وا إشلاماه
أ.د/ عبدالوارث الحذاد - رحمه الله
أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقاد
كلية اللغة العربية
جامعة الأزهر فرع الممصورة
الحمد لله رب العالمين» الفتاح العليم»؛ علم الإنسان ما لم يعلم» وأصلي وأسلم
على أشرف المرسلين؛ سيدنا محمد جك أفصح العرب والعجم» وأبلغ من نطق
وتكلم ... وبعد.
تمكنهم من رصد الشعر إلا في حدود عصر من العصور الأديبة؛ أو رصد قضية
واحدة؛ ومتابعتها في معظم الأعصر الأدبية؛ أو جلها وهنا يكون قد أصابهم
بهما في ضوء الإيمان الصادق» واليقين الذي لا يتزعزع؛ استطاع أن يرصد
مجموعة من القضاياء ويتتبعها في الأعصر الإسلامية المختلفة» بتوسع واستفاضة؛
وهذا لا يتحقق إلا بطاقة لا تتيسر لمجموع البشرء والذي ساعده على ذلك صفاء
ذهني؛ وقريحة متقدة؛ وذاكرة واعية» جعلته هذه الأشعار دون الرجوع
مجلد في غضون شهر على أكثر تقدير, وما كان ذلك كذلك إل بالذاكرة التي
ييصر به» وفوق ذلك التوفيق نراه يتمتع بحاسة شاعر مرهف الوجدان؛ مما مكن
له الانتقاء الصائب» والاختيار الدقيق؛ فقد تجنب الغث؛ والتقط السمين؛ وسجله
والتقدية؛ فقد جمع لهم المادة الغفل لكثير من القضايا؛ مما ييسر لهم الرجوع إلى
وأود أن أشير بعض إشارة إلى حسن الانتقاء» وعظمة الاختيار» من عيون
«وقفة على طلل»»؛ والتي يقول مطلعها:
وقد تخير المصنف تلك القصيدة لأنها لا تتوقف عند حدوث الحدث؛ وهو
سقوط الأندلس؛» وإنما تجاوز الشاعر ذلك الحدث إلى القضية العامة؛ وهي ضياع
الإسلام الذي كنا به نفتح الممالك والأمصار: حتى سدنا العالم» واليوم تحكمت
فينا دول كنا سادتهاء فأضلونا السبيل» وقد ركز هذا الدافع في بيت واحد يقول
وفي هذا الاتجاه تخير قصيدة «المسلمون» للشاعر/ محمود حسن إسماعيل.
والقصيدة -.وإن كانت تخلو من الحديث عن الأندلس بصفة خاصة ولكنها
تضمنت الحديث عنهاء والمسلمون ضائعون في كل بقاع الأرض» ضيعوا دين
وعلى هذا المنوال كان الاختيار الدقيق» والانتقاء الأصوب فيما جمع من شعر
ومن حكمة المصنف أنه لم يتركنا عبيد اليأس والتمزق والشتات؛ بل بعث فينا
الأمل والرجاء؛ مما قدمه من شعر يتعلق بالصحوة الإسلامية؛ لأنه يرى وحقًا ما
[زلمسما
وسنة نبيه الكريم؛ حينعذ نعود إلى سابق عزناء مرفوعي الجبين؛ وقد عنت لنا
بارك الله في مصنفنا الغيور على دينه؛ والمتفاني في الدعوة إليه؛ وبارك له في
دكتور/ عبدالوارث الحداد
أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد
كلية اللغة العربية, فرع جامعة الأزهر بالمنصررة
إن الحم لله لحمده» وتستعينه» ونستغفر وتعوذ بالله من خرور أنفستاء
وسيئات أعمالنا؛ من يهد الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له» وأشهد أن
نكتب؛ ويغوض القلم في آلام الأمة ودمائهاء يروي المآسي لمن فيه بقية من
رجوله وشهامة؛ ففي الفؤاد حرقة تدمي» وألف تساؤل يتردد؛ وعلى الجبين قصة
مكلومة؛ هي قصة الإسلام الذبيح» وفي المدامع المحمومة؛ دموعنا الملأى بآلاف
مرحنا يتمدد في كل أرض؛ تُستباح دماؤنا على يد الكافرين» والمظلمين»
من الأندلس؛ ومحاكم التفتيش بهاء وفردوسنا الضائع على أرضها ... بلاد
الأسود .. الشيشان؛ حيث لا ناصر إلا الله أمام الدب الروسي الكافر .. وبلاد
البوسنة والهرسك؛ وألبانيا؛ حيث تصرخ العذارى العفيفات؛ «تناديكم وقد فجر
الصليب ...0؛ وتسيل الدماء أنهارًا فوق نهر ددرينا»؛ حيث يُلعب برءوس أطفال
المسلمين» ويُنْصّر أطفال المسلمين» بل ويُهودون.
وفي كشمير يذبح عباد البقر من الهندوس شيوخ المسلمين» ويدوسون
عمائمهم» ويهتكون أعراض نسائهم» وتصبح المسلمات سباياء
وفي جزر الفلبين» بلاد السلطان المجاهد «لابولابر»؛ حيث يحصد الصليبيون
وفي حلب؛ أرض الرجال» يمد الظلام الموحش» والصمت يقطعه أنين
وفي فلسطين» يحول إخوان القردة والخنازير المساجد إلى بيع؛ يريدون الهيكل
مكان البيت المقدسء وتشتكي القدس الجريمة للرجال» وقبلها دير ياسين» وكفر
ل إثاته لسلا
في حضن أبيه.
ألف قصة وقصة لإسلامنا الذبيح؛ هل يضيع النحيب؟ هل تبكي النساء فَقْدَ
قد مات معتصم .. دوا إسلاماه» .. هل تبكي الصَّبةٌ ويقلن: «ولكن الإسلام
لا بواكي له»؛ أم في الرجال بقية من حياء وحياة؟
من محن الإسلام - وما أكثرها - يولد الرجال» وتظهر المنح للمشتاقين إلى
المعالي وجوار الرحمن؛ من يريدون غرف الجنان.
وللكلمة وقعها عند العرب والمسلمين» ومن قال الشعر رق طبعه؛ ومن تذؤقه
صنعت الكلمة الأمجاد في عصر صلاح الدين.
قال بطل الإسلام صلاح الدين الأيوبي: دوالله ما أخذت البلاد بالعساكر» بل
ومن جروحنا بسماتناء وأفراحنا.
كان هذا الكتاب يذكر بالمآسي والمحن؛ لتصنع منها سويًا المنح؛ ونغزل منها
خيوط فجرنا الآتي النديّ الوضيء؛ تسطع شمسنا التي لن تغرب أبدّاء تحمل
الدفء والأمان لربوع بكت طويلًا غيبة الفرسان» وغيبة الإسلام» سنطب المريض
بدواثناء صُعّت أذن الدنيا إن لم تسمع لنا.
بني عفان في ١8 شوال 47١ ١ه
سيد حسين العفاني
(١)ديوان «في القدس قد نطق الحجر»؛ شعر: خالد أبو العمرين» مكتبة الفلاح» ص54