من كتب الفرائض على الشيخ عبدالله بن راشد ابن جلعود فأدرك فى كل
هذه العلوم إدراكا جيدا .
وتوفى والده عام 1774 ه » فصار لاخوته الصغار كالأب فى الحنو
والشفقة وجعل من أخيه الشيخ عبداللطيف مرافقا فى الذهاب والاياب
ومعينا له فى تحضير المسائل واعداد الدروس فاستفاد كل منها من أخيه وم
يزل على حاله فى الاشتغال بالعلم وصرف جميع أوقاته فى تحصيله حتى
أدرك فى زمن قصير مالم يدركه الكبار فى الزمن الطويل وصار عين تلاميذ
عمه العلامة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف ولما مرض عمه وثقل عليه
وبعد نظره وحسن إدراكه فليا تونى الشيخ عبدالله بن عبداللطيف كان
المترجم له قد بلغ أشده وأرتقت مداركه واتسعت معلوماته وعلا ذكره
وذاع صيته فخلف عمه فى الزعامة الدينية والرياسة العلمية وتولى ماكان
يقوم به عمه من التدريس والافتاء وإمامة الجامع والخطابة والتصدر فى
مجال العلم فالتف حوله الطلاب وشرعوا فى القراءة عليه والاستفادة منه +
كما أن جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله - رأى فيه الكفاية والسداد
ليكاون مستشارا شرعيا له فى توليه القضاء وابداء الرأى فى الأمور الشرعية
ولقد كان من أكبر المساهمين فى دحض شبه غلاة البادية فرد شبههم وأبطل
حجتهم وبين طريق الحق والرشاد » ولقد قام بهذه الوظائف الدينية
والعلمية أحسن قيام وأتمه لاسيا الدروس » فإنه شغل جل وقته فى
تعليمه وتلقينه لطلابه على اختلاف مراتبهم وتباعد درجاتهم . . فكان
يجلس فى مسجد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف الذى هو فى حى دخنة
بعد صلاة الصبح لصغار الطلاب فيدرسون عليه مبادىء النحو فى
الاجرومية ثم يأ بعدهم المتوسطون فى العمر ثم يأتى بعدهم الكبار
بالألفية وكل واحد من هذه الطوائف الثلاث يعطيه مايناسبه من المسائل
والبحث والدروس » فإذا انتهت دروس النحو شرع فى دروس الفقه
فأخذ الطلاب يقرأون عليه مختصر المقنع عن ظهر قلب ثم يشرع فى
شرحه وبيان معانيه ثم يعيدون الدرس بقراءة أحدهم واستماع الباقين
وهو يقاطع الشرح جملة وتعليل أحكامه والحاق فائدة لما عليه فى سعة فى
الفقه وجودة استحضار وغزارة مادة فلا ينتهون من هذه القراءة إلا وقد
اشبع رغبات الطلاب ووضّح المعانى وصوّر المسائل وزاد من الفوائد بعد
انتهائهم من درس الفقه يشرعون فى درس الحديث الشريف والكتاب
المفضل لديه لتدريس أصحابه هو كتاب بلوغ المرام لمطابقته الاحكام
ويبين أحكامه ويبرز فوائده وكلما تقدم من درس النحو ودروس الفقه
ودروس الحديث فى جلسة واحدة من جلساته والتلاميذ على حلقته
على كثرة الواردين وازدحام الناهلين ثم يذهب الى بيته فيلبث فيه بقدر
مايفرغ من حاجته الضرورية ثم يعود إلى مجلسه فى المسجد فيأتيه كبار
الطلاب ويشرعون بالقراءة عليه بالكتب الكبار والمراجع ثم يعود الى بيته
ويستريح فيه حتى تحين صلاة الظهر وبعد الفراغ من الصلاة يقام الدرس
بحضور كبار التلاميذ وصغارهم بأحد الأمهات الست وبعد الفراغ منها
يقرأ عليه الطلاب فى كنب العقيدة ككتب شيخ الاسلام أبن تيمية وكتب
الشيخ محمد بن عبدالوهاب وغيرهما ف قئد السلف ويستمر الدرس حى
ضلاة العصر وبعد اللا إلى قرب الغروب وهوفى جلسة واحدة لاستقبال
الطلاب فوجا بعد فوج وهم مابين التوحيد أو الحديث أو النحو أو الفقه
وبعد صلاة المغرب بخصص وقته لعلم الفرائض فاذا قرب العشاء شرع
فى درس عام"» فقرأ عليه القارىء فى تفسير ابن كثير وهو يعلق على
غيرهم عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وعبدالله بن حميد وعبدالملك بن
(ا) غنى لطلية العلم وعامة الناس لايرى فيه المنانية
ابراهيم بن عبداللطيف وعبدالعزيز بن ناصر وسليمان بن عبيد العبيد
حل محل عمه عبدالله بن عبداللطيف رحمه الله وقد تم تعيينه من قبل
الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله سنة 1774 ه فصار
يوم الناس بمسجد عمه فى حى دخنة وقام خير قيام بالمهام التى كان عمه
يؤديها فى تدريس طلاب عمه وإمامة المسجد وخطبته من عام 1374 إلى
عام 17173 ه ؛ فأنشئت دار الإفتاء الإشراف على الشئون الدينية ووكل
سماحته فى عموم مناطق المملكة عدا الحجاز كان يرأسها سماحة الشيخ
عبيد الله بن حسن وبعد وفاته 178 ه ء ضمت رثاسة الحجاز إليه
فأصبح هو الرئيس العام والمفتى للمملكة وأسندت إليه رئاسة المؤسسات
-١ رئاسة الكليات والمعاهد
٠ الاشراف على رياسة تعليم البنات
4 - رئاسة المعهد العالى
#- رئاسة المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامى
١ رثاسة المعهد الإسلامى فى نيجريا
لا الاشراف على نشرة الدعوة الاسلامية فى أقطار المملكة
8 أنشأ هيئة كبار مجلس العلماء
مرضه : أصابه فى آخر شعبان لعام 1388 ووفاه الأجل المحتوم يوم
الأربعاء الموافق 34 فى رمضان المبارك وصلى عليه سماحة الشيخ
عبدالعزيز بن باز فى المسجد الجامع وبعض الأمراء وصلى عليه الخلق
الكثير رحمه الله رحمة واسعة .
من أحداث اسنة 1747 ه
وفاة سماحة الشيخ الفاضل المرحوم محمد الأمين الذى وفاه الأجل فى
مكة المكرمة بعد أن تم حجه وعضويته برابطة العالم الإسلامي وكانت
وفاته يوم 1747/17/17ه » ودفن فى مقبرة المعلاة جوار أبوجعفر
العباس رحمهها الله ولعل من أعرف الناس بالشيخ محمد الأمين تلميذه
المقرب إليه الذى لازمه فى الدراسات الرسمية وفى البيت وى المسجد وق
السفر هو الشيخ عطية بن محمد بن سالم القاضى حال قيد هذه الأسطر
بحكمة المدينة الشرعية وقد أمض عدد ستين فى التدريس بالجامعة
الاسلامية قال عنه مترجما له قال : هو محمد الأمين علم مركب من اسمين
وبدون التركيب هو محمد بن عبدالقار بن محمد بن أحمد نوح ابن محمد
سيدى بن أحمد المختار نسبته إلى حمير ودلالته أنهم من حمير من قول
الشاعر
واسم العروبة باد فى شمائلنا وفى أوايلنا عز وإيمان
أسادة حمير ولأبطال من مضر حمر السيوف فماذلوا ولاوهنوا
وقد اشتهر هو واهله وذويه فى النظم والنثر والعلوم وساثر الفنون .
ومن عاداتهم إذا نزل وفد على بيت فإن أهل هذا البيت يرسلون لإاهل
بيت المضيف مما عندهم قل أو كثر مشاركة فى قرى الضيف وتعاونا مع
الملضيف حتى يرحل الوفد وهو فى غاية الرضا وفى هذا الجو وتلك البيئة
نشا رحمه الله كما سمعته يقول :
توفى والدى وأنا صغير أقرأ فى جزء عم وترك لى ثروة من الحيوان والمال
يد خالى عبدالله بن محمد المختار بن ابراهيم بن أحمد نوح جد الأب
المتقدم ّ
طلبه العلم : حفظ القرآن فى بيت أخواله على خاله عبدالله كما قلنا
وعمره عشر سنوات قال : رحمه الله ثم تعلمت رسم المصحف العثماف
المصحف الأم على ابن خالى سيدى محمد بن أحمد بن محمد المختار وقرأات
عليه التجويد فى مقرأ ٍِ برواية ورش من طريق أبى يعقوب الأزرق
عليه وسلم وعمرى استة عشر سنة .
أنواع الدراسة : فى القرآن تعتبر الدراسة فى علوم القرآن منهجا
متكاملا لاتقتصر على الحفظ والأداء بل تتناول معرفة رسم المصحف أى
وجود حرف الم وقد يكون حرفاً صغيراً أو نحو ذلك .
أما ضبط مافيه من منشأية فى الرسم أو التلاوة ؛ وفى المشهود عندهم
فى هذا رمز ( محمد بوجه المشهور والمعروف بالبحر تعرض فيه لكل كلمة
جاءت فى القرآن مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث مرات إلى سبع وعشرين
مرة أى الكلمات إلى أن قال عنه الشيخ عطية : ثم قال رحمه الله وفى أثناء
هذه القراءة درست بعض المختصرات فى فقه مالك رحمه الله كرجر الشيخ
بن عاشر وفى اثنائها أيضا درست دراسة واسعة فى الأدب على زوجة
إنساب العرب وأيامهم والسيرة النبوية ونظم الغزوات الأحمد البدوى إلى
أن قال عنه الشيخ عطية قال قال : رحمه الله : وقد أخذنا عن هؤلاء
المشايخ كل الفنون النحو والصرف والأصول والبلاغة وبعض التفسير
والحديث أما المنطق وأداب البحث والمناظرة فقد حصلناها بالمطالعة هذا
مطالعة عن الكتب لم يقتصر فى تحصيل على دراسته بل كان يديم النظر
)١( أقول وقد أنا كنابه قد قرات على زوجة خالى اسمها خيرة بعض سور القرآن أتبعها وهى تجلب
أغامها بالحلب ونحن باليادية
ويواصل التحصيل حتى غذا كأنه متخصص فيه بل وله فى كل منه
اجتهادات ومباحث مبتكرة وسنلم بها إن شاء الله عند إيراد المنبج العلمى
لبا فى ببلاد لكافة طلبة العلم وطريقة تحسميله تعر طريعة الدزاميةق
يقيم بصفة دائمة لدوام الدراسة عليه ويقال له « المرابط » نظرا لاقامته
الدائمة لنشر العلم ولايأخذ المرابط من طلابه شيئا وإن كان ذا يسار
ساعد المحتاجين يبدأ الطالب بكتابة المتن فى اللوح الخشبى فيكتب قدر
للدراسة فيشرحه له الشيخ شرحا وافيا بقدر ماعنده من التحصيل دون أن
ماقاله الشيخ وقد يأخذون بعض الشراح لقابلته على ماسمعوه ؛ أو
يرجعون إلى بعض الحواشى ولايجتازون ذلك المكان
عليهم من فهم وتحصيل مانى ال
إلى أن قال الشيخ عطية قال عنه ولما حفظت القران وأخذت بالرسم
عناية وعزموا على توجهى للدراسة فى بقية الفنون فجهزتنى والدق
خادم ومعه عدة بقرات وقد هيثت لى مركبى كأحسن مايكون من مركب
وملابس كأحسن ماتكون فرحا بى وترغيبا فى طلب العلم وهكذا سلكت
سبيل الطلب والتحصيل .
تقوم الحياة الدراسية على أساس منع الكلفة وتمام الألفة سواء بين
الطلاب أنفسهم أو بينهم وبين شيخهم مع كمال الأدب ووقار الحشمة
فسأل عنى من أكون وكان فى ملاء من تلامذته : مرتجلا .
إذ ضاق ذرعا بجهل النحوثم أبى .ا لابميز شكل العين من فعلا
قد أتى اليوم صبا مولعا كلفا . بالحمدلله لأنبغى له بدلا
بالقرآن أى أن يقرن بين كل فنين حرصا على سرعة تحصيله وتفرسا له فى
القدرة على ذلك فانصرف بهمة عالية فى درس وتحصيل وقد خاطبه بعض
أقرانه فى أمر الزوج فقال فى ذلك . وفى الحث على طلب العلم قصيدة
دعانى الناصحون إلى النكاح غدأة تزوجت بعض الملاح
فقالوا لى زوج ذات دل خلوب اللحظ جائلة الوشاح
سم عن نوشرة رفاق بحج الراح بالاء القراح
أن لحاظها رشفات نبل تذيق القلب الام الجراح
ولاعجب إذا كانت لحاظ لبيضاء المحاجر كالرماح
قال الشيخ عطية ومع هذا فقد كانت له رحمة الله عليه عدة مؤلفات
نظا فى عدة فنون سياق بيانها .
أعماله فى البلاد : كانت أعماله رحمه الله كعمل أمثاله من علماء
الدرس والفتيا ولكنه كان قد اشتهر بالقضاء وبالفراسة فيه ورغم وجود
بينهم ويفدون إليه من أماكن بعيدة أو حيث يكون نازلا .
التقاضى إليه وقبوفما مايقضى به ثم يستكشب المدعى دعواه ويكتب
جواب المدعى عليه أسفل كتابة الدعوى ويكتب الحكم مع الدعوىق
الدماء والحدود وكان للدماء قضاء خاص .
قضاء الدماء كان الحاكم الفرنسى فى البلاد يقضى بالقصاص فى القتل
بعد محاكمة ومرافعة واسمه النطاق وبعد تمحيصها لقضية وانبى المرافعة
وصدور الحكم يعرض على عالمين من علماء البلاد ليصادقوا عليه ويسمى
العالمين لجنة الدماء ولاينفذ حكم الاعدام فى القصاص الا بعد مصادقتها
وقد كان رحمه الله أحد أعضاء هذه اللجنة ولم يخرج من بلاده حتى علا
قدره وعظم تقديره وكان علما من أعلامها وموضع ثقة أهلها وحكامها
ومحكومها .
خروجه من بلاده رحمه الله تعالى :
كان خروجه من بلاده لأداء فريضة الحج وعلى نية العودة وكان سفره
برا كتب فيه رحلة ضمنها مباحث جليلة كان آخرها لبحث القضايا
الموجهه فى المنطق مع علماء أم درمان بالمعهد العلمى السودانى وبعد
وصوله إلى هذه البلاد تجدد فيه بقائه ولعل من الخير وبيان الواقع سيب
لقد كان فى بلاده كغيره يسمع الدعاية ضد هذه البلاد باسم الوهابية
إل أن بعض الصدف قد تغير من وجهات النظر « وإذا أراد الله أمرا هيا
له الأسباب ومن عجب الصدف أن ينزل رحمه الله فى بعض منازل الحج
بجوار خيمة الأمير خالد السديرى دون يعرف أحدهما الآخر وكان الأمير
خالد يبحث مع جلسائه بيتا فى الأدب وهو ذواقته أديب وامتدت الحديث
الجلسة وذاك المنزل تعدلت الفكرة بل كانت الخيمة بداية منطلق لفكرة
جديدة وأوصاه الأمير أن هو قدم المدينة أن يلتقى بالشيخين عبدالله
الزاحم رحمه الله والشيخ عبدالعزيز بن صالح حفظه الله وفى المدينة التقى
بها رحمه الله وكان صريحا معهما فييا يسمع عن البلاد من مذهب فى الفقه
ومنهج العقيدة وكان حكمين فيا يعرضان عليه ماعليه أهل هذه البلاد
وكان أكثرهما معه مباحث فضيلة الشيخ بن صالح وأخيرا قدم للشيخ'»
كتاب المغنى كاأصل للمذهب وبعض كتب شيخ الاسلام كمنبج للعقيدة
لامام جليل من أئمة أهل السنة وسلف الأمة أحمد بن حتبل رحمه الله وكيا
وجد منهجا سلييا لعقيدة السلف تعتمد على الكتاب والسنة وماكان عليه
سلف الأمة» فذهب زيف الدعايات الباطلة وظهر معدن ١١
ورغب رحمه الله تعالى فى هذا الجو الكريم وكان يقول : ليس من
عمل أعظم من تفسير كتاب الله تعالى فى مسجد رسول الله صل الله عليه
)١( القدم بن صالح للشيخ محمد الأمين