الأديب إبراهيم سرسيق؛ فسمع مني ء ونقل عني . وكتب حلقتين. كانتا من براعة
وأجل. ولكن لا يحكٌ جسمك مثل ظفرك. فكان من فضله علي أن أعاد بعض
عثمان حافظ؛ رائد الصحافة في هذا البلد لهم الشكر.
والشكر لولدي وصهري صاحب «دار المنارة» التي تقدِّم الطبعة الأولى من
وإن كان صهري محمد نادر حتاحت وحفيدي ماهد ديرانية مني - ليسا
نفس .
والشكر للأستاذ محمد علي دولة. الذي آثر العمل في نشر الكتب على
بدأت كتابة الذكريات وليس في ذهني خطة أسير عليهاء ولا طريقة
أسلكهاء وأصدق القارىء أني شرعت فيها شبه المكره عليهاء أكتب
الحلقة ولا أعرف ما يأتي بعدهاء وكثيراً ما كنت أنسى ما الذي كتبته في التي
بمنتهاهاء ولكنه أخفى زمانها.
وبكاء. وشدة ورخاء. ولكن هل يأتي ذلك على ترتيب معروف ؛ ونبج
فيها. فأنظمها في خيط واحدء أضمٌ النظير إلى نظيره؛ أجمع الأشباه؛ وأؤلف بين
من النسيان ما أمكن إنقافه.
بكرمك العفو عن سيئاتي» والنجاة يوم الحساب
ذكريات لا مذكّرات
هذه ذكريات وليست مذكرات. فالمذكرات تكون متسلسلة مرتبة. تمدها
وثائق معدّة؛ أو أوراق مكتوبة» وذاكرة غضة قوية؛ وأنا رجل قد أدركه الك
نعمة من اللهء ولولا أن المرء ينسى آلام الحياة. ما استطاع السكون إليهاء
ولا الرضا بهاء
لا تعجبوا من هذا الكلام؛ فنحن في تبدل مستمرء كل يوم بموت في
شخص؛ ويولد شخص جديد؛ والميت أناء والمولود أناء خلايا جسدي تتجدد
كلها كل بضع سنوات حتى لا يبقى منها شيء مما كان١')؛ عواطف نفسي تتبدل
فاحب اليوم ما كنت أكره بالأمسء وأكره ما كنت أحب. أحكام عقلي تتغير
فإذا كانت خلايا الجسد تتجدد. وعواطف النفس تتغير,ء وحكم العقل
يتبدل» فيا هو العنصر الثابت الذي لا يتبدل ولا ات
فأقول له؛ وكانت نفسي غيري فتقول لي؟.
العنصر الثابت الباقي هو الذي لا ينقص إن قطع عضو من أعضائي »
هذا تفسير قولي إن من تعوّد أن يكتب كل يوم في هذا الدفترء وجد فيه
قصة حياتي متسلسلة مرتبة؛ لأني أعتمد على ذاكرة فقدت حدّتهاء وأبلت الأيام
جدّتهاء فقد أنسى الحادثة في موضعهاء ثم أذكرها في غير موضعها.
وعيب آخر عندي؛ هو عيب كتب الأدب العربي القديم» ومن نشأ عليها
وألفهاء هو الاستطراد. والخروج عن الموضوع. هذا كتاب الحيوان للجاحظ
علم الحيوان (أي علم الحياة) أم ذهب به الاستطراد يميناً وشمالاً. فتكلم في كل
لقد صار الاستطراد عادة لي. أعترف أنها عادة سيئة. ولكن ما أكثر
لاكرهت نفسي على تركها فليس لمسلم يأتي المحرمات أن يحتج بتعوده عليهاء
ولطالما كنت أخطب في الحشد الكبير» أو أتكلم في الإذاعة أو الرائي (أي
فاستطرد وأخرج عن الخط؛ فإذا انتهى الاستطراد وقفت كما وقف حمار الشيخ
الشيخ؛ ليعلمنا أن خلود الأسماء ليس الدليل على عظمة أصحابا .
والمذكرات يكتبها أرباب المناصب» ورجال السياسة» وقادة الجيوش»
الذين شاركوا في صنع الأحداث؛ فاستحقوا أن تكون مذكراتهم من مصادر
التأريخ لهذه الأحداث . بعد ضرب بعضها ببعض؛ وتمحيص ما ورد فيهاء
يمحو دور غيره.
المذياع» أو من سطور الصحف والكتب؛ في كثير من الأحداث في بلدي.
أقرب إلى العزلة. أعيش بين كتبي وقلة من إخواني» ذهب جم إلى رحة الله.
وقد يقرأ امرؤ ما كتبت في الحادث العظيم» أو يسمع ما قلت فيه؛
فبحسب أي أنا مدير الأمر واني مديره؛ لا يعلم أني جثت من بيتي» فدخلت من
الباب الخلفي إلى المنبرء ثم نزلت من المنبر فخرجت من الباب الخلفي إلى
وحمست. لا يزال يذكرها كثير من أهل بلدي .
عفواً فانا لا أمدح نفسي» وأنا أعلم أن الحديث عن النفس ثقيل على
أدون ذكريات موضوعها (أنا)؛ فإن لم أتكلم عن نفسي في سرد ذكرياتي» فعمن
تريدون أن أتكلم؟.
ولكن لكم علي عهداً؛ أنا موف به إن شاء الله هو ألا أقول إل الحقء
وبيان آخر: الجندي حين بمشي في مهمة عسكرية؛ يمضي إلى غايته
قدماء لا يعرج على شيء ولا يلتفت إليه؛ ولكن السائح يسيرمتمهلا» ينظر ممنة
بأثر قديم سأل عن تاريخه؛ فيكون له من
لا احب في هذه الذكريات أن أمشي مشية الجندي» بل أسير مسيرة السائح.
لا أكون مغمض العينين لا يرى من الدنيا إلا نفسه؛ كالذي يدخل بهو
المرايا في (فرساي)؛ ولا أريد أن أتحدث عن نفسي وحدها وأغفل ما حولي؛
ولعل وصف ما كان حولي أجدى على القراء من سرد قصة حياتي وحدها.
ذلك أن ما كان في صغري أمراً عادياً صار الآن عند أكثر الناس تاريخاً
وحاراتها وأزياء أهلها. وكثير من أعرافهم وأوضاعهم؛ ودخل الحديث عنها في
وفي الدنيا اليوم مدن كثيرة موغلة في القدم» حتى إن التاريخ (نفسه) لم
يدرك ولادتهاء ولكن دمشق أقدم المدن العامرة المسكونة في الدنيا. وفي الدنيا
مدن كثيرة بارعة الجمال» ولكن دمشق زفي نظر أهلها على الأقل) أجل مدن الدنيا .
العرب لا رأوهاء فانطقت شعراءهم بروائع البيان» وخوالد القصائد. .
اليوم الغوطة؟ .
واقمنا عليها بيوتا طبقاتها صناديق وعلب لسردين البشر.
إخواننا من أهل المملكة السعودية» وأهل العراق» يصيفون في دمشق نفسهاء وما
كنا نحن أهل دمشق نعرف الانتقال في الصيف إلى الجيال.
فيا الذي غيرها؟ من ألهب هواءها ود مسارب النسيم الناعش إليها؟
قبل خمس سنين» بل هي جناية جنيناها على دمشق من عشرات مضت من
أذى أيديناء في طرف الغوطة منطقة تدعى (درب الجوزي أعرفها أناء فيها من
أشجار الجوز ما لا بحيط بجذع الك ة منه رجلان إذا مدا أيديماء لست أدري
الأشجار الضخمة. التي تثمر الجوزء مداخن تنفث الدخان.
َ شاملة لأطرافها مبينة لحدودهاء لكنها مضيعة
الطيارة أبصر الب
لعيني لوحة عرضها أكثر من عشرين كيل ألفّها بنظرة واحدة من شرفةداري»
أرى الدنيا كلها تجمعت مصغرة فيها: فالعمران في البلد يتوسطه الجامع الأموي
وقبة النسر التي كانت منذ كانت من أعظم القباب التي أقامها العقل المفكر واليد
والمزة تنظر إليهاء وقاسيون يطل عليهاء وسهول المزة والكسوة تجاورها
فيها كل ما في الدنيا من سهل وجبل؛ وبستان وقفرء وساقية ونهرء
ومسجد وقصرء لآ البحرء عل أنك ترى حول البلد (أو كنت ترى) بحرا من
قلب كل مسلم؛ وهو المسجدء الجامع الأموي أقدم المساجد الفخمة في ديار
أكبر من القاموس المحيط.
أرجع إلى ذكرياي
في المحكمة يجلفون الشاهد بأن يقول الحتىء كل الحق؛ ولا شيء غير
الحقىء ذلك لأن بعض الحق أقرب إلى الباطلء والذي قرأتموه عن ساعاتي في
ذلك الكتاب صحيح» ولكنه بعض الحق.
اعد أحس ألمهاء لأنني حين أتحدث عني وأنا صغير أكون كمن يتحدث عن
إنسان آخرء هو أناء وليس أناء
وكلهم (أنا) بمعنى الكلمة عند زملاثنا أساتذة علم النفس؛ وما منهم إلا واحد
هو أنا بإحساسي وعاطفتي وفكري .
على الجسر وراقبوا ماء النهر يجري تحت أرجلكم» هل ترون قطرة تقف» اليس
كل ما ترونه قطرات يدفع بعضها بعضا؟ واحدة تروح فلا ترجع أبداء وواحدة
الإنسان» إنه في تبدل وتجدد.
ولكن هذا التبدل لا يفقد التبر اسمه؛ ولا خصائصه. ولا يجعل النيل
لذلك اشكر أخي زهيرا'» أن أرجعني القهقرى في طريق العمرء حتى لقيت ما