فإنَ إخراج هذا الكتاب وأمثاله من مصنفات الإمام ابن أبي الدنيا التربوية
النافعة - يمثل تلبية للدعوة التي ينادي بها الكثير من العلماء والدعاة والمربين في
بعث وإحياء تراث هذا الحافظ المصلح؛ وذلك لما يأملون فيه من النفع العم
المترتب على هذا البعث والإحياء ؛ فإن الذي امتازت به مصنفات الإمام ابن
بعوامل النهوض في تاريخ الأمة من خلال الدروس ١ من سير السلفاء
ولأن مصنفها جع بين التخصص في عل الحديث» والإمامة في ميدان التربية
المناهج العلمية في مدان التربية الإسلامية في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة.
لمناهج التربية؛ وبيان أسسها وأصولا. كما يمكن - عن طريق الدراسة الجادة
لهذه المصنفات - أن نقم التيارات التربوية الحديثة في ضوء الأهداف والسبل
التربوية الإسلامية. وبهذا - أيضاً - تتضح ممات المنهاج التربوي بين الأصالة
والمعاصرة. ويمكننا بالتالي استخلاص وبناء النظرية التربوية الإسلامية من
مسنداً موصولاً - هذه المصنفات الادفة. والمنهج التربوي القوم لا يعترف
بالحواجز المصطنعة بين فروع العلم النظرية» وفروع العام التي تعالج الجانب
السلوكي. وكذا هو الحال بالنسبة للمنهج الإسلامي بكل تشريعاته وتفريعاته»
فليس هناك انفصام - في المنظور الشرعي - بين العقيدة والمنهاج. بخلاف
لمناهج الي تَرَخْرٌ ها دنيا الناس اليوم» شرقيها وغربيها . فالمعرفة عند أولئك
مجزأة إلى دينية وغير دينية. والخطير في الأمر الكثير من المتخصصين
واستعاروا تصاميمها من هناك» وأتوا بها بقوالبها ومضامينها دون أدنى تحوير
التذكير النظري المجرد السالب» بل قَصَدَ - وقصدنا من ورائه - إلى التذكير
يدعو إلى العبرة والدّرس» والمتابعة والتأسي. وكذلك يكون التعامل المُجْدي
مع اللصوص العلمية. وكذا تكون صورة العام النافع؛ وبدون هذا التصور
الحركي يصبح استحضار هذه النصوص وإحياؤها هروباً من الواقع» وضرياً
أنواع الترف الثقافي البارد الذي لا يدفع ولا ينفع والعياذ بالله.
دوقع
)١( انظر م. عبد الرحن صالح المنهاج الدراسي أمسه وصلته بالنظرية التربوية الاسلامية:
وهذا الكتاب القم ؛ كتاب العيال» للإمام الحافظ ابن ألي الدنيا يعرض
يرا مشرقة لتوجيهات الأئمة من السلف الصالح في القرون الثلاثة الأول
الفاضلة . والتي تمثل انطباعاتهم وتأثرهم بالجو الإسلامي العام الذي كان يدور
مع الكتاب والسنة حيث دارا . فإنّ هذه التوجيهات التربوية من هؤلاء الأعلام
تجنّد المنهجية الإسلامية في منظورها إلى العائلة؛ ومقدار أهميتها. وضوابط
الحقوق والوجبات لكل فرد فيها .
وهذا السفر الكريم تكمن أهميته في اتجاهين رئيسين؛
أولاهيا: أنه يعالج أهم مؤسسة في بناء الأمة أو تسهم في تحديد شخصية
المجتمع» وهي «العائلة. وهذه المعالجة الشرعية تأتي في المرتبة الثانية من
أنفسنا من
التكليف الرباني. فإِنَ الله - جل ثناؤه - أمرنا بالسعي لامتنقا
والذي يزيد هذه المعالجة أهمية؛ ويعلي من شأنها؛ أنها محاولة رفيعة من
الموضوعي» فإننا لم نقف على مصنف - بهذا الشمول والسعة - تصدى لمعالجة
المنهجية التكاملية في معالجة الأسرة في ضوء التوجيهات الاسلامية؛ في مرحلة
مبكرة؛ مضى عليها أحد عشر قرناً ونصف من الزمان.
أما الأهمية الثانية للكتاب فتكمن في أنه يُعَد - دون ريب - وثيقة ترا
من فاتحته إلى خاتمته مسنداً موصولاً. فهو كتاب وضع في عصر من أزهى
وهو كتاب تربوي هادف» ذو منهج سلفي نقي؛ ورؤية شمولية متكاملة.
فمؤلفه الحافظ المؤرخ الصدوق ابن أي الدنيا من أقران أصحاب الكتب الستةء
محدث إمام؛ ومؤرخ محيط؛ وهو كذلك من أعلام المربين؛
تخرج العديد من النبغاء والنبلاء من طلاب العلم. وبهذا يكون ه كتاب العيال»
قد م بين دفتيه خلاصة تجربة الحافظ ابن أي الدنيا الحديثية والأخبارية
والتربوية. فهو كتاب سلفي » حديثي » تاريخي ؛ في اتجاه تربوي إصلاحي . وقد
نجم عبد الرحمن خلف
في المدينة المنورة
بتاريخ 1108/7/16ه
9 أسموه ١ كتاب العيال ». وهي نفس التسمية الثابتة على
ومما يؤكد صحة نسبة الكتاب للحافظ ابن ألي الدنيا وجود إحدى نسخه
الخطية. وقد جاء في طرّتها ما بلي : ١ كتاب العيال تأليف الحافظ أبي بكر عبد
الله بن حمد بن عبيد القرشي ابن أفي الدنيا المكتتب رحمه الله تعالى رحمة
كما ذكره بعض العلماء الكبار ونسبوه لابن أأي الدنيا أمثال الحافظ الذهي
في كتابه الحافل ؛ سير أعلام النبلاء 0
وكذا ذكره صاحب «معجم مصنفات ابن أي الدنيا» وعده في جلة
(؟) معجم أسياء مصنفات ابن أني الدنيا لمجهول. منه نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق.
رقم 1 . وقد عد له فيه ( 134 ) كتاباً.
لقد رأيت مين خلال دراستي لكتاب العيال للحافظ ابن أي الدنيا
تتا بالوحدة المؤضوعية. والحرص على التخصص .
0 العرض ودقة
في أقرى دلالةٍ في التعبير عن واقع الحال من
(؟) النووي - تقريب الإرشاد : »٠١ السيوطي - تدريب الواوي: 1١/1
طريق آخرّ معان نذكرها :
ومنها: أحاديث تعارض فيها الوصلٌ والإرسالا» وَرَجَحَ عنده الوصل
فيوردها على الوجهين. حَيْثٌ ينبت عنده أن الراوي سَمِعَةٌ من شيخ حدئه
الحديث بإسناده ومتنه لمناسبة الباب بقصد التنبيه والإفادة.
ومن منهجه _ رحه الله أنه إذا سمع الحديث من شيخين مباشرين أو أكثر
جع بينهيا في الأداء فإن كان الطريق واحداً اكتفى بهذا الجمع في الإخراج
وكان الحافظ ابن أبي الدنيا دقيقاً في أداء ما سمعه من مشايخه؛ فنجله
فإذا أراد أن يُعرّف برجل ما في السّند فإنما يعرفه بين
- فيكون التعريف الموضح معزولاً عن النص المسموع
أبي زائدة -..
وهذه المنهجية مع ما فيها من الدقة في الأداء + والورع في رواية ما تحمله
فإنها تدل على حرص ابن ألي الدنيا على التعريف برجال إسناده دفعاً للوهم
وقد درج عل استخدام عبارات دقيقة في الأداء. وهذا أمرّ ظاهرّ قٍِ
روايات الكتاب كلها .
أما من ناحية المتن فإنه لم يتعرض لشرح مجمل؛ أو حل غامض» أو بيان
الحديث؛ حيث 1 يكون له إلا طريق واحدة راف حينئذٍ فيه فيُورده
أما من الناحية الموضوعية فإن ابن أبي الدنيا قصد أن يكون كتابه هذا
جامعاً لكل الأحاديث والآثار التي وردت في موضوع الأسرة او كفالة العائلة
- في حدود مسموعاته -. وقد وُفق في ذلك أي توفيق.
والشعر التربوي الموجه.
الظاهرةٍ الشعرية والتذوق الأدني الذي كان عليه جيل المسلمينٌ في القرن
الثالث الهجري؛ فانتقى المثات من الأبيات والمقاطع بجنّه الأدني المُرْهَفٍ
بح الحزين» وحرّك َرَبَ الأمل البعيد م( .
«وإتما الوزن من الكلام كزيادة اللحن على الصتوتء يُراد منه إضافةٌ
وللشعر أهميةٌ بالغةٌ في نُصرة العقائد وتزويجهاء ونشر الفضائئل
وتَخْلبَتها . ودحض التبه وإبطالها .
والذي يظهر لنا أن منهج ابن أبي الدنيا في كتابه « العيال؛ منهج نمي
بموضوع « العائلة » ولم يتعرض لها 9
)١( محمد أحد الراشد المتطلق