برع في تفسير القرآن » وغاص في دقيق معانيه » بطبع سال ؛ وخاطر واد
وإلى مواضع. الأشكال مال » واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها +
وبرع في الحديث وحفظه . . . وفاق الناس في معرفة الفقه » واختلاف
الذاهب » وفتاوي الصحابة والتابعين . . . واتقن العربية أصولاً وفروعاً وتعليل
نظر في العقليات » وعرف أقوال المتكلمين ورد عليهم . . . ونصر السئة
بأوضح حجج » وأبهر البراهين » وأوذي في ذات الله من المخالفين . . وأحيا به
الشام بل الاسلام بعد أن كاد ينثلم خصوصاً في كائئة التتار وقيل فيه : كان إذا
وحكم أن أحداً لا يعرفه مثله .
فكان ليث حرب
أما محنه فكثيرة . . حبس بقلعة دمشق ستتين وأشهر . . وكانت جنته في
قلبه وبستانه في صدره . . فكان السجن له نعمة .
وأما تصانيفه فهي أشهر من أن تذكر » وأعرف من أن تنكر . . جاوزت
الكتاب واحد منها .
القعدة وكان يقرأ القرآن . . وقد بلغ قوله تعالى : إن المثقين في جنات وَبهَرْ في
عشر ألف امرأة غير اللاي كن على الأسطحة وغيرهن . .
وشرب جاعة الماء الذي فضل عن غسله ؛ واقتسم جماعة بقية السدر
وحصل في الجنازة ضجيج وبكاء كشير وتضرع وختمت له حتمات كثيرة
ورثاه جماعة مة. وقد صل عليه صلاة الغائب في غالب بلاد الإسلام حتى في
يعرف فيقول: إن الله بين ذلك في كتابه ونبيه - أي بين الفرق بين
كان أعظم فرقاناً - .
ومن كان أبعد عن أتباع الكتاب والرسول كان أبعد عن الفرقان 6
واشتبه عليه الح بالباطل . . وإن الله تعالى بعث محمداً ل بالحدى ودين الحق
ليخرج الناس من الظلمات إلى السور . . ففرق بين الحق والباطل .. وطريق
أولياء الله السعداء » وأعداء الله الأشقياء .
أما الفرقان فهو القرآن الكريم . . وساق الآيات الدالة على ذلك لما أنزل
الله تعالى الإيمان في القلوب » وأنزل الميزان » والإيمان ٠
والميزان : مما يحصل به الفرقان أيضاً كما يحصل بالقرآن » وإذا أنزل القرآن
حصل به الإيمان والفرقان .
ومن الفرقان : أنه فرق بين أهل الح المهتدين المؤمنين المصلحين - وبين
أهل الباطل الكفار والضالين المفسدين أهل السيآت .
وإن سنة الله تعالى لن تبدل ولن تتحول . . وسئته عادته أن يسوي فيها
المتماثلة بأحكام متمائلة
ثم تكلم عن عقائد السلف واعتصامهم بالكتاب والسنة ؛ ثم وصل
الكلام إلى أهل البدع . . كالخوارج وسوء فهمهم للقرآن الكريم . . وتكفيرهم
أرباب الذنوب . . والفِرّقٌ التي حدثت بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله
عنه . . ثم الرافضة والقدرية . . والمعتزلة والمرجثة والجهمية وأصحاب
الحلاج .. كما تكلم عن اليهود والنصارى وعقائدهم ليصل الكلام إلى جماع
الفرقان بين الحق والباطل . . . أن يجعل ما بعث به الله به رسله وأنزل به كتبه
هو الحق الذي يجب اتباعه ؛ وبه يحصل الفرقان والحدى والعلم والإيمان - وما
باطل . . والعلم ما قام عليه الدليل . . والتاقع منه ما جاء به الرسول . . ثم
عرض لأقسام العلوم . . . ليصل الحديث إلى علم الكلام ومناهج الفلاسفة
ويعود في آخر الكتاب ليبسط شبه الفرق التي نجمت بعد مقتل عثمان رضي الله
عنه وبرد عليها . . . بأسلوبه التميز حيث الاستدلال بالكتاب والسنة .. ويهدم
قول المبطلين ويكشف زيف الملحدين ؛ فرحمه الله وجزاه عن الاسلام والمسلمين
خير الجزاء
الشيخ خليل اليس
مدير أزهر لبثان
بس الجاوسيم
إلى طوائف وفرق هذه الأمة
إلى إخواننا السلفيين الكرام . يتعلمون من إمامهم +
إلى طلاب العلم من الإخوة المسلمين ليعرفوا الحق من الباطل
إلى جماعات الدعوة . . ليتبين لهم الفرقان بين الحق والباطل
إلى الجهمية ومن تبعهم من الزنادقة والملحدين .
أهدي هذا الكتاب :
الفرقان بين الحق والباطل
للإمام ابن تيمية
الحمد لله نستعينه ونستهديه ونستغفره » ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صل الله
قال الإمام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله وهومما
صنفه بقلعة دمشق أخيراً .
القت رآن والفرقان
في الفرقان بين الحق والباطل ؛ وأن الله بين ذلك بكتابه ونبيه ؛ فمن كان
كان أبعد عن إتباع الكتاب والرسول » كان أبعد عن الفرقان واشتبه عليه الحق
بالباطل » كالذين اشتبه عليهم عبادة الرحمن بعبادة الشيطان » وللنبي الصادق
بالمتنبي الكاذب ؛ وآيات النبيين بشبهات الكذابين حتى اشتبه عليهم الخالق
باللخلوق » فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً بالهدى ودين الحق ليخرج الناس
من الظلمات إلى الور ء ففرق به بين الحق والباطل » والمهدى والضلال +
والرشاد والغيّ » والصدق والكذب » والعلم والجهل ؛ والمعروف والمنكر ؛
وطريق أولياء الله السعداء وأعداء الله الأشقياء ؛ وبين ما عليه الناس من
الاختلاف » وكذلك النبيون قبله . قال الله تعالل : ( كان الناس أمة واحدة
فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيا
لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم وما أنزلنا عليك الكتاب
البقرة 117
)١( سورة
إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون 996
وقال سبحانه وتعال : تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون
للعالمين نذيراً»). وقال تعالل: آم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك
الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدئّ للناس
وأنزل الفرقان 4
قال جاهير المفسرين : هو القرآن . روى ابن أبي حاتم بإسناده عن الربيع
ابن أنس قال : هو الفرقان فرق بين الحق والباطل . قال : وروى عن عطاء
ومجاهد ومقسم وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك ؛ وروى بإسناده عن شبان عن
قتادة في قوله : وأنزل الفرقان . قال هو القرآن الذي أنزله الله على محمد ففرق
حرامه ؛ وح حدوده وأمر بطاعته ونهى عن معصيته .
وعن عباد بن منصور سألت الحسن عن قوله تعال : ( وأنزل
الفرقان » . قال : هو كتاب بحق . والفرقان مصدر فرق فرقاناً ؛ مثل الرجحان
والكفران والخسران . رآن هو في الأصل مصدر قرأ قرآناً ومنه قوله :
بالله من الشيطان الرجيم!* كا أن الكلام هو اسم مصدر كلم تكلياً ؛ وتكلم
وحركة هي مسمى المصدر ؛ وحصل عن الحركة صوت يقطع حروفاً هو نفس
للتكلم . فالكلام والقول ونحو ذلك يتناول هذا وهذا ؛ ولهذا كان الكلام تارة
يجعل نوعاً من العمل إذا أريد به المصدر » وتارة يجعل قساً له إذا أريد ما يتكلم
به وهو يتناول هذا وهذا ؛ وهذا مبسوط في غير هذا الموضع
والمقصود هنا أن لفظ الفرقان إذا أريد به المصدر » كان المراد أنه أنزل
للفصل والفرق بين الحق والباطل » وهذا منزل في الكتاب فإن في الكتاب
الفصل وإنزال الفرق هو إنزال الفارق » وإن أريد بالفرقان ما يفرق فهو الفارق
أيضاً فهاً في المعنى سواء » وإن أريد بالفرقان نفس المصدر فيكون إنزاله كإنزال
الإيمان وإنزال العدل » فإنه جعل في القلوب للتفريق بين الح والباطل
بالقرآن » كما جعل فيها الإيمان والعدل وهو سبحانه وتعالى أنزل الكتاب
والميزان » والميزان قد فسر بالعدل ؛ وفسر بأنه ما يوزن به ليعرف العدل ؛ وهو
الأخرى » سمي كتاباً باعتبار أنه مجموع مكنوب تحفظ حروفه ويقرأ ويكتب »
وسمي فرقاناً باعتباره أنه يفرق بين الح والباطل كما تقدم ؛ كما سمي هدى
الشبهات والشهوات » ونحو ذلك من أسمائه ب"
وكذلك أسماء الرسول كالمقتفي والماحي والحاشر » وكذلك أساء الله
الحسنى كالرحمن والرحيم والملك والحكيم ونحو ذلك ؛ والعطف يكون لتغاير
الأسماء والصفات ؛ وإن كان المسمى واحداً كقوله : سبح اسم ربك الأعلى
التوراة والإنجيل وذكر أنه أنزل للفرقان .
١ سورة الحديد )1( 7-١ صورة الأعلى )١(