وما أحرى الأجيال الناشئة اليوم+ والمرشحة لقيادة إنسان الغد أن تراجع
تراث أمتها المجيدة التزاماً بالاصالة التي تحتمها المسيرة الحضارية الفذة
لهدي نبيه صلى الله عليه وسلم على آثار سلف هذه الأمة من أعلام الإسلام
الإنساني .
نأل المولى عز وجل أن يجعل أعمالثا خالصة لوجهه الكريم . . وآخر
جمادى الأولى - 1460 ه
آذار - مارس - 1485م
ترجمة
شيخ الاسلام ابن تيمية
- رحمه الله -
1١ - 718 ه/ ١7١ هيم
أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر
الإمام؛ شيخ الإسلام» ولد في حران» وتحول به أبوه إلى دمشق فنبغ واشتهر»
وطلب إلى مصر من أجل فتوى أفتى بها فقصدهاء فتعصب عليه جماعة من
فخرجت دمشق كلها في جنازته. كان كثير البحث في فنون الحكمة داعية
إصلاح في الدينء آية في التفسير والأصول» فصيح اللسان» قلمه ولسانه
وفي الدرر الكامئة أنه ناظر العلماء؛ واستدل وبرع في العلم والتفسير
أربعة آلاف كراسة؛ وفي فوات الوفيات أنها تبلغ ثلاث مئة مجلد. منها
«الجوامع - ط» في السياسة الإلهية والآيات النبوية. و «الفتاوى ط» خمس
مجلدات؛ و «الايمان ط»و«الجمع بين النقل والعقل .خ» الجزء الرابع منه؛
و «منهاج السنة النبوية ط» والفرقان بين أولياء الله وأولياء الشيطان - ط»
و«الواسطة بين الحق والخلق ط» و«الصارم المسلول على شاتم الرسول - ط»
و «مجموع رسائل ط» فيه 14 رسالة . و «نظرية العقد ط» و «تلخيص كتاب
رساله؛ و «التوسل والوسيلة ط» و «نقض المنطق - ط» و «الفتاوى -خ» و
«السياسة الشرعية في اصلاح الراعي والرعية -دخ» و «مجموعة - ط» أخرى
اشتملت على أربع رسائل : الأولى : رأس الحسين (حقق فيها أن راس
الحسين حمل الى المدينة ودفن في البقيع). والثانية: الرد على ابن عربي
كتاب في سيرته سماه: «العقود الدرية في مناقب شيخ الاسلام أحمد بن
تيمية . - طلا
)١( فوت الوفيات 36/1 - 46 والمنهج الاحمر خ - والدرر الكامنة ١44/1 والبداية والنهاية
4 وابن الوردي 184/7 وآداب اللغة 143/7 والتجمع الزاهرة 1901/4 وداثرة المعارف
الاسلامية 14/1 والتبيان سخ - وتهذيب ابن عساكر 18/1
المسألة الاولى
[السلام على النبي وما ورد في زيارة قبره المكرم]
سثل شيخ الاسلام ومفتي الانام العالم العامل» الزاهد الورع ناصر السئة
وقامع البدعة تقي الدين ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن
عن قوله «من حج فلم يزرني فقد جفاني»؟
[صح عن النبي صلى لله عليه وسلم لفظ السلام عليه ؛ لا لفظ يارته]
صلى اللهعليه وسلم حرام وزيارة قبره ليست واجبة باتفاق المسلمين ولم
في عام واحد ضمنت له على الله الجنة» وأمثال ذلك كذب باتفاق العلماء . وقد
روى الدار قطني وغيره في زيارة
وهو من أعلم الناس بحقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسنة القي عليها
أهل مدينته من الصحابة والتابعين وتابعيهم كره - ان يقال: زرت قبر رسول الله
وسلم معروفاً عند علماء المدينة لم يكره مالك ذلك وأما إذا قال: سلمت على
» أحاديث» وهي ضعيفة . وقد كره مالك _
علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة. فان صلاتكم معروضة علي»
قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت”؟! قال: «ان الله حرم على
الارض ان تأكل لحوم الأنياءم؟"
فصل
وأما قوله : «من زار قبري فقد وجبتله شفاعتي » وأمثال هذا الحديث مما
روى في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم فليس منها شيء صحيح » ولم يرو أحد
من أهل الكتب المعتمدة منها شيئاً: لا أصحاب الصحيح: كالبخاري؛
ومسلم. ولا أصحاب السنن: : كأبي داود؛ والنسائي . ولا الأثمة من أهل
كذب موضوعة؛ كقوله «من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له على الله
والحديث الأول رواه الدارقطني والبزار في مسنده؛ ومداره على عبد الله
() أخرجه مالك في الموطأ
وسلم في زيارة قبره ولا قبر الخليل حديث ثابت أصلاء بل ائما اعتمد العلماء
على أحاديث السلام والصلاة عليه؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : «ما من رجل
وقوله صلى الله عليه وسلم : «ان الله وكل بقبري ملائكة يب ني عن أمتي
يوم الجمعة» وليلة الجمعة : فان صلاتكم معروضة علي » قالوا: كيف تعرض
صلاتنا عليك وقد أرم"؟فقال إن الله حرم على الأرض ان تأكل لحوم الأنبياء»
وقد كره مالك أن يقول الرجل : زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم
الوا لأن لفظ الزيارة قد صارت في عرف الناس تتضمن ما نهي عنه» فان. يارة
القبور على وجهين: وجه شرعي » ووجه بدعي . ©
[الزيارة الشرعية والزيارة البدعية]
«فالزيارة الشرعية» مقصودها السلام على الميت والدعاء له. سواء كان
يسلمون عليه؛ ويدعون له؛ ثم ينصرفون؛ ولم يكن احد منهم يقف عند قبره
ولهذا قال الفقهاء: إذا سلم المسلم عليه وأراد الدعاءلنفسه لا يستقبل القبربل
يستقبل القبلة» وتنازعوا وقت السلام عليه: هل يستقبل القبلة أ يستقبل القبر؟
فقال أبو حنيفة: يستقبل القبلة وقال مالك والشافعي وأحمد : يستقبل القبر
الميمين كشك في : أحنت.
(5) بدعي : نسبة إلى البدعة؛ وهي كل أمر محدث في الدين بعد أن أئمه الله وأكمله
«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجده*) يحذر ما فعلوا وقوله
تتخذوا القبور مساجدء فإني أنهاكم عن ذلك0*6.
ولهذا اتفق السلف على أنه لا يستلم قبرأً ١١'؟ من قبور الأنبياء وغيرهم +
لأن هذه الأمور كانت من اسباب الشرك وعبادة الأوثان» كما قال تعالى : ؤوقالوا
وهذه الأمور ونحوها هي من «الزيارة البدعية؛ وهي من جنس دين
النصارى والمشركين» وهو ان يكون قصد الزائر ان يستجاب دعاؤه عند القبر»
() حديث صحيح واه أحمد في المسند ومالك في الموطأ. والولن: أي الصنم
(«) العيد: الموسم» والعيد كل يوم فيه جمع أو تذكار لذي فضل؛ أو حادثة مهمة. والأعياد
هي الأيام التي اعتاد الناس الاجتماع فيها لحزن أو مرض أو نحوهما. والحديث رواه ابو داود في
(4) في الصحيحين عن عائشة. وجاء في سورة الكهف: ؤقال الذين غَلبوا على أمرهم
)٠١( رواه مسلم في صحيحه عن جندب
)١١( التمسح: تعمّد ملامسة الجسد بشيء ما بقصد التبرك.
(17) سورة نوح /13 والأسماء الواردة في الآية هي أسماء آلهة كان الكفار من قوم نوح
يتخذونها أرباباً من دون الله
وعكف على الشيء: أقبل عليه مواظياً. قال تعالى فَيمكُفُونَ على أصنام لهم .»
أو أن يدعو الميت و يستغيث !* به ويطلب منه؛ اويقسم به(" على الله في
ولهذالم يكن أحد من الصحابة يقصد زيارة «قبرالخليل» بل كانوا يأتون
إلى بيت المقدس فقط طاعة للحديث (* الذي ثبت ثبت في الصحيح عن الني
صلى الله عليه وسلم من غير وجه انه قال: «لا تشد الرحال ('"» إلا إلى ثلاثة
ولهذا اتفق أئمة الدين على ان العبد لو نذر السفر إلى زيارة «قبر الخليل»
أو «الطور» الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام أو «جبل حراء» ونحو ذلك
(19) يقسم به: أي بالقبر أو يساكنه.
والتفريج: الكشف والإزالة
(18) البدع: جمع مفرده: بدعة بكسر الباء. وهي كل شي مبتدع والبدعة في الدين : كل ما
أحدث في الدين بعد أن أكمله الله
يقسم بعضهم البدعة الى (بدعة حسنة وبدعة سيئة) فأما إذا كان المراد بذلك تسميتها باعتبار
وضع اللغة كما قال عمر (رضي الله عنه» في التراويح: نعمت البدعة هذه. فلا غبار عليها. وأما إذا
أريد المصطلح الديني بمعنى الاستطراد على حديث (كل بدعة ضلالة) وتقسيمهاء فلا يجوز لان
الحديث نص على أن كل بدعة في الدين ضلالة. فلا تستحسن بدعة بالمذلول الشرعي .
(14) لم يشرعها: لم ينص غليها في الشرع الحنيف الذي جاء به محمد (ضص)
(1) المراد: طاعة لقول رسول الله الذي ورد في الحديث.
يعصه» والسفر الى هذه البقاع!"") معصية في أظهر القولين؛ حتى صرح من
يقول: إن الصلاة لا تقصر في سفر المعصية بأن صاحب هذا السفر لا يقصر
الصلاة» ولو نذر إتيان المسجد الحرام لوجب عليه الوفاء بالاتفاق. ولو نذر
إتيان مسجد المدينة؛ أوبيت المقدس: ففيه قولان للعلماء. أظهرهما وجوب
الوفاء به؛ كقول مالك واحمد والشافعي في أحد قوليه. الثاني لا يجب عليه
الوفاء به؛ كقول أبي حنيفة والشافعي في قوله الآخر» وهذا بناء على أنه لا
نذر هو طاعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من نذر أن يطيع الله فليطعه»
والمقصود هنا: ان الصحابة لم يكونوا يستحبون السفر لشيء من زيارات
لله عليه وسلم يتعبد فيه قبل المبعث لم يزره هو بعد المبعث ولا أحد من
أصحابه؛ وكذا الغار المذكور في القرآنا*"). وثبت ان عمر بن الخطاب-
(1) البفاع: الأماكن من الأرض مفردها (البقعة). وقوله: والسقر إلى هذه البقاع معصية
(17) لم يكن للصحابة الكرام ان يتجاوزوا نصوص الشرع لان اهتماماتهم وعواطفهم وسلوكهم
جميعاً كانت وفق شريعة الله وهدي نبيه.
(*1) الانتياب: القصد إلى الشيء وإتيائه مرة بعد أخرى.