فالجواب : أن بعض المسائل التي يُحكم فيها بالجواز أو الإباحة قد يرد
في المئع منها بعض الأخبار ؛ ولكن تكون هذه الأخبار ضعيفة » ولاثقوم بها
حجة » فيلزم من يقول بال أن ينظر في أسانيد هذه الأخبار لعله يصح
يصح في باب الإباحة خبر » ثبت قوله الأول بامنع » ولا مك أنه يارصه
لذلك الاطلاع على أسانيد الأخبار المبنوثة في بطون الكتب » فإن كان في
موضوع معين » صنّف فيه ابن أبي الدنيا » فقد كفاه كشيرا من مؤونة
البحث؛ لأنه يجمع أكثر ماورد في الباب المُصنّف فيهء وهذه خدمة جليلة
لا يقدرها إلا طالب العلم ؛ حتى ولو كانت الأخبار المروية أسانيدها
وأن ينفعني به وسائر المسلمين » وأن يكون في ميزان أعمالى يوم القيامة +
وكتب :
أيو عبد الرحمن عمرو بن عبد المنعم بن سليم.
ترجمة المصنف
هو الحافط عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفينان بن قيس » القرشى
من موالى بنى أمية.
ولد سنة : ثمان ومائتين.
طلب العلم منذ الصغر ؛ وسماع الحديث وهو دون سن البلوغ.
ذلك أنه لما ولد كانت بغداد.- موطن ولادته - إذ ذاك عاصمة الخلافة
الإسلامية - الدولة العباسية -وكان عصر الخليفة المأمون - أميرالمؤمنين إذ
ذاك - من أزهر العصور من الناحية العلمية » حيث كانت بغداد فى ذلك
الوقت كعبة العلماء » ورحلة الطلاب ؛ ومحط الأنظار.
ليس هذا فحسب ؛ بل كان والد ابن أبى الدنيا محمد بن عبيد بن
سفيان من مشايخ العلم » وأصحاب الرواية.
فقد حَدّث عن هشيم بن بشير » وجريرين عبد الحسيد » وابن عيينة»
العلو فى الإسناد.
وقد تحقق هذا لابن أبى الدنيا - رحمه الله - » وخير دليل على ذلك
كثرة شيوخه ؛ بل وكون بعضهم من المجاهيل يدل على شسدة طلبه » وتمام
حرصه على السماع وجمع المرويات ؛ وقد تحقق له من ذلك ما لم يتحقق
لكثير غيره.
وأما شيوخه فهم كثرة؛ وقد رتب الحافظ جمال الدين المزى -
رحمه الله- أسماء جملة منهم » ولنا مشروع «معجم شيوخ ابن أبى
عنهم فى مصنفاته » وترتيبهم على حروف المعجم » فإن فى تحصيل ذلك
حَدث عنه خلق كثير » منهم :
أحمد بن سلمان النجاد » والحسين بن صفوان البرذعى » وأحمد بن خزيمة»
وأبو بكر محمد بن عبد الله الشافعى ؛ وأبو العباس بن عقدة ؛ وأبو سهل
ولما كانت له - رحمه الله - اليد الطولى ؛ والباع الأكبر فى جمع
روايات الرقائق »؛ وحكايات الصالحين » والأشعار المستحسنة » بالإضافة إلى
ما حازه من الأسلوب الشسيق فى عرض الكلام ؛ عظمت مكائئه فى
ومن كانت هذه صفته كان أمثل من يقوم على تأديب الصبيان العامة
لا» بل كان مؤدبا لأبناء الخلفاء .
قال الخطيب البغدادى - رحمه الله - :
« كان يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء».
ما جعل له مكانة عظيمة عند الخلفاء.
- مآخذ العلماء عليه:
وابن ورأت الووتل تر جزاثل الب » لم يسلم من نقد الناقد »
وطعن الطاعن.
وقد انتقدوه فى أمرين :
الأول : كثرة روايته عن المجاهيل » وعن من لا يُعرف ؛ وسماعه من
بعض الهلكى والكذابين أمثال محمد بن إسحاق البلخى.
والثانى : كثرة ما يرويه فى كتبه من الضعيف والغريب والموضوع.
قلت : أما النقد الأول , فقد أجاب عنه الحافظ الذهبى فى« السير»
لأنه كان قليل الرحلة ؛ فيتعذر عليه رواية الشىء فيكتبه نازلاً
وكيف اتفق».
باب الترغيب والترهيب » والنوادر والح » وهذا الباب قد دس" فيه أخبار
كثيرة ؛ ووضعت فيه أحاديث جمة ؛ بل هو باب امستهر بين أهل العلم
التساهل فى إيراد الأخبار فيه.
وفى الحقيقة أن ابن أبى الدنيا - رحمه الله - قد أدى لهذه الأمة
خدمة جليلة بما جمعه من الأخبار الضعيفة والموضوعة » التى يتفرد برواية
'جملة كبيرة منها » ذلك لأن هذه الروايات تفيد طالب علم الحديث فى
معرفة حال الراوى امجهول بسبر رواياته » ومعرفة إذا ما كان قد وافق
الثقنات فيلتحق بهم » أو خالفهم فيكون ممن جرح بسوء حفظه أو تفرد
بالمتكر والمخالف للشريعة فيكون كذابًا أو وضاعا.
وأما الجواب عن النقد الثانى:
فلا مك أن هذا النقد وليد النقد الأول ؛ والجواب عنه كسابقه » إلا
إنه يضاف إليه أن من ترجم لابن أبى الدنيا لم يشر - ولو مجرد إشارة- إلى
معرفته بعلم العلل والرجال ؛ فهو علم عزيز لم يحزه إلا قلة قليلة من الحفاظ
وقد اش هر عند هذا الصنف من المحدثين جواز رواية الحديث
الضعيف أو الموضوع بإسناده إذا لم تُعرف درجته من حيث الصحة
ولاشك أن هذا أفضل حالاً ممن يرويه دون التنبيه على علة ضعفه إذا
كان من أهل المعرفة بالعلل وأحوال الرجال أو من يوزده بلا إسشاد تمويهاً
- ثاء العلماء عليه:
أهل العلم » فعدله وزكاه جماعة من أئمة الحديث.
- وقال صالح بن محمد : ١ صدوق».
- وقال الحافظ الذهبى : « صاحب التصانيف السائرة».
- وقال الحافظ ابن حجر : « صدوق حافظ».
ووثقه جملة من المتأخرين ممن ترجموا له فى مصنفاتهم.
ولشدة حفظ ابن أبى الدنيا ؛ ولكشرة سماعه ؛ ولاهتمامه بأبواب
الترغيب والترهيب والمواعظ أكثر من التصنيف فيها ؛ وكان صاحب اليد
وقد ذكر الحافظ الذهبى -رحمه الله- فى ترجمته من « السير» جملة
من مصنفاته ؛ وحاول الأستاذ مصطفى مفلح القضاة استيعاب ذكرها
فى مقدمة تحقيقه لكتاب : « إصلاح المال » لابن أبى الدنيا.
وقد ذكرنا جانبًا منها - بما يغنى عن الإعادة هنا - في ترجمة ابن أي
الدنيا من مقدمة تحقيقنا لكتابه « قضاء الحوائج 6 ٠
توفى - رحمه الله - سنة (1/0)ه.
هذا الكتاب
قد كان من جزيل فضل الله على ؛ وسابغ إحسانه » أن يسر لى من
إخوانى - من طلاب العلم - من أهدى لى نسخة خطية مصورة لكتاب
ابن أبي الدنيا ٠: فم الملاهي » » إلا أن هذه النسخة فيها سقط من الوسط »+
ولكن السقط فيا يظهر لي ليس بالكبير » وقد استطاعت وله الفضل العظيم
أن أقف على بعض الأخبار الساقطة من الكتب التى اهتمت بتخريج أخبار
هذا لباب ك « شعب الإمان » » ود السن الكبرى» للبيههقي » وهذا من
عظيم فضل الله على وجزيل منه.
النسخ المعتمدة فى التحقيق :
اعتمدت - كما سبق وذكرت - على نسخة خطية واحدة لهذا
الكتاب ؛ والنسخة المطبوعة غير المسندة» فأما +
- صفة النسخة الخطية :
فقد كتبت بخط صغير ردئً ؛ وتقع في ١8 ورقة » لكل ورقة
وجهان » تبدأ من : (ق : )/١١١ إلى رق: 1154 .
ويوجد بها سقط من الوسط » كما سبق وأشرت
رقم (مجموع 94) ؛ وقد جلت هذه النسسخة أصلاً ف فى التحقيق ؛ ورمزرت
لها بالأصل.
- النسخة المطبوعة:
ففيها جملة من الأخطاء ؛ والتحريفات » والتصحيفات » والأغلب
عندي أنها مخ ضر للأصل ؛ أضاف إليها مُختصرها بعض التعليقات
والحواشي ؛ وهي ناقصة بمقدار ثلشي الكتاب » ولم أهتم بيان الفروق بين
النسخ لكثرتها ؛ ولأن الأصل إثبات مافي امخطوط.
اسم الكتاب:
واسم الكتاب كما أنبت على الوجه الأول من الأصل.
« كتاب ذم الملاهي»
إثبات صحة نسبة الكتاب إلى مصنفه:
ولا يساورنى شك - ولله الحمد والمنة - فى صحة نسبة هذا الكتاب
الأول : صحة إسناده إلى ابن أبى الدنيا.
وسوف نترجم لرواة إسناده هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
والثانى : قد ذكر بعض من ترجم لابن أبى الدنيا هذا الكتاب ضمن
- الحافظ الذهبى - رحمه الله - فى « سير أعلام النبلاء»
-وروى البيهقي وغيره كثيرًا من أخبار هذا الكتاب في مصنفاتهم.