وقال : إلقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة
فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً [الفتح :
ففي هذه الآيات وغيرها بان فضائل الصحابة رضوان الله عليهم
ومناقبهم » وعظم ما امتن الله به عليهم دون سائر الأمة ؛ كيف لا وهم
أصْحاب الرسول الكرم » ونقلة الوحي من بعده » ويؤيد هذا البيان ما
جاء فى السنة المطهرة فى أحاديث كثيرة أكثر من أن تحصر ؛ ومنها
الحديث المعروف : «لا تسبوا أصحابي ؛ فوالذي نفسي بيده لو أن
أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ؛ ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه!" .
)١( ثم يأتي سيد قطب بعد هذا ويطعن في جماعة منهم وعلى رأسهم الصحابي
الجليل عثمان بن عفان يَمَم ثالث الخلفاء الراشدين فقد قال فيه سيد كما في كتابه
«العدالة الاجتماعية» (ص183 ؛ ط الخامسة) ؛ بعد أن تكلم عن استلام بني أمية مقاليد
الحكم الإسلامي ووصفه بأنه سوء حظ لا شك فيه قال د
«ولكنه في الواقع ليس المصادفة السيثة الأولى ؛ فلقد كانت أسوأ مصادفة هي تأخير
علي وتقديم عشمان وهو شيخ ضعيف » وتسلم مروان بن الحكم مقاليد السلطانا ؛ فلوشاء
حسن الطالع أن يتقدم علي بعد الشيخين لاستمرت تقاليد الإسلام فترة أخرى ؛ ِ
ولاستطردت موجته عهداً ثلث ولكان غير ما كان من طمس روح الإسلام ...© فزعم سيد
أن عهد عثمان طمس روح الإسلام تعوذ بالله من هذا
لها في الأرض وبخاصة في الشام وبفضل ما مكن للمبادىء الأموية امجافية لروح الإسلام
من إقامة الملك الوراثي والاستتشار بالمغانم والأموال والمنافع مما أحدث خلخلة في الروح
الإسلامي العام ...6 .
«وجاء عثمان َم . . . فإذا عهد من عهود الإقطاع يسود المجتمع الإسلامي في
نهاية عهده يرحمه الله
ولم تشف هذه الطعون صدر سيد حتى أسقط خلافة عثمان فقال في «العدالة»
عهد عثمان كان فجوة بينهما ...6 .
ومع طعنه في عثمان فقد طعن في عمرو بن العاص ومعاوية رضي الله عنهما فقال
كما نقل الاستاذ محمود شاكر عنه في مقاله لا تسبوا أصحابي» (المسلمون العدد الثالث
العاص قوم تجمعهم المطامع والمآرب وتدفعهم المطامح والرغائب ولا يمسكهم خلق ولا دين
فقال كما في مقال الأستاذ : «أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقي الإسلام منه والمسلمون
ما حفلت به صفحات التاريخ » والذي لم يسلم إلا وقد تقررت غلبة الإسلام ؛ فهو إسلام
الشفة واللسان لا إيمان القلب والوجدان ؛ وما نفذ الإسلام إلى قلب ذلك الرجل فلقد ظل
يتمنى هزيمة المسلمين ويستبشر لها في يوم حنين . . . بينما يتظاهر بالإسلام ؛ ولقد ظلت
العصبية الجاهلية تسيطر على فؤاده ...©
ن قبله وأن
بذلك الكتاب والسنة وسلف الأمة ؛ فانبرى لهم الأثمة وبينوا خطر
ثم طعن سيد في هند أيضاً رضي الله عنها بلى طعن في بني أمية جميعها فقال
(المسلمون العدد الثالث) :
«فأمية بصفة عامة لم يعمر الإيمان قلوبها » وما كان الإسلام لها إلا رداءً تخلعة
وتلبسه حسب المصالح والملايسات» +
ثم قال عن بني أمية كما في مقال الأستاذ :
«.. . على الرغم مما اعترض خطواته (أي الإسلام) العلمية الأولى من غلبة أسرة
لم تعمر روح الإسلام نفوسها فآمنت على حرف حين غلب الإسلام وظلت تحلم بالملك
الموروث العضوض حتى نالته فسارت بالأمر سيرة لا يعرفها الإسلام» +
فانظر رحمك إلى منهج سيد في الطعن فإنه قائم على الدخول في النوايا وأعمال
القلوب مع إساءة الظن البالغة العارية عن تقوى الله وهو مع هذا لا يرعوي عن غية بل
ويطعن في من يخالفه من أهل العلم بنفس المنهج فانظر إليه وهو يرد على العلامة محمود
شاكر صاحب الرد العلمي الأدبي النزيه حيث قال سيد قطب في مجلة الرسالة (العدد
7 ؛ بتاريخ 14 مارس 1457) بعد مقدمة :
. . ذلك أنني لم أستشعر في هذا الصخب الصاخب أثراً من صفاء نية » ولا
ثم قال : «ولو كانت الحقائق هي المقصودة ؛ ما احتاج الكاتب الفاضل إلى اصطناع
مثل هذا الأسلوب الصاخب المفرقع. » إلى أن قال : «وما كان لي بعد هذا وأنا مالك زمام
أعصابي مطمئن إلى الحق الذي أحاوله أن ألقي بالا إلى صخب مفتعل وتشنج مصطنع
بعباده الأشقياء ...6 0
فتأمل رحمك في هذا الطعن في حق من نصح سي له بالدليل خطأ طعنه
في الصحابة » وانظر كيف أصر سيد على ما هو عليه من الطعن فهو لم يتراجع كما زعم
طعنهم وأن القدح في الناقل مستلزم القدح في المنقول ؛ فاتخذ كثير من
الزنادقة الطعن في صحابة رسول الله ب مطية لتعطيل الشريعة
السمحة ؛ فتصدى كثير من العلماء لهذا العدوان الظالم ببيان فضائلهم
الواردة في الكتاب والسنة والآثار السلفية ؛ ومن أولئكم الإمام أبو
الحسن علي بن عمر الدارظني رحمه الله ؛ فألف كتابه هذا » ويبدو أنه
كتاب كبير حافل بذكر النصوص الواردة » لأنه وللأسف لم يصلنا منه
إلا قطعة من الجزء الحادي عشر ؛ وعندما وافق ما في نفسي من الرغبة
في خدمة السنة ونشر ما خلفه لنا أهل العلم وافق أن عرض علي أحد
الإخوة جزاه الله خيرا الاشتغال بهذا الكتاب ؛ فرغبت في ذلك ؛
الكتاب كما ترى ؛ فأسأل الله أن يتقبل مني عملي هذا ؛ ويجعله
خالصاً لوجهه الكرم إنه خير مسؤول .
عملي في الكتاب :
أما عن عملي في الكتاب فقد اشتمل على الآتي :
وانظر الرد مفصلاً على سيد قطب مقالات الأستاذ شاكر رحمه الله وكتاب «مطاعن
سيد قطب في أصحاب رسول الله لخ » لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه
الله .
أخطاء الناسخ ٠
"عزوت الآيات القرآنية إلى أماكنها في كتاب الله .
ذكرت حكم إسناد كل نص ساقه الصنف صحة وضعفاً
على ما تقتضيه قواعد أهل العلم .
4 _ خرجت تلك النصوص وبينت أماكن وجودها في المصادر
أهمية في بيان أحكامها .
© - علقت على بعض المواضع لما رأيت من الحاجة لذلك »
كترجمة لبعض الأعلام » أو شرح غريب من الكلام ؛ أو تعريف بمكان .
*- تعرضت لبيان بُعد ما وصم به الإمام الدارقطني من تشيّع ٠
. عرفت بالكتاب ١
8 وضعت بعض الفهارس لتيسير الاستفادة من هذا الكتاب .
الخطأ والزلل » وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت
أستغفرك وأتوب إليك .
دفع تهمة التشيع عن الإمام الدارقطني :
التعرض لما وجه إلى الإمام الدارقطني من اتهام بالتشيع ٠
قال الخطيب البغدادي رحمه في تاريخه (1 /35) : «اسمعت
حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق يقول : كان ابو الحسن الدارقطني
يحفظ ديوان السيد الحميري في جملة ما يحفظ من الشعر؛ فنسب
إلى التشيع لذلك» ١ه .
وما أعلم سبباً غير هذا السبب في اتهامه بالتشيع ؛ وهو دليل واه
لا ينبغي الاعتماد عليه عند الطعن في عقيدة إمام كالدارقطني عرف
بصفاء العقيدة ونقائها ؛ ومن ذلك عقيدته اتجاه الصحابة الكرام ؛ فما
عرف عنه غمز أو طعن في أحد منهم ؛ بل هو على ما عليه أهل السنة
والجماعة من حبهم » والترضي عنهم ؛ وذكرهم بالجميل » ومن تفضيل
أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين .
فجاء عنه كما في سؤالات السلمي (338) أنه قال :
«اختلف قوم ببغداد من أهل العلم ؛ فقال قوم : عثمان أفضل ©
وقال قوم : علي أفضل فتحاكموا إلي فيه ؛ فسألوني عنه ؛ فأمسكت
وقلت : الإمساك عنه خير » ثم لم أرد السكوت ؛ وقلت : دعهم يقولون
أبو الحسن يقول : عثمان بن عفان يَبَامِ أفضل من علي بن أبي طالب
باتفاق جماعة أصحاب رسول الله لغ » هذا قول أهل السنة وهو أول
فهل يعقل أن يقول هذا الكلام شيعي؟ فإنه اعتبرتقديم علي على
عثمان فضلاً عن عمر فضلاً عن أبي بكر من الرفض ؛ وهذا قد يعد
تشدداً من الدارقطني ؛ ولهذا عقب الذهبي في السير (16 //491) بعد
أن نقل هذا الكلام :
«قلت ليس تفضيل علي برفض ولا هو ببدعة » بل قد ذهب إليه
خلق من الصحابة والتابعين .0
ولتعلم بعد الإمام الدارقطني عن التشيع ؛ فانظر ما قاله عن السيد
الحميري في «المؤتلف والمختلف» (1704-17:/8) ؛ فقد قال عنه :
«السيد الحميري الشاعر اسمه إسماعيل بن محمد بن يزيد »
كان غالياً يسب السلف في شعره » ويمدح أمير المؤمنين علي بن أبي
فالدارقطني جرح الحميري بسبه الصحابة وتشيعه لعلي ؛ وهذا
يقول الذهبي في «السير» (/ /47) عن الحميري :
ومتى كان حفظ قول من الأقوال أو شعر من الأشعار دليل على
اعتقاد حافظه صحته؟ فأسباب حفظ مثل هذه الأشياء كثيرة ؛ وهو
ظاهر لكل ذي نظر ؛ ولهذا شهد العلماء بصحة اعتقاد الدارقطني
وبرؤوه من هذه التهمة ؛ فقد قال الإمام الذهبي بعد أن نقل ما حكاه
حمزة الدقاق كما في «تذكرة الحفاظ» (ص447) : «ما أبعده من
وقال في معرفة القراء ١( /381) : «قلت هو برىء من التشيع» .
وقال الحافظ ابن حجر في اللسان (56 /144) : «وهذا لا يثبت
عن الدار قطنى»
أى : التشيع ٠
وهل كتابه هذا فضائل الصحابة إلا دليل على حبه لصحابة
والناظر في أقواله في الجرح والتعديل يعلم من خلال كثير من
التراجم أنه يجرح ببدعة التشيع ويذكر ذلك على وجه الذم ؛ ما يدل
التعريف بالكتاب :
نقص في آخره وفيه فضائل ابي بكر وعمر » وهوليس كغيره من كتب
الفضائل التي تكتفي بإيراد النصوص المتضمنة لذلك من الأحاديث
المرفوعة أو الآثار الموقوفة » وإما التزم فيه الدارقطني رحمه الله ذكر أقوال
بعض الصحابة في بعض » وهذا مالم يعرف عند غيره من ألف في
هذا الباب في حدود علمي » والله أعلم +
اللهم إلا أن يكون كتاب «ما رواه كل فريق في الآخر» للحافظ
أبي سعيد إسماعيل بن علي بن الحسن السمان (ت ؟4) ولا أعلم
عن هذا الكتاب شيئاً » إلا أن الحب الطبري ذكره في «الرياض النضرة»
له ١( /8) ضمن الكتب التي اعتمدها في كتابه .
اسم الكتاب :
)0 لم اضع ترجمة للإمام الدارقطني لإنني لا أرى لذلك حاجة بعدما كتبه
الأستاذ موفق عبد القادر في مقدمته لكتاب «المؤتلف والمختلف» فكان موفقاً وأيضاً ما كتبه
الاستاذ عبد الله ضيف الله الرحيلي في رسالته العلمية «الإمام علي بن عمر الدارقطني
وكتابه السغن» وإن كانت لم تطبع بعد +