فإن كان البلاء النازل على العبد نعمة وعطية دار موقفه بين الشكر
إما الصبر والرضى» وإما السخط والقنوط . والقدر في الحالتين جار وفق
"- وصدق الإيمان وكذبه؛ وقوة اليقين وضعفه» كل ذلك يتكشف من
خلال التعرض لهذه الفتن» ولربما كان الابتلاء بالرفاه والترف والنعم أشد من
الابتلاء بالمحن والأسقام . قال الله تعالى : ؤكلٌ إِنَّ الإنسان
*- وليس في هذه الحياة الدنيا دوام لحال» فلا فقر يدوم ولا غنى؛ ولا
4 - وكتاب الحافظ ابن أبي الدنيا «الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان»
ويصح لا من حيث الفحوى أن نقول: «الاعتبار بالسرور والأحزان؛ أو
«الاختبار بالسرور والأحزان» فالمسلم يأخذ العبرة مما يجري عليه وعلى غيره
في تقلب الدنيا بأهلهاء وتغير أحوالها من النقيض إلى النقيض»؛ كما يستوعب
العبرة والموعظة من خلال إدراكه لطبيعة الحياة الدنياء وطبيعة دورنا فيهاء
هي ثمرة أساسية للمرحلة الأولى» إذ العبرة والتجربة
() سورة العلق :7-70
والفكرة ستؤدي إلى الفهم والخبرة. والفهم والخبرة سيساعدان على اجتياز
الاختبار بسلامة وحسن تصرف؛ وإنما يراد من العلم العمل» واللَهُ المستعان.
الحالتين بثواب الله ورضاه.
وليس ذلك إلا للمؤمن . فقد أخرج مسلم في «صحيحه» عن صهيب قال:
قال رسول الله بلة: «عجباً لأمر المؤمن إن أمرهُ كله خير وليس ذاك لأحد إلا
والابتلاء له عبر وحكم كثيرة:
فقد يكون لمعرفة المجاهدين والصابرين من غيرهم :
قال الله تعالى : «َؤََبلونكُمْ حت نغلم المُجاهدين بنْكُمْ والصَابِرِينٌَ
وقد يكون الابتلاء وسيلة لرجوع العباد إلى ربهم سبحانه فيكون تنبيها لهم
بأهل العناد والفساد
)7444 «صحيح مسلم؛ (كتاب الزهد والرقائق» 4 / 7148 رقم )١(
١ : سورة محمد )١(
+118 سورة الأعراف: )©(
والإنسان من غير هدى وإيمان حاله مع النعم والمصائب كما وصف الحق
17 سورة القلم: )١(
116-16 سورة الفجر: )(
2717-14 سورة المعارج: )©(
عنوان الكتاب» وصحة نسبته لابن أ
-١ عنوان الكتاب:
اختلفت المصادر التي تعرضت لذكر مصنفات ابن أبي الدنيا في تسمية
الكتاب» ولكن اختلافها يبقى في حدود الشكل. ويبقى مضمون الكتاب واحد
لم يتغير
فعلى طرة النسخة الخطية المحفوظة في جامعة برنستون جاء اسمه
إل أن الصواب أنهما واحد .
وأسماه الذهبي «أعقاب السرور والأحزان والبكاءه"» وكذا تابعه
وذكره ابن نقطة وأسماه «أعقاب السرور والأحزان».
)١( انظر: صورة الورقة الأولى من المخطوط
(1) انظر: «سير أعلام النبلاءة (17/ 407-401
(©) انظر: «سير أعلام النبلاء» (©13 / 407)
() انظر؛ «تاريخ الأدب العربي» (الذيل» ١ / 148 رقم 41):
وأسماه المالكي0» وصاحب «معجم مصنفات ابن أبي الدنياءم):
«الاعتبار في أعقاب السرور والأحزان». بينما هو في النسخة الخطية من
«المنتقى» منه: «الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان»". وأسماه السيوطي
والذي يظهر لي أن هذه التسميات تلتقي في الفحوى وهي بين اختصار
أو استيفاء للعنوان. وإن الراجح لدي أن العنوان الكامل للكتاب هو: «الاعتبار
وأعقاب السرور والأحزان». وهو العنوان الثابت بوضوح في «المنتقى» من
الأصل. وفي النسخة الاصل مع سقوط كلمتي «أعقاب السرور».
أما كلمة «بكاء» الواردة في آخر عنوان الكتاب عند الإمام الذهبي » فإني
ٍ استبعدهاء فإن للمصنف كتاباً آخر بعنوان «الرقة والبكاء» وأحياناً يسمى «البكاء
"ا صحة نسبة الكتاب لابن أبي الدنيا:
إن مما يؤكد صحة نسبة هذا الكتاب إلى الحافظ ابن أبي الدنيا ما ذكرناه
من ثبوت هذه التسمية على طرة الورقة الأولى من نسخة جامعة برنستون» التي
اعتمدناها في التحقيق» وعلى «المنتقى» من الكتاب فقد نسبه في الورقة الأولى
(9) انظر: «معجم مصتفات ابن أبي الدنياه (11):
(©) انظر: صورة الورقة الأولى من «المنتقى »+
(ه) انظر: «تاريخ ابن النجاره (ق /111 - نسخة باريس) +
«تسمية ما ورد به الخطيب» (رقم 176)-
وكذا ما ذكره كبار الأئمة الذين تعرضوا لمصنفات ابن أبي الدنياء أو
هذا وإني من خلال دراستي لمادة الكتاب. وشيوخ المصنف» تأكد لي
- من غير ريب - أن نسبته إلى ابن أبي الدنيا صحيحة ثابتة
وصف النسخ الخطية
بعد البحث والتفتيش عن النسخ الخطية لهذا الكتاب لم أعثر إلا على
نسختين خطيتين : الأولى منهما كاملة والأخرى محذوفة الأسائيد تثل
مشرقي جيد. سنة 4ه وعليها تصحيحات.
وهي نسخة قيمة يرويها جملة من المحدثين بالإسناد المتصل بعضهم
عن بعض". ويبدو أن هذا الإسناد من الوثوق والشهرة بمكان في رواية هذا
الكتاب» فقد قال ابن النجار في ترجمة عمر بن كرم الدينوري - أحد رواه هذا
الكتاب -: «ومن مروياته . . . وكتاب الاعتبار لابن أبي الدنيا سمعه من نصربن
ومن مميزات هذه النسخة الخطية أن كاتبها هو الإمام الداوودي المحدث
)١( انظر: إسناد النسخة مع ترجمة رواتها في أول القسم التحقيقي .
() انظر: «تاريخ ابن النجاره (ق 17 نسخة باريس)» ثقلا عن: «سير أعلام النبلاء»
الإمام الداوودي هو: محمد بن علي بن أحمد. شمس الدين؛
الشافعي ؛ وقيل المالكي ؛ المصري + شيخ أهل الحديث في عصره. وكان من
من مصنفاته: ذيل طبقات الشافعية للسبكي » وترجمة موسعة لشيخه
السيوطي . ومن أهم كتبه وأشهرها كتاب «طبقات المفسرين» وقد طبع وشاع .
توفي الداوودي سنة خمس وأربعين وتسعماثة بالقاهرة؛ ودفن بتربة فيروز خارج
باب القصرل».
أما النسخة الثانية والتي تتضمن «المنتقى» من كتاب الاعتبار فقد ظفرت
منه بنسخة متقنة جميلة الخط» ترقى للقرن ١٠ه ولم أتمكن من معرفة منتقيها
وهي في أربع ورقات. كما وظفت المصادر الفرعية في توثيق نصوص الكتاب»
مثل مصنفات ابن أبي الدنيا الأخرى المشتملة على نصوص من كتاب «الاعتبار»
المنبجي «تسلية أهل المصائب» و«فضل الجلد في فقد الولد» للسيوطي ؛ وغير
164 / انظر: «شذرات الذهبة (م )١(
ترجمة الإمام ابن أبي الدنيا
أراد الترجمة المطولة فليرجع إلى مقدمات «الصمت وآداب اللساث؛ أو
«الإشراف في منازل الأشراف» أو «العيال». ومن أراد الترجمة المختصرة فليرجع
إلى مقدمات «ذم البغي» أو «ذم المسكره أو «العمر والشيب».
يريع