فالقلم هو أداة الكتابة التى يحتاج لها من يبحث فى علوم الكون من رياضيات وكيمياء وفيزيا
وأحياء؛ وما يتفرع منها من علوم تخصصية؛ كالطب والهندسة والزراعة والفلك وعلم
الجيولوجيا؛ وغيرها من العلوم التى تحتاج لتعليم نظامى؛ ودراسةٍ منهجية؛ وبحوث مستمرة؛
يستمر فيها كل عالم من حيثما انتهى غيره. وقد كان لعلماء المسلمين الأوائل الذين فهموا أن الله
تعالى استخلفنا فى الأرض لنعمرها؛ وآتانا العقل لنبحث فى أسرار خلقه ونخرج آياته للناس؛ كان
لهم السبق فى وضع حجر الأساس لعلوم "القلم'"؛ فوضع ابن سينا أولى لبنات علوم الأحياء؛ التى
قادت إلى علوم الطب والصيدلة والبيطرة والزراعة وغيرها مما ابحر فيه علماء الغرب اليوم؛
ووضع ابن حيان أولى لبنات علوم الجبر والرياضيات؛ التى قادت إلى علوم الهندسة؛ ومن ثم
المعمار والتكتلوجيا الحديثة؛ وعلوم الفلك التى أخذ الغربيون أسسها منا ثم طوروها. كل هذه أمثلة
للعلم الذى علمه الله للانسان بالقلم بدليل المثال الوحيد الذى أبرزته الآية؛ وهو "العلق" الذى ما
كان للإنسان أن يفهمه قبل اكتشاف المجهر فى زماننا هذا .
ونرجو أن يكون لبئة فى الطريق الذى يحول مسار البشرية ويعيد الناس؛ كل الناس؛ الى بيت
أبويهم الاول كما أذّن فيهم إبراهيم يوم رفع القواعد من البيت واسماعيل. و كاتباه ليسا من الفقهاء
يستحى أن يلهم أضعف خلقه ليكشف للعالم أسرارا من أسرار الكون أودعها كتابه الذى لا تنتهى
خضوعا للانسان! ولقد استأئنت أخى علاء الدين فى أن أقوم بصياغة هذه المقدمة بلفظ المفرد
حتى تسهل على القارئ المتابعة؛ لأن هذا الكتاب يحتاج لعقلٍ متفتح وتركيز عميق فى كل صفحة
من صفحاته؛ و لأنى أعلم من علم النفس الذى أمتهنه أنه كلما فهم القارئ شيئا عن الكاتب
وظروف الكتاب سهل عليه متابعة الافكار؛ ومن ثم الإدلاء برأيه فيها بصورة موضوعية؛ سواء
اتفق مع الكاتب أو اختلف. ونس الله تعالى أن يلعب
آذان الانعام" دورا فعالا فى مسار حياة
آلاف الاميال؛ سّلكا طريقين مختلفين؛ ثم كان اللْقَاءٌ على غير ميعادٍ فى آخر المطاف عند الطواف
حول البيت العتيق؛ وهما
تهتز له أركان الكون
فى سر "الْهَدَى" و يفحصان آذان الأنعام هناك؛ فكان كشفا
المسلمين؛ وهذا ليس فخرا وإنما هو واجب شرعى؛ ويكون فرض عين على من اختار طواعية
مجاورة غير المسلمين فى ديارهم. والدخول فى حوارات مستمرة مع أهل الاديان الأخرى يكشف
المُشستّمات عندنا يخضع للسؤال من أهل الاديان الأخرى؛ ولا بد للإسلام أن تكون عنده الإجابة
المقعة. ولعلّ أكثر الأمور التى تطرح للنقاش فى هذا الزمن؛ هى قضية خلق الإنسان وأصل
الكون التى بدورها تمهد لمصير الإنسان بعد الموت؛ وليس فى هذا جديد؛ فقد ظلت الإنسانية عبر
قصة خلق آدم وزوجه فى القرآن والتوراة؛ التى تشكل عقيدة وثقافة المجتمع الغربى من يهود
ونصارى؛ كان لزاما على أن أبحث عن الفوارق فى القصص التى يرويها القرآن والتوراة حتى
جلست على مائدة الغداء فى احدى المستشفيات البريطائية مع طبيب انجليزى على قدر من الثقافة
والانفتاح؛ ودار بيننا حوار عام عن الثقافات المختلفة؛ ولكنه فاجأنى بقوله انه مطمئن الى نظرية
داروين فى الخلق والتطور ويعتقد ان اصل الانسان قرد! شعرت حينها بغثيان وتقزز وبدا لى
الفتى وسيم الطلعة وكأن رأسه رأس قرد له سبعة رؤوس طلعها كأنه رؤوس الشياطين؛ واحترت
من هذا الذى اكرمه الله بالعلم وحسن الخلق؛ لكنه ينكر فضل الله عليه وينتسب طواعية الى
المؤمن وكبريائه لاصف له اصل الانسان من كتاب الله الذى لا يضاهيه مكتوب فى المنطق
والحكمة والحق...ولكن تجمدت الكلمات فى لسانى وتسمر لسانى فى حلقى والتوى حلقى فى
وليس كيفية الخلق. فكان رده "إن قرآنكم يبدو اكثر حكمة من "العهد القديم" عندنا والذى يصف
تطويره الى انسان اقرب الى التصديق من تصديق قصة النفخ فى كتلة طين لتصبح بشرآً".
وعزمت ان يكون لى مع الطين والتراب شأن آخر وكثير من البحث.
يوم: كيف تكون الجنس البشرى بعد أن
تدبر من كتب المفسرين؛ فقلت: إن إبنى آدم التوأمين تزوج كل منهما توأمة أخيه؛ فما كان منها
زواج أخ باخته"؛ وضاع كل المجهود الذى بذلته معها؛ نتيجة جهلى بحقائق هامة فى كتاب الله.
وبدأت قصة خلق آدم تسبب لى إشكالا على إشكالها؛ إذ أن النصوص القرآنية التى تروى القصة
فيها من الغموض ما يشكك فى صحة التفاسير المتداولة؛ ولكن ما كان لى بديلٌ من العلم أقدمه
لغير المسلمين سوى ما تعلمناه منذ الصغرمما تتداوله كتب التفاسير؛ وهذه شبه منطبقة على رأى
التوراة الذى رفضه الغربيون بالفطرة أفراداً وجماعات .
ودارت الأيام وبدأات قصص النبيين تتعرض لامتحانات الواحد تلو الآخر؛ وأنا أجد نفسى فى
تنطبق حرفيا على تأويل نفس القصص فى توراة اليهود؛ الذين رفضوا المسيح وقتلوا الأنبياء
وتبين لى وأنا أتدبر هذه الإشكالات فى تفسير قصص الأنبياء فى القرآن؛ أن المشكلة عامة بين
المسلمين؛ لدرجة أن العجز فى فهمها قد أذّى إلى أن يحول المسلمون قَصنَص الأنبياء فى القرآن
إلى ما يشبه قصص الأطفال؛ وكأنٌ قصة آدم وشجرة الخلد؛ أو قصة صالح والناقة ما ذكرتا فى
القرآن إِنّا من باب الترويح عن النفس وإمتاع الاطفال. وتبين لى مع الزمن أن مثل تلك التأويلات
التى تسربت إلى كتب التفسير من الإسرائليات؛ ما كان لها أن تبقى كجزءٍ من فهم المسلمين رغم
تغير كثير من المفاهيم؛ لولا أتّها اعثيرت من المسلّمات التى لا تقبل النقاش أو البحث. وسألتٌ
نفسى مرات عديدة عن سر الإعجاز فى ناقة صالح؛ علما بأن قوم صالح كانوا لا تتقصهم نياق؛
لا يفتقد العرب الرمال؛ فما الحكمة فى أن تكون معجزة نبى من أنبياء الله ناقة إضافية لقومه
الذين لا يمتلكون شيئا أكثر من النياق؟ ولكنى لم أصل إلى إجابة مقنعة قبل أن أتواضع لله
وانحنى لأفحص آذان الانعام! وكانت لى مع قصة نوح عليه السلام وقفات كثيرة؛ إذ أن فيها من
العجائب ما يجعلها صاحبة السبق فى أفلام الكرتون التى يعرضها النصارى واليهود والمسلمون
وتساءلت مرات عديدة عن الحكمة من سفينة نوح وأنا اشاهد برامج دينية موجهة من قنوات
إسلامية للإطفال تعرض قصة السفينة كما يفهمها اليهود تماما. ولعل ما يجعل منها أشهر
القصّص لإمتاع الأطفال أن فكرة السفينة التى تحمل من كل المخلوقات زوجين قصة مثيرة. ولعل
اكثر المناظر فيها إثارة ان ميمون القرد دائما ما يدخل السفينة ممتطيا ظهر الفيل؛ بينما الزرافة
تعانى من لى عنقها الطويل حتى تدخله من الباب الصغير؛ وتحت أقدامها سرعان ما يشتبك
الكلب مع القط والقط مع الفأر؛ مما يضحك الأطفل ويسرٌ الكبارء ويصلى الجميع على نوح ومن
معه من الأخيار؛ وتضيع مع الطوفان قصة النبى ونظرية الأطوار!
الكرتون؛ وتشتمل عليها كتب التفاسير القديمة نقلا عن الإسرائيليات؛ فهل ايضا جمع الخَنافس
كان من شأن الجرزان والثعابين والعقارب؟ وماذا عن الحمير والحصين والذئاب والثعالب؟
وتمتد القائمة بأسماء المخلوقات التى يوحى تعدادها أن نوحا احتاج لكل تلك الألف سنة إنَا خمسين
عاماء ليجرى فى الوديان والأحراش يجمع أزواج القطط والفئران والأرائب! وتزداد حيرتى إلى
لنفحص آذان الأنعام ف أن نوحا عليه السلام ما حمل معه إِنَا ثمائية أزواج فقط من البهئم؛
وأنه عليه السلام كان يمثل مرحلة خطيرة من مراحل التطور فى خلق الإنسان والحيوان وتاريخ
ثم شاء الله تعالى أن يكون لى مريضٌ له علة نفسية لا تنقص من ذكائه شيئاء وكان يحاورنى فى
أدراك أنه ما كان يوما صبيا؟"؛ فرحت أبحث فى كتاب الله فلم أجد أى دليل على العمر الذى وجد
ضاء ولكننا لم نقراً كتاب الله إنا تحت تأثير
الإسرائيليات؛ متجاهلين الدرس الذى علمه "الغراب" لابن آدم و للبشرية جمعاء .
وكائت آخر المصادفات جد غريبة وقد تركت فى نفسى وفؤادى أثرا عميقاء وهى من جملة
فتحول لقاؤنا لصداقة تطورت لتبادل العلوم فى امر الدين والدنياء وسرعان ما صارحنى بأنه
موحد على ملة إبراهيم عليه السلام؛ وأنه ما قام بتدريس عقيدة الثالوث لتلاميذه على مدى واحدٍ
وأربعين عاماء هى عمر مهنته فى الكنائس المختلفة التى تنقل بينها ولم يستطع التعايش مع أى
منهاء فاختار أخيرا المعاش الاختيارى ليواصل بحثه عن ١
التى ما وجدها فى كتب قومه.
"أميرة مصر وذلك النبى الغامض"؛ وأهدى هو الى نسخة من الكتاب المقدس تجمع العربية
بنى اسماعيل وبنى إسرائيل على دينه؛ وقد ثبت له بالدليل القاطع عبر السنين أن علماء بنى
يحكى له وجهة النظر الأخرى قبل موته عسى أن يكون الحق معهم؛ وظن ان الله قد استجاب
حول إبراهيم وإسماعيل وإسحق والبيت العتيق؛ وكان الشيخ يقبل رأى الإسلام فى تواضع
وبساطة لم أرها فى حياتى؛ وهو عالم من علماء النصارى وكان يعتبر مرجعا عند قومه.
أسرع؛ فقد أصيب فجأة بسرطان فى البلعوم وقدّر الأطباء ما تبقى من عمره بأربعة أشهر فقط!
وكان يوما حاسما فى حياته وحياتى يوم اجتمعنا لتبادل الآراء حول كتابى؛ وحول الكتاب المقكس
بكة" الذى ورد هكذا فى زبور داؤود باللغة الانجليزية؛ الى "وادى البكاء" فى الترجمة العربية؛
وكان الشيخ قد قرا معظم كتابى عن نبوءات محمدٍ صلى الله عليه وملم فى التوراة والزبور
والإنجيل؛ فسألته عن رأيه فى محمد؛ فصمت حينا من الوقت ظننته دهراء خاصة وأنى أعلم أن
السرطان قد انتشر فى جسده الضعيف؛ وما تبقى له من أيامٍ فى الدنيا جد قليل؛ ثم قال لى بالحرف
الدين الحق الذى اكتشفه فى آخر أيام حياته؛ وأشار إلى شخصى الضعيف فى وصيته من غير أن
يجرح شعور قومه؛ ففهم الجميع أن القسيس "ترى" قد مات مسلما على دين محمد صلى الله عليه
2005-5) فى قريته النائية فى أقصى غرب بريطانيا على مشهدٍ من أكثر من ثلاثماقة من قومه.
أسأل رب إبراهيم أن يبارك فيك و يعينك فى عملك؛ و يزيدك علما؛ ويلهمك كتابة تنفع الناس
بعد شهرين من رحيله الذى تركنى فى دوامة من الصراعات الفكرية والعاطفية والحزن والشعور
بحجم المسؤولية فى الدعوة؛ والشعور المرير بضآلة نفسى وعظم ذنوبى مقارنة بفضل الله على؛
فى التكييف المركزى؛ ولا علاقة اكاديمية له بالفلسفة ولا مقارنة الأديان؛ قد نشر كتابا يناقش فيه
قصة الحج كمشهدٍ من مشاهد التطور ويدعو المسلمين للتدبر فيه! وكان محتوى الكتاب الذى
طرحه للنقاش الفكرى فى السودان؛ مفاجأة لى؛ إذ أنه أكمل لى بحثى فى قصة الخلق وتطور
تصف كيف بدا الل خلقّ كل الكون من الماء إلى أن وصلت إلى مرحلة أقرب إلى خلق الأنسان
من طين؛ وكنت أطوف بأفكارى حول إبراهيم والبيت العتيق مع أخى "ترى" عليه رحمة الله
وعلينا قبل أن يمضى إلى جنته بإذن الله؛ فكان كتاب علاء الدين فيه تكملة لافكارى من غير اتفاق
سابق؛ وكان مولد هذا الكتاب الذى أظن أنه استجابة لدعاء الراحل "ترى" أن يلهمنى رب إبراهيم
وحتى تكتمل الصورة أسوق ملخصا للمقدمة التى قدم بها علاء الدين كتايه " الحج: مسيرة
الإنسان الأول من جنة عرفات إلى بيته المحرم":
(أول مابدأت التفكير فى معرفة حقيقة الحج؛ استفذتنى مقولة سيدنا عمر بن الخطاب وهو يقبل
الحجر الأسود طاعة لرسول الله فقط؛ قائلا : (أعلم أنك حجر لاتنفعٌ ولا تضر ولو لا أننى رأيت
'رفض الخليفة العادل اللا
لماذا أبقى رسول الله وبتكليف من الله سبحانه وتععلى على ممارسة عبادة كان يمارسها كفار
قريش؟ وذلك بعد أن هثّبها وأضاف إليها بعض الإضافات وأبقى على أكثرها. محمد الخاتم صلى
الله عليه وسلم الذى قد أرسل بأكثر العبادات اتساقا مع عقل الإنسان الحديث؛ عبادة التجريد
وزمان مع الخالق الأعلى من دون واسطة؛ على عبادة تشخيصية امتداداً لممارسات وثنية
هثبها وأبقى على المشخصات الكعبة وجبلى الصفا والمروة وجبل عرفات والحجر الأسود؛ إلى
الشيطان؛ وقلت إن هذه العلاقة جيولوجية تحتاج إلى باحثٍ فى الحجارة يأخذ عينة من كل حجر
ويحللها ويدرس تركيبتها؛ء وكنت واثقاً تقتى بالله وبكتابه المعجزة المصحف وبآياته القرآ
هذا المبنى الضخم؛ وأقسم بالله ما بينى وبين نفسى. أن هولاء الحفاة العراة الذين يتشبثون بأستار
منظرهم يتناقض تتاقضاً كاملا مع الإسلام دين النظافة والأحتشام والأحترام؛ كلما رأيتهم فى
وأزداد ارتجافا لأننى أعلم علم اليقين أن من ورائها معجزة علمية أعظم منا جميعا...
صرت أتململ سنويا ؛وأنشغل بمشاغل الحياة لتدور الدائرة وأجد البيت الاسود الضخم أمامى
والحفاة العراة يهرولون حوله ويلبون الى الله .. فأرتجف.. الى أن عقلتها
الله .. ومعجزة الإسلام .. وصبغر أنفسنا أمام الله...
مقاييس اللغة لأحمد بن فارس لمعرفة معانى أصول كلمات الآيات؛ وبعد ذلك قمت بدراسة كل آية
والعقلى والعلمى.. عندها خرجت ببحث متكامل لقصة الخلق وسيدنا إبراهيم وعبادة الحج..!!)
وكان كتاب علاء الدين مقتصرا على تأويل مشاهد الحج بأنها تمثيلٌ لحياة الإنسان الأول؛ بعد ان
آذان الأنعام فى الخلق والتطور.
إن مفهوم "رجل الدين" مفهوم دخيل على الإسلام لأن كل المسلمين رجل ونساء دين؛ ويتفاتون
فى مستوى علمهم وعملهم بما يعلمون؛ وما رجل الدنيا إلا من جعل الله الدنيا أكبر همهم ومبلغ
الله وأنّ محمدا رسول الله والمؤمن من آمن بالله وكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر والقدر
خيره وشره؛ والمحسن من عبد الله كآنه يراه .. وفى هذه المراحل المتباينة فليتنافس المتنافسون
باختلاف مهنهم ووسائل رزقهم. ونحن أيضاً نؤمن بأنه لا يوجد شئ اسمه "علوم الدين" مناقضا
"لعلوم الدنيا"؛ إذ أن الدنيا ليست انا خلقٌ من أوحى القرآن وعلّم الإنسان ما لا يعلم. فالباحث فى
القرآن لا يخفى عليه ان الله يصف احكامه المنزلة بالآيات القرآن
فى البحث فى آيات الكون. فصل العلوم إلى علوم دين ودنيا أشبه بالقول بأن هناك ربا للمسلمين
هو الله وأربابا لغير المسلمين؛ وهذا شرك صريح لأن الله رب العالمين؛ وهو رب من آمن به
للعلماء والصالحين؛ أو توفيق لكل بشر مجتهد يبحث فى آيات الله الكونية ونظام الخلق ويستوى
فى ذلك المسلم والكافر. وقد بعث الله لإين آدم الظالم غرابا ليعلمه كيف يوارى سوءة اخيه؛ وقد
والقول بأن الاكتشافات العلمية التى يصل إليها الكافر قبل المسلم لا تدخل فى تفسير آيات الله فيه
نفس هؤلاء العلماء أو العامة يذهبون طواعية لإجراء عملية جراحية معقدة جدا كنقل كلى أو كبد
أو قلب على يد طبيب بارع فى علمه ولكئه غير مسلم. أو يركبون طائرات ويسلمون أمرهم
ن أو متناسين ان صانعى الطائرة لا يؤمنون بلله.
وإنما العلم نفسه هو وسيلة للإيمان بالله. فكم من عالم نزيه اكتشف آية من آيات الله فى الكون ثم
القرآن ككتابٍ ويحمله كما يحمل الحمار اسفاراً.
إن بَحثْنا فى قضية الخلق والتطور يقوم على دراسة عميقة لمعانى ألفاظ القرآن وقواعد اللغة
العربية مع الاستفادة من اكتشافات العلوم التطبيقية الحديثة؛ لتصحيح تفسير المفسرين الذى
توارثه المسلمون على مدى قرون من غير سؤال؛ فليس كل مافى كتب المفسرين حقا لا يقل
للكثير من حقائق الكون إِنّا محدودا جدا؛ لا يتجاوز معرفة كل الناس فى زمانهم بأسرار الكون.
عواتقنا الكثير من المسؤوليات؛ لأن نعيد فهم كل الآيات التى تصف مثل هذه الحقائق الكونية التى
نفهم عنها اليوم اكثر مما أتيح لهم. فالقرآن لا يخضع لافتراضات العلماء الاجتهادية؛ ولكنه
نبراس يوجه بحوث العلماء إذا خفى عليهم شئ أو اختلطت عليهم حقائق؛ وهو أيضا يوجه علماء
المسلمين للبحث فى قضايا جديدة تقود لمزيد من الايمان؛ طرحها الله علينا فى كتابه بصورة
مختصرة جدا؛ وكما قال العالم المصرى زغلول النجار: (فإن الأمور الكونية المقسوم بها فى
القرآن؛ تشهد للخالق سبحانه وتعالى بطلاقة القدرة وكمال الصنعة والحكمة وشمول العلم؛ ومن
هنا فلا بد لنا من إعادة النظر فى مدلولاتها كلما أتسعت دائرة المعرفة الإنسانية بالكون ومكوناته؛
وبالسنن الالهية الحاكمة له حتى يتحقق وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم بان
لا تنتهى عجائبه؛ ولا يخلق على كثرة الرد"؛ وحتى يتحقق لنا جائب من أبرز جوانب الأعجاز
فى كتاب الله وهو ورود الآية أو الآيات فى كلمات محدودة؛ يرى فيها اهل كل عصر معنى
معيناً؛ وتظل هذه المعانى تتسع باتساع دائرة المعرفة الإنسانية فى تكامل لا يعرف التضاد؛ ولا
يوجد مثيل لهذا التناسق بين المعرفة التى يكتشفها الإنسان ومكتوب آخر إلا كتاب الله.
إن آيات "الإعجاز العلمى فى القرآن" ملأت فراغا فى فهم الناس لأسرار الكون؛ لذلك وجدت
تصف البراكين الملتهبة فى قيعان البحار والمحيطات. ولكن الأكتشافات والنظريات التى أرقبطت
المفسرون من السلف الصالح عاجزين عن إبداء رأى محدد فى فهمها؛ فلما جاءت العلوم الحديثة