كلامهم من إعلام وإبدال وإدغام وغير ذلك كان تبنى من خرج على مثال دحرج ©
ومن وأى بمعنى وعد على مثال كوكب !0 .
هذا هو معنى. التصريف عند المتقدمين من النحاة + ولعل السر فى هذه اللتسمية
كثرة ما يعترى هذه الصيغ المخترعة من التغيير والتحويل ٠
الصرف والتصريف عند المتأخرين
النحو » وقصروه على المباحث التى تتعلق بأواخر الكلم من حيث الإعراب
والبناء وأطلقوا الصرف على ما سوى ذلك من القواعد التى تتعلق بالبنية وأحوالها
وعرفوه فقالوا : الصرف علم يبحث عن أبنية الكلم العربية + وأحوال هذه الأبنية -
من صحة وإعلال وأصالة وزيادة وحذف وإمالة وإدغام - وعما يعرض لآخرها مما
ليس بإعراب ولا بثاء ٠
والمراد بالعلم القواعد "" ؛ وهى قضايا كلية يتعرف منها أحكام
يتعرف منها حكم قال وخاف " .
والأبنية جمع بناء» وبناء الكلمة وبنيتها؛ وصيغتها ووزنهاء ألفاظ مدلولها واحد؛
وهو الهيئة والكيفية التى عليها الكلمة من حيث عدد حروفها "" مرتبة أو غير مرتبةء
هذا أن تخفف الهمزة بنقل حركتها إلى ما قبلها وحذفها فتصير ووى كفتى ثم تقلب الواو الأولى همزة فتصير
() العلم يطلق على الإدراك والملكة والقواعد + والاظهر هنا أن يراد منه القواعاد +
(©) وكذلك قولهم كل ما كان من الافعال على فعل بتشديد العين فمصدره التفعيل قاعدة يعرف منها أن مصدر
كلم التكليم وهكنا -
أربعة حروف أصبلية مرتبة الأول والثالث مفتوحان ؛ والثانى ساكن » وأما حركة
الحرف الأخير أو سكونه فلا دخل لهما فى البنية » لأنهما من أثر الإعراب والبناء +
وبنية « أيس » كونه مكونًا من ثلاثة حروف أصلية غير مرتبة قدمت العين على
الفاء » الأول مفتوح والثانى مكسور .
واحدة » وإذا اختلفت فى الكيفية المذكورة اختلفت بنيتها .
وقمطر ودرهم كذلك لاختلافهما فى مواضع الحركات والسكون » وكذا بيطر وشريف
لاختلافهما فى موضع الزيادة ؛ وهكذا .
ويخرج بقولنا « أبنية الكلم » جميع العلوم ما عدا الصرف + ويندرج تحت هذا
القيد من مسائل الصرف وأصوله جميع القواعد التى تتعلق بالابنية مثل أبنية المصادر
والماضى والمضارع والأمر وأسماء الفاعلين والمفعولين والصفة المشبهة وأفعل التفضيل
وأسماء الزمان والمكان والآلة والمصعْر والمنسوب » وأبنية الأسماء والتثنية والجمع
ويدخل فى أحوال الأبنية جميع القواعد التى تتعلق بالابتداء والإمالة وتخفيف
الهمزة والإعلال والإبدال والحذف وبعض الإدغام - وهو إدغام بعض حروف الكلمة
فى بعض » مثل شد ومد - وبعض التقاء الساكنين - وهو إذا كان الساكنان فى كلمة
مثل قل اصلها قُوْلْ - أما الإدغام فى كلمتين نحو قل له ؛ والتقاء الساكنين فى كلمتين
نحو أكرم الرجل » وكذا الوقف فليست من الأبنية ولا من أحوال الآبنية - لما ذكرثا
سابقًا - وإنما هى أمور عرضت لآخر الأبنية » فهى مندرجة تحت قولنا « وما يعرض
لآخرها 6 .
ولما كان الإعراب والبناء مما يعرض للآخر » فقد دخل تحت هذا القيد مع أنهما
من مباحث النحو » فلهذا نص على استثنائهما مما يعرض للآخر حتى يكون التعريف
هذا هو معنى الصرف على أنه علم مدلوله أصول وقواعد .
الصرف بالمعنى العملى :
وقد يطلق الصرف فى الاضطلاح العلمى » ويراد منه المعنى المصدرى © وهو
تغيير الكلمة عن أصل وضعها : إما لغرض معنوى ؛ وإما لغرض لفظى ٠
فالأول : تحويل الكلمة إلى أبنية مختلفة لتدل على ضروب من المعانى !'"
كتحويل المصدر إلى اسم الفاعل واسم المفعول وغير ذلك » وكالتحويل
إلى التثنية والجمع » والتصغير والنسب ٠
والثانى : التغيير لقصد التخفيف '" أو الإلحاق أو التخلص من الساكنين +
وذلك التغيير يكون بالزيادة » والحذف » والإعلال » والإيبدال ©
والإدغام » وتخفيف الهمزة ٠
وموضوع الصرف الكلمات العربية من حيث الهيثة والكيفية التى تكون عليها
)١( مثل فهم أخذوا منه فاهم ومفهوم للدلالة على الفساعل والمفعول وقالوا فى رجل عند قصد الدلالة على انين أ
أكثر : رجلان ورجال وعند قصد التحقير
(؟) مثال التخفيف قلب الوار ألفا فى قال ومثال الإلحاق زيادة الواو فى جوهر + ومثال التخلص من الساكنين حذف
العين فى قل وبع +
والمراد من الكلمات العربية الافعال المتصرفة والاسماء اللعربة ©
فلا يدخل التصريف الحروف لأنها مجهولة الاصل » ولهذا كانت ألفاتها أصلية غير
زائدة ولا منقلبة » وكذا لايدخل الافعال الجامدة ') » ولا الأسماء المبنية إلا نادرًا
أو شذودًا »:لأنها أشبهت الحرف » والتصريف أصل فى الأفعال تغيرها وظهور
الاشتقاق فيها ٠
)١( الفعل الجامد هو الذى لم يختلف بنازه لاختلاف الازمنة سثل نعم وبئس وليس وهو محمول على الحرف لشيهه
به فى الجمود » وكذا الأسماء المبنية محمولة على الحرف لشيهها به وما ورد فى الحروف من الحذف فى سوفة
ورد فى الافعال الجامدة من قلب الف عسى وحذف عين ليس عند اتصال الضمائر بهما فإنه نادر لايعو
وكذلك تثشية أسماء الإشارة والأسماء اللوصولة وجمعها وتصغيرها فهو شاذ مخالف للنهج القياسى +
اهمية ذفن التصريف
ودراسة هذا الفن لاييتغنى عنها متكلم بالعربية ولا كاتب ١ فلا غنى لعالم
ولا لأديب عن دراسته » وتفهم قضاياه حتى يستقيم لهما اللسان العربى » وتتهياً لهما
أداة البيان سليمة من الخطأ بريشة من اللحن ؛ وتتحقق لديهما التدرة على صياغة
مفردات اللغة .
التعبير أن يأتى باسم الفاعل من ضار أو باسم المفعول من خاف أو بالمضارع من
وعد أ بالأمر من رأى » أو بَاسم الزمان من وقف ؛ أو تثنية مصطفى ؛ أو جمع
وينحرف عن جادة الصواب ؟
وكيف يستطيع عالم أو أديب أن يفهم قول رسول الله م : ٠ الولد مجبنة
مبخلة © » أو قول عنترة :
نبثت عمر غير شاكر نعمت والكفر مخبثة لنفس المنعم
النعمة سبب لتغير نفس المنعم !9 .
وكيف يستطيع عالم أو أديب أن يفهم قول عمرو بن معديكرب لمجاشع بن
مسعود السلمى - وقد سأله فأعطاه - : 3 لله دركم يا بتى سليم !! سألناكم فما
بخلاء ولا جبناء » ولا مفحمين " .
كيف يستطيع أن يفهم ذلك إذا لم يعلم أن أفعل من معانيها وجود مفعولها على
صفة تقول : أحمدتك » أى وجدتك محمومً 0 .
يقول ابن عصفور فى مقدمة كتابه الممتع : التصريف أشرف شطرى العربية
وأغمضهما . فالذى يبين شرفه احتياج جميع المشتغلين باللغة العربية من نحوى
بالقياس » ولايوصل إلى ذلك إلا من طريق التصريف . . . والذى يدل على غموضه
العباس ثعلب من أنه جعل | أسكقة الباب ]") من استكف أى اجتمع . وذلك فاسد
فى كتابه المنصف 3/١ : فلهذه المعانى ونحوها كانت الحاجة باهل علم العربية إلى التصريف
ماسة ؛ وقليلا ما يعرفه أكشر أهل اللغة لاشتغالهم بالسماع عن القياس » ولهذا لانكاد نجد لكثير من مصتفى
اللغة كتابًا إلا رفيه سهو وخلل فى التصريف ؛ وثرى كتابه اسد شىء فيما يحكيه فإذا رجع إلى القياس وأخذ
يصرف ويشتق اضطرب كلامه وخلط . .. وليس ذلك غضا من أسلافنا ولاتوهينا لعلماتنا . . . وإنما أردت
فرقان كبير . اللسان مادة تدح +
() أسكفة الباب والاسكوفة : عتبة الباب الذى يوط عليه . انظر اللسان مادة سكف +
كانت زائدة لكان وزنه اسْفُعلة . وذلك بناء غير موجود فى أبنية كلامهم أه.
ونظير ما حكاه ابن عصفور من زلات بعض الأئمة ما روى من أن بعض العلماء
قال فى قوله تعالى : ( فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه # !' إن يتسنه من
أن الماء بأسن إذا تغير » والصواب إنه من السنه '"" » ولو كان من يأسن لقال لم
نشاة التصريف واشهر المؤلفات
أما تاريخ التصريف فهو تاريخ النحو » لأن مفهوم النحو عند المتقدمين كان يشمل
جميع القواعد التى تعلق بآخر الكلمات وبابنيتها . وقد بدئ بوضع قواعد النحو حين
فشا اللحن - كما هو معروف - وإذا كانت قواعد النحو لم توضع جملة واحدة »
وإنما وضعت بالتدرج » وظلت تنمو حسب الحاجة الداعية إلى ذلك » فإنه يبدو لى
أن قواعد الصرف كانت متأخرة فى الوضع عن قواعد الإعراب ذلك لان اللحن فشا
أولاً فى الإعراب » وكان الخطا فى الإعراب أسبق واشيع من الخظأ فى بنية الكلمة +
ولايعمرف على جهة التحقيق أول من خاض فى هذه المسائل ؛ وعالج هذه
القواعد » ولكن بعد منتصف القرن الشانى الهجرى تسمع أن أبا جعفر الرؤاسى ألف
كتابا فى التصغير » وكتابا فى الوقف والابتداء [ معجم الأدباء ٠١/8 ] .
قبل عهد سيبويه بزمن غير قليل ٠
أما قول بعض العلماء : أن معاذ بن مسلم الهراء الكوفى هو أول من وضع
التصريف » وأن الكوفيين كانوا أسبق من البصريين فى ذلك الفن فغير سديد لأن
دارس » ومنهلا لكل وارد .
نعم إن أيا جعفر الرؤاسى + ومعاذ بن مسلم الهراء وضيرهما من أئمة الكوفة
عرفوا بالبراعة فى التصريف الذى هو التدريب والتمرين ؛ لأن التصريف كان يطلق
عند امتقدمين على ذلك مثل قولهم : كيف تبنى من ضرب على مثل جعفر ؛ ومن
وأى على مثال كوكب .
دخل أبو مسلم مؤدب عبد الملك بن مروان على معاذ + وهو يناظر رجلا +
قال السيوطى فى البغية : ومن هنا لمحت أن أول من وضع التصريف معاذ هذا +
وكيف يلمح السيوطى ذلك ؟ إذا كان يقصد التصريف الذى هو التمرين
والتدريب » فقد يكون غير بعيد عن الح ؛ وإذا كان يقصد القواعد فقد جانبه
مستوفاة كاملة » وروى منها ما روى عن شيوخه » فلابد أن تكون هذه القواعد مرت
وأول كتاب وصل إلينا استقل بالتصريف هو كتاب التصريف لأبى عثمان المازنى
المتوفى سنة 149 ها .
ويقال : إن الفراء المتوفى سنة 1١ ه صنف كتابًا فى التصريف نقل عنه
أبو على الفارسى فى خزانة الأدب 704/7 . [ انظر كتاب المغنى للأستاذ محمد عبد
الخالق عضيمة ] .
وكتاب التصريف للمازنى موجز نهل من سيبويه © ونهج نهجه ؛ ولكنه لم
يستوعب مائل الصرف ؛ كما استوعبها سيبويه ؛ فلم يتكلم عن الجموع ولا
النسب وأهمل أكثر مسائل التصغير +
وجاء ابن جنى المتوفى سنة 347 ه فشرح تصريف المازنى شرحًا يتسم بالوضوح
مع التعليل وسماه : النصف .
من العلماء ظل ينهج منهج سيبويه فى التأليف » والجمع بين النحو والصرف » كما