باقي السنة؛ وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا الكمال إسحاق المغربي
ولازمته فأعجب بي لما رأى من ملازمتي للاشتغال» وعدم اختلاطي بالناس
وأحبني محبة شديدة؛ وجعلني معيد الدرس بحلقته لأكثر الجماعة. قال ابن
العطار رحمه الله تعالى: ذكر الشيخ لي أنه كان يقرأ كل يوم الي عشر درساً
على المشايخ شرحاً يعني في الدين وأصوله؛ والفقه وفصوله» والحديث
ومصطلحه؛ واللغة والمنطق. قال: وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح
مشكل وإيضاح عبارة؛ وضبط لغة؛ وبارك الله لي في وقتي واشتغالي وأعانني
أخذ عن إسحاق بن أحمد المغربي وعبد الرحمن بن نوح المقدسي»
وعمر بن أسعد الإربلي» وخالد بن يوسف النابلسي» والضياء بن تمام الحنفي
وأحمد بن سالم المصري» ومحمد بن عبدالله بن مالك الجيَانِي صاحب الألفية
وعمر بن بندر التفليسي» وإبراهيم بن علي الواسطيء وأحمد بن عبد الدائم
المقدسي»؛ وإسماعيل بن أبي اليسر التنوخي؛ وعبد الرحمن بن سالم
الأنباري» وعبد الرحمن بن محمد قُدامة المقدسي؛ وعبد العزيز بن محمد
الأنصاري وغيرهم رحمهم الله تعالى.
تفنن رحمه الله في أصناف من العلوم فقهاً» فكان المرجع والمعوّل عليه
في فقه الشافعي رحمه الله تعالى» ومتون أحاديث؛ وأسماء رجال؛ فجمع بين
بعد أن اكتملت للنووي رحمه الله أدوات الحديث والفقه قام بتدريسهما
في المدرسة الإقبالية التي أنشأها جمال الدين إقبال سنة 107 ه ثم قام
بالتدريس في المدرسة الركنية التي أسسها ركن الدين منكورس»؛ والمدرسة
الخّلَفيةَ التي أقامها خلف الدين سليمان؛ ثم ولي دار الحديث سنة 17156 ه
فلم يأخذ من معلومها شيئاً حتى توفي رحمه الله تعالى.
تلاميذه رحمه الله تعالى :
أخذ عنه علاء الدين بن العطار؛ وأحمد بن إبراهيم بن مُصِعَّب؛
وأحمد بن محمد الجعفري؛ وأحمد بن فرح الإشبيلي» والرشيد إسماعيل بن
المعلّم الحنفي» ومحمد بن أبي الفتح الحنبلي؛ وأحمد الضرير الواسطي»
وسليمان بن عمر الذّرعي» وعبد الرحمن بن محمد المقدسي» والبدر بن
جماعة؛ ومحمد بن النقيب» ومحمد بن عبد الخالق الأنصاري» وهبة الله بن
وقال العارف الأستاذ ياسين بن يوسف الزركشي: رأيت الشيخ وهو ابن عشر
القرآن فوصيته به خيراً؛ وقلت: هذا الصبي يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه
ناهز الاحتلام.
كراماته رجمه الله تعالى:
شمائله رحمه الله تعالى :
كان على جانب عظيم من الورع والزهدء قال الذهبي رحمه الله تعالى:
كان عديم الميرة والرفاهية والتنعم مع التقوى والقناعة والورع والمراقبة لله
تعالى في السر والعلانية؛ وترك رعونات النفس من ثياب حسنة ومأكل طيب؛
وتجمل في هيئة؛ بل طعامه جلف'؟ الخبز بأيسر إدام؛ ولباسه ثوب خام؛
الحيلة والشبهة» وكان يتقوت مما يأتي من بلده من عند والديه؛ ولا يأكل إلا
(7) السختيانية: جبة تلبس فوق الثوب.
(©) الضياع: جمع ضيعة بفتح الضاد وسكون الياء وهي الحديقة» أو القطعة
المزروعة من الأرض+
أكلة واحدة في اليوم والليلة بعد العشاء الآخرة» ولا يشرب إلا شربة واحدة
كانت عليه سكينة ووقار في البحث مع العلماء وفي غيره؛ وكان آمراً
الرسائل ناصحاً بالعدل في الرعية؛ وإبطال المكوس”"؛ وردّ الحقوق إلى
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: إنه قام على الظاهر في دار العدل في قضية
الغوطة لما أراد وضع الأملاك على بساتينها فردّ عليهم ذلك؛ ووقى الله شرها
بعد أن غضب السلطانء وأراد البطش به ثم بعد ذلك أحبه وعظمه؛ حتى
كان يقول: أنا أفزع منه.
سافر في آخر عمره إلى بلده نوى بعدما حج وزار القدس ووصل
الخليل فمرض بها عند والديه وتوفي ليلة الأربعاء لست بقين من رجب سنة
)١( المكوس: بضم الميم جمع مكس وهو ما يفرضه الحاكم من الإتاوة عن السلع
التي تباع أو تجلب وغير ذلك.
المسلمون أسفاً شديداً؛ وتوجه قاضي القضاة عز الدين محمد بن الصائغ
تعالى رحمة واسعة آمين
وشرحهاء وتهذيب الأسماء واللغات» وطبقات الفقهاء. والتبيان» والمناسك
وتصنيف في استحباب القيام لأهل الفضل ونحوهم؛ وتصنيف في قسمة
والمبهمات» ومناقب الشافعي» وخلاصة الإحكام في مهمات الأحكام»
الترجيح وبقولها المقول في التصحيح. هذه مؤلفاته التي أتمها رحمه الله
تعالى .
الربا وهو أجل مؤلفاته لو كان تمامه على يديه؛ التحقيق شرح مطول على
التنبيه؛ التنقيح شرح الوسيطء الإشارات وهو كتاب على الروضة كالدقائق
على المنهاج»؛ وشرح قطعة من صحيح البخاري وقطعة من سنن أبي داود
وغير ذلك.
مما ينسب إلى الإمام النووي رحمه الله تعالى:
بادر إلى حفظ الحديث وكتبه واجهد على تصحيحه في كه
وتجنب التصحيف فيه قريما. أدَى إلى تغييره عن لفظه
وتتبع العالي الصحيح فإنه نطق البي لنابه عن ربه
فكفى المحدث رتبة أن يرتضى ويعد من أهل الحديث وحزبه
وفي الختام أسأل الله الكريم أن يرحمني ويرحم المؤلف ووالدينا
والمسلمين والمسلمات ويحشرنا في زمرة سيد المرسلين سيدنا محمد واله
التعريف بصاحب الحاشية على الإيضاح
هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر
كما هو شائع كما أفاده غير واحد من الفضلاء. ترجمه العيدروس في وفيات
الأكابر فقال: وفي رجب سنة أربع وسبعين وتسعمائة توفي الشيخ الإمام شيخ
الإسلام شهاب الدين. ثم قال: وكان بحراً في علم الفقه وتحقيقه لا تكدره
الملاء ولد في رجب سنة ا تسع وتسعماثة؛ ومات أبوه وهو صغير فكفله
وشمس الدين الشناوي» وكان قد حفظ القران العظيم في صغره؛ ومن
مشايخه الذين أخذ عنهم شيخ الإسلام القاضي زكريا [الأنصاري] الشافعي.
والشيخ الإمام المعمّر الزيني السنباطي» والشهاب الرملي الشافعي وغيرهم»
وأذن له بعضهم بالإفتاء والتدريس» وعمره دون العشرين» وبرع في علوم
في معجم مشايخه. وقَدِمٍ مكة في آخر سنة ثلاث وثلاثين وتسعماثة فحج
سبع وثلاثين ثم حج سنة أربعين وجاور من ذلك الوقت بمكة المشرّفة وأقام
ومن مؤلفاته: شرح المشكاة نحو الربع؛ وشرح المنهاج للنووي في
مجلدين ضخمين»؛ وشرحان على الإرشاد للمقري: كبير وهو المسمى
بالإمداد؛ وصغير وهو المسمى فتح الجوادء وشرح همزية البوصيري؛ وشرح
الأربعين النووية؛ والصواعق المحرقة على أهل البدع والضلال والزندقة؛
وكف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع» والزواجر عن اقتراف الكبائر»
ونصيحة الملوك؛ وشرح مختصر الفقيه عبدالله بافضل المسمى المنهج القويم
في مسائل التعليم؛ والإعلام بقواطع الإسلام؛ وشرح العباب المسمى
بالإيعاب» وشرح قطعة من ألفية ابن مالك وشرح مختصر أبي الحسن
البكري في الفقه؛ وشرح مختصر الروض لكن لم يتم وله حاشية على
الإيضاح والإرشاد والروض والأخير لم يتم؛ ومناقب أبي حنيفة الجواهر
الحسان في مناقب النعمان» والتعرف في الأصلين والتصوف» ومنظومة في
أصول الدين وشرح عين الدين في التصوف ولم يتم.
والهيتمي نسبة إلى محلة أبي الهيتم من إقليم الغربية بمصر. والسعدي
نسبة إلى بني سعد بإقليم الشرقية من أقاليم مصر أيضاً ومسكنه الشرقية لكنه
انتقل إلى محلة أبي الهيتم في الغربية؛ وأمّا شهرته بابن حجر فقيل: إن أحد
أجداده كان ملازماً للصمت لا يتكلم إلا عند ضرورة أو حاجة فشبهوه بحجر
شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني رحمه الله؛ فكان صاحب الترجمة يشبهه في
كتاب نشر النور والزهر للشيخ عبدالله مرداد رحمه الله تعالى» أقول:
ولصاحب الترجمة رحمه الله تعالى أيضاً من المؤلفات: تحفة المحتاج بشرح
المنهاج «عشرة أجزاء»» والإفادة فيما جاء في المرضى والعيادة؛ وتحرير
المقال فيما يحتاجه مؤدب الأطفال» وتلخيص الأحراء في تعليق الطلاق
بالإبراء؛ وتكفير الكباثر وشرح بانت معاد ومبلغ القرب في فخر العرب؛
والإفصاح عن أحاديث التكاح؛ وأشرف المداخل إلى معرفة الشمائل+
والأربعين العدلية وتنبيه الأخيار» وتطهير العيبة من دنس الغيبة؛ وثبت شيوخه
ودر الغمامة في در الطيلسان والعمامة»؛ وقرة العين في أن التبرؤ لا يبطله
الدين؛ والمناهل العذبة في إصلاح الكعبة؛ وإتحاف أهل الإسلام
بخصوصيات الصيام» انتهى من مقدمة الأستاذ محمود النواوي على إتحاف
أهل الإسلام بخصوصيات الصيام قمت باختصاره والتعليق عليه ولله الحمد
والمئة وسميته (مختصر إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام) وذكرت في
التعليق عليه أقوال الأثمة الأربعة رحم الله الجميع آمين؛ وهو مطبوع نفع الله به
كيل
وبجميع كتبي كما نفع بأصولها آمين؛ وللمترجم له وقف عقار بمكة في
محلتي سوق الليل والقشاشية يدخل فيه ال المرحومي وال سنبل وبعض من
قال المفتي الأحناف لأنهم أسباطه فإنه لم يعقب ذكوراً والله أعلم. أقول: ذكر
الأستاذ محمود النواوي في مقدمته السالفة الذكر في ترجمة المحقق ابن حجر
سنة 47/5 ه وهذا تفاوت بعيد وإنما العلم عند الله وحده. اه. أقول: جاء
في حاشية المترجم له على إيضاح الإمام النووي أنه فرغ من تحريرها غروب
شمس ثامن ذي الحجة سنة 47/4 ه؛ فهذا مما يدل على أن المترجم له عاش
بعد ما قاله بعض الناس والمترجم له ومَنْ شاكله سلفاً وخلفاً من أهل العلم
قد خلَدَ الله ذكرهم بالعلم بسبب إخلاصهم فهم أحياء على مدى الأزمان
والدهور ورحم الله القائل:
أخو العلم حيٌّ خالد بعد موته وأوصاله بين التراب رميم
وذو الجهل مَيْت وهويمشي على الثرى . يُمَدُ من الأحياء وهو عديم
التعريف بمؤلف الإفصاح
هو عبد الفتاح بن حسين بن إسماعيل بن محمد طيب راوه المكي.
ولد بمكة المكرمة عام 17734 ه تقريباً» ذكر له والده رحمه الله تعالى
أن جدهم نزل أرض راوه كوت راجا بأندونيسياء وأصله عمودي من
حضرموت والعلم عند الله إن حر نكم » نسأله تعالى أن
يتغمدنا بعفوه آمين.
تلقى مبادىء القراءة والكتابة في بعض كتاتيب مكة المكرمة على بعض