المجتمع حب المظاهر وكثرة الاتباع ومتع الحياة من نساء وأموال ومتاع ؛ كما ثلانت
فيه الحركة العمية فاقتصرت على حفظ المنون من العلوم وحفظ القرآن.والحديث
والاجتهاد ومن حاول أن يخرج عن هذا الالتزام إلى ساحة الاجتهاد كما فعل شيخنا
لقد كان هذا المجتمع تغشاه ظلمات كثيرة متكاشفة : لمات دخيلة من الفلسفة
الهندية والفارسية واليونانية وظلمات التقليد الأعمى وظلمات من بعض المتصوفين
وزاد الأمر سوءاً استبداد الحكام وتماديهم في الظام والفساد وهم في ذلك لا يمشون
الناس لذلتهم ولا يخشون الله لأنهم بعيدون عنه؛ وقد قبضت لهم بطانة سوء من
المحسوبين على العلماء والعباد زوراً ويتاناً.
موقف الشيخ الامام
أمام ضعف الدولة الإسلامية وضعف المسلمين على نحو ما أشرنا والانقسام في
الرأي وتعدد المذاهب وتلون الفرق وتخبط الأمة في الأوهام- والخزافاف + وقف
الشيخ ابن تيمية وقفة الرجل الجاهد يحاول أن يرجع الحق إلى. نصابه ويعيد الأمة
أوهامها وضلالاتها ؛ وأنه لا سبيل إلى ذلك كله إلا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة
رسول اله المصدرين اللذين استقى منهما المسلمون الأولون وعاش في ظلهما الصحابة
الأخيار والتابعون الأبرار.
فقد أتيح للشيخ أن يفقه كتاب الله وسنة رسوله الأمين » قثا بصيراً بآيات الله +
عرف الحق-وأقبل على هداية:السماء .فازداد ثوراً على نور وهداية إلى هداية أراه أن
أقبل على ربه بقلب سلم وإيان ثابت فل يتأثر بالأواء ولا بالنزعات الختلفة ولم تان
يصاع بالحق ويلك نبيل المؤمنين» ويقول للنخسن أحسنت وللمسيء أسأت ؛ لا
تأخذه في الله لومة لاثم ؛ شعاره دلو ا جتمعت الأمة على أن يتفعوك بشيء ل ينفعوك
ففضى لسبيله يفند الفرق ويضعف رأيها ويجاببها بالحجة والدليل من كتاب الله
وسنة رسول الله ؛ يحاول تقوم المعوج منها وإعادته إلى الصراط المستقم على منهج
كل خير في اتباع من ملف وكل شر في ابتداع من خلف
عرف بثاقب نظزه أن ما وصلت إليه الأمة آنذاك من ضعف وهوان وتفرق
وخذلان إنما هو بسبب بعدها عن منهج الدين الصحيح واتباعها البدع واعتادها على
تخبط به هو برجوعها إلى الله والتمسك بحبله المنين والاعقاد على كتابه المبين واتباع
سبيل المؤنين.
فشمر عن شاعد الجد وشحذ ماضي العزيمة ونبض يكافح مناوئيه على كثرتيم
ويجاهد معارضيه على وفرتهم ويقارعهم بالحجة والدليل » مستمداً أسلحته من الكتاب
والتثنة ؛ معتمداً على ما آتاه الله من حسن البيان وفصاخة اللسان إلى جانب حافظةة
مسعفة وبصيزة وهَاجة وإيمان واد ؛ ماضياً في معركته لا يداهن أو يهادن ؛ ناذزاً تقسه
وبنة رسوله واتباع المنهج الذي بار عليه المسلمون الأولون ؛ وقد احتج لمذهب
السلف ببراهين لم يسبق إليها وجهر بأشياء ما كان أحد غيره يجرؤٌ عليها .
جولته مع الخصوم وسعيهم لدى اللطة لحبه
وكان لا بد أن تنشاً نجولات بين الحق وبين الباطل + بين شيخنا تَ مما آناء الله من
حجة وبرهان - وبين حزب الشيطان ومعهم رجال الدولة ومن والاهم من العلماء
الأفكار وسعوا به إلى السلطة ليودعوه السجن دون أن يكون عليه بأخذ سوق
التزوير علبه فلم يش سلطائم ول يحزن لما أصابه من حبسهم وأذاهم بل كان يعنبر
وجرأة على باطلهم وهيبة في نفوسهم وهم يزدادون خوفاً منه تجاه وقوفه مع الله ؛ لقد
كان بإمكانهم قتله ولكن قذف الله في قلوبيم الرعب ؛ وإذا لم يثالوا منه فقد تسلطوا
يستفيد منها المسلمون حى اليوم
مقتطفات هامة من حياته وردت في كتاب البداية والنهاية
وسنورد بتصرف مقتطفات مما جاء في كتاب البداية والنهاية لابن كثير المعاصر
للشيخ وهي تعرض بعض الجوانب الامة من حياته موزعة على السنين حسب طريقته
ف التأليف ٠
ففي سنة 8 حصل خلاف بين الشيخ وبين المنتسبين إلى الطريقة الأجدية
وطلبوا من نائب السلطان أن يكف عنهم ؛ وقد أجابهم الشيخ بأنه لا بد لكل أحد أن
يدخل تحت الكتاب والسنة ومن خرج وجب الانكار عليه ؛ وأخيراً تم الاتفاق على
أن من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه وبذلك انتصر الشيخ عليهم ٠
على أن الحال لم يدم طويلاً فأخذ الحاقدون يحيكون للشيخ في الخفاء وعقدت
مجالس ثلاثة عند نائب السلطان حضر فيها القضاة والعلماء وقد ظهر عليهم الشيخ
واستمرت المكائد إلى أن جاء كتاب من السلطان يطلب فيه أن يحمل الشيخ إلى
وفي مصر عقد له مجلس بالقلعة اجتمع فيه القضاة وأكابر الدولة ؛ وعندما وجهت
إليه الأسثلة ليحامم سأل من الحاكم فقيل القاضي المالكي ؛ فقال له الشيخ كيف تحكم
وأنت خصمي؟!! فغضب القاضي واستحصل على مرسوم بحبسه وكان ذلك في رمضان
اسنة 0.لاه
واستمر في سجنه حتى ربيع سنة ١17 عندما حضر الأمير حسام الدين وأقسم على
دار ملار حي اجتاعات ضمت بعض العلماء وجرت بحوث كثيرة وقد تخلف
الكثير من العلماء تهيباً من الشيخ وما عنده من حجج مفحمة ؛ وأقام الشيخ عند
وفي شوال من نفس السنة استنكر الصوفية على الشيخ فاحيلوا على القاضي
الشافعي فعقد له مجلس لم يثبت عليه شيء ولكنه قال لا يستغاث إلا بالله ولا يستغاث
بالني . واعتبر القاضي أن هذا غير لائق.
ثم إن الدولة خيرت الشيخ بين أن يسير إلى دمشق أو الاسكندرية أو الحيس
فاختار الأخيرء والسيب في سجنه يعود إلى تدخل بعض الحاقدين عليه من مثل
يقصده الناس ويستفتونه وتأتيه الفتاوي في المشاكل المعقدة
الكتاب والسنة.
ثم خرج الشيخ من السجن في آخر سنة 707 وعكف الناس عليه زيارة وتعلقاً
واستفتاء .
وفي سنة 1708 سيره الحا إلى الاسكندرية ونزل في برج فسيح من دار السلطان
الجاششكير؛ الذي سبق ذكره ؛ على هيئة المنفى وقد خاف عليه اتباعه من
الجاششكير وشيخه المنجبي ولكن الله حماه منهم . وقد استطاع أن يجمع المسلمين هناك
وهدي فريقاً كبيراً من الضالين. وأقام هناك ثانية أشهر مكرماً يتردد إليه الأعيان
في هذا الوقت استطاع الملكه الناضر أن ينتزع الملك من الجاشكير هذا فطلب
أن يقدم عليه الشيخ معززاً مكرماً وقد تلفاء في مجلى حافل وصف بأن السلطان ما
الشيخ في يد السلطان.
وتبين فيا بعد أن السلطان استقق الشيخ في قتل بعض القضاة النين نالوا منه +
ول كان الملطان ناقماً عليهم لأنهم كانوا أفتواء بعزله- من الملك » فقد أدرك الشيخ
غرض النلطان وأنكر أن ينال أحداً بسوم » ولم يرد أن ينتقم لنفسه » وأخذ يعظم
ثم إن الشيخ سكن في مصر قرب مشهد الحسينٌ وأخذ الخاصَة والفامَة يتَرَددونَ
إليه . والفقهاء والقضاة منهم من يعنذر إليه ويتنصّل ما وقع منه وهو يقول قد نابت
وفي سنة 0632 عاد الشيخ إلى «تمشق بصحبة السلطان بعد أن غاب عنها سبع
واستبشيروا بقدونه واستمر هناك في. نشبر العلم وتصنيف. الكتب وإقتاء..الناسس
والاجتهاد في أحكام الشريعة ؛ حيث كان يفي بما أدى إليه اجتهاده » فأحياناً يوافق
المذاهب الأربمة وأحياناً يخالفهم مستدلاً على ذلك من الكتاب والسئة وأقوال
الصحابة واللف:
زوراً ووجدها الحاقدون عليه فرصة للنيل منه وبسببها دخل الحبس من جديد
سبب دخوله الجن
قبور الأنبياء والصالحين ؛ لأن المأثور عنه أن مثل هذه الزيارة الخالية عن شد الرحل
يستحبها وكتبه ومناسكه'تشهد بذلك.
وهكذا صدر الأمر باعتفاله من جديد وحبس في قلعة دمشق في شعبان سنة 136
فلم يتأثر وقال أنا كنت منتظراً لذلك ,وأظهر الفرح والسرور معتيراً أن حيسهة
سيكون فيه مصلحة كبيرة وخير كثير.
القعدة شنة 11118
وصف جنازته
وبالطريق إلى الجامع الأموي الذي امتلاً ووضعت الجنازة في الجامع وأحاط بها الجند
والأزقة والأسواق وخرج الناس من الجامع من أبوابه كلها .كل باب أشد زحمة من
الآخر ءثم حمل على رؤوس الأصابع واشتد الزحام وعلت الأصوات بالترحم عليه
والثناء والدعاء له ؛ وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائهم وثيابهم ؛ وخرج الناس
من أبواب البلد جميعها » وزاد في الزحام كثرة من أتى من أهل الغوطة وأهل القرى
وغيرهم ؛ وأغلق الناس حوانيتهم ولم يتخلف إلا من هو عاجز ؛ حتى إن من حضر
من النساء قدر بخمسة عشر ألفاً غير من كُنّ على الأسطحة » وقدر عدد الرجال بمثتي
وهكذا انتهت حياة الشيخ الإمام حافلة بالأحداث والجهاد والكفاح ؛ لم يخرج
فيها عن الخط الذي رسمه لنفسه في نصرة دين الله وإظهار شريعته ؛ سائراً بجناحين
كتاب الله وسنة رسوله.
التعريف" بالكتاب
يتاز هذا الكتاب - الفرقان بين الحق والباطل - بأنه آخر ما كتبه المؤلف الشيخ
ان تيمية رحه الله » حيث ألفه وهو سجين القلعة في دمشق التي توفي فيها ؛ لذلك فقد
فيه الكلام في تصانيفه المنعددة .
الباعث على تأليف الكتاب
وفكرة الكتاب تعود إلى أن المؤلف هاله أن يجد المسلمين ينقسمون إلى فرق
متعددة وأحزاب متضاربة « كل حزب ما لديهم فرحون » كل فرقة تعارض الفرقة
الأخرى وتختلف معها في الرأي وتعارضها في الفكر ؛ وأن أساس الخلاف - كما يقول
الشيخ - ناجم عن البعد عن كتاب الله دستور هذه الأمة ؛ ولو أنم اعتمدوا كتاب الله
في مناهجهم وآرائهم لما وجد الخلاف إلى صفوفهم سبيلاء
ولكن التعصب للرأي والانحياز للفرقة التي ينتمي إليها الشخص والانزلاق في
متاهاتها دون تحكيم كتاب الله ؛ هو الذي غذى التفرقة ووسم هوة الخلاف . بل إن
الانقياد الأعسى للرأي والتعصب له جمل غشاوة على العيون حال بينها وبين رؤية
الحقيقة ؛ وأصم الآذان فلا تصفي إلى صوت الح ؛ وأعمى القلوب فأفقدها البصيرة
« فإنها لا تسى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور »
ماذا فعل المؤلف
أمام هذه التيارات المتباينة والمواقف المتضاربة والفرق المتناحرة وقف الإمام
وقفة المناضل الشريف وثبت ثبات الأسد المصور يعرض آراء الفرق ويفندها وويسط
انحرافاتها فقرة فقرة وينقضها خطوة خطوة » ويبطل استدلالاتها وبراهينها الواحد
تلو الآخر ؛ وجدمها اللبنة تلو اللبنة ؛ معتمداً في رده عليها . على كتاب الله وسنة
إليه من آيات كتاب الله وسنة رسول الله ؛ لإقتاع المتحرفين وإبطال أقاويلهم
وتصحيح مسارهم .
أسلوب الكتاب
والكتاب موجز بليغ في عرض الأفكار والرد عليها وهو على اختصاره فقد
حاول المؤلف أن يزخم فيه آراء الفرق الإسلامية بشكل بليغ وبطريقة لا تخلو من"
عندهم اطلاع واسع على آراء الفرق وإلام غزير ببذاهبهم وأفكارهم ؛ ولذلك جاءت
وهذا الأمر يجعل القارىء العادي في هذه الأيام بشعر بأنه يمل طلاسم أو يفك
رموزاً وألغازاً » وبالتالي يجعله لا يكاد يفقه ما يقول , وأنه بحاجة ماسة إلى مزيد من
البيان والتوضيح حتى يستطيع أن يعايش المؤلف في أفكاره ويشي ممه في خطواته .
لماذا كانت التعليقات على الكتاب
فهم ما إليه يقصد والوصول إلى كشف ما بريد » فقد وجهت اهتامي إلى توضيح عبارة
المؤلف بالتعليق عليها في مواضعها من الكتاب وذلك بإعادة الضائر الملتبسة إلى
أصحابها ليتضح المعنى ؛ أو بذكر الفريق الذي يريد بعد أن كان غامضاً ؛ أو بتوضيح
الجملة الخفية التي لزخمها من المؤلف جملت القارىء يتيه في تحليلها ولا يكاد يبين أو
بالتصريح بالغرض الذي يرمي إليه بعد أن يكون قد"ذكر رمزاً عنه يجعل القارىاء
متطلماً إلى معرفة تفاصيله ؛ أو تحديد غرضه من كلمة معينة تحتمل أكثر من اتجاه
التعليقات سبيل إلى فهم الكتاب
جهد وينكشف له دون مشقة ويتوضح أمامه بلا عناء , وكأن هذه الك ليقات أضواء
تُلقى على الفوامض فتجلوها وعلى المعتم من الأفكار فتنيرها وعلى المعقد من المماني
فتحل عقدها وعلى الملتبس من الكلام فتحدد مسارها ؛ وسوف يلمس القارىء الجهد
سائغاً حلو ا مذاق ؛ فيمضي في تصفحه برغبة وشوق ويقبل عليه بشغف وذوق
لمحة عن مواضيع الكتاب
والآن سأستعرض ممك أيها القارىء العزيز مواضيع هذا الكتاب لتأخذ لحة
موجزة عن أبوابه وفصوله وغاياته وأهدافه ؛ لتكوّن فكرة عامة وهيكلية جملة عن
مسيرة الكتاب » ولتكون على عل مسبق بواضيعه يكون عونا لك في متابعته.
يهد المؤلف لكتابه بأن كتاب الله وسنة رسوله هما النبع الذي يرتوي منه الناس +
اللف أولى بالاتباع
يؤكد أن السابقين الأولين من الصحابة هم أجدر أن يتبعهم المسلمون من
« والسابقون الأولون » ومن هنا كانت آراؤهم وأقوالهم أولى بالاتباع من آراء وأقوال
من بعدهم داعماً قوله بالحديث الشريف « خير القرون القرن الذي بعشت فيه ثم