9 مسائل العقيدة التي قزرها الأثمة المالكية
ولد تلن في الصدر الأول من الإسلام سنة ثلاث وتسعين من
الهجرة» فلقي أبناء الصحابة من المهاجرين والأنصار؛ ولقي الكبار من
التابعين والعلماء والزهاد والصالحين» فتأدب بآدابهم؛ وتخلق
بأخلاقهم» وأخذ علم الكتاب والسنة من أفواههم.
قال: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل؛ يطلبون العلم فلا يجدون
أحدًا أعلم من عالم المدينة»!0.
وقد روي عن ابن عيينة أنه قال في هذاء شُيْلَ من عالم المدينة؟
هو مالك بن أنس والشمري»!".
قال الشافعي كثثم: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.
وقال؛ لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز.
وقال: ما في الأرض كتاب في العلم أكثر صوابًا من موطأ مالك.
قال القاضي محمد بن أحمد بن عمرو المالكي: حدثثي المفضل بن
)١( سنن الترمذي؛ كتاب العلم» باب (14) ما جاء في عالم المديئة (47/8) رقم
(؟) هو عبد العزيز بن عبد الله من ولد عمر بن الخطاب طله.
محمد بن حرب المدني قال: أول من عمل كتابًا بالمديئة على معنى
الموطأ - من ذكرٍ ما اجتمع عليه أهل المدينة عبدالعزيز بن عبدالله بن
أبي سلمة الماجشون. وعمل ذلك كلام به مالك فنظر
قال: ثم إن مالكًا عزم على تصنيف «الموطأاء فصتئّفه؛ فعمل من
وكان الأوزاعي إذا ذكر مالكًا قال: عالم العلماء ومفتي الحرمين.
وقال يحيى القطان: مالك إمام يُقْتَدَى به.
بغير حديث» فأتي
قال الذهبي كلل: وقد اتفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت
وثانيتها : الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم.
.)85/1( التمهيد لابن عبد البر )١(
8 مسائل العقيدة التي قررها الاثمة المالكية
تقدمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده!".
وقد عاش كته ستا وثمانين سنة؛ وتوفي كِثته سئة تسع وسبعين بعد
** سبب اختيار الموضوع:
وكان السبب في تأليف هذا الجزء هو ما يجده كل محب للسنة من
الأقوال الغريبة المخالفة لمذهب السلف. والتي تنسب إلى إمام عظيم
كالإمام مالك يله؛ ولا ينقضي العجب حين تنسب إليه على أنها مذهبه
.)117/1( تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي كنل )١(
والشافعية؛ والمالكية؛ وفضلاء الحتابلة يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة
والجماعة» يدينون بطريقة شيخ السنة أبي الحسن الأشعري؛ لا يحيد عنها إلا رعاع
التجسيم؛ وبرأ الله المالكية فلم ير مالكي إلا أشعري ١
خالف فيه السلف والجماعة؛ بل كل ما يتفرد به الأشعري من الأقوال المخالفة
لمذاهب أهل السنة؛ تجد أن أثمة المالكية على خلافه. وعلى تضليل قائله؛ فهذا
ثم كيف يقول المالكية بقول الأشعرية والمالكية من أكثر المذاهب دما لعلم الكلام
المحدث الذي هو أساس مذهب الأشعرية؛ بل مضى المالكية قرونًا يحاربون <
وكان الحامل على هذه النسبة الباطلة هي ظن البعض ممن لم يوفق
المرة الأولى: في ظنهم أن ما هم عليه من مخالفة السنة هو الحق
والهدى .
وجلاء لهذه الشبهة»؛ وإبانة للسبيل الصحيحة»؛ لا بد من كشف
فالأول هو بيان أن ما هم عليه من ظن الضلالة حقًّا هو في نفسه
خطأ غير صواب» وذلك من خلال النظر في أدلة الكتاب والسنة؛ والنظر
في الحجج والبراهين الدالة على فساد هذه الضلالة وهذه البدعة.
- علم الكلام والجدل حتى دخل على المتأخرين منهم» ثم انظر إلى إثبات المالكية
صفة العلو لله تعالى» وأنه على العرش+ بل صرح أثمتهم كابن أبي زيد بأنه بذاته
تعالى+ وأنه في السماء مستوٍ على عرشه!! أم أن منتحل هذه العقيدة عندهم مجسم
فالمذهب للمتقدمين وليس ما تلقفه بعض المتأخرين من المالكية عن غيرهم»
فخالفوا فيه أسلافهم؛ وحادوا عن قواعد المذهب وأصوله القديمة؛ فهذه الأقوال
المحدثة تنسب إليهم على أنها قولهم ولا تنسب إلى المذهب على أنها قوله أو قول
رواقه؛ كانوا مجابين لهذه الأقوال مصرحين بخلافها»
وما يقال في مذهب مالك يقال مثله في مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد
رحمهم الله تعالى أجمعين.
و مسائل العقيدة التي قزرها الاثمة المالكية
الأمر الثاني: لا بد من كشف أن ما ينسبونه إلى السلف الصالح
- والإمام مالك كثله كابر من أكابرهم - قد أخطؤوا فيه النقل عنهم
السلف جميعهم متفقون على ذم البدع كلهاء وعلى أن كل محدثة
وهذه هي طريقة القرآن في محاجة المعاندين؛ ممن انتسب إلى
شريعة إبراهيم #8 معظمًا له؛ ثم هو مع ذلك مقيم على الوثنية
والإشراك بالله جل وعلاء أو هو مقيم على عبادة عيسى أو عزير عليهما
السلام من دون الله تعالى» فأبان الله تعالى أن الخليل إبراهيم #8 الذي
يتشرفون بالنسبة إليه؛ ويزعمون أنهم على ملته؛ لم يكن على زعمهم
التُتْرِكِينَ © آل عمران 187 وقال جل شأنه
ثم أبان جل شأنه دعوة نبيه وخليله إبراهيم 8 إمعانًا في
إبراهيم كان قائمًا على إخلاص الدين لله؛ والوحدانية له؛ لا على
الوثنية أو الإشراك الذي عليه المشركون من جاهليي العرب؛ أو ما
عليه اليهود والنصارى من عبادتهم لأنيائ وأحبارهم ورهبانهم» قال
كاف ا ترح تلا كات أت
مما تآ ال إن كن ترك © زات نكر
التوحيد؛ التي مقتضاها إخلاص العبادة للحي القيوم سبحانه ونبذ كل ما
يعبد من دونه قال جل شأنه: 9
وري
يَجِمّن © [الزخرف 118-15
فأبان جل شأنه شريعة إبراهيم 84 بل طريقة جميع أنبيائه
الأخيار والصلحاء والأنبياء من بني آدم» وليس ما تزعمونه أنتم من
" مسائل العقيدة التي قررها الائمة المالكية
قال شيخ الحرمين أبو الحسن الكرجي من فقهاء الشافعية!" وقد
وأحمد بن حنبل رحمهم الله - : إن في النقل عن هؤلاء إلزامًا للحجة
على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة؛ فإن أحدهما لا محالة
العقيدة مستنكر والله شرعًا وطبعّاء فمن قال: أنا شافعي الشرع أشعري
أحمد معتزلي الدين والاجتهاد.
ولقد صدق الكرجي كلث؛ ففي النقل عن مالك يرث وأصحابه إلزام
لمن يزعم أنه على مذهبهم»؛ وأنه يتدين بقولهم؛ ويتخلق بأخلاتهم
وآدايهم ٠
الضلالة لن تعدو أن تكون إما كفرّا؛ أو ضلالة؛ أو جهالة.
(٠)_الإمام الفقيه الشافعي محمد بن عبد الملك شيخ الكرج وعالمها ومفتيها ولد سنة
0ه ) وتوفي سنة (077ه)» قال السمعاني : وله القصيدة في السنة نحو مائتي
بيت فيها عقيدة السلف» وله تصانيف في المذهب والتفسير كتبت عنه؛ وقال
الذهبي: هذه القصيدة مشهورة عند الخاصة والعامة في بلاد المشرق طبقات
الشافعية لابن كثير (7/ 107)» طبقات الشافعية الكبرى (177/1) العرش للذهبي
)0 مجموع فتاوى ابن تيمية (146/4).
وقد حصل والله هذا التضليل لأئمة المذهب وساداته المالكية ممن
للأسف هو منتسب إليه؛ وممن يتديّن بقول مالك 5لم؛ فضلِّل الخلف
السلف»؛ بل وصل إلى التكفير والجهالة؛ وسوف أضرب على ذلك ثلاثة
المثال الأول: الإمام المبجل وشيخ الإسلام في زمانه أبو محمد
ابن أبي زيد القيرواني يقثا')» إمام المالكية في وقته؛ إذ لم يكن له في
)١( الإمام العلامة القدوة الفقيه؛ عالم أهل المغرب؛ أبو محمد عبد الله بن أبي زيد
القيرواني المالكي ويقال له: مالك الصغير. وكان أحد من برز في العلم والعمل.
قال القاضي عياض: وكان أبو محمد تلخ ؛ إمام المالكية في وقته وقدوتهم؛
وجامع مذهب مالك؛ وشارح أقواله. وكان واسع العلم كثير الحفظ والرواية؛ وكتبه
تشهد له بذلك؛ فصيح القلم ذا بيان ومعرفة بما يقوله؛ ذابًا عن مذهب مالك» قائمًا
. وملات البلاد تواليفه. عارض كثير من الناس أكثرها. فلم يبلغوا
مداه؛ مع فضل السبق؛ وصعوبة المبتداء وعرف قدره الأكابر. قال الشيرازي:
المعوّل بالمغرب في التفقه - توفي كلكم في سنة (787 ه)ء
ولأجل إمامته كلل وشهرته في الآفاق انتسبته الأشعرية؛ وزعمت أنه كان أشعري
العقيدة؛ على مذهب أبي الحسن الأشعري؛ وهذا خلاف الصواب» ومما يبين
فساد نسبته للأشعرية أن علم الأشعرية قائم على علم الكلام الفلسفي+؛ ومن تأمل
كلام ابن أبي زيد تللم في ذم الكلام وأهله؛ علم أن ابن أبي زيد براء من الأشعرية
وطريقتهم المبتدعة؛ ومن تأمل ما يثبته ابن أبي زيد من صفات الباري سبحانه؛ علم
أن ابن أبي زيد مخالف لطريقة الأشعرية.
وغاية ما يحتج به هؤلاء الذين ينسبون ابن أبي زيد للأشعرية إنما هو ما نقله <
مسائل العقيدة التي قررها الائمة المالكية
اين عساكر في تبيينه من ذب ابن أبي زيد عن أبي الحسن الأشعري ودفاعه عنه.
وهذا من أضعف وجوه الاستدلال» فشهرة معتقد ابن أبي زيد أجل من أن ينسب
وأهلهاء أو لعل الذي بلغ ابن أبي زيد عن أبي الحسن الأشعري إنما هو مذهيه
الأخير الذي وافق فيه الحنابلة وأهل السئة؛ وهذا جلي وواضح» فإن المعتزلة إنما
معتقد أهل السنة والجماعة؛ وصرح بأنه على عقيدة الإمام أحمد للك ؛ انظر عقيدة
الأشعري فيما يلي ص (171).
وأمر آخر أن ابن أبي زيد صرح بعدم تقليده للأشعري؛ فقد قال ما نصه تبيين كذب
المفتري (ص 2776): «وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل به يقتدى» وقد أنكر
سيما رجل مشهور إنه يرد على أهل البدع وعلى القدرية الجهمية؛ متمسك بالسنن
السنة كان لك ذلك» لأنا لا نعتقد أنا نقلد في معنى التوحيد والاعتقادات الأشعري
رأينا من فروع أقاويله شيا ينفرد به تركناه؛ ولا نهجم بالتضليل والتبديع بما فيه
الريبء وكل قائل مسؤول عن قوله.
وبهذا يتبين أن ابن أبي زيد ليس من أتباع الأشعري؛ بل عرض عليه مبتدع أمر
الأشعري وكفره بما لا يعلمه ابن أبي زيد كله في الأشعري» فذب عن الأشعري
كما يذب عن كل مسلم لا يعلم عنه إلا خيرًا. فلا يسوغ بمثل هذا أن ينسب ابن أبي
زيد إلى الأشعرية؛ بل لو نسبه متكلم إلى الحنابلة لكان له في ذلك وجه لتصريحه
بذلك حين يقول: «وأبو عبد الله أحمد بن حنبل به يقتدى؛ وما أنكره أبو عبد الله
انكر
وقد رد نسبة ابن أبي زيد للأشعرية الإمام الحافظ أبو نصر السجزي قث في رسالته
إلى أهل زبيد (ص 179) قال: ويتعلق قوم من المغاربة علينا بأن أبا محمد بن <