لن نستعرض سيرة ابن تيمية على صورة متكاملة ، وما علينا في هذا المقام إلا إبراز أمرين ، أولهما جملة من العناصر التى نأمل أن تعين القارئ المهتم بالتراث اهتماماً جدياً على الإلمام الكافي بنصوصه وفهمها ، وذلك بوصفها في إطار ماهيتها من سياسة وثقافة ومعرفة وبنى احتجلجية وعناصر تناصية ، وثانيهما إعطاء القارئ فكرة شافية عن سعة وتناسق المسائل التي تكلم عليها ، بحيث يستطيع القارئ اللبيب أن يلم بجماع مقاصده على نحو يعصمه من الاجتزاء ومن استسهال الحكم والقول ، مما قد ينأى به عن نصب ابن تيمة علماً يستشهد به دون القراءة والفهم والتبصر ، ومما قد يقوّم النظر بالمادة التراثية بصورة عامة على وجه يردها إلى زمانها وتاريخيتها ، ويشجع على السبر الواقعي دون الخيالي لعلاقة اليوم بالأمس وعلى الانتقال من الاستشهاد إلى الإلمام والفهم .