هاي له ونصلي ونلّم على رسول الله الهادي إلى أقوم طريق + وأوضح
سبيل ؛ وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد » فإني لا أجد وأنا أتحدّثُ عن الإمام الجليل محمد بن
إبراهيم الوزيرء رحمه الله عبار نَصِفٌ علماء السئة المجتهدين في اليمن
وهو في مقدمتهم أدقٌ وأشْمَلَ مِن كلمة شيخ الإسلام الشوكاني رحمه الله
وهو يترجم للإمام نفسه في كتابه و البدر الطالع » مشيراً إلى جهل علماء
المسلمين خارج اليمن بمكانة علماء السنة في اليمن» وعُلْوٌ
متازلهم + وطول باعهم » ورسوخ اقدامهم في ميادين الاجتهاد وهذا
« ولا ريب أن علماء الطوائف لا يُكثِرُون العناية بأهل هذه الديار
( اليمن ) لاعتقادهم في الزيدية ما لا مقتضى له إلا مجرد التقليد لمن لم
يعلِمْ على الأحوال » فإن في ديار الزيدية من أئمة الكتاب والسنة عدداً
يُجَاوِزُ الوصفء يتقيُّدُونَ بالعمل بنصوص الأدلة » ويعتيدونٌ على ما ص
في الأمهات الحديثية » وما يلتحق بها من دواوين الإسلام المشتملة على
سنة سيد الأنام » ولا يرفعون إلى التقليد رأساً؛ لا يشوبون ديتهم بشيء من
البدع التي لا يخلو أهلُ مذهب من المذاهب من شيء منها . بل هُم على
نمط السلف الصالح في العمل بما يدل عليه كتابٌُ الله ؛ وما صخ من سنة
رسول الله مع كثرة اشتغالهم بالعلوم التي هي آلات علم الكتاب والسنة من
العقلية . ولو لم يكن لهم مِن المزية الا التقيدٌ بنصوص الكتاب والسنة +
الأزمنة الأخيرة » ولا تُوجد في غيرهم إلا نادراً 006 .
أما سببٌ تفرد اليمن بظهور علماء مجتهدين ملتزمين بالعمل بكتاب
الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم غير ميالينَ إلى أي مذهب من
المذاهب الإسلامية المعروفة » فيرجمٌ إلى أن المذهب الزيدي في أصل
عقيدته يدعو إلى الاجتهاد » فلم يَحْجُرْ على أتباعه حريةً التفكير » ولا
قيُّدهم بالتزام نصوصه وآرائه » ولكنه أطلق لهم المِنَانٌ » وترك لهم الخيار
بعد أن جعل بابٌ الاجتهاد مفتوحاً لمن حذَّقَ علومه واستوفى شروطه ؛
بما أوصله إليه اجتهائه من أدلة الكتاب والسنة ؛ فكان الإمام محمد بن
إبراهيم الوزير أبرزٌ مَنْ بلغ أقصى درجاتٍ الاجتهاد المطلق » وكذلك
الحسن بن أحمد الجلال ( ٠084 - ٠0١٠4 ) وصالح بن مهدي التَقْلي
١١8-٠١78 ( ) ومحمد بن إسماعيل الأمير ١187 - ٠١48( ) ومحمد
)١( البدر الطالع ؟/ جم
ولم أخصّ مؤلاء بالذكر إل لأنهم نَعَوَا على العلماء المقلدين
جمودهم ؛ وحنُوا المسلمين على العمل بالكتاب والسنة » فهذا شيخ
الإسلام الشوكاني يستطردٌ في ترجمته للإمام الوزير استتكاره على العلماء
المقلدين ؛ فيقول : « وإني لأكثر التعجب مِن جماعة من أكابر العلماء
المتأخرين الموجودين في القرن الرابع ومابٌعده؛ كيف يقفونَ على تقليد
عالم من العلماء» ويُقدمونه على كتاب الله وسئة رسوله مع كونهم قد عرفوا
من علم اللسان ما يكفي في فهم الكتاب والسنة بعضه ؟ فإن الرجل إذا
وسلم » وترك التعويل على محض الآراء . فكيف بِمَنْ وقف على دقائتي
والأسرار البيانية ؛ والحقائق الأصولية بمقام لا يخفى عليه من لسان العرب
صلى الله عليه وآله وسلم في تفسير كتاب الله وما صخ عن علماء الصحابة
والتابعين » ومَنْ بعدّهم إلى زمنه ؛ وأتعب نفسه في سماع دواوين السئة
التي صنفتها أثمة هذا الشأن في قديم الأزمان وفيما بعدّه فمن كان بهذه
الشريعة رسماً . فيالله العجب . إذا كانت نهايةٌ العالم قث » وآخر أمزه
كأوله ؛ فقل لي : أيٍّ فائدةٍ لتضييع الأوقات في المعارف العلمية ؟ فإن قول
من التحقيق إلى غاية لا يخفى عليه منه شيء ؛ ويدرسون فيه ١ ويُفتون به
ثم خَلْصٌ شيخ الإسلام إلى لهُذه النصيحة : « والّذي دين الله به أنه
لا رُخصة لمن عَم من لغة العرب ما يفهم به كتاب الله بعد أن يُقيم لسانه
بشيء من علم النحو والصرف وشطرٍ من مهمات كليات أصول الفقه في ترك
العمل بما يفهمه من آيات الكتاب العزيز » ثم إذا انضم الى ذلك الاطلاع
على كتب السنة المطهرة التي جمعها الائمة المعتبرون » وَعَمِلٌ بها
حسن » ولما هو ضعيف » وجب العمل بما كان كذلك من السنة » ولا
الجمهور»فلم يات في هذه الشريعة الغراء ما يدل على وجوب التمسك
بالآراء المتجردة عن معارضة الكتاب والسنة فكيف بما كان منها كذلك +
في الحث على العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم
مولد الإمام الوزير :
وُلِدَ على المشهور الصحيح في رجب سنة فلالا بهجرة الظُهْرَاوينَ
84/1 المصدر نقسه )١(
المصدر نفسه 1/ 6م )1(
خطه » قال : مولدي سنة ست وسبعين وسبعماثة « وبمثل هذا روى الإمام
شرف الدين في شرح مقدمة كتابه « الأثمار في فقه الأئمة الأطهار » حينما
تعرض لذكر محمد بن إبراهيم الوزير استطراداًا"" فقال : « ورأيتٌ لابن
أخيه وأنا أدركتُ آخر مدته في أول وقت طلبي» رايت له ترجمة لهذابخظة
قال فيها : وُلِدَ رحمه الله في شهر رجب الفرد كما وجدته بخطه - في سنة
محمد بن عبد الله بن الهادي بن إبراهيم الوزير وقد ورد فيها ما لفظه :
ست وسبعين وسبعماثة |
«مولده رضي الله عنه ورحمه - في شهر رجب الأصب من سئة حمس
وسبعين وسبعماثة بهجرة الظَهْرَاوَيْن من شَطب وهو جبل عالٍ باليمن +
)١( شطب : جبل من بلد بني ماج من ناحية السوقة شمال غرب صنعاء على مسافة
)١( ذكره الامام شرف الدين بعد أن ذكر يا محمد الحسن بن أحمد الهُمْداني صاحب
«الاكليله ونشوان بن سعيد الحميري صاحب «شمس العلوم» وشنع عليهم تقدح فيهم للتحذير
من الاتخداع بكلامهم. وعدم الالتفات إلى ما يدعون إليه؛ ونسب إلى الإمام محمد بن إيراهيم
الوزير أشياء لم يذكرها سواه من علماء اليمن حتى خصومه الذين اختلفوا معه + وا
المنصور علي ابن الامام صلاح الدين الذي تعب على الإمام المهدي أحمد بن يحى المرتضى
جد الإمام شرف الدين ؛ واف فيه كتاباً أسماه « الحسام المشهور في النّب عن سيرة الإمام
المتصورة .
يبا سنة 176
أما ما ذكره السخاوي في « الضوء اللامع » بأنه ولِدَ
فلا صحة لذلك » وقد فد هذا الوهم شيخ الإسلام الإمام الشوكاني في
« البدر الطالع » في ترجمته حيث قال : « وهذا التقريب بعيد والصواب
الأول » ( أي سنة 77/8 ) .
نشأ في هجرة الظهراوين بين أهله الذين آثروا طلبّ العلم على ما
فحفظ القرآن الكريم وجوده واستظهره » وحفظ متون كتب الطلب من نحو
وصرفٍ ومعانٍ وبيان وفقه وأصول ؛ ثم أخذ في قراءة شروحها المختصرة +
ورحل إلى صعدا
فاخذ عن أخيه الأكبر العلامة الهادي بن إبراهيم الوزير في جميع
الفنون تحقيقاً . واستفاد منه كثيراً حتى في علم الأدب .
وأخذ عن القاضي العلامة محمد بن حمزة بن مظفر ء وكان المشازز
إليه في علوم العربية واللغة والتفسير .
وقرأ علم الأصول على القاضي العلامة عبد الله بن حسن الدُزّاري .
ثم رحل إلى صنعاء» فاخذ عن القاضي علي بن أبي الخير ه شرح
الأصول » وهو معتمد الزيدية في اليمن » « والخلاصة » للرصاص +
« والفياصة الجامعة لمعاني الخلاصة» اللقاضي محمد بن بحن بن
حنش » وتذكرة الشيخ ابن مويه ؛ وسمع عليه « مختصر المنتهى » في علم
الأصول لابن الحاجب » كما قرأ ههُذا المختصر على السيد جمال الدين
علي بن محمد بن
عليه ؛ وبُرشد طلبة العلم إليه
أبي القاسم ؛ ولما سَمِعَه عليه » بَهَرَهُ ما رأى من صفاء
ب في الثناء
واخذ أيضاً عن شيوخ آخرين .
أما ما قرأه لنفسه من سائر العلوم » فشيء كثير لا يأتي عليه الحصر .
الوزير في كتابه الفضائل علم أصول الفقه وعلمٌ أصول الدين ( علم لطيف
الكلام ) فقد جود فيهما غايةٌ التجويد » وفَخَصٌ وحَفّقَ وبحث » وبلغ الغاية
القصوى » واطّلع من أقوال أهل القتين على ما لا يكادٌ يعرفه إلا مثله ؛ كما
يُحدثنا هو نفسه في كتابه « العواصم والقواصم » الذي نقدم له بقوله :
« وقد وهتُ أيام شبابي وزمانٌ اكتسابي لكدورة علم الكلام والجدال والنظر
في مقالات أهل الضلال حتى عرفتُ قولّ من قال :
فاستغرقتُ في ذلك حِدةٌ نظري وباكورة عمري . وما زلت أرى كُلْ فرقة من
طائل ؛ وتمثلتٌ فيهم بقول القائل :
تحوله إلى علوم الكتاب والسئة :
فرجعت إلى كتاب الله وسنة رسوله» وقكتٌ: «لا بد أن تكون فيهما
براهين وردود على مخالفي الإسلام + وتعليم وإرشاد لمن اتبع الرسولّ عليه
الصلاة والسلام ؛ فتديرتُ ذلك » وانشرح صدري ؛ وضَلّْح أمري وزال ما
كت به مبتلى 6 .
ثم يقول : « هذا وإني لما زَتَبْتُ رُنُوب!'» الكعب في مجالسة العلماء
السادة ؛ وثبت ثبوتَ الطب في مجالس العلم والإفادة © ولم أزل منذ
عرفت شمالي مِن يميني مشمراً في طلب معرفة ديني أتنقل في رتبة الشيوخ
يَرَاعِي للطائف الفوائد نواطف”” وبناني للطف المعارف قواطف لم يكن
فرض كفايته بعدّ الارتفاع » وتضيّق وقت القيام به بعدّ الاتساع من الذب
الصدر الأول + والذي عليه بعدّ القرآن المُعَوْلُ . وهو لعلوم الإسلام أصل
القرآن المبين » حيث قال في التوبيخ لكل مترف ائعة « إن أُوتتُ القُرآنٌ
)١( في القاموس رتب رتوباً ثبت ولم ات
)١( في القاموس : وقل في الجيل : صعد .
©) أي أن أقلامة لم تزل سائلة بلطائف الفوائد
(4) الروض الباسم *