المتعطشين الروحانيين وتوطيد الإيمان بالله وقضائه وقدره .
وأخيرا ندعوا الله عز وجل أن ينفع به المسامين ويجعله ذريعة
خادم الكتاب والسنة
مختار أحمد الندوق
المدير العام
حرر فى : شوال ١٠؟1ه
كلمة المحقق
أما بعد : فهذا الكتاب « كتاب الرضا عن الله بقضائه والتسلم
لأمره » من جلة مصنفات الحافظ أبى بكر عبد الله بن ممد بن عبيد
ذكر المؤلف رمه الله فيه الأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين
وحكايات الصالحين الراضين بقضاء الله عزوجل بطريقته المثلى .
والرضا بقضاء الله وقدره يتعلق بالعقيدة الإسلامية الغراء لأنه قطب
رحى الدين يدور عليه جميع العقائد والأعمال والأحوال فن لم يكن
القطب تثبت له الرحى ودارت على ذلك القطب فيخرج حيشذ من
دائرة الشرك الى دائرة الإسلام فتدور رحى اسلامه وإيمانه على قطبها
الثابت اللازم
قد اختلف أئمة التصوف فى الرضا هل هو كس أم وهى
فقال الخراسانيون : الرضا من جملة المقامات وهو نهاية التوكل
فعلى هذا يمكن أن يتوصل اليه العبد باكتسابه .
لات
وقال العراقيون : هو من جلة الأحوال وليس كسبيا »؛ بل هو
نازلة تح بالقلب كسائر الأحوال .
وحكت فرقة ثالشة بين الطائفتين منهم القثيرى صاحب
مكتسبة للعبد وهى من جلة المقامات ونهايته من جلة الأحوال
وليست مكتسبة فأوله مقام ونهايته حال .
واستدل من جعل الرضا من جلة القامات بأن الله عزّ وجل قد
بل كان خارجا عن مقدور البشر لما أثنى عليه ورغب فيه ٠
قال النى تم : « ذاق طعم الإييان من رضى بالله ربا
وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا » .
وقال أيضا : « من قال حين ييمع النداء : رضيت بالله ربا
وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا غفرت له ذنوبه » .
هذان الحديثان عليها مدار مقامات الدين + وقد تضنا الرضا
بربوبيته وألوهيته والرضا برسوله والانقياد له » والرضا بدينه
والتسلم له » ومن اجتعت له هذه الخصال الأربعة فهو الصديق
ومرادها من ذلك » فجملة القول أن الرضا كسى باعتبار سببه وهى
باعتبار حقيقته فيكن أن يقال له بالكسب لأسبابه ؛ فاذا تمكن فى
أسبابه وغرس شجرته اجتنى منها ثمرة الرضا » فان الرضا آخر التوكل
فن رسخ قدميه فى التوكل على الله عر وجل والتسلم لأمره
والتفويض إليه فلا بدأن يحصل له الرضا
ان الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العارفين وحياة
المحبين ونعم العابدين وقرّة عيون المشتاقين . وبهذا الرضا نطق القرا
الكريم فقال الله تبارك وتعالى :
لِحُوْنَ > . المجادلة : 13
الصالحة ومجاهدة أعدائه بأن الله رضى عنهم ورضوا عنه ؛ وقد حصل
لم هذا بعد الرضا بالله ربا وممحمد نبيا وبالاسلام دينا ٠
ان الرضا له ثلاثة أقسام :الرضا بالله » والرضا عن الله ؛ والرضا
بقضاء الله .
وبما أن هذا الكتاب يدور حول الرضا عن الله بقضائه والتسلم
من المعلوم أن الرضا بقضاء الله واجب شرعى وهو أساس
الإسلام وقاعدة الإيمان فيجب على كل عبد أن يرضى بما قدر الله له
وقضاء بلا حرج ولا منازعة ولا معارضة ا قال الله عزّ وجل ( قلا
وأننى الى ب على الراضين مواقع القضاء والقدر بالحك والفقه
والعلم والقرب من درجة النبوة ا جاء فى حديث مرفوع أن النى
ل سال طائفة من أصحابه فقال : ما أ ؟ قالوا ا : مَؤُمنون ء
فقال : ما علامة إيماذكم ؟ قالوا : نصبر على البلاء ؛ ونشكر عند
الرضا » ونرضى بواقع القضاء فقال : « مؤمنون ورب الكعبة »
وات ربل الله ع سأل الله الرضا بالقضاء فى دعائه الذى رواه
والرضا وأسألك القصد فى الفقر والفنى وأسألك قرة عين لا تنقطع
وأسألك الرضا بعد القضاء » .
وإنه اعتبر الرضا بالقدور من سعادة العبد المسلم وسخطه عليه
من شقاوته قال : « من سعادة ابن آدم استخارة الله عزوجل
ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله ؛ ومن شقوة ابن آدم
فبين رسول الله يِل أن الرضا بقضاء الله من أسباب السعادة.
والسخط على القضاء من أسباب الشقاوة لأن التسخط يفتح على أهله
قلبه من الرضا بقضاء الله وقدره ملأ الله صدره غنى وأمنا وقناعة
والحقيقة أن الرضا بقضاء الله والتسلم لأمره أشق شع وأسعب
وهذا القول يقال للعبد عند رحيله من الدنيا وبه ير نفس
المؤمن يوم القيامة فتحققت النعمتان عند وجود صفة الرضا بقضاء
الله وهما الدخول ضمن جماعة عباد الله اللصطفين والدخول فى الجئة كا
يشير اليه قوله تعالى : ( راضية مرضية > ٠
وقد جاء فى حديث مرفوع « ان استطعت أن تعمل لله بالرضا
مع اليقين فافعل فان لم تستطع فان فى الصبر على ما تكره النفس
وقال أبو الدرداء رض الله عنه : ذروة الإيمان أربع خلال :
الصبر للحكم ؛ والرضا بالقدر » والإخلاص للتوكل » والاستسلام للرب
عز وجل .
وقال عبدالله بن مسعود : من رضى مما أنزل من السماء الى الأرض
غفر له »
وفى أثر اسرائيلى أن موسى عليه السلام سأل ربه عما فيه
رضاه فأوحى الله اليه ان رضاه فى كرهك وأنت لا تصبر على ما
وقال بعض العارفين : من يتوكل على الله ويرضى بقدر الله فقد أقام
وقال مهون بن مهران : من لم يرض بالقضاء فليس لمقه دواء ٠
وذلك لأن الله تبارك وتعالى لا يقضى بعبده المؤمن قضاءاً الا كان
وقال بعض السلف : من حسن الرضا بقضاء الله أن لا يقول :
هذا يوم حار أى فى معرض الشكاية وذلك فى الصيف فأما فى الشحاء
فهو شكر : لأن الشكوى تناقض الرضا كل حال وذم الأطعمة وعيبها
يناقض الرضا بقضاء الله تعالى لأن مذمة الصنعة مذمة للصانع والكل
من صنع الله .
فلذا قال عبدالله بن مسعود : لأن ألحس جرة أحرقت ما أحرقت
وقال بعض السلف : لو قرض لمى بالمقاريض كان أحب الى من
أن أقول لشئ قضاء الله ليته لريقضه .
فلا بد للعبد الراضى بقضاء الله المسلّم لأمره تعالى أن يسلّم التدبير
لمدبّره والمملكة لمالكها ويعلم أن تام عبوديته فى جريان ما يكرهه
من الأحكام وان الله سبحانه وتعالى هو الأول قبل كل شئ وهو
الآخر لاشئ بعده وهو الذى يخلق ما يشاء ويختار » ليس للعبد أن
يختار عليه ؛ وليس لأحد معه اختيار » وهو الذى اختار وجوده »
واختار أن يكون كا قدر وقضى من عافية وبلاء وغنى وفقر وعز
أن الأمر كله لله عز وجل ؛ وليس للعبد من الأمر قليل ولا كثير »
ل يكن له معول بعد ذلك غير الرضا بمواقع الاقدار » وما يجرى به
من ربه الاختيار .
وقد ذكر الشيخ الغزالى رحمه الله فى «إحياءعلوم الدين» (707/89-ف24)
مع ذكر الآيات الكريمة والأحاديث النبوية واقوال الصحابة والآثار
والحكايات فن أراد مزيد التفصيل فليراجع اليه فالرضا بقضاءالله
أساس الإيمان وقطب الاسلام لا يكون العبد مؤمنا حقا بدونه حق
ترجمة المؤلف
اسمه ونسبه وكنيته : هو عبدالله بن مد بن عبيد بن سفيان
ابن قيس أبو بكر القرشى مولى بنى أمية البغدادى الحافظ الحنبلى
العروف بابن أبى الدنيا
مولده : ولد ببغداد سنة ثمان ومأتين فى عهد الخليفة المأمون
آخر العهد العباسى الأول وى عهد الحضارة الإسلامية الذهي +
نشأته : نش ابن أب الدنيا ببغداد حاضرة العالم الإسلامى ومركز
النشاط السياسى والحضارى يومشذ فتأثر هذه الحضارة العلمية
والتربوية والزهدية فحصل له شرف اللقاء والمعاصرة لإمام من أئمة
العلم والزهد معا فرصد نفسه لطلب العلم والزهد وسلك طريق التعبد
والزهد ولازم أهله والموصوفين به حتى أصبح من أعلام العصر وجمع
من أخبارم أشياء كثيرة حتى قال ابن الجوزى : وكان يقصد حديث
الزهد والرقائق وكان لأجلبا يكتب عن البرجلاني ويترك عفان بن
مسلم وكان ذا مروءة ثقة صدوقا صنف أكثر من ماثة مصنف فى
)//4( راج «المنتظة )١(