الإسكندرية؛ ثم أطلق سراحه فسافر إلى دمشق سئة
معتقللً بقلعة دمشق عام 38اه الموافق 1718م فخرجت
دمشق كلها في جنازته.
قال الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الباري في
(العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن
أهل دمشق من فرط ذكائه؛ وسلامة ذهنه؛ وقوة حافظشه؛
وسرعة إدراكه.
وقال الشيخ الحافظ أبو عبد الله الذهبي : [ولد سنة
117 وتوفي اسنة 8448/ه.] نشأ الشيخ تقي الدين رحمه
الله - في تصون تام وعفاف» وتعبد وكان يحضر المدارس
والمحافل» ويناظر ويفحم الكبار.
وكان والده من كبار علماء الحنابلة وأئمتهم؛ ولقد
اشتهر صيته تقي الدين فأخذ في تفسير الكتاب العزيز في
وشجي في حلوق أهل الأهواء والمبتدعين؛ وإماماً قائماً
ببيان الحق ونصرة الدين» فكان بحراً لا تكذّره الدذلاء؛
قال الحافظ أبو الحجاج يوسف المزي: [ولد سنة
مثل نفسه» ولا رأيت أحداً أعلم يكتاب اللَّه وس رسوله فَة
ولا أتبع لهامنه.
مما تقدم
لنا أن شيخ الإسلام رحمهة الله كان
نشأ في بيئة ومجتمع خيمت عليهما ظلمات التقليد الأعمى
في شؤونهم الدينية والدنيوية . حرج شخ الإسلام رحمة
الله سا ا مؤمناً بنعيم
أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيشاً؛ كما أخرج غيره من
المتقدمين. وأعطاه أسباب وسائل العلم .
ودارت المعارك بين شيخ الإسلام» وبين حزب
ولم يكتف أعداء الدين بإيذائه؛ بل تسلطوا على
شيخ الإسلام ومؤلفاته وفتاويه يحرقون مخطوطاته ويتلفونهاء
إرادة الله هي الأقوى. . وتمت كلمة ربك صدقاً وعدا
فحفظ الله كتب شيخ الإسلام وفتاويه؛ وحفظ قلبه ولسانه»
حتى أتاه اليقين حبيس الظلم في قلعة دمشق سنة 1/38
رحمه الله ورضي عنه.
طارق السعود
الحمد لله رب العالمين. سثل شيخ الإسلام الإمام
العلامة تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن
تيمية رضي الله عنه عن العقل الذي للإنسان هل هو
الحمد لله رب العالمين. العقل في كتاب الله وسنة
رسوله وكلام الصحابة والتابعين وساثر أئمة المسلمين هوأمر
يقوم بالعاقل سواء سمي عرضاً أو صفة ليس هوعيناً قائمة
بنفسها سواء سمي جوهراً أوجسماً أو غير ذلك. وإنما يوجد
التعبير باسم العقل عن الذات العاقلة التي هي جوهر قائم
بنفسه في كلام طائفة من المتفلسفة الذين يتكلمون في
العقل والنفس ويدّعون ثبوت عقول عشرة كما يذكر ذلك
من يذكره من أتباع أرسطو أو غيره من المتفلسفة المشائين»
ومن تلقى ذلك عنهم من المنتسبين إلى الملل .
وقد بسط الكلام على هؤلاء في غير هذا الموضع
وبين أن ما يذكرونه من العقول والنفوس والمجردات
والمفارقات والجواهر العقلية لا يثيت لهم منه إَّ نفس
الإنسان وما يقوم بها من العلوم وتوابعها؛ فإن أصل تسميتهم
لهذه الأمور مفارقات هو مأخوذ من مفارقة النفس البدن
بالموت وهذا أمر صحيح فإن نفس الميت تفارق بدنه
بالموت وهذا مبني على أن النفس قائمة بنفسها تبقى بعد
فراق البدن بالموت منعمة أو معذبة وهذا مذهب أهل الملل
بإحسان وسائر أئمة المسلمين؛ وإن كان كثير من أهل
الكلام يزعمون أن النفس هي الحياة القائمة بالبدن» ويقول
بعضهم هي جزء من أجزاء البدن كالريح المترددة في البدن
أو البخار الخارج من القلب.
ففي الجملة النفس المفارقة للبدن بالموت ليست
جزءاً من أجزاء البدن ولا صفة من صفات البدن عند سلف
الأمة وأئمتهاء وإنما يقول هذا وهذا من يقوله من أهل
الكلام المبتدع المحدث من أتباع الجهمية والمعتزلة
ونحوهم . والفلاسفة والمشاؤون يقرّون بأن النفس تبقى إذا
فارقت البدن لكن يصفون النفس بصفات باطلة فيدعون أنها
إذا فارقت البدن كانت عقا والعقل عندهم هو المجرد عن
المادة وعلائق المادة. والمادة عندهم هي الجسم وقد
يقولون هو المجرد عن التعلق بالهيولي» والهيولي في لغتهم
هو بمعنى المحل. ويقولون المادة والصورة» والعقل
عندهم جوهر قائم بنفسه لا يوصف بحركة ولا سكون ولا
تتجدد له أحوال البتة.
فحقيق قولهم أن النفس إذا فارقت البدن لا يتجدد لها
حال من الأحوال لا علوم ولا تصورات» ولا سمع ولا بصر
ولا إرادات» ولا فرح وسرور ولا غير ذلك مما قد يتجدد
ويحدث بل تبقى عندهم على حال واحدة أزل وأبدا كما
يزعمونه في العقل والنفس؛ ثم منهم من يقول أن النفوس
واحدة بالعين» ومنهم من يقول هي متعددة؛ وفي كلامهم
من الباطل ما ليس هذا موضع بسطه
وإنما المقصود التنبيه على ما يناسب هذا الموضع
فهم يمون ما اقترن بالمادة التي هي الهيولي وهي الجسم
في هذا الموضع نفساً كنفس الإنسان المدبرة لبدنه»؛
ويزعمون أن للفلك نفساً تحركه كما للناس نفوس لكن كان
قدماؤهم يقولون إن نفس الفلك عَرّض قائم بالفلك كنفوس
البهائم وكما يقوم بالإنسان الشهوة والغضب لكن طائفة منهم
كابن سينااا؟ وغيره زعموا أن النفس الفلكية جوهر قائم
المجرد عن المادة وعن علائق المادة؛ وأما النفس فهي
المتعلقة بالبدن تعلق التديير والتصريف.
)١( ابن سينا: هو الحسين بن عبد الله بن سيناء الفيلسوف الرئيس صاحب
في بخارى عام *7©ه الموافق *48م؛ تقلد الوزارة في همذان وثار عليه
عسكرها ونهوا بيته؛ فتوارى؛ ثم صار إنى أصفهان؛ وصنف بها أكثر كته
وعاد في أواخر أيامه الى همذان مرض في الطريق ومات بها عام 1768ه
الموافق 17١٠م
انقسام الوجود إلى عرض وجوهر
وأصل تسميتهم هذه مجردات هو مأخوذ من كون
الإنسان يجرد الأمور العقلية الكلية عن الأمور الحسية
مشتركاً بين الأناسيّ وبين الإنسانية الكلية المشتركة المعقولة
في قلبه؛ وإذا رأى الخيل والبغال والحمير وبهيمة الأنعام
وغير ذلك من أفراد الحيوان عقل من ذلك قدراً كلياً مشتركاً
بين الأفراد وهي الحيوانية الكلية المعقولة. وإذا رأى مع
ذلك الحيوان والشجر والنبات عقل من ذلك قدراً مشتركاً
كلياً وهو الجسم النامي المغتذى وقد يسمون ذلك النفس
النباتية» وإذا رأى مع ذلك سائر الأجسام العلوية الفلكية
الجسم العام المطلق» وإذا رأى ما سوى ذلك من
العام الكلي الذي ينقسم إلى جوهر وغَرّض» وهذا الوجود
عندهم موضوع العلم الأعلى الناظر في الوجود ولواحقه
وهي الفلسفة الأولى والحكمة العليا عندهم .
وهم يقسمون الوجود إلى جوهر وعرض» والأعراض
يجعلونها تسعة أنواع هذا هو الذي ذكره أرسطول'؟ وأتباعه
يجعلون هذا من جملة المنطق لأن فيه المفردات التي ينتهي
إليها الحدود المؤلفة. وكذلك من سلك سبيلهم ممن صنف
وكذلك من سلك سبيل ابن سينا كأبي حامد»
)١( أرسطو : أو أرسطاطاليس (37-788©) ق.م. مربي الاسكندر» فيلسوف
يوناني من كبار مفكري البشرية؛ تاثرت بوادر التفكير العربي بتاليفه التي
نقلها العرب الى العربية
(1) ابن حزم : هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري: أبو محمد؛ عالم
الأندلس في عصره؛ واد أئمة الااسلام. كان في الأندلس خلق كثير
يتسبون إلى مذهبه يقال لهم الحزمية. ولد بقرطبة عام 784ه ١ وكانت له
ولأبيه من قبله رياسة الوزارة وتدبير المملكة. فزهد بها وانصرف الى العلم
والتأليف . كان باحثاً فقيهاً حافظاً يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة بعيداً
فرحل الى بادية لبلة (الأندلس ) فتوفي فيها عام 457ه الموافق 1264م
الاسلام فيلسوف متصوف له نحو متي مصنف. ولد في الطايران (خراسان)
عام 4ه الموافق 98١٠م رحل الى نيسابور ثم الى بغداد فالحجاز فبلاد <