ا مقدمة الشيخ عبد الر: المحسن البدر
لسلامة ما قالوه من النقص والعيب» وهو قد جمع فيما وصف وستّى
به نفسه بين النفي والإثبات» فلا عدول لأهل السئّة والجماعة عما جاء
به المرسلون. فإنّه الصراط المستقيم؛ صراط الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين).
والتسبيح هو التنزيه. فأصل هذه الكلمة من السّبح وهو لبعد
قال الأز فى «تهذيب اللغة»: (ومعنى تنزيه الله من السوء: تبعيده
فالتسبيح هو إبعاد صفات النقص من أن تضاف إلى اللهء وتنزيه
العرب التنزيه له من إضافة ما ليس من صفاته إليه؛ والتبرثة له من
وقد ورد هذا المعنى في تفسير التسبيح في حديث يُرفع إلى
النبي قي إلا أنّ في إسناده كلاماً؛ فقد روى الحاكمُ في المستدرك عن
عن تفسير سبحان الله؛ فقال: «هو تنزيه الله عن كل سوء». قال
للمستدرك بقوله: (بل لم يصح فإن طلحة منكر الحديث؛ قاله
)١( تهذيب اللغة (718/4).
© جامع البيانء لابن جرير 711/19
وروي الحديث من وجه آخر مرسلاً .
وورد في هذا المعنى آثار عديدة عن السلف - رحمهم الله -؛
روى جملة منها الطبري في تفسيره؛ والطبراني في كتابه «الدعاء» في
ما جاء عن ابن عباس ا أنه قال: (سبحان الله تنزيه الله هن
فقال: (تعظيم جلال الله).
وجاء عن مجاهد أنه قال: (التسبيح انكفاف الله من كل سوء).
قال ابن الأثير في النهاية: (أي: تنزيهه وتقديسه).
وعن ميمون بن مهران قال: (سبحان الله اسم يعظلم الله به
ويحاشى به من السوء)ء
وعن أبي عبيدة معمر بن المثنّى قال: (سبحان الله: تنزيه الله
وعن محمد بن عائشة قال: (تقول العرب إذا أنكرت الشيء
وأعظمته سبحان اللهء فكأنه تنزيه الله فق عن كل سوء؛ لا ينبغي أن
يوصف بغير صفته)
والآثار في هذا المعنى عن السلف كثيرة.
ونقل الأزهري في كتابه «تهذيب اللغة» عن غير واحد من أئمة
اللغة تفسير التسبيح بالمعنى السابق. وقال: (وجماع معناه: بُعده تبارك
وتعالى عن أن يكون له مثلّ أو شريك أو ضَدٌ أو ن".
وبهذه النقول المتقدمة معنى التسبيح والمراد به؛ وأنّه
تنزيه الله ق عن كلّ نقص وعيب» قال شيخ الإسلام ابن تيمية كلل:
(والأمر بتسبيحه يقتضي تنزيهه عن كل عيب وسوءء وإثبات المحامد
وعيب؛ مع إثبات المحامد وصفات الكمال له سبحانه؛ على وجدٍ يليق
به؛ أمّا ما يفعله المعظلة من أهل البدع كالمعتزلة وغيرهم من تعطيل
للصفات وعدم إثبات لها وجحد لحقائقها ومعانيها بحجة أنهم يسبّحون الله
وجحودٌ؛ وضلالٌ وبهتانً؛ ولذا يقول ابن هشام النحوي في كتابه مغني
اللبيب: (ألا ترى أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات)!".
ويقول ابن رجب كلت في معنى قوله تعالى: تيح عَنْدِ زََْ»
بمحمود؛ كما أن تسبيح المعتزلة يقتضي تعطيل كثير من الصفات)!».
(إذ ليس كل تسبيح بمحمود) كلام في غاية الأهمية
والدقة؛ إذ إنَ تسبيح الله بإنكار صفاته وجحدها وعدم إثباتها أمرٌّ لا
وقوله كته
() تهذيب اللغة 74/40 () دقائق التفسير» لابن تيمية (88/8).
© مغني اللبيب (146/1) مع أنه وقع في بعض ذلك» غفر الله له ورحمه
(؟) تفسير سورة النصر (ص77).
بحمد اللهء بل يكون من المعطلين المنكرين الجاحدين» من الذين
نز تيه عي تودي] ووصفهم بقوله: 3
وسلّم على المرسلين لسلامة ما قالوه في الله من النقص والعيب.
إن تسبيح الله وتنزيهه وتقديسه وتعظيمه يجب أن يكون وفق
الضوابط الشرعية» وعلى ضوء الأدلة النقليّة. ولا يجوز بحال أن يبنى
ذلك على الأهواء المجردة. أو الظنون الفاسدة» أو الأقيسة العقلية
الكاسدة كما هو الشأن عند أرباب البدع المعطلين لصفات الربّ
ميحائية ومن كان يعتمد في باب التعظيم على هواه بغير هدى من الله
فإنه يزلَ في هذا الباب ويقع في أنواع من الباطل وصنوف من الضلال.
أحاديث الصفات؛ ويقولون: الله أعظم من أن يوصف بشيء من هذا -
أنه قال: : (قد هلك قوم من وجه التعظيم فقالوا ا
جهة التعظيم؟ قالوا: الله أعظم من أن نعبده؛ ولكن نعبد من هو أقرب
إليه مناء فعبدوا الشمس وسجدوا لهاء فأنزل الله ف3: «تََذِيت نذا
وفي كلامه هذا كته إشارة إلى أن التعظيم والتنزيه إن لم يكن على
هدي الكتاب والسئّة فإنّه يكون غاية التعطيل» ومنتهى الجحود.؛ والعياذ
باللهء ومن يتأمل حال الطوائف الضالة والفرق المنحرفة التي سلكت في
التنزيه والتعظيم هذا الطريق يجد أنهم لم يستفيدوا من ذلك و التنقص
.)440/1( ذكره التيمي في الحجة في بيان المحجة )١(
ببعضهم في التنزيه إلى الاعتقاد بأنه ليس فوق العرش إله يُعبد؛ ولا رب
ومن هنا كانت العناية بفهم التنزيه على أساس صحيح ومنهج
سليم أمراً عظيماً وأصلاً متيناً؛ يجب العناية والاهتمام به؛ وخير سبيل
إلى ذلك هو التفقه في قول الله جلّ وعلا: «سُبَحَنَ اله»؛ وعقل
هذاء وقد سمت همّة الأخ المفضال» والباحث الموقرء الشيخ
محمد بن إسحاق كندو؛ من دولة «بوركينافاسو» للكتابة في هذا الموضوع
العالية» بقسم العقيدة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة؛ بعنوان:
(التسبيح في الكتاب والسنة والرّدَ على المفاهيم الخاطئة فيه)؛ وكنت
محققاً؛ قد أجاد وأفاد في تحرير مسائله؛ وتقرير دلائله» وتجلية جوائيه؛
وجمع أطرافه؛ ومناقشة المخالفين فيه؛ بأسلوب رصين؛ وكلام واضح»
ايد موازين حسناته يوم يلقى الله د لين لا بَقمْ تال تلا بَعْدَ ©
سميع مجيب؛ وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله
وصحبه أجمعين .
عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
في 10/3/173لاه
ركم المقدمة .كي
وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته؛ ولا إله إلا الله وحده لا شريك
له» له الملك وله الحمدء وهو على كلّ شيء قديرء والله أكبر كبيراً»
تفرّد بالكمال المطلق من كل وجه؛ وتنَزّه عن النقائص والعيوب من كلّ
وجه؛ لا يحصي أحد من خلقه ثناء عليه وإن استوعب جميع الأوقات
والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على خاتم أنبيائه ورسله؛
وخير عباده وخلقه؛ محمد بن عبد الله وآله؛ ومن اقتفى أثره؛ وتمسك
أما بت: فإنَ الله تبارك وتعالى قد جعل لهذه الملّة الحنفيّة شرائع
بتعلمهاء ويتنعّم بالتعبّد لله تعالى بهاء ويترققى في مدارج الكمال البشريّ
بقدر ما علم وأتى به منها.
وكرّات قد يصعب ضبط عددهاء مما يعني أنَّ التسبيح من أوفر الأذكار
وإذا كان جل المسلمين يدركون عظم شأن التسبيح باعتباره ذكراً
من الأذكار المشروعة في الإسلام؛ فإنْ حظ كثير منه هو ترداده باللسان
مع الجهل بمدلوله ومعناه الصحيح.
ولا شك أن هذا الصنف من المسلمين يثابون - بإذن الله - على
نطقهم بالتسبيح بحسب نيّاتهم» ولكن يفوتهم خير كثير بسبب جهلهم
لمعنى التسبيح ومدلوله؛ وربّما كان المسلم - بسبب هذا الجهل -
في دراسة ألفاظ الذكر المشروعة في الإسلام» وإبراز معانيها الصّحيحة
ودلالتها العظيمة بالأسلوب الذي ينتفع به المسلمون ويزدادون به علماً
وإيماناً بتوفيق الله تعالى. ومن هنا تأتي فكرة اختيار هذا الموضوع
(التسبيح في الكتاب والسنة
أولاً: أنّه مرتبط بذكر من أشهر الأذكار التي شرع للمسلم أن
يأتي بها أكثر من مرة في اليوم والليلة.
ثانياً: أنّ فيه إبرازاً للعلاقة الوثيقة بين ألفاظ الذكر المشروعة
- ممثلة في التسبيح - وبين عقيدة المسلم؛ وأن هذه الأذكار لم تشرع
لمجرّد ألفاظهاء بل لكي يتفهّمها المسلم ويعتقد دلالاتها ويتعبّد بها لله
ثالاً: أن مسألة التنزيه - الذي هو مدلول التسبيح - تعد من
المسائل الأساسيّة في العقيدة الإسلامية.
وقد تنازعت الفرق الكلامية المبتدعة مفهومه؛ وادّعى كل فرقة
اشتباها والتباساً على كثير من المسلمين في المفهوم الصحيح للتسبيح
فكان تناول موضوع التسبيح بالدراسة من الناحية العقدية في ضوء
الكتاب والسنة؛ مع التنبيه على المفاهيم الخاطئة التي أحدثتها الفرق
المبتدعة فيه؛ كان ذلك من المطالب المهمة في الدين؛ لما ينتج عنه -
بإذن الله من الفوائد العامة والخاصة.
5 أسباب اختيار الموضوع:
وهناك أسباب دفعت الباحث لاختيار هذا الموضوع - بالإضافة
إلى ما سبق ذكره من الأهمية - وهذه الأسباب هي:
ثانياً: أن بعض مشايخنا الأفاضل - نفع الله بهم - قد حبَّذوا هذا
للباحث الاطلاع على أنواع المعارف الربانية التي تزيد من قوته العلمية
والعملية بتوفيق الله تعالى .
ينال قبولاً لدى المسلمين» لحاجة كلّ مسلم إلى معرفة المعنى الصحيح
خامساً: أن هذا الموضوع فيه إضافة علمية تسهم - بإذن الله - في
ترسيخ العقيدة الصحيحة وتفنيد المقاهيم الخاطئة فيها .
0 خطة البحث:
وقد قسمت البحث في هذا الموضوع إلى مقدمة؛ وخمسة
7 بيان فكرة الموضوع+
بيان أهمية الموضوع.
- بيان أسباب اختيار الموضوع.
8 بيان خطة البحث.
3 بيان منهج البحث.
١ - الشكر والتقدير.
* الباب الأول: معاني التسبيح وأنواعه» وفيه فصلان:
الفصل الأول: معاني التسبيح» وفيه ثلاثة مباحث
المبحث الأول: التسبيح في اللغة؛ وفيه سبعة مطالب:
المطلب الأول: بناء لفظ التسبيح.
المطلب الثاني: معنى التسبيح.
المطلب الثالث: أصل التسبيح.
المطلب الرابع: تعدية التسبيح.
المطلب الخامس: ماهية (سبحان).