وكتابه «كتاب الأهوال» الذى نحن فى صدد ذكره من أحسن الكتب
فى هذا الموضوع . تناول فيه المؤلف كل ما يتعلق بالقيامة من
دقيق وجليل ؛ وما نزل فيها من الآيات القرآنية ٠ وما ورد من
الأحاديث النبوية وأقوال الصحابة والتابعين وكبار الأثة
المرموقين ٠
المسلم المعاصر إلى ما يذكره بالدار الآخرة وأهوال يوم القياءة
اعتنى به أخونا الفاضل الدكتور رضاء الله محمد إدريس
المباركفورى وبذل جهوداً مشكورة فى تحقيق الكتاب وبراجته
نصوصه فاستحق شكراً وتقدير جميع المعنيين بالتراث الإسلاى
فى العالم الإسلامى . والأستاذ رضاءالله المباركفورى عالم ضليع فى
١ موضوعه فأوفنَ حق الكتاب من التحقيق والتدقيق . فجاء الكتاب
إخراجه فى النور . وطبعه بشكل جذاب وتوزيعه ونشره فى
الأوساط العلمية كعادتها فى السعى إلى كل جديد ونادر من تحف
العلم والثقافة والتراث عبر ربع القرن من الزمن .
إن الدارالسلفية تشعر ببالغ السرور والغبطة إذ تقدم الكتاب
وترجو أن يحظى الكتاب بحسن القبول وفائق الإقبال وندعوالله
تعالى أن يجعله وسيلة الرشد والهداية لجميع الدارسين ويجزل
المثوبة لمن عمل عليه من المحققين والناشرين فهو ولى التوفيق .
7 يوليو سنه !111 م خادم الكتاب والسنة
الموافق ار أحمد الندوئهد
7محرم الحرام ١ه مدي رالدارالسلفية بومباى
بم الله الرحمن الرحيم
إن اد لله نحمده ونستعينه ونستغفره » ونعوذ بالله من شرور
فلاهادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن
فإن أصدق الحديث كتاب الله ؛ وأحسن المدي هدي محذ تَثهِ
ضلالة فى النار ؛ وبعد :
إننا لو استعرضنا الآيات القرآنية وتتبعنا الهدي النبوي لوجدنا
أن الحياة فى الإسلام تسل فترتي الدنيا والآخرة ؛ وليست مقتصرة
على واحدة منها , كا هو الحال عند المتبعين لبعض الديانات أو
إمكانيات ؛ ولا يعتقدون أن هناك حياة أخرى سيحاسبون فيها عما
عملوه فى هذه الحياة الدنيا , وعلى العكس من ذلك يرى البعض
الآخر أن هذه الحياة الدنيا مثل جيفة يحرم عليهم الاستاع بها إلا
بقدر الضرورة فينقطعون عنها انقطاعا تاما ء هو الخال عند
الرهبان النصارى والبوذيين والهندوس .
وأما الإسلام فندد كلا الطائفتين + وأثنى على الذين يكدحون
لأجل حياة أفضل فى هذه الدنيا دون أن يغفلوا عن العمل لأجل
الفوز بسعادة الدار الآخرة , فقد قال تعالى : فين الناس من
الات
يقول : ربنا آتنا فى الدنيا ؛ وما له فى الآخرة من خلاق ؛ ومنهم
من يقول : ربنا أتنا فى الدنيا حسنة و فى الآخرة حسنة وقنا
الحسابم" وقال تعالى : إوابتغ فها آتاك الله الدار الآخرة ولا
تنس نصيبك من الدنيا و أحسن # أحسن الله إليك ولا تبغ
الفساد فى الأرض .....6".
إلا أن الإسلام يفضل حياة الآخرة على حياة الدنيا ويراها أمم
فهى فانية و زائلة ؛ وهى بالنسبة للآخرة ليست إلا ساعة من نهار أو
أقل ؛ وهى بثابة منزل من منازل السفر التى يقف فيها المسافر أثناء
سفره لمدة قصيرة من الزمن للتزود » وقد قال تعالى : وما هذه
الحياة الدنيا إلا لهو ولعب ؛ وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ؛ لو
والفناء عليها » وهى فى ذاتها حياة للمبالغة !8 .
و قال تعالى : لالله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر » وفرحوا
ومن أجل ذلك فقد أولى الإسلام لحياة الدارالآخرة اهتاما
بالغا حيث تحدث عنها القرآن فى كثير من آياته ؛ وذكّريها بها النى تي
فى عديد من أحاديثه , لحت الناس على الاستعداد وأخذالعدة الكاملة
. سورة البقرة الآية(3207-300) )١(
. سورة العنكبوت الآية(1) )(
)"47/0(دوعسلا انظر تفسير أ )9(
. سورة الرعد الآية(©) )0(
للقدوم على الدار الآخرة التى لامناص منها لأحد » ومن هذا المنطلق
عني ها سلف الأمة وعاماؤها من الدعاة والصنفين ؛ إلى جانب
عنايتهم ببيان الأحكام الخاصة بالحياة الدنيا » إذ خصصوا لها أبوابا
وفصولا فى مؤلفاتهم » أو أفردوا لما مؤلفات مستقلة » وبينوا للناس
ماهم فى حاجة إلى بيانه ؛ ومن هولاء العلماء الحافظ أبوبكر عبدالله
بن ممد بن عبيد العروف بابن أبىالدنيا(ت787ه) صاحب المؤلفات
المتقنة والأجزاء الحديثية النافعة » وقد خصص من بين مؤلفاته
ا عدة كتب تتحدث عن الدار الآخرة ؛ منها هذا الكتاب الذي
نحن فى صدد تحقيقه ؛ وقد وقفت على هذا الكتاب العظم الفائدة
لى بتقدير من الله سبحانه... طبيعة البحث ومادته فرصة للإطلاع
إعجاب ؛ لأن مؤلفه أفرد فيه عدة موضوعات خاصة بيوم القيامة
وأهواله ومواقفه » وأورد تحت كل موضوع منها من الأحاديث والآثار
مايرقق قلوبا قاسية ؛ ويجثها على أخذ الخيطة والحذر » والاستعداد
الكامل للوقوف بين يدي الرب تبارك وتعالى ؛ وللمرور بالمواقف
للناس ؛ إلا أنه حال دون عزمي هذا انشغالي فى إعداد رسالة
الدكتوراه » ولا منّ الله تعالى علي ياقامها ؛ وتأكد لدي بعد الرجوع.
يوفقنى لإخراجه فى صورة تعم بها الفائدة » ويعظم ما النفع للناس »
وأما الخطة التى سلكتها فى إنجاز هذا العمل المتواضع فهو يتلخص
قمت العمل إلى قسمين ٠
أحدهما : قم الدراسة أى دراسة الموضوع والكتاب .
والثانى : قسم التحقيق : وجعلت القسم الأول فى مقدمة وبابين »
لتحقيق الكتاب , وخطة العمل .
وأما الباب الأول فحصصته لدراسة موجزة عن عقيدة الإيمان
باليوم الآخر وقيام الساعة ؛ وذلك لأن الكتاب الذي نحن بصدد
تحقيقه يتحدث عن جانب من جوانب هذه العقيدة المهمة ؛ فأردت
من خلال هذه الدراسة الموجزة تقديم بعض المسائل الضرورية الى
تتعلق بها وتجب معرفتها لقارئ الكتاب ؛ وذلك من باب التذكير
بعض المعلومات المنتشرة فى بطون كتب متلفة ؛ فحاولت جعها
مختصرا _بقدر الإمكان فى موضع واحد . وعلى هذا فإن هذه
الدراسة محاولة لجع بعض الشتات لاغير ؛ وجعلت هذا الباب فى
فصلين :
الفصل الأول : فى الإيمان باليوم الآخر ء وهو يشل على المباحث
. وجوب الإيمان باليوم الآخر ١
ب مفهوم الإيمان باليوم الآخر .
ج اهقام الدين الإسلامي باليوم الآخر ء والسبب فى ذلك ٠
والفصل الثانى : فى قيام الساعة . وهو يحتوي على المباحث التالية :
+ إثبات البعث بعد الموت ١
ب اقتراب الساعة +
ج إخفاء وقت الساعة وعدم جواز الاشتغال بتحديده .
د الحكة فى إخفاء وقتها .
وأما الباب الثانى فخصصته لدراسة الكتاب والنسخة الخطية مع
بيان منهج ١١ + وجعلته فى فصلين +
ومن الملاحظ أن العديد من الباحثين والحققين درسوا سيرة ابن
أببالدنيا ؛ واختلفت دراساتم فيا بين مطول ومختصر ومتوسط »
ولعل أوفى هذه الدراسات ماقام به الدكتور نجم عبدالرحمن خلف فى
مقدمة تحقيقه لكتاب المت نشاهد كل يوم ظهور الجديد
شيشا من ترجمته ؛ مما حدا بى إلى عدم التعرض لترججة ودراسة
سير .
وجعلت الفصل الأول : فى دراسة الكتاب .
ب - توثيق نسبته إلى المؤلف .
ج منهج المؤلف فى الكتاب .
د - مصادره فى الكتاب .
. دراسة نقدية للكتاب - ٠
والفصل الثانى : فى دراسة النسخة الخطية وبيان منهج التحقيق .
هذا فها يتعلق بالقسم الأول ؛ وأما بالنسبة للقسم الثاني فهو فى تحقيق
نص الكتاب مع تعليقات موجزة . وقد وضعت نص الكتاب فى أعلى
الصفحات » والتعليقات فى أسفلها » وفصلت بينهها بخط واضح ٠
ولا يسعنى هنا إلا أن أتقدم بجزيل شكري وامتنائى بعد شكر
الله تعالى إلى كل من ساعدنى فى إخراج هذاالكتاب على الوجهالذى
فضيلة الدكتور نجم عبدالرحمن خلف الأستاذ المساعد بالجامعة
النافعة , وتكرم علي بمنح صورة من نسخة كتاب المنتقى من الأهوال
الت توجد بحوزته فجزاه الله تعالى كل خير ؛ وأجزل مثوبته كا
أتقدم بوافر من الشكر والامتنان إلى الدار السلفية المؤقرة التى لم
تدخروسعا فى سبيل إخراج الكتاب فى صورة لائقة به ؛ فجزى الله
والمزيد فى سبيل إحياء التراث لسلفنا الصالح » إنه ولي ذلك والقادر
وآخر دعوانا أن المدلله رب العالمين ؛ والصلاة والسلام على خير
رضاء الله مد إدريس المباركفوري
المدينة النبوية
الباب الأول
دراسة موجزة عن عقيدة الإيمان باليوم الآخر وقيام الساعة .
الفصل الأول
عقيدة الإيمان باليوم الأخرة ووجوب الإيمان باليوم الأخر
وجوب الإيمان باليوم الآخر :
إن قضية الإيمان باليوم الآخر وما يتعلق به من حساب وجزاء
وثواب وعقاب هي إحدى القضايا الأساسية فى العقيدة الإسلامية »
بل هي أحد الأركان الستة التى لايصح إيمان المرأ إلا بالإتيان ها
جميعا ؛ وعند وقوع الإخلال بهذا الركن الهم يختل إيمانه ويكون غير
صحيح ؛ هو الحال فى الأركان الأخرى ؛ وقد جاء فى حديث
جبريل المعروف :
بالقدر خيره وشره ....»" فذكر النى يك فى هذا الحديث أن
الإيمان هوام مجموع هذه الأركان الستة ء ولا يفيس الرأ من هذا
الحديث أن الإيمان بالييم الآخر تأتي درجته قبل الأخير من هذه
الأركان المذكورة » لأن الواوهنا ليست للترتيب ؛ وإما هي للجمع »
بدليل نصوص أخرى كثيرة من الكتاب والسنة ؛ وهي تبين لنا أن
ب قاب