الموضوعات لرجل كان من رجال القضاء؛ انقطع إلى النيابة العامةء فبلغ أعلى
مرتبة فيهاء فكان يوماً النائب العام لدى محكمة النقضء ثم لدى المحكمة
الدستورية العلياء ثم صار الأمين العام لمجلس الوزراء» ثم لديوان رياسة
الجمهورية .
وما عرفناه من قبل من أهل التصنيف والتأليف» ولا من أرباب الأقلام
وأصحاب البيان ولا أعرف عنه أنه من العلماء أو من أرباب الفكرء كما أنه لم
فكيف إذن بلغ هذا المنصب العالي وهو موظف عادي كسائر الموظفين؟
يمتلء» والمقاعد خالية» فاختار منها ما يريد.
ثم إنه جاء في عهد الانتداب (أيام الفرنسيين)؛ وهو نصرانيء
وملتهم» ثم إذا همسنا بشكوى» أو نطقنا بها قالوا إنكم تفرقون بين أبناء الوطن
الواحد؛ وتبعثونها عصبية دينية. وجاء مؤلف هذا الكتاب يردد النغمة المملولة؛
ويعيد هذه الحجة الوا مع أن كتابه كله دعاية للنصرانية وأهلها فلا ييصر في
عن (العرب النصارى في الدولة العربية) وفصل فيه (عهد عمر إلى بطريرك
عليهم» وكل عهد في الدنيا فيه واجبات وفيه حقوق»ء فهم ييهملون الواجب
عليهم في العهود كلها ويطالبون بأكثر من الحق الذي هو لهم فيهاء وفصل
عنوانه (مواقف مشرفة) ذكر فيه منقبة صغيرة لقائد عربي قال إنه من النصارى+
وأهمل مثات المناقب الكبارء لقادة المسلمين.
وتكلم في فصول أخرى عن رجال ما فيهم أحد من غير النصارى»
كالبطريرك غريغوريوسص حداد وإلياس الرابع وأمثالمماء وأهمل ذكر غيرهم ممن
كانوا أجل منهم قدراًء وأبقى ذكراً» من رجال المسلمين» وتكلم في فصول
أفليست هذه هي الفرقة التي يقول أنه ينكرها ويأباها؟ ويعلم أن الحق في
وذكر معهما (جول جمال) هذا الذي سخرت وسائل الإعلام كلها في مصر
وسلكوهاء فسميت باسمه مدارس» وأدخلت قصته في مناهج الدراسة قبل أن
يتحقق أحد منهاء أو يتثبت من صحتها.
وأرادت الدولة على عهد الرئيس شكري بك أن تقيم له حفلة تأبين
رسمية» فاختاروا أكبر رؤساء الدين عند النصارى ليتكلم فيه باسم النصارى+؛
واختاروني أنا لاتكلم عن المسلمين» فأبيت وبعث إِليّ الرئيس بأخينا الدكتور
سعيد فتاح الإمام, وهو رجل معروف. يبلغني الأمرء فلم أستجب. فهتف بي
الشهداء وكم أرقنا من الدماء؛ فلماذا نسيتموهم جمي
الأستاذ محمد المبارك» فتكلم في الحفلة مما فتح الله به عليه.
مألوفاً لكتاب» ولكنه قائمة تعدد موضوعات الكتاب» والغريب أنه لا يقصد
مثاله فيها مثال مسلم كتب في عقيدة البوذيين مثلا. وذهب يشرح كتابهم الذي
ومن الهندسة» هما: الدين والسياسة. فمن أراد تكلم في الدينء ولو خالف
من معرفة دقائقها وأسلوب أهلهاء ما يجعله أهل للتصدي لتفسير القرآن؛ وهو
لا يقيم لسانه ببيت شعر ينقله في هذا الكتاب؛ ولا يتنبه إلى خلل فيه حين أبدل
كلمة بكلمة؛ فاختل الوزن وضاع المعنى» بل هو يروي نشيداً كان مشهوراً على
عليها السباع والضباع والحوام.
إن المؤلف يسرد ترجمة لنفسه في أول كتابه؛ كتبها بقلمه؛ فلم يجد من
64م قبل أنا يتسع سنينء وإنه احتل مناصب عددهاء ونال أوسمة
سردهاء وكل ذلك لا ثقل له في ميزان العلم .
فإذا سرد مؤلفاته لم يذكر إلا هذا الكتاب الذي هو لمامة من المراجع
كانوا أجهل بالإسلام وشراً عليه ممن يقول إنه من غير المسلمين.
أحد متى يكون مولدهاء وهل تكون ذكرا أم أنثى؟ سوية أو مشوهة؛ وإن كنا لا
وأنا من يوم أدركت ما حولي أرى النصارى في بلدي يعيشون كما يعيش
نابغيهم؛ وإن كانت مناصب أحللناهم في أرفعها وأعلاهاء حتى أن مدير
من هذا القرن في حي المهاجرين» وهو حي إسلامي» وباب المدرسة يقابل باب
زملاء من النصارى وكنا نبرهم ونقسط إليهم بل إن أستاذنا فارس الخوري وليناه
ديننا. ولا أقول أن ذلك جائز أو مشروع»؛ ولأ أفتي بمثله ولكن أقرر ما كان
وقالوا إننا نفرق الجميع؛ ونصدع بناء الأمة الواحدة» ولكن قائله نصراني وذنب
المسلمين مع النصارى واليهود قروناً طوالاً ما شكوا يوماً من ظلم وقع عليهم
العهود ديننا فنحكمهم في رقاب المسلمين+ ونجعل لهم سيلا عليهم وذلك محرم
في ديناء
حتى دخلت أصابع الطامعين فينا الذين كنا نسميهم المستعمرين؛ وما هم
الأصابع وحدتنا.
وجاء من بعد من يوقد نار الفتنة. وهي مطفأة؛ ويوقظها وهي نائمة؛
القضاء؛ فكتب كتابه هذا الذي حاول أن النصارى أمة قائمة برأسهاء
وإذا كانت مهنة الإنسان يظهر أثرها فييا يقول وفييا يكتب» وكان الأستاذ
درجاتهاء فإن كتابه مرافعة طويلة ولكن في قضية باطلة والكتاب ينفع من
بأنفسهم؛ ويعطوه من المناصب والمراتب والمزايا ما لا يعطونه لاخوتهم وأبنائهم
مناء نحن قد نبدي التعصب ولكنا متسامحون» وغيرنا ممن يعيش بيننا يظهر
تملك لساناً ترد به عن نفسهاء أما أنا فإني أملك بحمد الله لساني وقلمي .
لقد جاء في هذا الكتاب سؤال وضعه عنواناً كبيراً.. لفصل طويل هو ز(هل
النصارى كفار؟) إنه عنوان يخيف كل راغب في وحدة الصف؛ محب لدوام
السؤال من قبل في مجلس كان فيه جمع كبير من قضاة الشرع والمشايخ» ومن
كبار رجال الدين من النصارى. وكان يحضره وزراء وكان الداعي إليه والمشرف
ذلك أنه كان من عادة رؤساء الجمهورية في دمشق أنهم يدعون القضاة
والعلماء. ومن يسمونهم برجال الدين إلى مائدة الإفطار في رمضان؛ وقد ذهبت
رحمة الله عليههاء فجمع أحدهما بيننا نحن قضاة الشرع والمشايخ ورجال الدين
من النصارى» وكانت أحاديث مما يتحدث به في أمثال تلك المجالس» أحاديث
كبارهم يعتب عليناء إننا ندعوهم كفاراً.
أسس الدينء وأصول العقائد» وكذلك نحن فالناس عندنا بين مسلم يؤمن بما
المسيح ابن الله» ولا بأنهم ثلاثة الاب والابن وروح القدس» والثلاثة واحدء؛
ولا بمسألة الفداء» ولا بأمثال ذلك مما هو من أصول عقائد النصارى. وأنت
عندي كافر لأنك تقول بهاء فلماذا تنكر عل ما تراه حقاً لك؟ إن ديئنا ظاهر
الذين قالوا إن الله هو المسيح » ويقول في الآية الثانية: م لقد كفر الذين قالوا
إن الله ثالث ثلاثة »» فالكفر والإيمان إذن مسألة نسبية؛ ما تسميه أنت كفراً
ابتداءً من الحلقة الآتية إن شاء اللهء والثاني أن لكل متهم أن يدافع عن نفسه؛
وأنا لم يتهمني وكيل النيابة الذي هو (أصغر أعضائها) بل اتهمني أكبر رئيس
فيهاء ول تعلن التهمة بين جدران المحكمة الأربعة بل أعلنت في هذا الكتاب»
فقد قال (وأنا أنقل نص ما قاله عني لأدافع عن نفسي)؛ ولاحظوا أنني أنقل
كمسلم يفضل أحقر شخصية إسلامية باكستانية أو أندونيسية على أعلم وارفع
رجل عربي غير مسلم كرجل الدولة العلامة فارس بك الخوري وكان رحمه الله
أنا لم أقل هذا الكلام كما رواه ولكن قلت إن آخر مسلم في الهند أو
الباكستان أقرب إل من فارس الخوري» ولم أقل أحقر شخصية إسلامية فلا
تجتمع الحقارة والإسلام في نفس واحدة لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. ولا
نشر هذا الكلام لقيت الأستاذ فارس بك نفسه فظنتته غضبان» وحاولت أن
أكلمه فقال لي بالحرف الواحد: ولماذا أغضب» وقد جعلتني أقرب النصارى
أعود إلى كلام الأستاذ حناا'» مالك يقول: فهل مثل هذا الاعتقاد يتفق
(1) حنا ويوحنا وجان ويوهان وجوهان كلها بمعنى يجيى .
وفكرة المساواة بين المواطئين في الوطن الواحد وفي ظل دستور واحد؟ بل هل
يتفق مع جوهر الدين وفلسفته؛ ومع مفهوم القومية العربية؟ ثم قال: تصريح
آخر للمواطن السوري المنعوت عنه أعلاه (يقصدني أنا) .
وبعد مضي ثلاثين سنة ونيف على تصريح هذا المواطن العربي الكريم
يعود وينشر في صحيفة «الشرق الأوسط» في عددها الصادر في 8؟/ 8/1١١
مالا مطولاً بعنوان من ذكريات الشيخ علي الطنطاوي : وأحد عباقرة العرب في
هذا العصر ويقصد به دولة المرحوم فارس بك الخوري» ويعدد الكثير الكثير من
ومع هذه العبقرية والصفات المتميزة المتوفرةء في شخص المرحوم دولة
فارس بك الخوري فإن صاحب المقال يستهله بالقول: (ولكن آخر ملم في
آخر الارض أقرب إليّ منه) ويقول لمن لامه لقسوة فيا مضى : يريدون أن نجعل
المؤمنون أخوة. فننكر أخوة الإيمان. ونتمسك برابطة اللسانء فيكون أبولهب
كرامة» ولكن الأستاذ حنا مالك لا يستطيع أن نَ
إني أقول الآن وأنا في الثمانين من عمري ما قلته ونشرته في مطلع شباي
إن آخر مسلم في الدنيا أقرب إليّ من فارس الخوري ومن غير فارس الخوري»
ومن لا يقول هذا القول لا يكون مسلماء لأن رابطة الإيمان أقوى من رابطة
النسب ومن رابطة اللسان» والله يقول لنوح عن ولده لما وعده الله بأن ينجي
وبين له أن رابطة الإيمان أقوى من رابطة الأبوة فقال: (إنه ليس من أهلك إنه
عمل غير صالح)؛ فأنا إذن لا أهاجم أحداً ولكن أدافع عن نفسي فإذا كتتم لا
تريدون ما يدعو إلى التفرقة بين أبناء هذا الشعب. وتخشون ما يصدع وحدة
الأمة التي تزعمونهاء فامنعوا أمثال هذا الكتاب» بل قفوال' الحرب في لبنان بين
)١( وقف تتعدى بنفسها فلا يقال: أوقف.
أهل النصرانية واهل الإسلام وكفوا أيدي المنصرين الذين يتسمون بالمبشرين»
ثم لا تسوونا بهم؛ فتحن المسلمين نؤمن برسالة موسى وعيسى ومحمد ولكن
وأحزاباً» ويدعونا إلى عصبية دينية» أما نحن فقد أثبنت تجارب أربعة عشر قرناً
إننا عشنا مع النصارى» بل لقد عشنا مع اليهود وأعطيناهم أكثر مما هوالهم» وم
نظلم أحداً منهم؛ ولم نعاون عدوا عليهم» وإن كان منهم من أعان علينا كل
عدو دخل بلادنا.
هذا والموضوع كما قلت خطر يتحاشاه الناس ويبتعدون عن الكلام فيه
مع أن خوفنا منه كخوف بنتي ١١ من ظلام الحديقة في الليل يله أن توقد
عود كبريت أو تشعل شمعة أو تضيء كشافاً منوراً فترى وأن الخوف من هذا
الموضوع وهم في وهم؛ والله تعالى قد أدبنا فبين لنا أن لا نواد من حاد الله
وأن يعلم أنني لست من دعاة التفرقة ولا الخلاف بل من دعاة المودة والائتلاف
ولكن في حدود عقيدتي وإسلامي .