماذلك
إلا ستار لما يخفي من انحراف عن المنهج الستي القويم +
مايعينه على فهم بعض المواقف التي لايمكن تفسيرها في واقعنا
المعاصر إلا بإدراك خلفياتها التاريخية » ومعرفة أحوالها وتطوراتها
الفصل الأول
الصديق الجاهل
كانت المهمة الأساسية والأولى للإسلام هي تقرير التوحيد
تقريراً أ واضحاً صريحاً لا لبس فيه » وإقرارة في العقول والقلوب إقراراً
يدقعها إلى العمل به » والتزام شريعته ونتهاجه في كافة نواحي
الحياة ؛ ثم نفي الشرك المضاد لهذا التوحيد نفياً تاماً في أي
صورة من صوره ؛ وتحت أي اسم أو شعار يختفي من وراءة .
فالله سبحانه هو خالق الكون والإنسان ؛ ومن ثم فهو إله الكون
وإله الإنسان يي وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله # 019
التي سنها الله تعالى له » ويخضع له الإنسان اختياراً حين ا
وقد انتهج القرآن الكريم منهجاً خاصاً في تقرير تلك العقيدة
وإقرارها » فاتجه إلى الفطرة الإنسانية يخاطب ماهو مركوز فيها من
معان تجعل الإيمان بوجود الخالق ؛ وضرورة عبادته وحده أمراً يديهياً
لاحاجة فيه لجدل أو سفسطة 9 .
لفت القرآن الأنظار إلى الآيات المبثوثة في الكون والنفس »
قال تعالى : ف( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف لقت ولي السماء
وقال تعالى : ل إن في خلق السموات والأرض واختلاف
الليل والنهار لآيات لأولي الألباب » ( .
وحمل الإنسان على التفكر في خلق نفسه ؛ وفي خلق آيات
الكون » وفي إخراج النبات الحي من الأرض الميتة ؛ ليدفعه من خلال
تلك الصور إلى التفكر ثم التعقل فالتذكر .
فل خلق السموات والأرض بالحتى تعالى عما يشركون »
[ النحل / 16 ]
هل خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين # [ التحل / 4]
ف هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب_ ومن شجر فيه
تسيمون » ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعتاب ومن كل
الثمرات إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون » وسخر لكم الليل والنهار
والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره » إن في ذلك لآيات لقوم
يعقلون . وماذراً لكم في الأرض مختلفاً ألوانه ؛ إن في ذلك لآية
لقوم يذكرون» ( النحل / 13-٠١ ]
م مغرض » فإن الإسلام قد خاطب الفطرة في كافة جوانبها سواء الفطرة الشعورية أو
القطرة العقلية العقل البديهي الذي لم يغش عليه بما يقسد استدلاله وبشوش على
صحة أحكامه ؛ انظر : خصائص التصور الإسلامي حيث ذكر سيد قطب أن الإسلام خاطب
الحس والفكر والبديهة والبصيرة مما في « تناسق القطرة + خصائص_التصور
وأشعر الإنسان بضعفه وقلة حيلته التي قد تستوي مع قوة
الذبابة الصغيرة بالقياس إلى قوة الله عز وجل التي لاتحدها الحدود
ولاتكتنهها العقول .
فم ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له . إن الذين تدعون من
لايستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب 6 [ الحج / ؟97] +
٠ ثم عرض لصفات الباري سبحانه فأوضحها بأسهل طريق
وأبين لفظ +
قال تعالى : ف( قل هو الله أحد . الله الصماد . لم يلد . ولم
يولد . ولم يكن له كفواً أحد . وقال تعالى : ف( ليس كمثله شيء
وهو السميع البصير 6 [ الشورى / 21١ +
ثم أقام من أدلة ربوبيته للخلق كافة برهاناً على وجوب عبادته
فمن يخلق ؛ هو الحقيق بالعبادة .
ومن يرزق هو الحقيق بالدعاء والطلب +
قال تعالى : # وإن الله ربي وربكم فاعبدوه » (") وقال تعالى :
وقال تعالى : «( إن هذه أ
فاعبدون 00 .
وقال تعالى : يي ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء
وقال تعالى : م فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره
إذ ليس في الوجود أحد أو شيء له القدرة على النفع والضر
إخلاص العبادة له وحده بنفي عبادة غيره تحت أي صورة من
بهذه النصاعة الرائقة » وبهذا الأسلوب لين » وبهذا المنهج
الهين اللين الذي لاعوج فيه ولا أمتاً » قرر القران التوحيد ؛ هذا
المنهج الذي يتوجه إلى الفطرة السليمة يتلمس فيها مواطن البديهة
الوجدان والشعور فيدفعها بقوة إلى التعلق برب العالمين (9)
وقد أحسن الرعيلٍ الأول من صحابة رسول الله تَتة في
١ الأنياء / 88 الأنعام / 1١8 غافر / ١١
ار الحنى على الخلق لابن المرتضى / 3 في تفصيل الدلالات لمعرف الله سبحاتة +
وقد جعلها ثلاث دلالات : دلالة النفس + والآفاق + والمعجزات
المحكم منه » وردوا إليه متشابهه ؛ ليستبين لهم وجه الحق فيه +
جهودهم على القيام بحقه عملاً لا قولاً + ففتح الله يهم البلاد +
وهدى بهم قلوب العباد ؛ حتى أصبح اقتفاء آثارهم هدى ؛ والعدول
ولكن الأمر لم يستقم على هذا المنوال + فما إن قضى جيل
وتوسعت الرقعة التي يظلها الإسلام بظله ؛ حتى تأثر المسلمون يما
بأبناء الأمم المفتوحة + الذين كانوا لا يزالون متأثرين بسابق
ومناهج نظر وبحث تختلف باختلاف تلك الأمم . إلى جانب أن
الكثير من أبناء تلك الأمم قد دخلوا الإسلام حاملين ذلك التراث
المثقل بركام التصورات القديمة ؛ والمناهج الضالة » فكانوا كبذور
الفتنة وقد ألقيت في تربة الإسلام » فترعرع منها ماترعرع من شقاق
وتفرق » هذا إلى جانب ماسبقت الإشارة ليه ١ من اتساع نطاق
الترجمة والنقل عن الثقافات الأخرى خاصة اليونانية وفي مجال
الفسلفة والمنطق .
؛ الكلام + أو ١ علم التوحيد » كما أطلقوا عليه +
وقد ارتبط علم الكلام هذا منذ أول نشأته بظهور فرقة المعنزلة
ماعرف يعلم
دمة في أسباب اختلاف المسلمين وتفرقهم للمؤلفين