والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
مقدمة
التي وَضعتْ قواعد دقيقة لعلم التاريخ وفلسفته؛ أساليب تقد المادة
لضمان صحة الاستنتاج منهاء ووضحث مناهج المؤرخين؛ من قدماء
ومحدثين» وأبانث أساليبهم في التعامل مع الإنتاج التاريخي. فعمل المسلمون
من العرب على الاستفادة من قوانين علم التاريخ العام ساعين إلى تطبيق هذه
القواعد على التاريخ الإسلامي في مختلف مراحله وأقطاره» فظهرت بذلك
دراسات حديث د ال الي وأعيدث قراءة بعض مصادر التاريخ
المسلمون من الباحثين والجامعيين» وإذا هي تقدم للفكر الإسلامي تفسيرات
الي ظهرت عند باحثين أفكارهم لوث التفسير المادي» أو امتلكت عليهم
ووطنيات محدودة.
ومن بين المجالات التي اهتم بها المؤرخون المسلمون المعاصرون
مجالات دراسة مناهج الكتابة التاريخية التي أت بصفة حتمية إلى بروز بحوث
تكشف القناع عن تيارات عديدة من الكتابة التاريخية عند المسلمين؛ وتميط
اللثام عن مدارس لكتابة التاريخ تنتسب إلى المراكز الحضارية الكبرى في حياة
وبحثتُ عن المدرسة التاريخية المكية من بين ما قرأته؛ فلم أجد لها أثراً
من توافر البحوث والرسائل التي تناولت قضايا التاريخ المكي
الدارسين» إلى أن ظهرت بعض آراء من أبناء جيلنا تقول بأن «مكة وتاريخها
ومؤرخيها كانوا دائماً تبعَاً لمراكز حضارية أخرى كالمدرسة المصرية والمدرسة
من مطالعات الإنتاج التاريخي للمكيين» وأعدتُ النظر في ما قرأته ثم
الخيوط ضعيفة الحجة؛ لأنها تجعل ارتباط مكة بالسياسة المملوكية والعثمانية
في مصر أساساً لرفض الشخصية المتمّز
بخصائصها الاجتماعية ومجالات كتابة مؤرخيها وغير ذلك من العناصر المكوّنة
وكانت مثل هذه الآراء تدفعني إلى مواصلة تتبع الإنتاج التاريخي المكي
اجتمعث بين يديّ قائمة طويلة من المؤرخين المكيين» وقائمة أطول من عناوين
مؤلفاتهم» فاستقر رأيي على الانتقال إلى المرحلة الثانية التي ت في التعريف
وجدتُ نفسي أمام قائمة تشمل 187 مؤْرّخاً مكياً عاشوا في ما بين القرنين
الثالث والثالث عشر الهجريين؛ وأمام قائمة ثانية تشمل 846 من التاليف التي
تناولت التاريخ ومتعلقاته أو التي تعتبر من المصادر الأساسية للدراسة التاريخية .
ولكن أسفي كان أكبر من دهشتي عندما دلي الإحصاء إلى ما يلي:
لم يُطبَع من بين مجموعة هذه التآليف غير 98 عنواناً.
ب- أغلب ما طبع كان من الطبعات القديمة أو الطبعات التجارية غير
ج - الكتب المطبوعة محققة تحقيقاً علمياً لا تصل إلى عدد أصابع اليدين .
د إن ما بقي غير مطبوع من الإنتاج المكي التاريخي يبلغ مبدئياً 750
وجود مخطوطاته؛ وإنما وجدنا له ذكراً في المصادر ولم نعثر له على أثر في
العديد من فهارس المخطوطات التي اطلعنا عليهاء وهي - يعلم الله كثيرة جداًا"؟
وإيماناً مني بأنه لا يسوغ لي ولا لغيري الحديث عن المدرسة المكية
للتاريخ إلا بعد أن تتوفّر المعرفة الكاملة بشخصيات المؤرخين المكيين
ومجالات كتاباتهم التاريخية. حرصت على إبراز هذا الإنجاز الأوّليّ الذي
أنشره تحت عنوان «التاريخ والمؤرخون بمكة» من القرن الثالث الهجري إلى
القرن الثالثك عشر جمع وعرض وتعريف» ليمكن بعد ذلك تناول المدرسة
التاريخية المكية في تصنيف منفرد؛ إن شاء الله .
التاريخية خلال القرون العشرة موضوع الكتاب»؛ نظراً لبقاء كثير من نصوص كتب
التراجم والتاريخ دون طبع ولا تحقيق. لذلك نأمل من الباحثين وأهل العلم أن يتفضلوا
غلاف هذا الكتاب» حتى نستفيد من إضافاتهم العلمية في نشرة ثانية منفحة؛ إن شاء الله
وقد حاوتُ في عملي هذا أن أقدّم للقارىء والباحث ترجمة موجزة
تفي بغرض الباحث المدقق عرضتُ ما أمكن التعرّف عليه من مخطوطاته
أما إن كان الكتاب مخطوطاً غير مطبوع فإني أذكر ما عرفت من
إن وُجدثْ - ويكون ذلك نتيجة لما استفدته من مطالعتها أو من أوصاف
فهارس المخطوطات. وأخص المخطوطات الت آطلعتٌ عليها بالوصف
وإذا كان الكتاب مذكوراً ف في المصادر المعتمدة الموثوق بها ولم أجده
بين المطبوعات والمخطوطات 3 أكتفي بعرض أهم مواطن ذكره في
المصادر والإحالة عليها .
وقد رتبت الكتاب على تواريخ وفيات المؤرخين المكيين بداية من سنة
4ه تاريخ وفاة الأزرقي إلى سئة 1295 ه تاريخ وفاة محمد بن
عبد الله بن حميد الحنبلي المكي.
أما المؤرخون الذين اعتبرتهم مكيين فهِمْ من كانوا من أهل مكة أصالة
وولادة أو من وَرَدُوا عليها مجاورين قاصدين الإقامة الدائمة بها فانتسبوا أو
نسبثهم المصادر التاريخية إليها. وقد سلكت في ذلك مَسلك السابقين من علماء
المكيين مثل التقي الفاسي في كتابه العقد الثمين» والنجم بن فهد في الدرّ
الكمين» والمتأخرين مثل عبدالله مرداد في نشر النّور والزهر.
وسوف يلاحظ القارىء أنني عندما عرضتٌ قوائم الإنتاج التاريخي
للمؤرخين جمعتُ فيها كل مؤلفاتهم في السيرة والتاريخ العام والخاص وكتب
الفضائل والتراجم والطبقات والمناقب والمعاجم والفهارس وكتب رجال
الحديث والأثبات كما أضفتُ إليها كتب مناسك المكيين وبعض الرسائل
فقد كنت ولا زتٌ اقول بأن إنتاج فقهاء المسلمين على اختلاف
مذاهيهم - هو من بين أهم المصادر اليقينية الصادقة التي يحتاج إليها المؤرخ
المعاصر. فإن علم الفقه عند المسلمين هو من أكثر العلوم تفاعلاً مع المجتمع
لذلك كانت أقوال الفقهاء وآراؤهم ومواقفهم هي الميزان الذي يضع
المجتمع المسلم على كته كل مظاهر تطوره ليرى قَوْلَة القسط والعدل في
ما يظهر فيه من حوادث وتطورات. لذلك تكون آراء الفقهاء وخاصة في
أجوبتهم عن استفتاءات المسلمين من أصدق النصوص التاريخية التي لا يرقى
إليها شك؛ إذ هي تمدّنا بصورة واضحة لواقع المجتمع والأنماط الحضارية
كما أنّ ما ألفه الفقهاء من كتب مناسك الحج - وخاصة فقهاء المكيين -
يمكن أن يعتبَرٌ مصدراً هامًا لتصوير كثير من أحوال الحرميْن وأوصاف المشاعر
الحج في عصر المؤلف وعرض بعض الحوادث الاجتماعية والتاريخية فيه.
وتجاه أهمية هذه التآليف في العملية التاريخية فقد اهتممثا بكلّ ما كان
التاريخية» وإنما كانوا يعتمدون الكثير من الإنتاج الفقهي الذي يقدّم فوائد
بفوتني أن أتقدم بشكري للمؤسسات والمكتبات ومراكز البحوث
منهاء مركز البحوث بجامعة أم القرى» مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة
المكتبة الوطنية بباريس» دار الكتب الوطنية بتونس؛ وغيرها من المؤسسات
إلا بالهداية والتوفيق .
كما لا يفوتني أن أعرب عن جزيل شكري وصادق تقديري لمؤسسة
الفرقان للتراث الإسلامي وعلى رأسها مؤسسها معالي الشيخ أحمد زكي يماني
لاختيار هذا الكتاب كي يكون باكورة سلسلة مطبوعات فرع نشاطها الجديد
الخاص بموسوعة مكة المكرمة» داعياً المولى عز وجل أن يكلل الجهود
المخلصة التي تقوم بها هذه المؤسسة بالنجاح والتوفيق في خدمة الإسلام
وفي الختام فإني أشكر الله العلي القدير الذي ير لي إتمام هذا العمل
وأقْدَرني على إنجازه خدمة لأم القرى وحرمها الأمين» فقد كان من بدايته إلى
منه والله أعلم بالقصد - فتح أبواب من العمل العلمي أمام طلاب العلم
والباحثين والمؤرخين. فقد بِذتٌ فيه من الجهد والوقت والمال والرحلات
والله ولي التوفيق» وله الحمد أولاً وآخراً
محمد الحبيب الهيلة
مكة المكرمة في 10 رجب 1414ه
1- محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي الفّاني المكي؛ أبو الوليد
عاش في مكة خلال القرن الثالك. الهجري ثلاثة من كبار المؤرخين
وكان للازرقي فضل السبق والتأصيل؛ وللفاكهي فضل سعة الجمع
والإضافة؛ وللزبير بن بكار فضل تأريخ الحوادث ودقائق الأخبار والنوادر مع
ما كتبه عن أخبار مكة وأبنائها وأخبار غيرها
وأبو الوليد الأزرقي المحدث المكي روى عن تلاميذ ابن عباس وعن
وهب بن منبه راوي الأخبار وابن اسحاق صاحب السيرة.
روى الحديث وجمع منه مسنداً ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون
ص 1684 - أخذ عنه أثمة منهم الإمام أحمد بن حنبل والمؤرخ ابن سعد
صاحب الطبقات.
اختلفت الروايات في تاريخ ولادته. ورجّحت الدراسات الجادّة أن
تكون وفاته في سنة 244 ه.
© مصادر ترجمته:
ابن النديم: الفهرست ص 162؛ الفاسي: العقد الثمين 50-49:2؛
السخاوي: الإعلان بالتوبيخ ص 132؛ البغدادي: هدية العارفين 411:2 كحالة:
معجم المؤلفين 198:10؛ بروكلمان: تاريخ الآداب العربية (الترجمة الى ١
3 رشدي ملحس: مؤرخو الحجاز ونجدء مجلة أم القرى العدد 453 - 454+
السنة 1352 ه/1932 م. داثرة المعارف الاسلامية (باللغة الفرنية)
1 - 827؛ محمد علي مختار: الازرقي المؤرخ من خلال رواياته؛ بحث نشر
في كتاب مصادر تاريخ الجزيرة العربية ج 1 ص 218-199؛ أحمد الضبيب:
حركة إحياء التراث بعد توحيد الجزيرة. مجلة الدارة العدد 4 السئة 5 رجب
أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار: سماه ابن النديم في الفهرست: كتاب مكة
وأخبارها وجبالها وأوديتها: وقال: هو كتاب كبير.
كان جده أحمد بن محمد بن الأزرق ات 219 ه أو 222 ه) جمع من
كتاب تاريخ مكة للازرقي هو كتاب جامع بين منهج المحدثين في الرواية
والسند ومنهج المؤرخين في عرض الأخبار والفضائل ووصف المظاهر الحضارية
والعمرانية وغيرها. سبق الأزرقي بوضع أول كتاب جامع لتاريخ مكة وأخبارها
ومساجدها وأسواقها وآبارها وعيونها وجبالها وأوديتها .
يعتمده في النقل والإحالة عليه مباشرة في أغلب الأحيان» وبواسطة الناقلين عنه أحياناً
كما إن كتاب الأزرقي ظل من بين الكتب التدريسية التي يرويها طلاب العلم
عن شيوخهم فيذكرونه بين مروياتهم الحديثية والتاريخية في معاجمهم وفهارسهم
وانتشر بين الناس بسبب دقة رواياته وتنوّع أخباره رصحة أسائيده.
نسخة الظاهرية بدمشق برقم 3400 تاريخ كُتبتْ سئة 532ه.
- نسخة بمكتبة توبنغن بالمانيا رقم (04.8-71.24) كُتبتْ سنة 532 ه.
- نسخة بالمكتبة الوطنية بباريس برقم 1620 - هي الجزء الثاني منه كت
سنة 762 ه. عليها خط النجم بن فهد وتعاليقه كتبها محمد بن قاسم النويري
نسخة الظاهرية بدمشق برقم 5988 تاريخ» كت سنة 802 ه.
- نسخة بمكتبة أكاديمية لينين جراد برقم 7. كتبت خلال القرن التاسع ه.
نسخة المتحف البريطاني رقم 922/3
- نسخة غوطه برقم 1705.
نسخة بمكتبة برلين رقم 9751 (2).
نسخة كمبردج برقم 7.
طبعث من الكتاب منتخبات حققها ونشرها المستشرق 10081605610 ضمن ما
نَشَّرهٌ من تواريخ مكة؛ طبعة لبيسك سنة 1859 م؛ وأعيدت الطبعة مصورة ببيروت
سنة 1969 م» بمكتبة خياط .
وطبع بمكة بمطبعة الترقي في مجلدين سنة 1352 ه وسنة 1357 ه.
وطبع بمكة رشدي الصالح ملحس سنة 1372 ه.
وطبعة دار الثقافة بمكة المكرمة سنة 1385 ه. وسئة 1385 هاو 1414 ه.
وطبعة دار الاندلس ببيروت سنة 1969 م. وسنة 1403 ه/ 1993.
وطبعة دار الثقافة بيروت سنة 1399ه/ 1979 م
ورغم تعدّد هذه الطبعات فإن الكتاب يحتاج الى تحقيق علمي دقيق يضبط
نَم تاريخ مكة للأزرقي عبد الملك الأرمنتي (ت722ه/ 1322 م)؛
واختصره يحى بن محمد الكرماني سنة 821 ه» من هذا الاختصار نسخة بمكتبة
برلين برقم 9752.
2 - الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن
الزبير القرشي الأسدي» أبو عبد الله (ات256 ه/ 870 م)
الدارقطني والخطيب البغدادي وابن حجر العسقلاني.