يسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين» والصلاة والسلام على رسوله الكريم» أمابعد:
فهذه فصول في تقريم شيخ الإسلام للمؤلفين» ومؤلفاتهم في
في عناوين مختلفة .
ومن المعلوم أن شيخ الإسلام صاحب خبرة تامة بالرجال, وجرحهم»
+ ومعرفة بفنون الحديث؛ والصحيح؛ والسقيم.
وقد درس داء المسلمين» وهو وقوعهم في فتنة تأويل نصوص
ودرس أحوال الفرق الضالة؛ والمبتدعة؛ وساعده على ذلك اهتمامه بعلوم
الكتاب» والسنة؛ ومنهج السلف» واستيعابه ذلك» فتوجه إلى نقض
المنطق» والفلسفة» والكلام» والتصوف» ولخص داء أهل الأهواء في فهم
الشريعة أنهم إما يستدلون بأدلة عامة» أو بنقل باطل» أو بقياس فاسد.
وقال: *وكل من اعتقد نفي ما أثبته الرسول حصل في نوع الإلحاد
المسلمين العلمي في نظر شيخ الإسلام ابن تيمية
تدبر كلام كثير من مفسري القرآن» وشارحي الحد؛
النافية. والكلام» وجد فيه من هذا ما يتبين له به
وهو من أئمة الإسلام الذين أكثروا من التأليف» والتصنيف» وتحرير
الفتاوى» وترك ثروة علمية عظمية» وقد تميز من بين أهل العلم باعتناءه
الشديد باللصوص الشرعية» والآثار السلفية؛ والاستدلال بها مع مراعاة
قواعد الرواية؛ والدراية؛ ومناهج المحدثين في اختيار الأدلة الصحيحة»؛
والتنبيه على صحيح الحديث»؛ وسقيمه.
وقد اضطر في سبيل تفسير آي القرآن الكريم؛ وشرح الأحاديث
النبوية على منهج المحدثين إلى أن يوجه الانتقاد الصريح إلى جملة كبيرة من
كما نبه على أخطاء المؤولين من مفسري القرآن؛ وشراح الحديث في
فهم النلصوص» وتأويلها على غير مذهب السلف» وبين فساد أقوال القائلين
برد الأحاديث الموهمة بأنها خلاف للعقل» أو القياس بلاحجة؛ وبرهان»
فتكلم في رسالته المسماة: "مقدمة في أصول التفسير" على أخطاء بعض
المفسرين الذين حرفوا الكلم عن مواضعه؛ وفسروا كلام الله ورسوله #*
.)1770/1١( درء تعارض العقل والنقل )١(
تراث المسلمين العلمي في نظر شيخ الإسلام
ماوقع فيما صنفوه من شرح القرآن وتفسيره
إن هذه الملاحظات القيمة التي جمعتها من مؤلفات شيخ الإسلام على
طلبة العلم؛ ويستضيئوا بضوتهاء لأن هذه المراجع التي تناولها شيخ
الإسلام بالنقدء والتقويم لازالت مراجع الناس على أصنافهم؛ وهي مليئة
بالمذاهب الكلامية؛ والبدع؛ والخرافات» والضلالات» والأحاديث
وإني أرى أن نشر هذه الإفادات العلمية في الوقت الحاضر فيه فائدة
مناهل شيخ الإسلام» ويتوجهوا إلى علوم السلف؛ ويبتعدوا عن غيرهم
حماية لدينهم» وعقيدتهم» وخدمة لتراثهم الأصيل . وبالله التوفيق .
1 1ه المؤلف
(1) مجموع الفتاوى (271/1)
ترات المسلمين العلمي في نظر شيخ الإسلام ابن
الفصل الأول
في ذكر دواوين الإسلام المشهورة
-١ كتابة الحديث الشريف من عمد النبي عه إلى عصر
ال مام مالك
-٠ الموطأ لل مام مالك بن انس
-٠ الجامع الصحيح لل مام محمد بن إسماعيل البخاري
- الجامع الصحيح للا مام مسلم بن الحجاح القشيري
المسلمين العلمي في نظر شيخ الإسلام
الفصل الأول
في ذكر دواوين الإسلام المشهورة
-١ كتابة الحديث الشريف من عهد النبي لله إلى عصر الإمام
مالك؛ ومنزلة كتاب الموطأ بين الكتب المصنفة قبل وجود
المسيحين
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فضل علماء أهل المدينة
وصحة أصولهم؛ وقال: "لاريب عند أحد أن مالكا -رضي الله عنه- أقوم
الناس بمذهب أهل المدينة رواية ورأياً؛ فإنه لم يكن في عصره؛ ولا بعده
أقوم بذلك منه؛ كان له من المكانة عند أهل الإسلام -الخاص منهم والعام-
وما لا يخفى على مَنْ له بالعلم أدنى إلمام؛ وقد جمع الحافظ أبوبكر الخطيب
أخبارهم؛ أولم يصل إليه خبرهم؛ فإن الخطيب توفي سئة ثلاث وستين
وأمشال هؤلاء واحدء ومالك توفي سنة تسع وسبعين ومشة؛ وترفي
أبوحنيفة سنة خمسين ومثة؛ وتوفي الشافعي سنة أربع ومائتين» وتوفي
)١( قال الذهبي في السير: وقد جمع الخطيب كتابا كبيرا في الرواة عن مالك وشسيء من روايشهم عنه (41/8) ومنه
*مجرد أسماء الرواة للإمام مالك" لأبي الحسين يحبى بن عبدالله بن علي القرشي (ت171ه (انظر: تاريخ
التراث 170/١
تراث المسلمين العلمي في نظر شيخ الإسلام ابن
أحمد بن حنبل سنة إحدى وأربعين» ولهذا قال الشافعي -رحمه الله-:
"ما تحت أديم السماء كتاب أكثر صوابا بعد كتاب الله من موطأ
وهذا لايعارض ماعليه أئمة الإسلام من أنه ليس بعد القرآن كتاب
مسلم» ومن رحج مسلماء فإنه رحجه بجمعه ألفاظ الحديث في مكان
واحدء فإن ذلك أيسر على من يريد جمع ألفاظ الحديث.
وأما من زعم أن الأحاديث التي انفرد بها مسلم» أو الرجال الذين
انفرد بهم أصح من الأحاديث التي انفرد بها البخاري» ومن الرجال الذين
كما لايشك أحد أن البخاري أعلم من مسلم بالحديث» والعلل
المشهورة؛ وإن كان قد يتفق لبعض ما انفرد به مسلم أن يرجح على بعض ما
أهل العلم أنه ليس بعد القرآن كتاب أصح من كتاب البخاري ومسلم.
وإنما كان هذان الكتابان كذلك. لأنه جرد فيهما الحديث الصحيح
الصحيح المسند عن رسول الله ه فهو أصح الكتب» لأنه أصح منقولا عن
(1) هذا قال قبل أن يؤلف الصحيحان. وانظر السير (44/8) والباعث الحثيث (18)؛ وتدريب الراوي (41/1)
ترات المسلمين العلمي في نظ شين الإسلام ابن تيمية
ست اتسنا
المعصوم من الكتب المصنفة .
الناس على عهد رسول الله #ه كانوا يكتبون القرآن» وكان النبي قد
“من كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه"
ثم نسخ ذلك عند جمهور العلماء؛ حيث أذن في الكتابة لعبدالله بن
ذلك؛ فكان الناس يكتبون من حديث رسول الله ه ما يكتبون» وكتبوا
الأمورات» وصنف سعيد بن أبي عروبة؛ وحماد بن سلمة؛ ومعمر» وأمثال
هؤلاء يصنفون ما في الباب عن النبي #؛ والصحابة؛ والتابعين.
وهذه هي كانت كتب الفقه.؛ والعلم» والأصول؛ والفروع بعد
اث المسلمين العلمي في نظر شيخ الإسلام ابن تيمية
الشافعي -رحمه الله- فقال: "ليس بعد القرآن كتاب أكثر صواباً من موطأ
"يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم؛ فلا
يجدون عالما أعلم من عالم المدينة ' فقد روى عن غير واحد كابن
مكانة الصحيحين ومنزلتهما في كتب الإسلام
اتفق أهل العلم على أن صحيحي البخاري ومسلم أصح ما ألف في
1 خ الإسلام بالصحيحين وب مكانتهماء وشروطهماء
وأهميتهما في كتب الإسلام غير مرة» وخلاصة ما تقدم؛ وسيأتي أن متون
الصحيحين معلومة متيقنة؛ قد تلقاها أهل العلم بالحديث بالقبول»
)١( انظر: المحدث الفاصل (ص »)111-71١ وقد ألفت كتب كشيرة في تدوين الحديث الشبوي منها: السنة قبل
التدوين للدكتور محمد عجاج الحطيب» ودرسات في الحديث وتدوه للدكتور محمد مصتطقي الأعظمي,
)١( مجموع القتارى (0/60 م
ترات المسلمين العلمي في نظر شيخ الإسلام ابن تيمية
صحتها قد تتواتر» أو تستفيض عند بعض دون بعض» وقد يحصل العلم
تفيد العلم دون بعض لعلمه بذلك.
وقال في موضع إجابة عن سؤال: فيمن نسخ بيده الصحيحين»
والقرآن؛ وهو ينوي كتابة الحديث وغيره؛ وإذا نسخ لنفسه أو للبيع هل
" وأما كتب الحديث المعروفة: مثل البخاري» ومسلم فليس تحت أديم
السماء كتاب أصح من البخاري» ومسلم بعد القرآن» وما جمع بينهما مثل
"الجمع بين الصحيحين ' للحميدي» ولعبدالحق الأشبيلي» وبعد ذلك كتب
السان: كستن أبي داوف والنسائي» وجامع الترمذي؛ والمساند كمسند
الشافعي» ومسند الإمام أحمد.
الكتب حتى قال الشافعي: “ليس تحت أديم السماء بعد كتاب الله أصح من
موطأ مالك" .
الباب بين المأثور عن النبي #ه؛ والصحابة؛ والتابعين» ولم تكن وضعت
كتب الرأي التي تسمى “كتب الفقه " ِ
وبعد هذا جمع الحديث المسند في جمع الصحيح للبخاري ومسلم؛