كبير دراسة جديدة» من حيث أنه يقدم قراءة نقدية لخطاب النهضة؛ خاصة من جهة قراءة
هذا الخطاب للتراث العربي الاسلامي في بعده الديني. وقد كشفت هذه الدراسة حقيقة أن
خطاب النهضة العربي كان مسكونا بخطاب الآخر الأوروبي في بنيته؛ ذلك أن الأسكلة
الخطاب الأوروبي. ويعتبر هذا الوضع الناتج عن مسكونية خطاب الآخر في خطاب النهضة
مسؤولاً إلى حد كبير عن القراءة التلفيقية الموجهة إيديولوجياء والتي أنتجها خطاب النهضة
عن التراث العربي الإسلامي. هذا بالإضافة إلى أن هذا الوضع الملتبس ساهم بدوره في تغيب
كثير من الأسعلة؛ بل في تحريمهاء خاصة تلك الأسئلة التي تتناول طبيعة الخطاب الإلهي
كان هذا التمهيد ضرورياً من أجل الانتقال إلى إثارة بعض الأسعلة التي غابت في خطاب
النهضة. لذلك يتناول الفصل الأول «التاريخية - المفهوم الملتبس»* أول تلك الأسعلة
لتصور «الأزلية»» ومبرزاً تاريخيته عن طريق تفكيك بنيته المفهومية التي استقرت في الوعي
الديني. حتى اتخذت شكل «العقيدة» المنزلة. وفي هذا التفكيك يكشف التحليل طبيعة نسق
خطابي فرضته آليات القهر السياسي والاجتماعي بوصفه «الحقيقة المطلقة» التي يعد الاقتراب
متها بالنقد أو التحليل كفرا وإلحاداً وهرطقة. إن استدعاء مفهوم «خحلق القرآن» الاعتزالي في
هذا السياق استدعاء يهدف لى ١ الكشف عن الطبيعة الزب منية لخطاب «القدم» ولأ لية؛ بما
وكان من الطبيعي بعد تأسيس «التاريخية» في بنية الخطاب الإلهي ودلالته» أن يتحرك
الفصل الثاني لكشف لكشف بنية القراءات الإيديولوجية للنصٌ الديني؛ وييين اعتمادها بشكل جوهري
العأسيسي قد توقف عند المستويات العامة جداً لمفهوم «السياق»» والتي بدأ بالسياق الثقافي
وتنتهي بسياق «القراءة»» فإن محاولة إبراز علاقات التشابه و كذلك علاقات المخالفة؛ بين
القرآان والتصوص غير الدينية هي التي فرضت الوقوف عند هذه المستويات.
عن «جذوره التأويل الإيديولوجي المعاصر في بنية بعض التأويلات التراثية التي أهدرت بدورها
ظل محايثا لبنية المفهومين ودلالتيهما في الثقافة الإسلامية. لكن بعض الخطابات المعاصرة
تحاول إهالة التراب على تلك الدلالاتء وذلك بإسقاط الدلالات المعاصرة على الاستخدام
الترائي + سعياً لتحميق دلالات تؤسس الخطاب الإلهي كخطاب مفارق لسياقه وواقعه»؛ بل
أما الفصل الرابع: «إشكالية المجاز: الدراع حول الحقيقة» فيتناو ل بالتحليل آليات التأويل
المجازي للقرآن في الفكر العربي الإسلامي. والتركيز على إشكالية «المجاز» في هذا الفصل
نابع من «الاتفاق» الصريح والمعلن بين كل فرق الفكر الإسلامي واتجاهاته الكلامية
والفلسفية على أن «المجاز» هو أداة التأويل الأساسية على قانون اللغة العربية. لكن الصراع
الفكري الاجتماعي؛ والذي عبر عن نفسه دائماً في الاستناد إلى مرجعية النصوص الدينية من
حلال آلية «التعأويل»؛ حاض معاركه أيضاً حول مفهوم «المجازة بوصفه سلاح التأويل
الأساسي. وقد كشف التحليل في هذا الفصل عن وجود نسقين شبه متعارضين: نسق يبدأ
اقرف في التحليل الأخير عن صراع حول «الحقيقة» وأين تستكن. هل هي خارج العالم
ومن ثم تستعصى على الوعي الإنساني؛ أم هي قارة في بنية العالم وقابلة من ثم للاكتشاف
من خلال وعي الإنسان ولغته؟ ومن البديهي أن تصور «الحقيقة» خارج العالم» وفي لغة النص
جزئي من بنية حقيقة متخارجة عنه تخارجا تاما.
يأتي بعد ذلك الفصل الخامس والأخير عن: «اللغة الدينية: العالم بوصفه علامة»» لكي
يقدم محاولة للقراءة التي تعيد زرع النص في سياقه بمستويات السياق المتعددة والمركبة.
تنطلق هذه القراءة من فرضية مفادها أن اللغة الدينية نسق من النظام اللغوي» لكنه النسق الذي
يحاول أن يفرض هيمنته وسيطرته على النظام اللغوي. وتتم هذه الهيمنة والسيطرة من خلال
عملية إعادة بناء دلالة العلامات اللغوية في نظام اللغة الاساسي» حيث يتم تحويل تلك
أخرى تقدم اللغة الدينية من خلال عملية التحويل تلك - ويطلق عليها مصطلح السمطقة
الاستيلاء على «الإنسان» عن طريق امتلاك وعيه بآليات التحويل المشار إليها. وهذا يكشف
عن وظيفة اللغة الدينية في الاستحواذ على الإنسان وامتلاكه لكي يندمج داخل دائرة نظام
هذه هي فصول الكتاب الخمسة» والتمهيد الذي يتصدرهاء وهي فصول تتناول موضوعاً
واحداً من زوايا مختلفة. هذا الموضوع هو: قراءة التراث الفكري الديني في الثقافة العربية
تعد قاعدة تأسيس وحدة الموضوع المشار إليها. والمنهج الموظف هنا هو منهج تحليل
تستوجب تنشيط فعاليات إجرائية خاصة؛ قد لا تكون ناجعة بذاتها في تحليل نمط أخر؛
والمنهج هنا - في كليته - ينطلق من حقيقة أن قراءة «التراث» وقراءة «النصّ» الديني تتجلى
في شكل «خطابات» تستوجب التحليل من أجل الكشف عن الدلالات الصريحة - وكذلك
إلى تحليل دبنية» الخطاب أسلوبياً وسردياً. ولكل خطاب «سياق» يمثل جزءاً من بنية دلالت؛
سياسية...إلخ. ولا يتوقف منهج تحليل الخطاب عند مستوى اكتشاف الدلالة اللغوية أو
السردية والسياقية؛ لأن بعض الخطابات توظف دلالات سميولوجية تحتاج للتحليل والكشف
لذلك يعتمد منهج تحليل الخطاب على الإفادة من «السميولوجيا» و (الهرمنيوطيقا)؛
على توظيف حرفي لمقولات تلك العلوم وقواعدها المنهجية»؛ بقدر ما يحاول الانطلاق
كذلك من قراءة معاصرة للإنجازات التراثية فى علوم اللغة والبلاغة» خاصة تلك الإنجازات ذات
الطابع المتقدم» والتي تطرح بذوراً تسمح لا بتأسيس إنجازات العلوم الحديثة تأسيساً ثقافياً
وثمة قاعدتان أساسيتان يحسن الإشارة إليهما في منهج تحليل الخطاب» وذلك لأهميتهما في
تحديد طبيعة «الاجراءات» التحليلة المستخدمة في هذا الكتاب. القاعدة الأولى أن الخطابات
المنتجة في سياق ثقافي حضاري تاريخي ليست خطابات «مغلقة»؛ أو مستقلة عن بعضها
البعض. إن اليات «الاستبعاد» و «الإقصاء؛ التي يمارسها خطاب ما ضد خطاب أخر تعني
عملية «تغييب» لتحقيق «الإقصاء». فإذا أضفنا إلى ذلك أن تلك الخطابات تشترك إلى حد
كبير في طبيعة «الإشكاليات»» التي تحدد منطوقها ومفهومها وبنيتهاء أدركنا أن الحديث عن
القاعدة الثانية أن كل الخطابات تتساوى من حيث هي خطابات» وليس من حق واحد
قد يتمتع خحطاب ما في سياق سياسي اجتماعي تاريخي بعينه بالذيوع والانتشار» الذي يؤدي
إلى سيطرته وهيمنته على الخطابات الأخرى فيقوم بتهميشها وإلقائها خارج دائرة الضوء وبؤرة
الاهتمام. لكن تاريخ الثقافة في كل المجتمعات الإنسانية يعلمنا أن هذه السيطرة والهيمنة
لخطاب بعينه كانت تتم من خلال عوامل القهر السياسي والإذعان الاجتماعي وتزييف الرعي
في أحسن الأحوال. لذلك يبرأ منهج تحليل الخطاب هنا - قدر الإمكان - من الاستسلام
لأوهام اليافطات المستقرة ترائياً وإعلامياً - لوصف بعض الخطابات وصفا يستهدف وضعها
تتحدد دلالتها - بدورها - بالسياق؛ وذلك بوصفها «خطاباً». وكون الخطاب إلهياً - من
حيث المصدر - لا يعني عدم قابليته للتحليل بما هو خطاب إلهي تجسد في اللغة الإنسانية
الديني السائد والمسيطر لا يقتحمها إلّا بوصفه خطابا بدوره» لا يزعم لنفسه امتلاك الحقيقة.
ندم من جهة أرق خعانه ل كر ب يسعى جاهداً إلى تجنب تزييف
من أسعلة مضمرة في بنية الخطابات الأخرى - التي يقوم بتحليل وتفكيك أبنتيها - مقاربة
متفتح قابل للنقد كما هو قادر عليه ممارس له؛ ذلك أن وعي الخطاب بذاته لا يتجلى إلا
من خلال تلك القدرة على نقد ذاته في محاولة دائمة لتجاوز أسعلته | إلى أسئلة أخرى.
تمارسها الخطابات الأخرى على أسلوبه وبنيته»» يمكن لهذا الكتاب أن يضع خطابه في سياق
منذ محمد عبده ومقاربة إشكاليات النص الديني بين مد وجزر لكن ثنائية البنية التلفيقية
لخطاب محمد عبده لم تمنعه من إنجاز مجموعة من الانجازات الجزئية بخصوص العلاقة
تفسير النص الديني من جهة أخرى وفي كل إنجازاته كان محمد عبده ينحاز بطريقة لافتة
إلى الموقف الاعتزالي والطريقة الرشدية في قراءة التراث العربي الإسلامي. وكان وعيه المنتج
استدعاء «العقلانى» ملتبساً بالحرص على تأكيد خصوصية الهوية؛ التي تمثلت في «طريقة
ذلك في خحطاب «(قاسم أمين» في مصر و «الطاهر الحداد» في تونس) حيث تجداً الثاني
الإلهي». واستند خحطاب كل من الرائدين على أن أحكام القرآن عن المرأة ليست أحكاماً
نهائية؛ لأنها أحكام «تاريخية».
بنفس المنهج تعرّض علي عبد الرازق في «الإسلام وأصول الحكم. لنقد مفهوم
«(الخلافة» عن طريق وضعه في سياق (السياسة» وإخراجه من نطاق «الدين». وهنا أنجز لأول
مرة مفهوم الفصل بين «الدولة» و «الدين»؛ وهو الإنجاز الذي دفع ثمنه غالياً وما يزال» وذلك
إذا استثنينا الفترة» التي تولى فيها وزارة الأوقاف - وقد حاول طه حسين أن يوظف مفهوم
للشعر الجاهلي» حين قال أن قصة هجرة إبراهيم باسماعيل وأمه هاجر إلى مكة ليست حقيقة
نا يخية يستنبط منها وجود لغه واحدة في الجزيرة العربية منذ ذلك العهد. لكن رد الفعل
وبعد حوالي عشرين عاما وقعت واقعة ثالثة - في جامعة القاهرة أيضاً - حين أنجز محمد
أحمد خلف الله أطروحته لنيل درجة الدكتوراء عن «الفن القصصي في القرآن الكريم») تحت
إشراف الشيخ أمين الخولي. كانت مشكلة المنهج المرفوض من الوعي الديني السائد
والمسيطر هي نفس المشكلة؛ حيث حاول خلف اللّه؛ انطلاقاً من أطروحات أستاذه
وانجازات محمد عبده؛ تناول القصص القرآني بمنهج التحليل الأدبي» وذلك على أساس أن
تلك القصص أنساق من السرد الموظف توظيفاً دينياً؛ وليست حقائق تاريخية. وكانت النتيجة
هي فصل خلف الله من الجامعة وعدم قبول الأطروحة؛ وبعد سنوات قليلة ثم فصل أستاذه
مع عدد كبير من أساتذة الجامعات في «عملية التطهير» التي قامت بها حكومة الضباط
مع هذا التراث في بعده الأعمق؛ التمثل في الانجازات الاعتزالية والرشدية. لكنه تواصل يمثل
تاريخية يحددها السياق ويفرض عليها التاريخ والواقع حدود الإنجازات الممكنة والمتحققة.
لذلك يتراوح الخطاب في حركته التقدية بين الماضي والحاضر» بين «التراث» والخطابات
الحديثة والمعاصرة. من هنا كانت البدايات؛ «الاتجاه العقلي في التفسير» دراسة في قضية
المجاز في القرآن عند المعنزلة» و «فلسفة التأويل دراسة في تأويل القرآن عند محبي الدين بن
كانت هذه البدايات في دراسة قطبي الفكر والتأويل في التراث الإسلامي نابعة من انشغال
قومي عام بأسعلة التراث والهوية؛ خاصة بعد هزيمة حزيران 939 .١ لكن النتائج التي أفضت
للاجتماعي والسياسي والفكري؛ يهدف المتصارعون من خلال تأويله إلى إعطاء
(ايديولوجيتهم) مشروعية علياء دينية إلهية.
عياناً في الواقع الاجتماعي السياسي الفكري في مرحلة السبعينات؛ مرحلة التحول من «النصٌ»
الاشتراكي القومي التقدمي إلى «النصٌ؛» الإقليمي الانفتاحي المتجه نحو قبلة «الغرب». وكما
حاول التص السابق أن يضفي على نفسه مشروعية عليا بقراءة الإسلام قراءة اشتراكية؛ حاول
النص الثاني أن يقدم قراءة مغايرة للإسلام ولنصوصه. وتراكب مع ذلك؛ وتزامن معه؛ بداية
الانتقال من علاقة «الصراع» مع؛ الصهيونية العالمية إلى علاقة (المصالحة»؛ وكان لا بد
لتبرير هذا التحول من إيجاد سند له في النصوص الدينية كذلك.
وإذ يدرك الباحث أن ما كشف عنه التحليل في الخطاب التراثي ما زال واقعاً ماثلاً يتجلى
مفهوم للتص من خلال إعادة قراءة علوم القرآن التقليدية قراءة نقدية تحليلية؛ وهي المحاولة
لني بدأ فيها الخطاب الاشتباك مع الخطاب الديني السائد والمسيطر سياسياً وإعلامياً. وفي
نفس المنحى كان التساؤل عن «إشكاليات القراءة وآليات التأويل». وهكذا ظل الخطاب -
«الإمام الشافعي وتأسيس الإيديولوجية الوسطية) محاولة لإكتشاف جذور «الأني» على بنية
أما على مستوى المنهج فهو - مثل الموضوع - يمثل حركة دائبة بين قراءة مفاهيم
الدراسات الحديثة والإفادة منهاء وبين القراءة النقدية للإنجازات التراثية في مجال علوم اللغة
والبلاغة والنقد بمعناه العام. والناتج النهائي لم يتحقق بعد؛ ذلك أن سؤال المنهج سؤال
متواصل دائي وحين يتوقف السؤال ويتصور الباحث أنه حقق نضجه المنهجى» فإن ما يكون
متحققاً بالفعل هر «الجمود» المنهجي. إن قراءات في الهرمنيوطيقا والسيميولوجيا وتحليل
السرد والألسنية والأسلوبية وحدها منهجاء ذلك أن المنهج هو ناتج حركة التفاعل العميقة
جداً والخصبة بين سؤال الباحث وموضوع البحث.
والمنهج هنا امتداد لإنجازات خطاب النهضة على مستوى طرح الأسعلة وعلى مستوى
الإجراءات التحليلة» لكنه امتداد لا يعيد ولا يكرر» بل يحمل السؤال إلى مدى أبعد» ويطور
المنهج في شكل إجراءات أعمق. وكما ينطلق الخطاب من «نقد» المرجعيات التي يعد هو
استنباط الجوهري والإنساني والمعرفي» وتعرية التاريخي (المرحلي) والعرقي والإيديولوجي.
تلك هي الغاية التي يحاول الخطاب في هذا الكتاب أن يحققها بشكل أعمق منهجياء مع
الاحتفاظ بتلك الحركة المزدوجة أي على مستوى الموضوع والمنهج - بين «الماضي» و
نصر أبو زيد
تمهيد
التزاث بين التوجيه الأيديولوجى والقراءة العلمية
لماذا حين يذكر «التراث» يتبادر إلى الذهن «الدين» أو الفكر الديني بصفة عامة؛
والإسلامي منه بصفة خاصة؟ هذا سؤال يمثل طرفاً من المشكلة القى نحن بصدد
ويدل على السكون والخمود وكأن العربي قد كتب عليه دون البشر كافة أن تسير
بالحياة التي ورثها عن الأسلاف. ويظل المشكل ماثلاً: كيف نحقق التقدم دون أن
نتخلى عن «التراث»؟
لقد تحول التراث - الذي تم اخنزاله في الإسلام إلى هوية؛ يمثل التتخلي عنها
الإنساني» في حين أصبح «التقدم؛ مرتهناً باستيعاب ما أنجزه العقل البشري في
مجالات المعرفة العلمية؛ الأمر الذي يعني التعلم من الآخر الذي تعرفنا عليه أول ما
هذا الوضع المعقد لعلاقتنا بالآخر يخعلف اختلافاً جذرياً عن علاقة أسلافنا
لتر اث الإنساني السابق لهم يا ! المعاصر لهم على السو ونا كان الإسلام 3 قد
جيحديم