بم الله الرحمن الوحير
الحمد لله رب العالمين , الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم . وجعل
من آياته اختلاف الألسنة والألوان , ثم جعل محل نظره القلوب , لا الأبدان +
والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين وخاتمهم نبينا محمد بن
عبد الله وصل اللهم على آله واصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد ؛
فقد كان سبب إخراج هذا الكتاب وتحقيقه يرجع إلى فضيلة الشيخ
الأستاذ الدكتور حكمت بشير أستاذ التفسير بالجامعة الإسلامية , الذي أشار
ببيان قيمة الكتاب والحاجة إليه , فله خالص المحبة والتقدير , وجزاه الله عنا
وعن العلم خير الجزاء +
وحينما تصفحت مصورة المخطوط , ألفيت فيها مادة علمية قيمة » تهم
ولا سيما أنه فريد في بابه . وم يظهر كتاب على نمطه ومنواله حسب علمي +
ولندع المصنف يذكر الداعي إلى تأليفه هذا الكتاب , فقد قال بعد خطبته
للكتاب : « .... فإني رأيت جماعة من أخيار الحبشان تنكسر قلويهم لاسوداد
الألوان , فأعلمتهم أن الاعتبار بالإحسان , لا بالصور الحسان ٠ ووضعت لهم
هذا الكتاب في ذكر فضل خلق كثير من الحبش والسودان , وقد قسمته ثانية
وعشرين باياً والله مستعان ....
ولقد تناول المؤلف قضايا شتى في هذا الكتاب , منها مسائل في التاريخ +
والسيرة , والتراجم , والأدب '" , وغير ذلك من أمور , فمِمًا حواه وعرض له
© ممالك السودان من الأرض وسعتها ٠ ومن تنسب إليه السودان ٠
وسبب سواد ألوائهم +
ذكر أصحاب الهجرة إلى أرض الحبشة وعددهم وتسميتهم , ومكاتبة
النبي ينه النجاشي. وقدوم الحبشة على رسول الله تنه , ولعيهم
بالحراب, وما سمعه رسول الله عن واستحسنه , وتخصيص الحبشة
بالأذان +
© ذكر من كان نبيًا من السودان , وخبر ذي القرنين , ولقمان الحكيم +
وملوك الحبشة ٠
عج المؤلف بعد ذلك : على ذكر أشراف السودان من الصحابة ٠
وكذلك أشراف السوداوات منهن , ثم ذكر بعد ذلك : المبرزين في العلم
وفطنائهم وأذكيائهم والزهاد والعباد . وغير ذلك ٠
© ذكر من كان يؤثر الجواري السود على البيض ٠
لم يفت المؤلف أن يذكر أبناء الحبشيات من قريش ؛ وتسميتهم +
وفي الأبواب الأخيرة سنجد أحدها خصه المؤلف بالمواعظ والوصايا التي
اشتملت على كلامه وحده , فمن العادة خب المستطرف واختيار
المتجدد
(ا) حوى الباب العشرون ؛ ذكر شعرائهم ومن تمثل منهم بشعر »
© وأعقب ذلك الباب بباب فيه أذكار وتسبيحات من الصحيح , وكان
ختام هذه الأبواب والكتاب ؛ باب في الأدعية وما يتعلق بذلك , وهو
مسك الختام .
هذا , وقد حوى الكتاب - فضلاً عما تقدم - طائفة من الأحاديث
والأخبار والآثار المسندة التي تخللت أبواب الكتاب وفصوله , وهذه الحلية فيها
ما فيها من الفوائد الجمّة للباحث , وطالب العلم في هذا الشأن “
بهديه وسلم +
مرزوق علي إبراهيم
في المدينة النبوية
هو الشيخ ؛ الإمام , العلامة , الحافظ , المفسر , شيخ الإسلام , مفخر
العراق , جمال الدين ؛ أبو الفرج , عبدالرحمن بن علي بن محمد ابن علي من
عبيد الله بن عبدالله بن حماديّ بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبدالله ابن
القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبدالله , بن الفقيه عبد الرحمن ابن
الفقيه القاسم بن محمد بن خليفة رسول الله عن أبي بكر الصديق , القرثيً »
أما نسبة الجوزيٌ : فقد قال ابن دحية : الجوزيُ نسب إلى فرضة من
سواها . وفرضة النهر ؛ ثلمته , وفرضة البحر : محط السفن +
ولد سنة تسع أو عشر وخمس مئة ٠
أخاه عمر , فقال : في سنة ثمان وخمس مئة تقريباً ٠
كان أول سماعة للعلم في سنة عشرة , سمع من أبي القاسم بن الحصين»
وأبي عبد الله الحسين بن محمد البارع , وعلي بن عبدالله الواحد الدينوري »
وأحمد أبن أحمد المتوكلي , وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن , والفقيه أي الحسن
ابن الزغوانيٌ ٠ وهبة الله بن الطبر الحريري ٠ وأبي غالب بن البناء » وأأي بكر
محمد بن حسين المزرفي" ؛ وأبي غالب محمد بن الحسن الماورد , وأبي القاسم
عبدالله بن محمد الأصبهانٌ الخطيب , والقاضي أي بكر محمد بن عبد الباقي
الأنصاري , وإسماعيل بن السمرقندي , ويجبى بن البناء . وعلي بن الموحد »
وأي منصور بين خيرون , وبدر الشيحئّ , وأبي سعد أحمد بن محمد الزوزيّ +
وأبي سعد أحمد بن نحمد البغداديٌ الحافظ , وعبدالوهاب بن المبارك الأنماطي
الحافظ وأبي السعود أحمد بن علي بن الج , وأبي منصور عبدالرحمن بن
تيف وثانون شيخا قد خرج عنهم مشيخة !"0 .
حدث عنه ولده الصاحب العلامة محي الدين , يوسف ؛ أستاذ دار
المستعصم بالله ٠ وولده الكبير علي الناسخ , وسبطه الواعظ شمس الدين
يوسف بن قزغلي الحنفي صاحب * مرآة الزمان " والحافظ عبد الغني »
(ا) انظر مشيخة ابن الجوزي ( بتحقيق محمد محفوظ - طبع الشركة التونسية للتوزيع 4397م )+
والشيخ موفق الدين ابن قدامه , وابن الدبيثي , وابن النجار ؛ وابن خليل »
والضياء + والبلدانٌ ٠ والنجيب الحرانٌ ٠ وابن عبدالدائم , وخلق سواهم ٠
وبالإجاا الشيخ شمس الدين عبد الرحمن » وابن البخاري , وأحمد
أبي الخير ؛ والخضر بن حموية , والقطب ابن عصرون ٠
كان رأساً في التذكير بلا مدافعة , يقول النظم الرائق , والتثر الفائق بدياًء
حامل لواء الوعظ , والقيم بفنونه , مع الشكل الحسن , والصوت الطيب »
والوقع في النفوس , وحسن السيرة. وكان بحراً في التفسير , علامة في السير
والتاريخ , موصوفاً بحسن الحديث , ومعرفة فنونه , فقيهاً , عليماً بالإجماع
والاختلاف جيد المشاركة في الطب , ذا تفنن وفهم وذكاء وحفظ واستحضار »
وإكباب على الجمع والتصنيف ٠ مع التصوّن والتجمل , وحسن الشارة »
ورشاقة العبارة . ولطف الشمائل والأوصاف الحميدة ؛, والحرمة الوافرة عند
الخاص والعام , ما عرفت أحداً صنف ما صنف ٠
توفي أبوه , وله ثلاثة أعوام ؛ فربته عمته , وأقازيه كانوا تجارا في النحاس »
الوعظء ولهج به وهو مراهق , فوعظ الناس وهو صبيٌ » ثم مازال نافق السّوق
خالف إمامه +
وكان ذا حظ عظيم وصيت في الوعظ , يحضر مجالسه الملوك والوزراء
وبعض الخلفاء والأثمة الكبراء , لا يكاد امجلس ينقص عن ألوف كثيرة +
قال سيط أبو المظفر : سمعت جدي علي المنبر يقول بأصبعئ هاتين
وكان يختم في الأسبوع ٠ ولا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس +
وكان رحمه الله لا يضيع من زمانه شيئاً . يكتب في اليوم أربع كراريس ,
وله في كل علم مشاركة , لكنه كان في التفسير من الأعيان ٠ وفي الحديث من
الحفاظ , وف التاريخ من المتوسعين , ولديه فقه كافٍ , وأما السجع الوعظي »
من أقوال العلماء فيه :
يجلس بجامع القصر والرٌصافة , ويباب بدرٍ وغيرها .... إلى أن قال ؛ ما
مازح أحداً قط ولا لعب مع صبي ؛ ولا أكل من جهة لا يتقن جلها
وقال أبو عبدالله بن الدبيثي في تاريخه : ..٠ شيخنا جمال الدين . صاحب
التصانيف في فنون العلوم من التفسير والفقه والحديث والتواريخ , وغير ذلك +
من أحسن الناس كلاماً ٠» وأتمهم نظاماً , وأعذهم لساناً ٠ وأجودهم بياناً ٠
وقال عنه الموفق عبد اللطيف : كان ابن الجوزي لطيف الصورة ٠ حلو
الشمائل , رخيم النغمة , موزون الحركات والنغمات ؛ لذيذ المفاكهة ٠ يحضر
مجلسه مئة ألف أو يزيدون .... وكتب إِليّ ('" أبو بكر بن طرخان ؛ ٠.٠ قال
ابن الجوزي إمام أهل عصره , وصنف في فنون العلم تصانيف حسنة ٠ وكان
صاحب فنون , كان يصنف في الفقه ويدرس , وكان حافقاً للحديث ٠
يشار إليه . ويعقد الخنصر في وقته عليه ..٠ وبرع في العلوم ؛ وتفرد بالمنثور
والمنظوم , وفاق على أدباء مصره , وعلا على فضلاء عصرة ٠
وقال عنه الذهبي ؛ الشيخ ؛ الإمام , العلامة , الحافظ , المفسر ء شيخ
الإسلام , مفخر العراق ٠٠٠
صنف ابن الجوزي في فنون العلم المختلفة من تفسير ؛ وتاريخ » وحليث»
وفقه , وتاريخ , وأدب ؛ ولغة +
فقد ذكر الذهبي عن سبطه أبي المظفر أن مجموع تصانيفه مئتان ونيف
وذكر الذهبي في موضع آخر عن ابن الدبيثي في تاريخه ف
(ا) الكلام للذهبي ٠
وقال الذهبي ٠ أنبأني أبو معتوق ابن البزوريّ في تاريخه في ترجمة ابن
الجوزي يقول : .... تصانيفه تزيد على ثلاث مئةٍ وأربعين مصنفاً ما بين
وقد قام الأستاذ عبد الحميد العلوجي بوضع كتاب عن مؤلفات ابن
الجوزي , وقام بمحاوله حصر مؤلفاته المخطوطة والمطبوعة , وطبع الكتاب
طبعته الأولى في بغداد عام 80/*اه 410ام , وطبع هذا الكتاب طبعة جديدة
مزيدة عن جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت , وقد وصل الحصر إلى 1173
مؤلفا بين مخطوط ومطبوع في الطبعة الأولى , وفي الطبعة الجديدة المزيدة صار
عدد المؤلفات 0/4 مؤلفاً بين مطبوع ومخطوط +
وفسماته :
مرض خمسة أيام وتوفي ليلة الجمعة بين العشاء من الثالث عشر من
رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مثة في داره بُقطْفْتَا , رحمه الله 0 .
() سير أعلام النبلاء 104-110/11 يتصرف واختصار , ومصادر أخرى في هامشه