المباركة» وأشرف الدار الطيبة» التي أصبحت منذئذٍ عاصمة الدولة
المؤمنة الربانية المباركة؛ ومنطلق الدعوة الخاتمة الراشدة» ومصدرّ النور الذي عمّ
الأرضّ من حولهاء إذ انطلقت منها بعوثُ الخير والهدى والرحمة إلى سائر فجاج
جسدّه الطاهرٌ المبارك» فضلاً عن مسجده الشريف الذي هو أعظم المساجد بعد بيت
الله الحرام.
وقد أكدَتْ فضيلة هذا البلد المبارك جملةٌ كبيرةٌ من الأحاديث النبوية
الصحيحة؛ زادث من تعلق القلوب بهاء وحنين النفوس إليها.
وهي فضائل دعث كثيراً من العلماء للكتابة فيهاء وإفرادها بالتصنيف منذ وقتٍٍ
مبكر» كما فعل أبو سعيد المفضَّلُ بن محمد الجٌنّدِي (المتوفى سنة 08 ه) رحمه
)١( أخرجه أحمد بإسناد صحيح في المسند 758/3 واين سعد في الطبقات »774/١ والدارمي
ووافقه الذهبي في المستدرك 9/ ٠١ وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة 9+1//7 948
وأخرجه أحمد في جزء من حديث 178/7 واب أبي شيبة 913/11 (11431)-
(1) جزء من حديث»؛ أخرجه أحمد بإسناد صحيح في المسند ١77/9 وأبو يعلى 7/ 704-757
نحم
محمد بن يوسف الصالحي الشامي (المتوفى سنة 447 ه) رحمه الله!"؟؛ وغيره.
غير أن تلك المصنفات جمعت بين ما يصح الاحتجاج به في هذا الباب وما لا
وقد رأيثٌ أن أكتب هذا البحث المختصر؛ لأذكّر بأهم فضائلها التي صحّت
وقد جمعت في هذا البحث أربعاً وعشرين فضيلة مما صحٌ من فضائل المدينة
الفضيلة الأولى : كثرةٌ أسمائها .
الفضيلة السادسة: عصمها من الطاعوت.
الفضيلة السابعة: أَرُوزٌ الإيمان إليها .
(1) من ص 1١7 إلى ص 474 من الجزء الثالث من موسوعته في السيرة «سبل الهدى والرشاد في
سيرة خير العباد؟؛ تحت عنوان «جماع أبواب بعض فضائل المدينة الشريفة»؛ وذكر فيه عشرة
00 قم لاع التادل الدكتور صالح بن حامد بن سعيد الرفاعي بجمع الأحاديث الواردة في فضائل
ودراستهاء وبيان الصحيح ؛ وذلك في بحثه الذي نال به درجة الدكتوراه
َ المنورة؛ والكتاب مطبوع في مجلد ضخم؛
فجزاه الله خير الجزاء؛ وقد استفدت منه كثيراً في هذا البحث المتواضع
الفضيلة الحادية اعة النبي في وشهادته لمن يصبر على المقام فيها .
بة عشرة : شفاعة النبي قل لمن يموت بها ء
الفضيلة الثالثة عشرة: تضاعف ثواب العمل الصالح فيها .
الفضيلة الخامسة عشرة: مسجدها أحدٌ المساجد الثلاثة التي لا تُشَدٌ الرحال إلا
إليهاء
من ترع الجنة .
الفضيلة الثامنة عشرة: فيها مسجد قباء وللصلاة فيه أجر عمرة.
الفضيلة التاسعة وفاءٌ النبي في ودف بها .
الفضيلة الثانية والعشرون: فيها الوادي المبارك وادي العقيق .
وقد اكتفيتٌ بذكر هذه الفضائل عما سواهاء مما ذكره العلماء الأعلام رحمهم
الله تعالى .
: في مسجدها روضة من رياض الجنة .
١ اختيار ما يصح الاحتجاج به من النصوص دون غيره؛ فما من حديثٍ
ويرحم الله الحافظ ابن كثير الذي قال في مقدمة كتابه القيم: «البداية
والنهاية»”'': «إنما الاعتماد والاستناد على كتاب الله وسنة رسوله يل؛ ما صح نقله
وقال أيضاً: «ولسنا نثبتُ شيئاً من تلقاء أنفسناء ولكن ما صح سنئُه أو حثن
١ تخريج الأحاديث من مصادرها المعتبرة بحسب ما تيسّر لي؛ مع ذكر أقوال
العلماء في درجة الحديث إذا لم يكن في أحد الصحيحين» فإن كان في أحدهما
يذكر العلماء في درجته شيئاً اجتهدت في التعرف على درجته» فإن ذكر أحد من
*_ شرح الكلمات الغريبة» وبيان المقصود ببعض العبارات الغامضة؛ من
خلال الرجوع إلى كتب اللغة والغريب والشروح» مع عزو كل شيء من ذلك إلى
بعض الفوائد المناسبة من كلام العلماء؛ مع عزو كل قول إلى قائله؛ ورد كل معلومةٍ
إلى مصادرها .
وقد رقّمت الأحاديث الواردة في الكتاب ترقيماً متسلسلاً» وريما أعطيت بعض
ذلك. وكذلك ربما تكرر الحديث في بعض المواضع» فرئّمته بترقيم جديد؛ ويظهر
ذلك في فهرس أطراف الأحاديث»؛ والأحاديث المكررة قليلة على كل حال.
181 البداية والنهاية ؟/ )(
وختمت الكتاب بفهرس لأطراف الأحاديث؛ وآخر للمصادر التي رجعت
إليهاء وثالث لموضوعات الكتاب . ١
وإني لأسأل الله أن يتقبل مني هذا الجهدء وأن يجعله في موازين حسناتي؛
وأن يكتب لي شفاعة ساكن المدينة الطيبة و8 وأن يجعل لي بهذا البلد المبارك قراراً
أبو محمد عبد الرحمن عبد الحميد أحمد البر
الفضيلة الأولى: كثرة أسمائها
من المعلوم أن كثرة الأسماء تدلٌ على شرف المسَمَّى» ولا توجد بلدةٌ في
ذكر هذه الأسماء العلامة محمد بن عبد الله الزركشي”'"؛ ومحمد بن يعقوب
المعروف بالمجد الفيروزآبادي صاحب «القاموس المحيط»""» ونور الدين علي بن
عبد الله بن أحمد السَّمْهُودي”""؛ ومحمد بن يوسف الصالحي الشامي!*“.
وأشهر هذه الأسماء:
-١ المدينة: وهذا أشهر أسمائهاء وهذا الاسم إذا أطلق أريدت به المديئة
المنورا ون غيرها من مدن الدنياء وقد جاءت آيات القرآن الكريم بهذا الاسم في
ألج بواج وهي قوله تعالى: رمك حدر نت الْتَقرابٍ ل
+771 إلى ص ١ في كتابه «إعلام الساجد بأحكام المساجد» من ص )١(
ذكر السخاوي في ترجمته في «الضوء اللامع» 74/1١ : 43 من مؤلفاته: «المغائم المطابة في
معالم طابة» و«الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف»؛ فلعل ما ذكره من أسماء المديئة
(©) في كتابه «وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى يَ8» 8/1: 77؛ وقد ذكر أنه زاد على شيخ شيوخه
(4) في كتابه «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العبادة ؟/ 414 : 418 +
كما ورد هذا الاسم في أحاديث
في أثناء الحديث عن با الفضائل .
وقد وصفت المدينة بالمباركة والمنوّرة والمشرّفة؛ وغير ذلك من الأوصاف
أحد من الناس؛ فإذا أطلقت «المدينة» تبادر إلى الفهم أن المراد المدينة النبوية؛ وإذا
طيّهاء كما سيأتي في فضائلهاء وقال بعض أهل العلم: في طيب ترابها وهوائها دليل
«إن الله تعالى سمّى المدينة طابة؟!" .
انظر: فتح الباري 84/8؛ وسبل الهدى والرشاد 478/7
() أخرجه مسلم في كتاب: الحج؛ باب: فضل المدينة 107/7 (441/1780) والنسائي في
الكبرى 887/1 (4710)؛ وأحمد 84/5 1٠١8 103 1١7 وعبد الله في زوائده
د/ ىف 1ق لاق 48 وابن أبي شيية 174/17 (7478١)؛ وأبو يعلى 441/173 <
وفي لفظ : «إن الله أمرني أن أسمّي المدينة طَيية!؟.
وفي لفظ آخر : «أن النبي َل سمّى المدينة طَبيَة!"".
واللفظ الأول أصح +
+ - وما روته فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في حديث الجساسة والدجال
٠ (يثرب): وهذا هو اسمها الذي كانت تعرف به في الجاهلية؛ وقد ورد في
القرآن حكاية عن قول المنافقين في قوله تعالى : هم وَإِد كال كَآيكَةٌ جم يميرب لا
وقد كره النبي و8 هذا الاسم» وأمر أن يُسْتَبْدلَ به اسم المدينة أو طابة أو
(44 74 والطبراني في الكبير 140/7 (1447) و4 10 (1470) و7171 14770
)١( أخرجه الطبراني ؟/ 14870177
)0 أخرجه الطيالسي ص ٠ (711)» وابن حبان 44/4 (1717).
(©) أخرجه البخاري في كتاب: فضائل المدينة؛ باب: المدينة طابة 88/5 (18171). وسيأتي
باقي تخريجه في فضيلة جبل أحد رقم (71).
(؟) المخصرة بكسر الميم وتسكين الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة هي ما يمسكه الإنسانة
بيده من عصا أو عكازة أو نحوهما . (انظر : النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 277/7
(5) أخرجه مسلم في كتاب: الفتن» باب: قصة الجساسة 1174/4 (114/7447): والطيالسي
ص 774 (1147): والحميدي 1709/١ (714)؛ وأحمد 1717/1 علا 4177 18
في كتاب: الفتن» باب رقم (17) 811/4 - 817
الدجال 1764/7 40741768
داين أبي
الترمذي - وقال: حسن صحيح غريب
(1107)» وابن ماجه في كتاب: الفتن
-١ فعن أبي هري
قال ابن حجر: «قوله (يفولون: يثرب» وهي المدينة) أي أن بعض المنافقين
8 - ومن أدلة كراهة تسميتها بذلك ما رواه البراء بن عازب رضي الله عنهماء
قال: قال رسول الله 8: «مَنْ سَحَّى المدينة يغرب فليَستغفر اللهء فإلّما هي طابة» وفي
تأكل القرى: تغلبّها وتظهرٌ عليها. قال الطحاوي في مشكل الآثار ؟/734: «تأكل القرى+
أهلها؛ وقد كان ذلك منهم رضوان الله عليهم » حتى أظهر الله تعالى دينه (يَ8) على الدين كله .
وقال ابن حبان: «قوله في : «أمرت بقرية تأكل القرى» لفظة تمثيل» مرادها: أن الإسلام يكون.
عليه؛ لا أن المدينة تأكل القرى». (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 74/4 40)-
وقال البغوي في شرح السنة 770/9: «تأكل القرى: أي يجلب إليها طعام القرى؛ فهي
تأكلهاء وأراد ما يحصل من الفتوح على أيديهم؛ ويصيبون من الغنائم . وأضاف الأكل إلى
أخرجه البخاري في كتاب: فضائل المدينة» باب: فضل المدينة وأنها تتفي الناس 817/4
(187/1)؛ ومسلم في كتاب: الحج» باب : المدينة تتفي شرارها 1٠05/7 (444/1741)»
والنسائي في الكبرى 487/1 (4731) و1/ 17 (11744) ومالك في كتابم: الجامع؛
باب: ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها 371/7 (0)» وعبد الرزاق 777/4
(17130)» والحميدي 187//1 (167١)؛ وأحمد 777/1 747 784 وأبو يعلى
11 (177/48)» والطحاوي في مشكل الآثار 177/7 7713» وابن حبان 74/4
(7717)» والبغوي في شرح السئة 71١/9 (7013)» والبيهقي في دلائل النبوة 814/7
(©© فتح الباري 3//4ه. وانظر: شرح النووي على مسلم 184/4
(4) أخرجه أحمد 188/4 وأبو يعلى 148/7 (788١)؛ وابن عدي في الكامل 771/7 وقال
الهيشمي في مجمع الزوائد ؟/ 306 : «رجاله ثقات» وقال ابن كثير في التفسير ؟/ 4060 : «في<