الحقق
على السواء» وقد يسر الله نشر بعضها كتفسيره الجليل «محاسن التأويل» و«قواعد
التحديث» وغيرهماء وما يزال في مكتبته العامرة عشرات من الكتب والرسائل
له شديد التعلق به. وقد كان للشيخ رحمه الله أثر بير في والدي؛ غرس في نفسه
حب السلفية ونقاء العقيدة, والبعد عن الزيف والقشور» وحسن الانتفاع بالوقت+
والثبات على العقيدة؛ والصبر على المكاره في سبيلهاء ودفع كيد المفترين ودعاوىق
المبطلين بالحكمة والموعظة الحستة.
وكنت أشعر بسعادة والدي رحمه الله وهو يعمل فييا طبع من كتب شيخه +
عملي في الكتاب:
اتخذت النسخة الخطية الوحيدة لكتاب «موعظة المؤمنين» أصلاء وهي
صحيفة وصحيفة واحدة؛ ويبلغ الثاني ثلاث عشرة ومئتين من الصفحات.
وفي كل صحيفة ثلاثة وعشرون سطراً. وتتراوح الكلمات في الأسطر بين
عشر كلمات وأربع عشرة كلمة.
وجاء في آخر الجزء الأول: تم في يوم السبت غرة ذي الحجة ختام عام
7ه وفي آخر الجزء الثاني : تم ليلة الجمعة (16) ربيع الثاني قبيل العشاء
ترم ا في آخره فهرست الموضوعات الواردة في هذا الجزء الثاني في
حمس صفحات ل ترقم أيضاً
وكان بين يديٍّ أثناء عملي في الكتاب طبعته الأولى المصرية التي نشرت على
نفقة محبي الدين صبري الكردي عام (1771) ه . ونسخة دار المعرفة ف
الأولى نسخة المطبعة المصرية بعناية أحمد شرف الدين المرصفي الذي
تولى تصحيح الكتاب وأشرف على إخراجه بإشارة من «حضرة الإمام الشيخغ
حسن العدوي». وكان الانتهاء من طبعه في شهر محرم من عام ١778( ه) وجاء
في أربعة أجزاء الأول في العبادات (374) صفحة» والشاني في العادات
(78) صفحة والثالث في المهلكات (414) صفحة» والرابع في المنجيات
(971) صفحة . وليس في الكتاب آثار واضحة للعناية التي قال المرصفي إنه بذل
الجهدء ولعله يقصد بذلك ضبط النص على ما فيه من خطأ أو وهم أو
الثانية طبعة دار المعرفة في بيروت في أربعة أجزاء على الترتيب السابق
نفسه؛ وقد ذيلت هذه الطبعة بكتاب: «المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في
تخريج ما في الإحياء من الأخباره لمؤلفه زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن
الحسين العراقي المتونى عام (805)ه» كما الحق بها جزء خامس يشتمل على
ثلاثة كتب
أ - تعريف الأحياء بفضائل الإحياء للشيخ عبد القادر العيدروس.
اب الإملاء عن إشكالات الإحياء للإمام الغزالي .
ح- عوارف المعارف للإمام السهروردي.
وقد جاء الكتاب الأول في اثنتي عشرة صحيفة» والثاني في ثلاثين صحيفة
والثالث في عشر ومئتين من الصفحات بالقطع الكبير. وكان عملي المتواضع في
الكتاب يتضمن ما بلي :
أ - تقويم النص وضبطه وشرح ما قد يشكل من ألفاظه.
اقتصر المؤلف على جزء منها أو استعمل بعض معانيها. أما الأحاديث فقد تتبعت
صحاحها في الصحيحين وكتب السنن والموطأ ومسند أحمد بن حنبل؛ أما الضعيفة
منها أوما تكلم العلماء في إسنادها أو بعض رجالها فاعتمدت في تخريجها كتاب
«المغني عن حمل الأسفار في الأسفار» للحافظ العراقي .
ج- وضع تراجم موجزة للاعلام.
د - التقديم للكتاب بترجة لمختصره القاسمي ومؤلفه الغزالي والتعريف
به ومموعظة المؤمنين. ١
ه- وضع فهارس لأوائل الآيات والأحاديث؛ وللأعلام والموضوعات»
وقد آثرت أن أضيف إلى هذه الفهارس فهرساً للكتب أو الموضوعات العامة في
الكتاب وقد رتبث ترة هجائياً ليسهل الرجوع إليهاء
وقد بذلت في تحقيق الكتاب وخدمته جهد المقلّ+ وإني لأسأل الله سبحانه
أمته وملته . وأرجو أن يتقبل الله هذا العمل وأن يتجاوز عا فيه من خطأ أو
مشق في 6/16 100اه
١ 6/ تححام
عاصم ببجة البيطار
١ حرف (ج) في نباية الحاشية يعني أنها من وضع المؤلف الشيخ جال
الدين القاسمي رحه الله
9 ترجم العلم مر واحدة ووضع خط في فهرس الأعلام نحت الرقم
الذي يشير إلى الصفحة التي ترجم بها العلم
هو الشيخ جمال الدين بن محمد بن سعيد بن قاسم بن صالح
ابن أبي بكر القاسمي » نسبة إلى جده قاسم المعروف بالحلاق» وكا
خدم العلم وصرف حياته في ذلك.
ولد القاسمي رحمه الله ضحوة يوم الاثنين لثمان خلت من شهر جمادى
الأولى سنة ثلاث وثمانين ومثتين وألف الموافق للسابع عشر من أيلول سنة ست
وستين وثمائمئة وألف في دمشق . ووافاه أجله مساء السبت في الثالث والعشرين
من جمادى الأولى سنة وثلاثين وثلاثمئة وألف الموافق للثامن عشر من يسان
سنة أربع عشرة وتسعمئة وألف ولم يبلغ الخمسين من عمره رحمه الله وأجزل
ثوايه؛ ودفن في مقبرة الباب الصغير بدمشق.
عاش - رحمه الله زمن الحكم العثماني» وكانت الحياة السياسية مضطربة
ألسنة الناس وكبّل خطواتهم في الداخل» والحياة الفكرية ضيقة الحدود» منطفئة
)١( أخذنا ترجمة المؤلف رحمه الله من كتاب: جمال الدين القاسمي لولده الأستاذ النقيب ظافر
القاسمي» ومن ترجمة له وضعها ابنه أيضا في أول الجزء الثاني من قاموس الصناعات الشامية (ص
لمح
ترجمة الؤلف
وفساد انتظم مرافق الحياة كلهاء والحياة الدينية جامدة عنيت بالقشور دون
لهذه الأمة أن تعيد إلى التاريخ سيرتهاء وتستأنف في طريق الهدى والقوة والرفعة
مسيرتهاء وكثرت الفرق الدينية المختلفة فاستأثرت باهتمام الناس وأبعدتهم عن
٠ بيثته الخاصة
نشا القاسمي في بيت دين وورع وخلق كريم» وكان أبوه فقيهاً شاعراً
غلب عليه الأدب» مالا إلى الموسيقى صاحب معرفة بأنغامهاء وله كتاب غاية في
ابنه جمال الدين وخليل العظم. وكان جده - كما وصفه هو : «فقيه الشام
المنوه عنه!ا) »
يقول الأستاذ النقيب «ظافر القاسمي »: «في جو من حرمة الدين وجلاله؛
درس القاسمي على طر: القدماء. وكان يأخذ كل عِلم على أثمته
الأعلام . فقد قرأ القرآن مثلا على الشيخ الحافظ «عبد الرحمن المصري» نزيل
الطريقة درس التفسير والحديث والفقه والأصول والنحو والصرف والبلاغة وغيرها
على أجل علماء «الشام» كالشيخ «سليم العطاره والشيخ «بكري العطاره
145/7 المرجع السابق ج )(
نرجة اليف
الآمدي» والشيخ «محمد الطنطاوي » الأزهري ثم الدمشقي وغيرهم كثير من
العالم الإسلامي
وقد ذكر المترجم من مشايخه الشيخ «محمد الخاني ١١
صوفي قال عنه : «وكان رحمه الله لقنني ذكر الطريقة التقشبندية ولازمت حلقته مدة
ثم تركتها لأمرما » كما ذكر خال والده الشيخ «حسن جبينة» الشهير بالدسوفي
على أن مجالس هؤلاء الأعلام كانت حافلة بعشراتٍ من طلاب العلم فلم
الآثار ما تركه «القاسمي»؛ فقد كان المترجم يأخذ نفسه بالجد والمحافظة على
الوقت والمواظبة على العمل مذ كان حدثاً صغيراً. وكأن الله هيا نفسه لتكون تربة
كريمة تنشر فيها بذور العلم والمعارف فتزهر وتثمر حتى تغدو روضة يائحة تمتع
العقول وتسحر الألباب. يقول «القاسمي» رحمه الله : «وقد حبّب المولى إلي من
حدائتي القراءة والمطالعة ونسخ الكتب وتأليف الرسال. . .» كما
يقول : «وأذهب المولى بفضله عن عبيده حب البطالة وصرف الأوقات سدىء
فطالعت من كتب الأدب والتاريخ ما لا أحصي!""» ويقول أيضاً: «وقد اتفق لي
بحمده تعالى قراءة صحيحمسلم بتمامه رواية ودراية في أربعين يوماً وقراءة سنن
ابن ماجه كذلك في واحد وعشرين يوماًء وقراءة الموطأا كذلك في تسعة عشر يوماً
وقراءة تقريب التهذيب مع تصحيح سهو القلم فيه وتحشيته في نحو عشرة أيام فدع
عنك الكسل واحرص على عزيز وقتك بدرس العلم وإحسان العملم.
إن النظر المتأني في ما ترك علامة الام القاسمي من آثار وأفوال في مختلف وجوه
موسوعية لم تقف عند حدود علوم الشريعة واللغة والاجتماع» بل عنيت بما
ونظريات» واستخدم الفقيد ذلك كله في خدمة الدين وإقامة المجتمع الإسلامي
++ جمال الدين القاسمي ص ؛ )١(
68: جمال الدين القاسمي ص )(
من كتاب الفضل المبين على عقد الجوهر الثمين (تخطوط ص ؟-*) )©(
ترجة اليف
على أفضل الأسس والقواعد التي لا تفقد صبغتها الإسلامية ولا تتنكر لتقدم
سليم أو معطيات علمية نافعة» لأن الإسلام دين فطرة مؤمنة وعقل متفتح ونظام
والكهرباء والحاتف والاشتراكية التي ابتدات مفهوماتها تصل إلى أسماع بعض
الناس في الشرق انذاكء ولا عجب إذا وضع رسائل في القهوة والشاي وبعض
المعارف الطبية إلى جانب آثاره الكثيرة الجليلة في التفسير والحديث والتاريخغ
والأدب والاجتماع والأخلاق.
لم أدرك علامة الشام «القاسمي» وإنما عرفته من حديث والدي
ولازمته في الحل والترحال فا سمعته يذكر «القاسمي» مرة في بيته أو في ملأ من قومه
لطيف المعشرء كريم الخلق + كبير القلب» بادي الحب» لا يرى منه الناس إلا وجهاً
بالمكتبة العربية قديمها وحديثها في عصره؛ وتتبع ينابيعها الغنية في المطبوع منها
والمخطوط
عاش الشيخ حياته كلها مدافعاً عن السلفية الحقة؛ يدين الله بهاء ويدفع
خصومها عنها؛ ويجلوما الحقه الجهل والجمود من زيف بجوهرهاء وكان في ذلك
كله مصداق قوله تعالى :ؤادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم
بالتي هي أحسن ».غير أنه كان يغضب فيشتد غضبه إذا أحسٌ بالمراء سد مسالك
الحقء والباطل يهضم جانب الإنصاف» فهو يؤثر العافية والسلامة؛ ويرغب ف
للأموز «اللهم إلا إذا قَابَلتٌ فرسانٌ مضمار الحق جولةٌ
الباطلات فهنالك تصرّب أنه البراهين نحو نحور الشبهات'0...»
وقد كان الشيخ شديد التحري للدقة والضبط؛ ذا طبيعة علمية ل يسوقها
#8: 1: مقدمة محاسن التأويل ج )١(
ترجمة املف
به جمود؛ وهو يضع لطلابه والمنتفعين بعلمه المنبج الصالح لمن أراد أن ب ؤ
طريق العلم الصحيح فيقول: «وفارق وَعْدَ التقليد إلى يفاع الاستبصار وتسم
ارج التحقيق في مطالع الأنظار. وألبّس التقوى شعارا» والاتصاف
دثارالء واجعل طلب الحى لك نحلة؛ والاعتراف به لأهله ملة+ ولا ترد مشرع
العصبية. ولا تأنف من الإذعان إذا لاح وجه القضية؛
العصيّة؛ فذلك مرعي لسؤّامها وبيل وصدود عن سواء السبيل"0»
وكان الشيخ رحمه الله من أكبر العلماء المصلحين الذين اندفعوا يبينون
حقيقة الإسلام وبحاولون بناء الشخصية الإسلامية في ضوء الحنيفية السمحة
والسلفية النقية » فكان حلقة مضيئة في السلسلة الذهبية التي ابتدأت بالشيخ « محمد
ابن عبد الوهاب». وكان من أبرز رجالا «جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد
رضا وعبد الرزاق البيطار وجمال الدين القاسمي». وقد تحمّل الشيخ رحمه الله في
الدفاع عن قا شديداً وعداوة شرسة؛ وامتحن أكثر من مرةء
وصودرت كتبه؛ وات جم بتأسيس مذهب جديد يُدعى بالمذهب الجمالي ٠ وكان في
الدع باط والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يخاف في الله لومة لاثم كان
وجدوه يميل للنظر في الأدلة على الأحكام والوقوف على مآخذ المذاهب والأقوال»
ونحري الأقوم والاصلح يدون تعصب لإمام ولا تحزب لآخر ثبزوه بالاجتهاد
الله وسنة رسول الله وأقوال أئمة المسلمين مما يتفق مع دعوته السامية؛ كبتاً
لخصومه وإبطالاً الحجتهم. وبذلك حفلت تاليف بنقول نادرة من كتبٍ أنفق في
(1) مقدمة محاسن التأويل (4/1
(1) الفتوى في الإسلام ص 11 وانظر كتاب جال الذين القاسمي عص: 88
ترجة الإلف
دراستها واستخراج كنوزها عمره» وقد عرف الناس الكثير منها عن طريق كتب
مج رح 8 ية الفكرية في حدود ما أباح الله وما دعا
آمن القاسمي بالعقل» وبالحرية الفكرية في حدود ما أبلج
العقل'". وإن العلماء اتفقوا على أنه إذا تعارض العقل والنقل ال النقل
بالعقل'"؟ وإنّ غَلْ الفكر عن النظر والتأمل هو أعظم هادم لصرح التحقيق» فإن
الحقيقة بنت البحث"؟ . وإن الحق ليس متحصراً في قول ولا مذهب وقد أنعم الله
على الأمة بكثرة مجتهدبالث؟. وليس الغرض من الإصلاح العلمي بالاجتهاد
القيام بمذهب خاص والدعوة له على انفراده. وإنما المراد إنهاض همم رواد العلم
لتعرف المسائل بأدلتها!*». إننا في الرأي مستقلون ولسنا بمقلدين ولا متحزيين:؟»
والدين هو مدرسة أخلاق الأمة ودستور عقولا وقانون وجودهاء يدعو
للوحدة والتوحيد لا للتفرق والتحزب فيه
رحمه الله آراء رائعة في الدولة وقوتهاء والوطن والسياسة؛ والجهاد
في سبيل اللهء وقد دعا إلى تولية الأكفاء. وإعطاء كلّ ذي حق حقه؛ وضع
الأشياء مواضعهاء وتفويض الأعمال للقادرين عليها. . . «لأن كل من تتبع
تواريخ الأمم علم أنه ما انقلب عرش مجدها إلا لتفويض الأعمال لمن لا بحسن القيام
ترك الشيخ رحمه الله كتباً ورسائل تجاوزت المئة على صغر سنه وكثرة
أعماله. فقد باشر التدريس وهو في الرابعة عشرة من عمره ول ينقطع عنه حى
اختاره اله إليه. وكان لتلاميذه الكثيرين مجالس مرتبة في المسجد والدار في الليل
4: دلائل التوحيد ص: 184 (*) ارشاد الحلق )١(
١4: الجرح والتعديل ص )١( *1١ : دلائل التوحيد ص )١(
(4) الاستناس ص: 44