4 ومما امتازبه هذا الكتاب أن الذي قام به إمام مبرز في الحديث وعلوم الشريعة امتاز بالتربية
والأخلاق وقد كان الخلفاء يصطفونه لتربية أبنائهم .
كما أن لضبط الكتاب وتوثيقه مزية أخرى» فقد سلك فيه مصنفه طريقة المحدثين في
التحري والضبط» فقد قسمه على شكل أبواب وضع في كل باب ما يندرج تحته من أحاديث وآثار
أو الأثر صلة في الباب الذي تكرر فيه .
+ والناظر في الكتاب يجد أن مصنفه اقتصر فيه على الأحاديث والآثار التي تتعلق بالجنّة
فقط» وهذا منهج متميز نادراً ما يتمتع به أحد من العلماء.
وامتاز الكتاب بالقيمة العلمية التي تحلى بهاء فقد اشتمل على العديد من الأسانيد التي
الدنيا عن كثير من أقرانه؛ والسبب في ذلك تبكيره في طلب العلم حيث طلب الحديث وحفظ
القرآن وهو دون العاشرة من العمرء وكذلك تلقيه العلم عن كبار العلماء الذين سبقوه في هذا
المجال
أزهى العصور الإسلامية قاطبةٌ في تصنيف الكتب» وخاصة ما تعلق بالسنة النبوية؛ فقد جاء من
أوله إلى آخره موصولا وهو يتحدث عن أمر مهم من أمور العقيدة بأسلوب هادف» ونهج سلفي راقي»
ورؤية شمولية متكاملة؛ فمؤلفة العالم الحافظ الصدوق ابن أبي الدنيا الذي يعتبر من أهم أعلام
القرن الثالث الهجري» فهو كما قال عنه الدكتور نجم عبدالرحمن خلف١": محدث وإمام وعرب
وعالم» أوقف حياته على التأديب والتثقيف» فهو مؤدب أولاد الخلفاء» وعلى يديه تخرج العديد
من البلاء والنابغين من طلاب العلم
وفي الختام فإني أتوجه بالشكر الجزيل إلى فضيلة الدكتور نجم عبدالرحمن خلف على ما
قدمه لي من نصح وإرشاد وكذلك تكرم بتزويدي بنسخة الكتاب الخطية» وبذل الجهد الكبير
في الحصول على خ الكتاب أثناء إقامته بالسعودية؛ وهو الذي قام بالحكم على أسانيد
الكتاب المرفوعة؛ فجزاه الله خيراً هووكل من قدّم أي مساعدة في إخراج هذا الكتاب خاصة فضيلة
الدكتور محمد عبدالرحمن الطوالبة أسأل الله أن ينفع بهما الإسلام والمسلمين» كما أسأل الله أن
)١( كتاب الإشراف في منازل الأشراف» للمصنف؛ المقدمة؛ ص 18 بتصرف.
قيامة؛ إن مجيب والحمد لله رب العالمير
القيامة؛ إنه سميع مجيب
كتبه الفقير إلى رحمة الله
كفرنجة عجلون
الأردن
ترجمةالإمام, أي الدنيا
عبدالله بن محمد بن عبيد بن سفيان أبو بكر القرشي الأموي مولاهم البغدادي الحبلي"؛
المشهور بابن أبي الدنياا".
ولد سنة 108ه - 877ه ببغداد في عهد الخليفة المأمون آخر العصر العباسي الأول في
عهد الحضارة الإسلامية الذهبي
والزاهد؛ هم أبناء هذا المجتمع ومادته» وكان لظاهرة العلم والزهد أبلغ الأثر في بناء شخصية ابن
أبي الديا وتكويه العلمي
كانت أسرة ابن أبي الدنيا أسرة خير وفضل وبيته بيت علم وصلاح
)١( في هدية العارفين» للبغدادي 410/5 ؛ الشافعي وهو خطأً
(1) مصادر ترجمته:
ابن أبي حاتم. الجرح والتعديل 183/5 ابن النديم» الفهرست 185/1. الخطيب البغدادي+
تاريخ بخداد 41-44/18» ابن أبي يعلى ؛ طبقات الحتابلة 148-141/1: المسعودي؛ مروج
الذهب 13-17/1. 50/5 175 . ابن الأثين الكامل 158/7 السمعاني؛ الأنساب
4٠ ابن الجوزي. المنتنظم 144-148/5. المزيء تهذيب الكمال 7/ فلاب
الذهبي . سير أعلام النبلاء 4-343//17 40 وتذكرة الحفاظ 7/ 374-770 والعبر 57/17 مختصر
دول الإسلام 1373/1» ابن كثير البداية والنهاية ١71/1ا» ابن تغري بردي . النجوم الزاهرة 43/7
ابن شاكر الكتبي ؛ فوات الوفيات 440-444/1 ؛ ابن حجر؛ تهذيب التهذيب 17-17/7. وغيرهم +
وانظر ترجمته مفصلة في مقدمة كتاب الصمت وآداب اللسان» تحقيق الدكتور نجم عبدالرحمن خلف
وغيره من كتب ابن أبي الدنيا المحققة.
والعلماء ودفعت به إلى حلق العلم؛ فأقرأته القرآن والفقه. وحببته في سماع الحديث وكتابتة؛ ,
وبحكم أن والده كان أحد العلماء فقد مكّنه ذلك من السماع من أعلام العصر وحفاظه وسنه دون
البلوغ؛ فأدرك بمن سمع منهم وطبقتهم إسناداً عالياً. وشارك أصحاب الكتب السئة في كثير من -
وبهذه العناية المركزة والمبكرة من أسرة ابن أبي الدنياء وبما كان له من الهمة والإقبال الكبير
استطاع أن يجمع علماً غزيراً؛ ويتتلمذ على مثات المشايخ من أئمة العصر وحفاظه؛ قال الذهبي
وقد جمع شيخنا أبو الحجاج الحافظ أسماء شيوخه على المعجم وهم خلى كثيرا"» ثم ذكر جزاً
منهم ؛ فبلغ عددهم أربعة وتسعين شيخاً؛ وبلغ عدد شيوخه في «كتاب الصمت وآداب اللسان06
المشرب. وعمل على بث هذه الروح الأخلاق
يزيد على ماثة مصنف»
» زهدي
وكان لابن أبي الدنيا الأثر الكبير في مجتمعه؛ تجلى ذلك في تربيته لأولاد الخلفاء الذين هم
من أهم طبقات المجتمع؛ وممن سيتولى مقاليد أمور المسلمين» وبصلاحهم تصلح البلاد
ويسعد العباد. كما تجلى في تدريسه لعدد هائل من طلبة العلم؛ وقد تخرج على يديه منهم جمع
غفير أصبحوا من أفراد الأمة علماً وصلاحاً.
كما ساهم في الحركة الإصلاحية التي استهدفت تربية الجماهير العظيمة المقبلة على هذا
الدين عن طريق التأليف والتصنيف. مقتفياً أثر شيخه الإمام أحمد بن حنبل» وَمَنْ قبله من أمثال ,
)١( الخطيب البغدادي؛ تاريخ بغداد ١40/1؛ ابن حجرء تهذيب التهذيب 17/7 ابن الجوزي+
المنتظم 148/5, وانظر تفصيل ذلك في كتاب الصمت وآداب اللسان؛ المقدمة؛ تحقيق د. نجم
(1) الذهبي؛ سير أعلام النبلاء 83/17
(©) مقدمة تحقيق كتاب الصمت وآداب اللسان؛ فصل «شيوخه؛ تحقيق د. نجم عبدالرحمن خلف.
(8) انظر مقدمة كتاب الصمت؛ تحقيق د. نجم عبدالرحمن خلف؛ فصل «مؤلفاته». ق
عبدالله بن المبارك» وسفيان الثوري ؛ فألف في التربية والزهد والرقائق مؤلفات جمّة وصفها ابن
كثير بقوله: المشهور بالتصانيف الكثيرة النافعة الشائعة الذائعة في الرفائق وغيرهاء وهي تزيد عن
جاوز السبعين من عمره إذ سمع منه كثير من طلبة العلم إلى آخر حياته وحتى السنة التي توفي
لقد حفظت لنا بعض المصادر صورة مشرقة من صور الحزم والرجولة في شخصية ابن أبي
شديدة؛ وانصرفت فلحقني رشيق الخادم فقال: يقال لك ليس من التأديب سماع المكروه. قال:
ففي القصة دلالة صريحة على حزم ابن أبي الدنيا وعدم محاباته لأحد حتى ولو كان ابن أمير
المؤمنين» وفيها حرص شديد على إفادة طلابه ومتابعتهم؛ وعدم التهاون في الأمور العلمية؛ كما
العقل وعدل وإنصاف فلم تأخذه العزة وهو المسمى «بالسفاح الثاني» حينما أهين ابنها
17/1/1١ البداية والنهاية: )١(
تاريخ بغداد 708/7 الذهبي سير أعلام النبلاء 451//16-م84 بيطخلا )(
انظر مقدمة )©(
(4) ابن شاكر الكتبي» فوات الوذ
(ه) انظر مقدمة «كتاب الصمت وآداب اللسان» فصل «حزمه ورجولته» تحقيق د. نجم عبد الرحمن خلف.
«كتاب الصمت وآداب اللسان» فصل أثره في مجتمعه؛ تحقيق د. نجم عبدالرحمن
بتصرف
آراء العلماء فيه:
احتل ابن أبي الدنيا مكانة عالية في الحديث والسير والأدب في النصف الثاني من القرث
الثالث الهجري. حيث صنّفه الأثمة في عداد الحفاظ الكبار» وكان طلبة العلم يقصدونه من كل
مكان ويسمعون منه.
وقد سألت عنه أبي فقال: بغدادي صدوق» وقال صالح بن محمد الملقب جزرة: «صدوق وكان
يختلف معناء
وأما من وثقه من الأئمة وأثنى عليه المؤرخ المسعودي حيث ذكره في وفيات سنة (181)ه.
وذكر أنه مؤدب المكتفي بالله؛ وصاحب الكتب المصنّفة في الزهد وغيره؛ ثم قال: إنما نذكر وفاة
هؤلاء لمكانتهم في التاريخ؛ وحمل الناس العلم عنهم
وقال ابن النديم : «كان ورعاً عالماً بالأخيار والروايات»
وقال الذهبي : «المحدث العالم الصدوق!"
وقال ابن كثير: الحافظ المصنّف المشهور بالتصانيف الكثيرة. النافعة» الشائعة الذائعة في
وأما من أطلق عليه الحافظ بالإضافة إلى ما ذكر الإمام المزي!""؛ وابن حجر"
والسخاوي"'"؛ وقال المرتضى الزبيدي : حافظ الدنيا ابن أي الدنياء''؟ وقد روى عنه الكثير من
جهابذة العلماء أمثال الحارث بن أبي أسامة وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن خزيمة وخلق كثيرا"'؟
.4*/1١ الجرح والتعديل» ابن أبي حاتم 167/8 . . (1) الخطيب البغدادي, تاريخ بغداد )١(
168/6 المسعودي» مروج الذهب 184-187/4. . (4) ابن الجوزي؛ المنتظم )©(
(ه) ابن النديم» الفهرست؛ ص 117+ (1) الذهبي » تذكرة الحفاظ 2107/1
(0) ابن كثير» البداية 11/1١ (ه) المزي» تهذيب الكمال 6/1 4ب
(4) ابن حجرء تهذيب التهذيب 17/6 )٠١( السخاوي» الإعلام بالتربيخ» ص 436 .
)١١( الزبيدي؛ إتحاف السادة المتقين لا/هم.
8 د. نجم عبدالرحمن خلف, مقدمة تحقيق كتاب الإشراف في منازل الأشرافء ص )١(
ومما وصلنا كذلك من جوانب شخصية ابن أبي الدنيا هذه الصورة التي تدل على ظرافته وحفة
قال عمر بن سعد القراطيسي : كنا عند باب ابن أبي الدنيا ننتظر» فجاءت السماء بالمطر»
توفي الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا يوم الثلاثاء لإربع عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سئة
+ 148/١ ابن النديم؛ الفهرست 137» ابن الجوزي » المنتظم 8 /144» دائرة المعارف الإسلامية )(
عنوان الكتاب ونسبته لابن أبي الدنيا
ورد ذكر كتاب ابن أبي الدنيا في مصادر كثيرة. فقد اتفق الذهبي؟ وصاحب مصنفات ابن
صاحبه واضحة على طرّة النسخة الثانية (ب) «كتاب صفة الجنة لابن أبي الدنيا رحمه الله» وكذلك
(أ) حيث سماه الناسخ «كتاب صفة الجن وما أعد الله لأهلها من النعيم»» فالتسمية الأولى جاءت
مختصرة» والثانية مفصلة
وأما بالنسبة إلى نسبة الكتاب لابن أبي الدنيا فهي قضية تؤكدها وتوثقها المصادر التي نصت
على ذلك» منها ما ذكره الذهبي وصاحب مصنفات ابن أبي الدنياء والكتاني . وكذلك من خلال
استعمال الأئمة لهذا الكتاب في اقتباساتهم وعزوهم إليه في العديد من مؤلفاتهم من هذه المؤلفات
«الترغيب والترهيب» للمنذري"؛ وابن حجر في «المطالب العالية)», والسيوطي في «الدر
247/117 سير أعلام النبلاء )١(
() د. المنجدء معجم مصنفات ابن أبي الدنيا ٠٠١ . مجلة مجمع اللغة العربية. دمشى؛ مجلد 14+
(©) الرسالة المستطرفة؛ ص *8.
(4) انظر الترغيب 1/بفضى 46/4 لاف داف لاف حلاف 70 15 وغيرها
(*) انظر المعجم المفهرس 4 ٠١ نسخة الأزهرية وقد تحمله بإسناده من طريق ابن النجاد راوي الكتاب
)١( الدز المنثور 0187/8 0717 160/3 1017/17 وغيرها كثير.
() اتحاف السادة المت