المقدمة بقلم السبيب :
عبد الرحمن شيبان
وزير الشؤون الدينية
< الحمد لله رب العالمين , أرسل رسوله بالهدى ودين الحق
ليظهره على .كل دين , والصلاة والسلام على سيدنا محمد
اتبع سنته الى يوم الدين .
بالجامع الاخضر فى قسنطينة , عاصمة الشرق الجزائرى + منذ
عودته من الحجاز , سنة 1913 م , بعد أدائه فريضة الحسج ؛
فختم تت نقسم القرآن الكريم , تدريسا ؛ فى خ خمسة وعشرين
وقد أقيم , بتلك المناسبة , بقسنطينة ؛, احتفال وطنى
عظيم حضيرته وفود عن أنحاء القطر الجزائرى.
وفى السنة الموالية , أقيم احتفال ثان ؛ بالمدينة ذاتها ء"
بمتاسبة ختمه كتاب « الموطأً » للامام مالك فى الحديث النبوى
الشريف .
وقد كان احتفال الامة بهذين الحدثين المشهودين . اللذين
اهتزرت لهماالجزائر كلها , « عهدا » منها لإمامها ٠. على مواصلة
السير , معه وبعده ؛ نحو الحياة الحرة الكريمة ٠ على هدي كتاب
الله تعالى , وسنة رسوله الكريم , صلى الله عليه وسلم .
ل مجالس التذكر , من كلام الحكيم الخيري؛ وحديثتث البشسير:
وقد كان لهذه الدروس».الشفوية والكتابية؛أثر بالغ فى
نفوس المستضيثئين بها + فى تلق الحقبة المظلمة ؛ سواء من كان
يحضر دروسه التعليمية ,. من طلبته النظاميين + وطلاب المعرفة
الاسلامية أو من كان يتابعها فى افتتاحيات مجلة «الشهاب »
الاصلاحية الحديثة فى الجزائر ؟
تعريف اجيال الاستقلال بآثار سلفها الصالح , من العلماء
العاملين , أصدر نا القسم الاول الخاص بالآيات القرآنية
المفسرة ؛ء المنشورة فى مجلة « الشهاب » فى كُتاب « مجالس
التذكر من كلام الحكيم الخيير 4 بمناسية الذكردى الحشير ين
للاستقلال الوطنى
وها نحن 6 بعون الله وتوفيقه . تنصدار القسم الثانى
بالسنة وصاحبها , صلى الله عليه وسام ا( لشرت فى مجلةٌ
« الشهاب » , وفى غيرها من جرائد جمدعة العلماء المسلمين
الجزائريين + فى كتاب « مجالس التذكر من حديث البمشسسير
التذير » , بمناسبة الذكرى الثالثة والإربعين لوفاة ابن باديس
رحمه الله تعالى .
و باصدارنا لهذا الجزء الثانى من كتاب « مجالس التذكير
تكون قد قدمنا لتلاميذ الامام ابن باديس , والى قسراء مجلته
الكريم والسنة التبوية الشرينة , فى نطاق محدود فى الزمان
والمكان _ فرصة جديدة مديدة للاستفادة من عطاء أستاذهم الحكيم
الى الوعاظ والمربين ٠, والى الاجيال الحاضرة والقادمة بصفة
عامة مثارة تهدى , وثمرة تنذى ؛ واسوة تحقق قق لطلابهمها
ما ينشندون من صلاح وفلاح بعون الله تعالى وتوفيقة ٠١
هذه الحقبة من حياتنا الوطنية , التى تسعى فيها الشثورة
توطيد أركان الاستقرار النفسى والاجتماعى والسيامى
والاقتصادى , وتهيئة المناخ الصحي الذى يمكن أجيالنا القادمة
من العمل الجاد المنتج , الذى يضمن للفرد وللمجتمع؛ الطمأنينة
والرخاء والاستقرار حت
فإلى جاتب العمل من أجل النهوض بالصناعة والزراعة
والصحة والسكن والتربية والتعليم -: جٌدِّد المجلس الاسلامى
الاعلى , ليواصل نشاطه . فى مختلف مجالاته واختصاصاته ؛
للنهوض بحياتنا الروحية ) وظهرت الصحيفة الاسلامية الجامعة
« العصر » الاسبوعية , تعزز نشر ا لوعي الاسلامى الصحيح ٠
فى مختلف أنحاء الوطن 4 وصُووق على ملفات الثقافة؛والإعلام؛
والشباب ؟ ونب المجلس الاعلى للغة الوطنية , والمجلس الاعلى
للشباب ؛ واتخذت قرارات بشأن اجبارية المواد الدينية فى
الامتحانات وافتتح , بجامعة الجزائر , معهد العلوم الاسلامية؛
النواة الاولى « للجامعة الاسلامية الجزائرية » , كما درس ملف
قانون الاسرة وفق مبادىء الشريعة الاسلامية .
© ان سير الجزائر , نحو التقدم والازدهار , على هدى كتاب
الله , وسنة رسوله الكريم ؛ ,+ صلى الله عليه وسلم , ٠, هو الذى
يضمن النجاح لما تنجز من أعمال , وتخطط_ من مشاريع ؛ قال
وقال عليه الصلاة والسلام : ١ تركت فيكم شيئين لن تضلوا
بعدهما : كتاب الله وسنتى » (”*). ب
نعم ! ان. الذنى يحقق لنا القوة والمناعة والازدهار , و يضمن
النجاح لما نسعى الى تحقيقه من مشاريع وأهداف ٠, فى مختلف
مجالات الحياة المادية والروحية , هو انطلاقنا من قاعدة صلبة؛
وعقيدة أصيلة واضحة ؛ تتخذ « القرآن الكريم مصدرا للفكر ,
الرئيس الشاذلى بن جديد , رئيس الجمهورية , الامين المام
لعزب جبهة التحرير الوطنى *
*( سورة الاسراء 9 .
(**) رواه الحاكم عن أبى هريرة فى ( فيض القدير ) ٠
له , طوال عهود الانحطاط والاحتلال . من عوامل القناء
والاضمحلال؛والاسلام , هو الذى جمله يمي ذاته ١ و يناضسل
من اجل حياة حرة كريمة , عند ما وجد من يريه أن التمسك
باسلامه عن وعى و بصيرة ؛ هو الكفيل بأن يغيرٍ أوضاعه من حال
الضعف الى القوة , ومن اليأس الى الرجام , ومن الركود الى
العمل ,+ ومن الاضطهاد والهوان , الى الحرية والكرامة؛فاليك
أيها القارىء الكريم تصوير الإمام ابن باديس لما كان لثورة
الاصلاح الدينى من آثر بالغ فى النفوس والعقول , أخرج
الجزائر من سباتها الطويل , وما صاحّبه من شلل عام للطاقات.
الى نور الصحوة الدافعة الى الانطلاق والحياة , اذ يقول , مخاطبا
الشعب الجزائرى في المؤتمر السنوى لجمعية العلماءء سنة 1937م :
ومسخ فيكم نطقها ؛ فجئتم » بعد قرن , تصدح بلابلكم باشعارها
« وحورب فيكم الاسلام حتى ظن أن قد طُمستُ أمامكم
ترفعون علَم التوحيد , وتنشرون من الإصلاح لواءَ التجديد ؛
وتدعتون الى الاسلام » كما جاء به محمد , صلى الله عليه وسلم ؛
« وحورب فيكم العلم حتى ظ أن قد رضيتم بالجّهالَة؛
وأخلدتم للنذّالة , ونسيتم كل علم الا ما يرشح به لكم ؛ أو
ما يمزج بما هو أضرٌ من الجهل عليكم ؛ فجئتم بعد فرن *
و فون للجام بناء شامق , ويشتدون له صرحا سامما . فاسسلم
على قواعد الاسلام والعروبة والعلم و الفضيلة + جمعتكم هذه؛
جمصية العلماء المسلماين الجزائريين .
والكرامة , فرشمتم الضيم ؛ ورضيتم الحيف , وأمسيام بالممادة؛
تم بعد قرن , تنفضون غبار الذل > , وتهّزُوزُون أسسّ الظلم
وتَهَتهمُون همهمة الكريم المحنق , وتزمجرون زمجرة العزيز
انان ؛ وتطالبون مطالبة من يعرف له حقاً لاب ا ن بّعطاه
حمّا ! لقد كانت الجزائر فى وضع يهدد كياتها بالذوبان
والفناء , ذلك أن الاستعمار الفرنسى , كما يقول الامام محمد
البشير الابراهيمى : « ... صليبي النزعة , فهو منذ احتل
الجزائر عامل على محو الاسلام , ,+ لأنه الدين السماوي الذى فِيه
من القوة ما يستطيع به أن يَسُودَ العام ؛ » و على محو العربية
لأنها لسان الاسلام ء وعلى محو العروبة ع دعامة الاسلام .
وقد استعمل < جميعٌ الوسائل المؤدية إلى ذلك + »> ظاهرة وخفية ؛
بريعة ومتانية . وأوشك أن يبلغٌ غايته بعد قرن من الزمن
متصل الايام والليالى , فى أعمال المحو ؛ لولا أن عاجّلته جمعية
العلماء المسلمين الجزاتريين + على رأس القرن , بالمقاومة
لقد كانت نظرة | بن باديس الناقدة النافذدة , تكشف له عما
يكمن فى الامة الجزاءٌ ثرية من عناصر القوة والكمال , مما يؤهلها
(2) البصائر ٠ السنة الثانية المدد 3 رجب 1356 ها (سبتمبر 7م
)3 مشكلة العروبة فى المدائي ٠ محاضرة القاها فى لديو الاصفاء ٠ ص 207
دار مصر الطباعة ٠ عام 1955 ٠
للحياة المزيرة الك يمة . فوضع منهاجه الاصلاحى المام القائم
ومبادئه السامية ؟ فتغير ما بنفسها » ليغير الله ما بها ؛, فالدين
هو الأساس الأول لكل إصلاح وتغيير ؛, وقد قال . موضحا ذلك؛
ويث + الخير والثباتٍ على وجه واحدٍ والسير فى خط مستقيم .
والدين , وفى خدمتهما أعظة خدمة وانفغها للانسانية عامة ؛
«ولو أردثا أن تدخل الميدان السياسى لدخلناه جهرا , ولضربنا
كلها للمطالبة بحقوقها , ولكانٌ أسهل شىءٍ علينا أن نسي بها على
ما نرسمّه لها , وأن نبلغ من نفوسها الى أقصى غايات التأنير
(*) قولة للامام مالك رضى الله عنه -
(4) الصراط السوى ٠ السنة الاولى العدد 15 قسنطينة٠ رمضان 1352
على ان اعتماد ابن باديس ٠ الدين , اساسا للنهوض بالامة ٠
اساليبه ؛ فالدين والسياسة , عنده , متكاملان متلازمان + وقد
كانت كل اعماله تؤكد ما قاله, فى محاضرة بعنوان ؟*
» العلم والسياسة » ٠, ألقاها بتونس ؛ء على جمعية الطلبة ض
المرئريين بالزيتونة الذين يعدون واخوانهم بالجامع الاخض؛
والقرويين والازهر , من طلائع النهضة العلمية والوطنية
بالجرائر فقد قال : |
ان هذا البابّ صعبٌ الدخول ؛ لأنهم تعوّدوا من العلماء
الاقتصار على الولم والابتعاد عن مَسَالِكٍ التئياسة , مع أنه لابد
من الجمع بين العِلم والسياسة ؛ ولا ينهضٌ العلم والدين , كل
وقد اكد عمق هذه النظرة الى الاصلاح , وشموليتها فى
الوقت نفسه , محمد البشير الاأبراهيمى ؛ الذى قال ؛ فى خطبة
منددا بالذين يريدون أن يقتصر نشاط الجمعية علىالدين وحده
بمفهومه الضيق : « ... وبا ويح الجآهلين أي يدون من كلمة
الاصلاح ان نقول للمسلم قل :
ما يريدون فلا ولا قرة عين ؛ وانما نقول للمسلم اذا فصلنا :
ولكن , أى اسلام هذا الذى يحيى الأمم بعد موتها + عثشد
ابن باديس ؟ انه الاسلام بمفهومه الصحيح ؛ عقيدة , وعبادة ,
عنه أي منهج !
« ان الاسلام عقد اجتماعى عام, فيه جميع ما يحتاج اليه
فالمسلم لفقي فى الإسلام ء غني به عن كل مذهب رمن مذاهب
(6) آثار الشيخ الببتشسبر ألا براهيمى - الجزء الاول ٠ الطبعة الاول - ص 216
الشركة الوطنية للنشر والتوزيم الجزائر ٠ |
(7( الشهاب : ج 3 ,م 12 ٠