وبعد ..
أخى المسلم ..
أختى المسلمة ..
اعلموا أن محاسبة النفس هى طريق السالكين إلى ربهم » وزاد المؤمتين فى
آخرتهم » ورأس مال الفائزين فى دنياهم ومعادهم +
فما نجا مَنْ نجا فى يوم القيامة » يوم الحسرة والندامة » إلا بمحاسبة النفس +
وبمخالفة الهوى .
ولذا كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين » ومَنْ بعدهم من العلماء
العاملين ؛ يحاسبون أنفسهم لله عز وجل .
وبالرغم ما هم عليه من عمل وعلم ؛ وزهد وؤرع + وكانوا قليلا
ما ينامون » وبالأسحار يستغفرون » بالرغم من ذلك كله ؛ كانوا يحاسبون
أنفسهم » ويلومونها على تقصيرها ؛ حتى أن الواحد منهم كان يقول :
« استغفارنا يحتاج إلى استغفار » .
ويقول الآخر :
« طولى لمن صحت له خطوة لا يريد بها إلا وجه الله عز وجل »
الأمر بمحاسبة النفس فى القرآن الكريم
قال جل شأنه :
وقال جل لاد 0
قال الحافظ بن كثير رحمه الله :
قوله م ووضع الكتاب » أى كتاب الأعمال الذى فيه الجليل والحقير
والفتيل والقطمير والصغير والكبير . هل فترى المجرمين مشفقين مما فيه » أى
اسراح و لا . ف( ويقولون ياوليتنا » أى ياحسرتنا
خير وشر » كا قال تعالى : ؤ نَوْمَ تج كُلّ نفس مَاعَمِلَت مِنْ خَيْر
مُحْضرًا © . الآية . ف ولا يظلم ربك أحدا » أى فيحكم بين عباده فى
(0) سورة الأنياء :89
(د) سورة الكهف :44 +
(3) سورة آل عمران :0<
أعماهم جميعا ؛ ولا يظلم أحدًا من خلقه ؛ بل يعفو ويصفح ويغفر ويرحم +
ويعذب من يشاء بقدرته وحكمته وعدله ؛ ويلا النار من الكفار وأصحاب
المعاصى ؛ ثم ينجى أصحاب المعاصى ويخلد فيبا الكافرين ؛ وهو الحا الذى؛
وقال تبارك وتعالى :
قال الحافظ بن كثير رحمه الله :
قوله م ولتتظر نفس ما قدمت لغد » أى حاسبوا أنفسكم قبل أن
وعرضكم على ربكم . ف( واتقوا الله » تأكيد ثان . ( إن الله خبير بما
تعملون أى اعلموا أنه عالم بمجميع أممالكم وأحوالكم لاتخفى عليه منكم
وقال عز وجل :
(0) تفسير ابن كثير (3/ لام - ه)
ا( سورة المادلة :6 2
(4) سورة الحشر :18
. )341/4( تفسير ابن كثير )٠١(
سوزة الفكاثر :م )11(
قال محمد بن جرير رحمه الله : يقول تعالى : ثم ليسألتكم » اللهاعز
رجل عن النعيم الذى كنم فيه فى الدنيا ؛ ماذا عملم فيه ؟ ومن أين وصلم
قال ابن القيم رحمه الله :
والنعيم المسغول عنه نوعان : نوع أخذ من حله » وصرف فى حقه » فيسأل
عن شكره ؛ ونوع أخذ بغير حله وصرف فى غير حقه؛ فيسأل عن
وقلبه » كا قال تعالى :
فهو حقيق أن يحاسب نفسه قبل أ؛
وقال جل شأنه :
قال الإمام الغزال رحمه الله :
عرف أرباب البصائر من جملة العباد أن الله تعالى لهم بالمرصاد ؛ وأنهم
وتحققوا أنه لا ينجييم من هذه الأخطار إلا لزوم المحاسبة ؛ وصدق المراقبة »
ومطالبة النفس فى الأنفاس والحركات » فمن حاسب نفسه » قبل أن يحاسب
خف فى القيامة حسابه ؛ وحضر عند السؤال جوابه؛ وحسن منقليه +
وقال تبارك اسمه :
قال الحافظ بن كثير رحمه الله :
قوله تعالى : يم يومئذ يصدر الناس أشتاتا » أى يرجعون عن موقف
الحساب أشتاتا أى أنواعاً وأصتافاً ؛ مابين شقى ومعيد ؛ ومأمور به إلى
الجنة ؛ ومأمور به إلى النار » قال لإن جريج : يتصدعون أشتاتا فلا يجتمعون
عملوه فى الدنيا من خير وشرا"" انتى +
تعبدون ؟ وماذا أجببم المرسلين ؟ فيسأل عن المعبود وعن العبادة +
بة الكريمة » يتبين لنا جلياً » أن محاسبة النفس أمر
وللمحاسبة طريقة تم بها ؛ علمنا إياها سلفنا الصالح +
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله :
(1) سورة الزازلة :د حي
(1) تفسير ابن كثير (74/4) .
)١( سورة القصص : 66 .
وجماع ذلك : أن يحاسب نيه أولًا على الفرائض ؛ فإن تذكر فيها نقصا
تداركه ؛ إما بقضاء أو إصلاح + 0
والإستغفار ؛ والحسنات الماحية .
بالذكرٍ والإقبال على الله تعالى .
ثم يحاسبا بما تكلم به » أو مشت إليه رجلاه أو بطشت يداه ؛ أو سمعته
ويعلم أنه لابد أن ينشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان :
فالأول سؤال عن الإخلاص ؛ والثانى : سؤال عن المتابعة . انتهى +
طريقة محاسبة النفس ع
هذا الأمر من الخطورة بمكان عظيم » وينى عليه مدى حرص العبد على
وهو كيف يحاسب العبد نفسه ؟ وكيف يكون طريق المحاسبة +
يحدثنا الإمام أبو عبد الله ابن القم رحمه الله فيقول :
محاسبة النفس نوعان.: نوع قبل العمل ؛ ونوع بعده .
فأما النوع الأول
على تركه +
قال الحسن رحمه الله : رحم الله عبداً وقف عند همه » فإن كان لله مضى »
وإن كان لغيره تأخر .
وشرح هذا بعضهم فقال : إذا تحركت النفس لعمل من الأعمال وهم به
العبداء وقف أولّاء ونظر : هل ذلك العمل مقدور له أو غير مقدور
ولاستطاع ؟ فإن م يكن مقدوراً لم يقدم عليه .
وإن كان مقدوراً وقف وقفة أخرى ونظر :
ونظر : هل الباعث عليه إرادة وجه الله عز وجل وثوابه » أو إرادة الجاه والثناء
والمال من المخلوق ؟
الشرك . وإن كان الأول وقف وقفة أخرى ؛ ونظر : هل هو معان عليه ؟ أم
حتى صار له شوكة وأنصار .
فهذه أربع مقامات يحتاج إل محاسبة نفسه عليها قبل العمل .
النوع الثاني :
محاسية النفس بعد العمل وهو ثلاثة أنواع :
على الوجه الذى ينبغى .
وحق الله تعالى فى الطاعة ستة أمور » وهى : الإخلاص فى العمل +
والنصيحة لله فيه ؛ ومتابعة الرسول فيه ؛ وشهود مشهد الإحسان فيه +
الثالث : أن يحاسب نفسه على أمر مباح » أو معتاد : لم فعله ؟
وهل أراد به الله وإلدار الآخرة ؟ فيكون راباً أو أراد به الدنيا
وعاجلها ؛ فيخسر ذلك الربح ؛ ويفوته الظفر بهل" انتبى ..
ويوضح لنا تلك الطريقة » ويجليها الإمام الغزال رحمه الله فيقول :
إذا أصبح العبد » وفرغ من فريضة الصبح » ينبغى له أن يفرغ قلبه ساعة
لمشارطة النفس ؛ فيقول للنفس :
مالل بضاعة إلا العمر ؛ ومتى فنى » فقد فنى رأس المال © وهذا اليوم
أتمنى أن يرجعنى إلى الدنيا يوماً واحداً ؛ حتى أعمل فيه صالحاً » فاحسبى أنك
. إغاثة اللهفان 47/11 + 48] بتصرف )١9(
فإن كل نفس من الأنفال جوهرة"" . ثم يقول رحمة الله :
الله وغضبه ؛ وشديد عقابه .
أو فى بيت الحمام » أو قرنى أصبعك من النار » ليتبين لك قدر طاقتك .
أم تغترين بكرم الله وفضله » فمالك تعولين على كرم الله تعالى فى مهمات
دنياك » وإذا أرهقتك حاجة إلى شهوة من شهوات الدنيا مما ينقضى إلا بالدينار
والدرهم ؛ فمالك تنزعين الروح فى طلبها وتحصيلها من وجوه الحيل +
أنك تتركين سُدى ألم تكونى نطفة من منى يمنى ؛ ثم كنت
علقة ؛ فخلق فسوى .
يسرك » ثم أماتك فأقبرك .
ألتكذبينه فى قوله : ف ثم إذا شاء أنشرك » فإن لم تكونى مكذبة » فمالك
ا( الإحاء ماج .