« ا مقدمة م
الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين
والآخرين» وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين +
أما بعد: فإن الإسلام هو الرسالة الخاتمة لجميع الرسالات؛ فهو شمس الهداية
للناس جميمًا حتى يرث الله تعالى الارض ومن عليها ؛ لذلك فالإسلام يخاطب
من الناس وماحوله من الأشياء؛ ويكفل تطبيقه السعادة في الدنيا والآخرة .
وإذا كان الإسلام بهذه الصفة فإنه من البديهي إذن: أن يكون متضمنًا لكل ما
تحتاج إليه البشرية من أنظمة ٠
هو الدستور
والمبادئ الدستورية التي حواها التشريع الإسلامي مازالت تنطق بحيوية هذا التشريع
وتميزه بالصلاحية لكل زمان ومكان . لكن الغزو الفكري الذي نظمه أعداء الإسلام حاول
وضع غشاوة على أبصار وبصائر الناس ومنهم لل كبيرة من المسلمين» فاختلطت عليهم
وجوه الحق وظنوا أن الخير كل الخير في أنظمة أولئك الغزاة وتشريعاتهم» ولم يعلموا أن
الإسلام يحوي حضارة راقية المستوى» بدليل أنه منذ فجر إنشائه للدولة قد أنشأها دولةٌ
الوثيقة بكل ما فيها من أحكام مرة واحدة .
وقد رد بعض الباحثين المعاصرين من المسلمين على هذا الادعاء بإنكار الوثيقة
أصلاًء بحجة أن دستور الإسلام الوحيد هو القرآن الكريم ٠
يمكن أن يستنبط منها حكم شرعي . بينما يرى الأئمة المتقدمون: أنها وثيقة واحدة
تناسب تلك الأهمية؛ ومن هنا وقع اختياري عليها؛ لتكون موضوعا لدراستي هذه؛
محاولا تحقيق نسبتها للنبي يِه عن طريق جمع أسانيدها وتخريجها تخريجًا مناسبًا
متتبعًا في ذلك خطى أهل الحديث ونهجهم؛ ذلك المنهج الذي انفرد بكونه الميزات
الصحيح» الذي يمكن بواسطته إصدار الحكم الدقيق المنصف على الأخبار
كما أحاول الحديث عن أبرز ما حوته هذه الوثيقة من أحكام .
هذا وقد اقتضت طبيعة هذا البحث أن يُقَسّم بعد هذه المقدمة إلى بابين وخاتمة .
اهاب الأول؛ فقد تضمن دراسة تتعلق بالوثيقة وقسمته إلى فصلين:
الفصل الأول: يتضمن الحديث عن البيئة التي كيت فيها الوثيقة النبوية؛ وفي هذا
الفصل ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: البيثة الجغرافية للمدينة المنورة +
المبحث الثاني: البيئة السكانية للمدينة المثورة حين كتابة الوثيقة النبوية +
المبحث الثالث: أسماء الوثيقة وتاريخ كتابتها +
المبحث الأول: أسانيد الوثيقة في أهم كتب الأثر والسيرة والتاريخ» وقد تكلمت
البحث الثاني: فقد ذكرت فيه أقدم نص للوثيقة مقارنًا بالنصوص الأخرى مع
شرح لبعض الألفاظ التي تحتاج إلى توضيح ٠
الياب الثاضي؛ فقد تكلمت فيه عن أبرز ما حوته الوثيقة من نظم وأحكام؛ وقد قسمته
إلى فصلين
الفصل الأول وتحدثت فيه عن نظام الدولة. وفيه تمهيد بينت بإيجاز فيه أركان
الدولة. وثلاثة مباحث
المبحث الأول: تحدثت عن قضايا تتعلق بالركن الأول للدولة وهو الإقليم +
المبحث الثاني: تحدثت عما حوته الوثيقة من أحكام تعلق بالركن الثاني للدولة -السكان-
المبحث الثالث: تحدثت فيه عن الأحكام القي تعلق بالركن الثالث للدولة - النظام-
الفصل الثاني: فقد نحدثت فيه عن القضايا والأحكام التي تتعلق بالمبادئ العامة
ق وفيه أربعة مباحث: ا
المبحث الأول: تكلمت فيه عن إقامة العدل .
المبحث الثاني: تكلمت فيه عن مبادئ وقضايا تتعلق بالجنايات والعقوبات .
المبحث الثالث: ذكرت فيه أبرز ما تضمتته الوثيقة من قضايا تعلق بالتكافل
الاجتماعي والتعاون مالي +
الإكثار في التفصيل والمقارنة؛ لأن الغرض من البحث في هذه القضايا إلى ما
الخاتمة : فقد تضمنت الإشارة إلى أهم النتائج التي توصلت إليها
وبعد هذا فإني لا أدعي خلو هذا البحث من النقص أو الخطاء فالكمال لله تعالى
فإن وفقت فذلك فضل الله تعالى
الله تعالى» بالعفو الجميل ومغفرة الز
السبيل إليه
وفي الختام أسأل المولى الكريم» أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه؛ وأن يثبيني
+ وإن كانت الأخرى فإني أطمع من
ل؛ لاني لم أقصد سوى الخير وإن أخطات
5ه الباب الأول 0ه
دراسة تعلق بال شيقّة
وله فصلان؛
المبحث الأول: البيئة الجغرافية .
اللبحث الثاني: البيئة السكانية
المبحث الثالث: أسماء الوثيقة وتاريخ كتابتها .
المبحث الأول: أسائيد الوثيقة في أهم كتب الأثر والسيرة والتاريخ
اللبحث الشاني: أقدم نص كامل للوثيقة؛ مقارنًا بأهم النصوص
« الفصل الأول «
© ا مبحث الأول : البيئة ا جغراة
كُبَتهْ الوثيقة النبوية في المديئة المنورة؛ ومما يساعد على حسن فهمها تعرف المكان
الذي كتبت فيه. لذا سأحاول التعريف بمدينة رسول الله لم من النقطتين ١
. أشهر أسمائها 7- وصف موجز لها -١
وسأتكلم على كل منهما في مطلب مستقل؛ لذلك سيتضمن هذا مطلبين:
المطلب الأول أشهر أسماء المدينة المنورة .
المطلب الثاني: وصف مهجز لها.
ا مطلب الأول : أشهر أسماء ا مدينة ا مدورة
انقرضت دولة المعينيين . وقد ورد ذكرها باسم «يثرب» فى جغرافية بطليموس”
فذكرت مرة باسم ((0ط120)» ومرة باسم (ومتتطاما)!؟).
)١( دولة ١ دولة قديمة في اليمن» ورثتها الدولة السبنية في السقرن السابع قبل الميلاد؛ وكانت عاصستها
آثارها ظاهرة تكون من بقايا هياكل وببوت مسورة. و: ايات. المتجد» الأعلام (ص 5178
(1) السبنيون: سبأ: بلاد في جنوب غرب الجزيرة العربية. ن» ذكرت في كتب العهد القديم وفي مؤلفات
والأحجار الكريمة . المتجد؛ الأعلام» (ص314)
بطليموس» وله نظرية في هيئة الافلاك. وهي أن الأرض لا تتحرك» وأن الفلك يدور حولها. المنجد في
الأعلام (ة؟1) .©
(8) جواد علي: «الفصل في تاريخ العرب قبل الإسسلام» (ط1)» (-4/147/ ٠ 18)؛ عبدالسزيز سالم: تاريخ
العرب في عصر الجاهلية»» مؤسسة شباب الجامعة (387/14/87).
وذكرها اصطيفانوس"'" باسم (15 18111009
وعرفت عند الإخباريين باسم «أثرب»» وايثرب؟!؟
أنها سمت يثرب نسبة !!
وزعم بعض الإخباريع : يثرب بن قانيه بن مهلاثيل
وقال ياقوت الحموي: «إن اسم يثرب مأخوذ من: الثرب والتثريب» أي: المؤاخذة
وذكر البلاذري: أن يغرب سميت باسم العماليق الذين نزلوها بعد نوح لكا
إذن فالاسم القديم لمدينة ١ ل لظم هو: «يثرب»؛ غيره النب ي لك كما
1 سول للم هو «ش يج
ير الرسول يكم هذا الاسم
نه قال: قال رسول الله له
417 /4( جواد علي : «للفصل» )١(
(1) ياقوت الحموي: الإمام شهاب الدين؛ ابو الفضل: الحموي» توفي 177ه: معجم البلدان+ دار صادر+ بيروت
لحارم
(8) ياقوت الحموي؛ لمعجم البلدان» 43/50
صحيح مسلم» شرح النودي 164/40
دار المعارف» مصر «بذون نا
يعلق على قوله َم : «أمرت بقرية تأكل القرى»؛ معناه: «أمرت بالهجرة إليها
واستيطانهاء وذكروا في معنى أكلها القرى وجهين: أحدهما: أنها مركز جيوش
وفي حديث آخرء أن الله سبحانه وتعالى سماها: «طابة». فعن جابر بن سمرة فته
سماها الله المدينة في مواضع من القرآن. وسماها النبي عط طيبة في الحديث الذي
قبل هذا.
وقد استدل النووي من هذه الأحاديث على كراهة تسمية مدينة الرسول لقم
بيثرب» ونقل عن العلماء أن السبب في كراهة تسميتها «يثرب» لفظ التثريب»؛ الذي هو
الحسنء ويكره الاسم القبيح
وأما تسميتها في القرآن الكريم بيثرب؛ فإنما هو حكاية عن قول المنافقين» والذين
من الشرك وطهارتها. وقيل: من طيب العيش
والاستقرار بهاا*؟ .
165/5( مسلمء هامش النووي (184/4)- 0 99) الصدر تفسة (166/4) . (©) المصادر نفسه )١(
)154/4( المصدر نفسه (166/4). () اللصدر نفسه )4(
الوئيقة الببوية والأحكام الشرعية المستضادة متها _.
وقد عد ابن شبه للمدينة عشرة أسماء!"؟ . وعد ابن زبالة لها أحد عشر اسمال" .
وجاء في بعض المصادر أن ليثرب تسعة وعشرين اسمًا"؟
وجعل السمهوري أسماءها أربعة وتسعين اسَمَالء) .
ولاك اذاي الأسماء عبان «المديئة» وقد ورد ابت مالك في النقرآن
وتجدر الإشارة إلى أن اسم «المدينة» يطلق على مدن عدة غير مدينة الرسول له
منها: «مدينة بخارى»؛ وإليها يُسب المديني شيخ البخاري؛ وقد فرقوا بين مديئة
الرسول عم ؛ وبين غيرها بالنسبة. فيقال في النسبة إليها: «مدني»» ويقال في النسبة
)١( ابن شبه: أبو ريد عمر بن شبه ات 147هاء فتاريخ المدينة»ء تحقيق: فهيم محمد شلترت» (ط1)» بذون
() مولاي: محمد علي؛ «محمد رسول الله ل »» ترجمة الاستاذ مصطفى فهمي» القاهرة» 1448م 80
عبدالعزيز سالم؛ «تاريخ العرب في عصر الجاهلية» (888)
(8) السسهوري: نور الدين؛ علي بن جمال الدين ابو اللحاسن ا(ت471ه)» #وقاء الوقا بأخبار دار المصطفى
(5) ياقوت الحوي» «معجم البلدان» (87).
2 العباس: أحمد بن عبدالحميد» «عمدة الأخبار في مديئة المختار» (41).
(0) البغدادي: صفي الدين عبذالمؤمن بن عبدالحق؛ ات174ه)» «مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع»+
تحقيق: علي محمد البجاوي» مطبعة عيسى الببي الحلبي» مصر (17170ه-4 14م 1883/00