أن الإنسان في قصص القرآن لم يكن شيئاً مذكوراً من أجل استعراض آلاف
الاحتمالات المتخيلة لقوته أو لضعفه ؛ بل هو إنسان مذكور داخل جماعتهة
يحمل قيماً ومبادئ ؛ ونرى أن الأسوة لغيره ؛ وهو القدوة لمن يقتدي به ؛
لأنه أعطى قانون البرهان العقلي
1- يومف في القرآن : أحمد ماهر ء الإسكتدرية ٠ 1971م + ص95
ليس ثمة حجة لإنكار أن في القصص القرآني تو
الإسلام من مبادئ وعقائد؛ ولكل ما أنكره الإسلام من خلق وعادات وآراء
زائفة وعقائد وعادات باطلة؛لكن مع كل هذا لا نستطيع عد هذه الأمور أغراضاً
حين ندرس أغراض القصص القرآني؛ذلك أن هذه الأمور كانت تأتي بين
طيات هذه القصص وثناياهاءوهي في هذا الوضع أو من هذا الجانب تشبه تماماً
تلك الآراء والصور المنثورة التي تأتي أثناء العرض القصصي في كل قصة0.
الأغراض نجد الوظيفة التي تؤديها القصة في المجتمع وتخدم بها الحياة
والأحياء؛وهي وظيفة تؤديها جميع الفنون من موسيقى ومسرح ونحت
العربي على اختلاف ألوائه؛وعلى ما فيه من مؤيدين ومعارضين©؛ونورد فيما
يلي أهم وأظهر هذه المقاصد .
1- أولها وأهمها من جهة نظر القرآن نفسه تخفيف الضغط على النبي صلى
كيدٍ للنبي والقرآن والدعوة للإسلام؛ وهذا أثر بطريقة مباشرة في نفس النبي؛
الكفار
1- القرآن الكريم. هدايته وإ عجازه في أقوال المفسرين : محمد الصادق عرجون + ص 37
4 الأنعام 33
أثر بالغ في نفس النبي ونفس أتباعه وقد قال الله تعالى : ف( إن كت في للا
قبلكفإنه تابت عندهم يخبرونك بصدقه؛وقد قال قتادة بن دعامة بلغنا أن رسول
حده ؛ بل تجاوز ذلك إلى ما هو أبعد مدى ؛ قال الله تعالى : حصي
تتبين من هذة الآيّة أن المراحن ين التثبيت النبي تسيلى الله عليه وَسلمٍ
وموعظة وذكرى للمؤمنين (©.
2- القلم 4948
3- هود 13
4 هود 120
5- بحوت في قسص القرآن : عيد الحفظ عله ريه » داز الكئاب اللبنقي + من 89
جيه العواطف القوية الصادقة نحو عقائد الدين الإسلامي ومبادئه +
ونحو التضحية بالنفس والنفيس في سبيل كل ما هو حق ؛ وكل ما هو خير ؛
تجعل الإنسان يستعذب الألم ويتحمل الأذى في سبيلها ؛ ومن هنا يكون
التوجيه نحو القيم الجديدة والإيمان بها ؛ ثم الدفاع عنها ؛ والعمل على حثٌّ
الناس على الإيمان بها إيماناً لا تزعزعه الحوادث ؛ وأيضاً تكوين عواطف
قوية وصادقة ضد ما هو قبيح وذميم من الأشياء والعادات والأعمل .
ومن أهم الأمور التي وجه القرآن العواطف نحوها مشكلات البعث
والوحدانية؛وبشرية الرسلءوتأييد بعضهم بالمعجزات؛وإثبات الوحي
والرسالة؛وبيان أن الدين كله من عند الله«من عهد نوح عليه السلام إلى عهد
سبيل المثال لا الحصر نذكر :
أ- بخس الناس أشياءهم ١ وتطفيف المكيال والميزان ؛ والزنا والربا +
والسرقة والنميمة .
إبليس " - لعنه الله - فقصة إبليس مع آدم قصة بليغة وهي
إحدى نماذج القصص القرآني .
الله من الرسالة ؛ من التحدي بالغيب ؛ والإعجاز بمعرفة تفاصيلٍ لا يطلع
عليها أحدٌ إلا علام الغيوب ولهذا ناحيتان :
- الفن القصصي في القرآن + ص 200
2- روح الدين الإسلامي ٠ص 159
أ- بلوغ قمة التوحيد والإيمان والتسليم والتوكل على الله اعتزازاً به .
مما يحقق الأسوة الصالحة والقدوة الطيبة ؛ لتملاً النفس المطمئئة بالعزة
ب - تعليم الأدب في الحوار والرقة والتلطف والعطف ليتعلم الداخلون في
الإسلام تلك القيم ؛ ويعيشونها 00 .
ومن ناحية أحرى تصديق الأنبياء السابقين ؛ وتخليد مآثرهم ؛ وبيان نعمة
الله تعالى عليهم كقصص سليمان وداوود وأيوب وإبراهيم عليهم السلام
النعمة من الله في مواقف شتى
4- بيان قدرة الله على الخوارق ؛ وبيان عات
الانحراف والإفساد ؛ وبيان الحكمة الإنسانية العاجلة ؛ والحكمة الكونية
الاستقامة والصلاح ؛ وعاقبة
البعيدة الآجلة كقصة موسى عليه السلام والخضر © .
1- دروس وعظات وعبر في قصة يوسف عليه السلام : عبد الرحمن عبد
القادر المعلمي ؛ الإسكندرية ؛ دار الإيمان للطبع والنشر والتوزيع ؛ دار القمة
لتوزيع الكتاب ؛ الطبعة الأولى ؛ 2003؛ ص 6
2- علوم القرآن : عدتان زرزور ؛ ص 161
"إن الأخبار التي جاء بها القرآن قد وردت في الكتب السابقة له ؛ ولبيان
الفارق بين أسلوب القرآن عن غيره من الكتب نورد مشهداً من العهد القديم "
التوراة "؛ وهذا المشهد هو امتحان ليوسف عليه السلام في بيت العزيز كما
عرضه القرآن بأدق تفاصيله وأحداثه ؛ وبالكلمات المطهرة داخل مشهد فيه
امرأة وملك كريم .قال الله تعالى : ف( وزاولاة التي هو ني بي
وشح خم د الاح م لقا
الي © . هذا المشهد بعينه تقدمه التوراة بأيدي الأحبار كمايلي
جياشاً بنبضات الإثارة وخافتاً في مفهوم العبرة ؛ فقد جاء في التوراة :"
ليكون معها ؛ ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن
قائلةُ : انظروا قد جاء إلينا برجل عبراني يداعينا ؛ دخل إليّ ليضطجع معي
في ضوء هذه المقارنة في مشهد من المشاهد المشتركة بين القرآن
الكريم والتوراة التي تَدَخَلَ في نصوصها الأحبار ؛ فيتبين ويتضح لنا أن
الابتكار في القصة لبس في خلق موضوع جديد لم يسبق إليه ؛ فقد يكون
إبداعه ؛ ويسكب فيه من روحه؛ وقد كان الفرق جلياً واضحاً سواء في المدخل
إلى هذه القصة أو في أسلوب عرض الأحداث ؛ أو في الأحداث نفسها .
إن القرآن يضع القصة في إطار ديني ؛ تنفذ معه أشعة روحية إلى النفوس
1- قصص القرآن في مواجهة أدب الرواية والمسرح ص 236
لل لح لدان أن هي قصة الشخصية والأحدات معاً؛
للإيمان وللصبر وللعفاف وللأمائة وللإخلاص والطهرء وقد قام بالأدوار فيها
وفق التربية والتجارب التي مرت بكل منها؛كالبراءة والحكمة والحسد والعلم ©
إن المتمعن في هذه القصة من القرآن يتلمس شحنات نفسية من أبطل
حاضرة دائماً على لسان يعقوب عليه السلام ؛ والاستعاذة من الظلم على
لسان يوسف عليه السلام ؛ وتوكيد الإيمان على لسان أخوته ؛ ولو نظرنا من
منظور علم النفس لوجدنا سلوكاً متبايناً من شخصيتها ؛ كالتبرير والإسقاط
والكذب والغيرة والقلق والإحساس بالذنب ؛ ونحو ذلك من الحيل النفسية
النفس " آليات عقلية "؛ يغالب بها المرء إحباطه وقلقه وتوتره الناشئ عن
فشله؛ وهو يحاول تحقيق رغباته©.فأخوة يوسف عليه السلام ضلوا ضحايا
الكبت الذي عاشوه؛كي يخفوا رغبتهم في التخلص من أخيهم يوسف؛حتى يخلو
لهم حب أبيهم؛ولكنهم يفشلون في إخفاء وكبت هذه الرغبة؛بل كثيراً ما تبدو فيما
يصدر عنهم من تصرفات ومواقف وكلمات ضد يوسف؛مما جعل يعقوب عليه
1- يوسف في القرآن ص 123
2- سيكلوجية القصة في القرآن : التهامي نقرة ؛ تونس ؛ الدار التونسية للتوزيع
؛ الطبعة الثاني ؛ 1987 ؛ ص 516
وادعاء أن الذئب أكله لعّا ذهبوا يتسابقون وتركوه عند متاعهم؛ غير أن التلفيق
كان واضحأً؛لأن القميص لم يكن ممزقاً بآثار أسنان الذئب؛مما جعل يعقوب
التبرير كما يفعل المذنب؛إذ يعمد إلى تفسير سلوكه؛ليبين لنفسه وللناس أن
أما الإسقاط فهو حيلة يسقط بها المرء نقائصه وعيوبه على الآخرين +
إذا كان هذا هو مفهوم الإسقاط في علم النفس فإن القرآن روى ذلك عن أخوة
القض عليه بتهمة السرقة دون أن يكشف لهم عن شخصيته فقالوا :
يِمَاتَصِدُون 4©. وفي السورة آيات أخرى
نستخلص من خلالها أدق النظريات التي جاء بها علم النفس الحديث © .
3- القرآن نظرة عصرية جديدة . ص 221