التصرف الخامس: لا يجمع بين متفرق ولقد بعد عن التوفيق من صف كتاباً في
جمع الأخبار خاصة ورسم في كل عضوباباً فقال: باب في إثبات الرأس وباب في اليد
رسول الله قي في أوقات متفرقة متباعدة اعتماداً على قرائن مختلفة تفهم السامعين
في السمع دفعة واحدة عظيمة في تأكيد الظاهر وإيهام التشبيه وصار الإشكال فى أن
رسول الله بل لما نطق بما يوهم خلاف الح أعظم في النفس وأوقع؛ بل الكلمة
الواحدة يتطرق إليها الاحتمال» فإذا اتصل بها ثانية وثالثة ورابعة من جنس واحد صار
منوالياً يضعف الاحتمال بالاضافة إلى الجملة؛ ولذلك يحصل من الظن بقول المخبرين
وثلاثة مالا يحصل بقول الواحدء بل يحصل من العلم القطعي بخبر التواتر
مالا يحصل بالأحاد ويحصل من العلم القطعي باجتماع التواتر ما لا يحصل بالآحاد؛
وكل ذلك نتيجة الاجتماع إذ يتطرق الاحتمال إلى قول كل عدل وإلى كل واحدة من
القرائ ؛ فإذا انقطع الاحتمال أوضعف فلذلك لا يجوز جمع المتفرقات
التصرف السادس : التفريق بين المجتمعات فكما لا يجمع بين متفرقة فلا يفرق
ومرجحة الاحتمال الضعيف فيه. فإذا فرقت وفصلت سقطت دلالتها مثال قوله تعالى
فوَهُوَ الفَاهِرٌقَوْقَ عبَادِو»!'". لا تسلط على أن يقول القائل هوفوق» لأنه إذا ذكر القاهر
قبله ظهر دلالة الفوق على الفوقية التي للقاهر مع المقهور وهي فوقية الرتبة ونفظ القاهر
ذكر العبودية في وصفه في الله يؤكد احتمال فوقية السيادة إذ لا يحسن أن يقال زيد
فوق عمر. وقبل أن يت اوتهما في معنى السيادة والعبودية أ غلبة القهر أو نفوة الأمر
بالسلطنة أو بالأبوة أو بالزوجية؛ فهذه الأمور يغفل عنها العلماء فضلا عن العوام؛ فكيف فكيف
يسلط العوام في مثل ذلك على التصرف بالجمع والتفريق والتأويل والتفسير وأنواع
التغيير؛ ولأجل هذه الدقائق بالغ السلف في الجمود والاقتصار على موارد التوقيف كما
المواضع بالاحتياط ما هو تصرف في ذات الله وصفاته واحق المواضع بإلجام اللسان
الوظيفة السادسة: في الكف بعد الإمساك. وأعني بالكف كف الباطن عن التفكر
في هذه الأمورء فذلك واجب عليه كما وجب عليه إمساك اللسان عن السؤال والتصرفة؛
وهذا أثقل الوظائف وأشدها وهو واجب كما وجب على العاجز الزمن أن لا يخوض غمرة
م وإن كان يتقاضاه طبعه أن يغوص في البحار ويخرج دررها وجواهرهاء ولكن
المعيشة وهومستخن عنهاء فإن غرق أو التقمه تمساح فإنه أصل الحياة. فإن قلت: إن لم
بعبادة الله وبالصلاة وقراءة القرآن والذكر» فإن لم يقدر فبعلم آخر لا يناسب هذا الجنس
من لغة أو نحو أو خط أو طب أو فقه فإن لم يمكنه فبحرفة أو صناعة ولو الحراثة
والحياكة؛ فإن لم يقدر فبلعب وله وكل ذلك خير له من الخوض في هذا البحر البعيد
غوره وعمقه العظيم خطره وضرره؛ بل لو اشتغل العامي بالمعاصي البدنية ربما كان
أسلم له من أن يخوض في البحث عن معرا الله تعالى» فإن ذلك غايته الفسق وهذا
أن يكون له الدليل فإن جوزت ذلك فقد رخصت له في التفكر والنظر» وأي فرق بينه
وبين غيره؟
الجواب: أني أجوز له أن يسمع الدليل على معرفة الخالق ووحدانيته وعلى
صدق الرسول وعلى اليوم الآخر ولكن بشرطين: أحدهما: أن لا يزاد معه على الأدلة
جلياً ولايمعن في التفكر ولا يوغل غاية الايغال في البحث» وأدلة هذه الأمور الأربعة
ماذكر في القرآث
ذلك هي قريب من خمسائة جمعناها في كتاب جواهر القرآن بها ينبغي أن يعرف
الخلق جلال الله الخالق وعظمته لا بقول المتكلمين أن الأعراض حادثة» وأن الجواهر
القربية من الأفهام على ما في القرآن تنفعهم وتسكن نفوسهم وترس في قلويهم
0 الوحدانية فيقنع فيه بما في القرآن من قوله تعالى : ِلَوْكَانَفيهمًا
ا 0 إن اجتماع المدبرين سسب إفساد التدبير» وبمثل قوله: فِلَوْ
أخير سَبيلاا*». وقوله تعالى : ما
٠١-1 سورة ق: الآيات )١(
(©) سورة عبس : الآيات 4 ؟سرا+
(5) سورة الأنبياء: الآية 77
() سورة الإسراء: الآية 89
() سورة المؤمنون: الآية 41
لشي الموتى 04 . وأمثال ذلك كثير في القرآن» فلا ينبغي أذ يو جل
يمتعون عن تقرير هذه الأدلة ولا يمتتعون عنهاء. وكل ذلك مدرك العقل وتأمله فإن
فتح للعامي باب النظر فليفتح مطلقاً او ليسد عليه طريق النظر رأ رأساً وليكلف التقليد من
غير ظيل.
الجواب: أن الدلالة تنقسم إلى ما يحتاج فيه إلى تفكر وتدفيق خارج عن طاقة
العامي وقدرته؛ وإلى ما هو جلي سابق إلى الأفهام ببادىء الرأي من أول النظر مما
آحاد الناس وتستضر به الأكثروت+؛ بل أدلة القرآن كالماء الذي ينتفع به الصبي الرضيع
والرجل القوي وسائر الأدلة كالاطعمة التي ينتفع بها الأقزياء مرة ويمرضون بها أخرى
إلى كلام جلي ولا يماري في إلا مراء ظاهراًء ولا يكلف نفس تدقيق الفكر وتحقيق
النظرء ّ فمن الجلي | إن من قدر على الابتداء فهو على الإعادة أقدر كما قال: فَوَهُوَ
زوج بهح» (لكر المدفورم الأصد بعد كلمة «وريب» مومن سورة فصلت: الآية 14+
دم صورة اروم اليه 17
أسراره الذين شاهدوا الوحي والتنزيل وعاصروه وصاحبوه» بل لازموه آناء الليل والنهار
متشمرين لفهم معاني كلامه وتلقيه بالقبول للعمل به أولاً وللنقل إلى من بعدهم ثانياً.
رسول الله كَقهِ على السماع والفهم والحفظ والأداء فقال: «نضر الله أمراً سمع مقالتي
عنهم حاشا منصب النبوة
على سبيل المكابرة مع الاعتراف بتفهيمه وتكليفه . فهذه الأمور لا يتسع لتقديرها عقل
البحث والتفتيش وال مير والتأويل والتعرض لمثل هذه الأمور بل بالغوا في زجر من
خاض فيه وسأل عن وتكلم يعي ما سكيد منهج » فلوكان ذلك من الدين أو كان من
مدارك الأحكام وعلم الدين لأقبلوا عليه ليل ونهاراًودعوا إليه أولادهم وأهليهم وتشمروا
عن ساق الجد في تأسيس أصوله وشرح قوانينه تشمراً ابلغ من تشمرهم في تمهيد قواعد
الفرائض والمواريث» فنعلم بالقطع من هذه الأصول أن الح ما قالو» والصواب
وة عن ذلك؛ أويت يتهم أولئك الأكابر في فهم كلامه وإدراك مقاصده
الشاجية منهم
البرهان الثاني : هو الفصيلي . فتقول ادعينا أن التق هو مذهب السلف وأن
مذهب السلف هو توظيف الوظائف السبع على عوام الخلق في ظواهر الأخبار
شعري يخالف في قولنا الأول أنه يجب على العامي التقديس للح عن التشبيه ومشابهة
الاجسام» أو في قولنا الثاني إنه يجب عليه التصديق والإيمان بما قاله الرسول #ة
بالمعنى الذي أراده أو في قولنا الثالث إنه يجب عليه الاعتراف بالعجز عن درك حقيقة
وراء طاقته» و في قولنا الخامس إنه يجب عليه إمساك اللسان عن تغيير الظواهر بالزيادة
والنقصان والجمع والتفريق» أو في قولنا السادس إنه يجب عليه كف القلب عن التذكير
قولنا السابع إنه يجب عليه التسليم لأهل المعرفة من الأنبياء والأولياء والعلماء الراسخين
فهذه أمور بيانها برهانها ولا يقدر أحد على جحدها وإنكارها إن كان من أهل التميمز
فض عن العلماء والعقلاء. فهذه هي البراهين العقلية.
النمط الثاني: البرهان السمعي على ذلك» وطريقه أن نقول: الدليل على أن
الحتى مذهب السلف أن نقيضه بدعة والبدعة مذمومة وضلالة» والخوض من جهة العوام
في التأويل» والخوض بهم فيه من جهة العلماء بدعة مذمومة» وكان نقيضه وهو الكف
عن ذلك سنة محمودة فههنا ثلاثة أصول:
أحدها: أن البحث والتفتيش والسؤال عن هذه الأمور بدعة.
والثاني : أن كل بدعة فهي مذمومة.
والثالث: أن البدعة إذا كانت مذمومة كان نقيضها؛ وهي السنة القديمة محمودة
ولا يمكن النزاع في شيء من هذه الأصول» فإذا سلم ذلك ينتج أن الحق مذهب
والتفتيش بدعة فينازع في هذين وإن لم ينازع في الثالث لظهوره؟
فنقول: الدليل على إثبات الأصل الأول من كون البدعة مذمومة ان
على فم البدعة وزجر المبتدع وتغيير من يعرف بالبدعة؛ وهذا مفهوم على الضرورة من
الشرع وذلك غير واقع في محل الظن» فذم رسول الله 8 البدعة علم بالتواتر بمجموع
أخبار يفيد العلم القطعي جملتهاء وإن كان الاحتمال يتطرق إلى نلعتل
عنها وما يجري مجراه؛ فإن علم قطعاً بأخبار آحاد بلغت في الكثرة مبلغاً لايحتمل
كذب ناقليهاء وإن لم تكن آحاد تلك الأخبار متواترة؛ وذلك مثل ماروي عن
وكل ضلالة في النار». وقال 88 : «اتبعوا ولا تبتدعوا وإنما هلك من كان قبلكم لما
رسائل الغزالي (4)/م9
الفرس من المعنى الذي يؤديه لفظ الاستواء بين العرب بحيث لا يشتمل على مز
يتصور أن ينحني وبعوج.
والثاني : ينبىء عن سكون وثبات فيما يتصور أن يتحرك ويضطرب وإشعاره بهذه
المعاني وإشارته إليها في العجمية أظهر من إشعار لفظ الاستواء وإشارته إليهاء فإذا
تفاوت في الدلالة والإشجار لم يكن هذا مثل الأول وإنما تجوز تبديل اللفظ بمثله
المرادف له الذي لا يخالفه بوجه من الوجوه لا بما يباينه أو يخالفه ولو بأدنى شيء وادقه
وأخفاه
ومثال الثاني : أن الأصبع يستعار في لسان العرب للنعمة يقال لفلان عندي أصبع
أي نعمة ومعناها بالفارسية انكشفت وما جرت عادة العجم بهذه الاستعارة» وتوسع
ب ني التجوز والاستعارة أكثر من توسع العجم بل لا نسبة لتوسع العرب إلى جمود
العجم؛ فإذا أحسن إرادة المعنى المستعار له في العرب وسمج ذلك في العجم نفر
بالخلاف ولا يجوز التبديل إلا بالمثل
مثال الثالث: العين فإن من فسره فإنما يفسره بأظهر معانيه؛ فيقول هو جسم وهو
مشترك في لغة العرب بين العضو الناصر وبين الماء والذهب والفضة؛ وليس اللفظ اسم
وهو مشترك هذا الاشتراك وكذلك لفظ الجنب والوجه يقرب منه؛ فلأاجل هذا نرى المنع
من التبديل والاقتصار على العربية؛ فإن قيل: هذا التفاوت إن ادعيتموه في جميع
الألفاظ فهو غير صحيح إذ لا فرق بين قولك خبز ونان وبين فولك لحم وكوشت؛ وإنذ
اعترف بان ذلك في البعض فامنع من التبديل عند التفاوت لا عند التمائل» فالجواب
اللغتين وفي الاشتراك والاستعارة وسائر الأمور ولكن إذا انقسم إلى ما يجوز وإلى
كافة الخلق بل يكثر فيه الاشكال ولا يتميز محل انتفاوت عن محل التعادل» فنحن بين
أن نحسم الباب احتياطاً إذ لا حاجة ولا ضرورة إلى التبديل وبين أن نفتح الباب ونقحم
عموم الخلق ورطة الخطرء فليت شعري أي الأمرين أعزم واحوط والمنظور فيه ذات
الصفات الإلهية يجب اجتنابه. كيف وقد أوجب الشرع على الموطوءة العدة
الرحم وللحذر من خلط الأنساب احتياطاً لحكم الولاية والوراثة وما يترتب على النسب؛
فقالوا مع ذلك تجب العدة على العقيم والآيسة والصغيرة وعند العزل» لان باطن الأرحام
إنما يطلع عليه علام الغيوب فإنه يعلم ما في الأرجام فلو فتحنا باب النظر إلى التفصيل
كنا راكبين متن الخطر فايجاب العدة حيث لا علوق أهون من ركوب هذا الخطره فكما
أن إيجاب العدة حكم شرعي فتحريم تبديل العربية حكم شرعي عن ثبت بالاجتهاد
وترجيح طريق الأول» ويعلم أن الاحتياط عن الله وعن صفاته وعما أرادة
بالفاظ القرآن أهم وأولى من الاحتياط في العدة وكل ما احتاط به الفقهاء من هذا القبيل.
ثلاثة مواضع .
الأول: تأويل العامي على سبيل الاشتغال بنفسه وهو حرام يشبه خوض البحر
المغرق ممن لا يحسن السباحة. ولا شك في تحريم ذلك» وبحر معرفة الله أبعد غوراً
وأكثر معاطب ومهالك من بحر الماء. لأن هلاك هذا البحر لا حياة بعده وهلاك بحر
الدنيا لا يزيل إلا الحياة الفانية وذلاك يزيل الحياة الأبدية فشتان بين الخطرين-
الموضع الثاني: أن يكون ذلك من العالم ٠ مع العامي وهو أيضاً ممنوع؛ ومثاله:
أن يجر السباح الغواص في البحر مع نفسه عاجزاً عن السباحة مضطرب القلب والبدث
وذلك حرام لأنه عرضة لخطر الهلاك فإنه لا يقوى على حفظه في لجة البحر؛ وإن قدر
بالسكون عند التطام الأمواج واقبال التماسيح وقد فغرت فاها للالتقام اضطرب
ولم يسكن على حسب مراده لقصور طاقته» وهذا هو المثال الحق للعالم إذا فتح للعا
بالمعارف والتظاهر يذكرها مع العوام؛ فمن اتصف بهذه الصفات فلا بأس بالتحدث
معه لان الفطن المتعطش إلى المعرفة للمعرة لا لغرض آخر يحيك في صدره أشكال
الظواهر وربما يلقيه في تأويلات فاسدة لشدة شرهه على الفرار عن مقتضى الظواهر
ومنع العلم أهله علم - كبثه إلى غير أهله» وأما العامي فلا أن يحدث به وفي
معنى العامي كل من لا يتصف بالصفات المذكورة مثاله ما ذكرناء من إطعام الرضيع
الأطعمة ال الني لا يطيقهاء وأما المظنون فتحدث مع نفسه اضطرار فإن ما ينطري
عليه الذهن من ظن وشك وقطع لا زالت النفس تتحدث به ولا قدرة على الخلاص منه +
فلا منع من ولا شك في منع التحدث به مع العوام» بل هواولى بالمنع من المقطوع أن
تحدثه مع من هوفي مثل درجته في المعرفة أومع المستعد له فيه نظر» فيحتمل أن بقلل
وهو يذكره متصرف بالظن في صفة الله تعالى أو في مراده من كلامه وفيه خطر وإياحت
نص أو إجماع أوقياس على منصوص ولم يرد شي» من ذلك بى ورد قونه تعالى :
الأول: الدليل الذي دل على إباحة الصدق وهو صادق. فإنه ليس يخبر إلا عن
والثاني: أقاويل المفسرين في القرآذ بالحدس والظن» إذ كل ما قالوه غير
مسموع من الرسول بل بل هو مستبط بالاجتهاد ولذلك كثرت الأقاويل وتعارضت
والثالكث: اجماع التابعين على نقل الاخبار المتشابهة التي نقلها آحاد الصحابة
ولا يحصل بقول العدل إلا الظن
والجواب عن الأول: أن المباح صدق لا يخشى منه ضرر» وبث هذه الظنون
لا يخلوعن ضرر فقد يسمعه من يسككن إليه ويعتقده جزماًفيحكم في صفات الله تعالى
بغير علم وهو خطر والنفوص نافرة عن أشكال الظواهر: فإذا وجد مستروحاً من المعنى
وأما الثاني : وهو أقاويل المفسرين بالظن فلا نسلم ذلك فيما هومن صفات
الله تعالى كالاستواء والفوق وغيره. بل لعل ذلك في الأحكام الفقهي
أحوال الأنبياء والكفار والمواعظ والأمثال وما لا يعظم خطر الخطأ فيه
قال قائلون لا يجوز أن يعتمده في هذا الباب إلا ما ورد في
القرآن أو توائر عن الرسول َي تواتراً يعيد العلم . فأما أخبار الآحاد. فلا يقبل فيه
ذلك حكم بالمظنون واعتماد عليه» وما ذكروه ليس ببعيد لكنه مخالف لظاهر ما درج
عليه السلف»ء فإنهم قبلوا هذه الأخبار من العدول ورووها وصححوها فالجواب من
أحدهما: أن التابعين كانوا قد عرفوا من أدلة الشرع أنه لا يجوز اتهام العدل
بالكذب لاسيما في صفات الله تعالى » فإذا روى الصديق رضي الله عنه خبراًء وقال
سمعت رسول الله ب يقول كذا فرد روايته تكذيب له ونسبة له إلى الوضع أو إلى السهو
التابعين» فالآن إذا ثبت عندهم بأدلة الشرع أنه لا سبيل إلى اتهام العدل التقي من
الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين» فمن أين يجب أن لا يتهم ظنون الآحاد وأن ينزل
الظن منزله نقل العدل مع أن بعض الظن إثم . فإذا قال الشارع : ما أخبركم به العدل
في معنى المنصوص» ولهذا تقول ما رواه غير العدل من هذا الجنس ينبغي أن يعرض
عنه ولا يروى ويحتاط فيه أكثر مما يحتاط في المواعظ والأمثال وما يجري مجراها
والجواب الثاني: أن تلك الأخبار روتها الصحابة لأنهم سمعوه
رسول الله ب[ كذا وكانوا صادقين» وما أهملوا روايته لاشتمال كل حديث على فوائد
رواية الصحابي عن رسول الله فَيةِ قوله: «ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا
فيقول هل من داع فأستجيب له؛ هل من مستغفر فأغفر له»؛ الحديث. فهذا الحديث
سيق لنهاية الترغيب في قيام الليل وله تأثير عظيم في تحريك الدواعي للتجهد ا
إهمالها وليس فيه إلا إيهام لفظ النزول عند الصبي » والعامي الجاري مجرى الصبي»
وما أهون على البصير أن يغرس في قلب العامي التنزيه والتقديس عن صورة التزول بأن
القدر يعرف العامي أن ظاهر النزول باطل بل مثاله أن يريد من في المشرق إسماع
شخص في المغرب ومناداته» فيتقدم إلى المغرب بأقدام معدودة وأخذ يناديه وهو يعلم
هذا في قلب عاقل. بل يضطر بهذا القدر كل عامي إلى أن يتيقن نفي صورة التزول؛
وكيف وقد علم استحالة الجسمية عليه واستحالة الانتقال على غير الأجسام كاستحالة
النزول من غير انتقال. فإذا الفائدة في نقل هذه الأخبار والضرر يسيرء فأنى
يساوي هذا حكاية الظنون المنقدحة في الأنفس. فهذه سبل تجاذب طرق الاجتهاد في
إباحة ذكر التأويل المظنون أو المنع» ولا يبعد ذكر وجه ثالث وهو أن ينظر إلى قرائن حال
الأمرين كان ظنه كالعلم في إباحة الذكر» وكم من إنسان لا تتحرك داعيته باطئاً إلى
معرفة هذه المعاني ولا يحيك في نفسه إشكال من ظواهرهاء فذكر التأويل معه مشوش +
وكم من إنسان يحيك في نفسه إشكال الظاهر حتى يكاد أن يسوء اعتقاده في الرسول فَيِ
وينكر قوله الموهم؛ فمثل هذا لوذكر معه الاحتمال المظنون بل مجرد الاحتمال الذي
لا ينبغي أن يذكر على رؤوس المنابر لان ذلك يحرك الدواعي الساكنة من أكثر
زمان سكون القلب بالغوا في الكف عن التأويل خيفة من تحريك الدواعي وتشويش
القلوب. فمن خالفهم في ذلك الزمان فهو الذي حرك الفتنة وألقى هذه الشكوك في
القلوب مع الاستغناء عنه فباء ذلك في بعض البلاد فالعذر في
إظهار شيء من ذلك رجاء لإماطة الأوهام الباطلة عن القلوب أظهر واللوم عن قائله أقل
يل المقطوع والمظنون فبماذا يحصل القطع بصحة التأويل؟
الثاني : أن لا يكون اللفظ محتملاٌ إلا لأمرين وقد بطل أحدهما وتعين الثاني مثاله
قوله تعالى : َوَهُوَ الفَاهِرٌ فوْقَ عِبَادِو»ل'). فإنه إن ظهر في وضع اللسان أن الفوق
لا يحتمل إلا فوقية المكان أو فوقية الرتبة وقد بطل فوقية المكان لمعرفة التقديس لم
يبق إلا فوقية الرتبة كما يقال: السيد فوق العبد والزوج فوق الزوجة. والسلطان فوق
الوزير فالله فوق عباده بهذا المعنى وهذا كالمقطوع به في لفظ الفوق وأنه لا يستعمل
لسان العرب إلا في هذين المعنيين» أما لفظ الاستواء إلى السماء وعلى العرش ريما
لا يتحصر مفهومه في اللغة هذا الانحصار» وإذا تردد بين ثلاثة معان معنيان جائزان على
الله تعالى ومعنى واحد وهو الباطل» فتنزيله على أحد المعنيين الجائزين أن يكون بالظطن
وبالاحتمال المجرد وهذا تمام النظر في الكف عن التأويل
التصرف الثالث: الذي يجب الإمساك عنه التصريف؛ ومعناه أنه إذا ورد قوله
تعالى : (استوى على العرش». فلا ينبغي أن يقال مستو ويستوي. لأن المعنى يجوز
أن يختلف لأن دلالة قوله هو مستر على العرش على الاستقرار أظهر من قوله: فَرَقُمَ
إقبال على خلقه أو على تدبير المملكة بواسطته؛ ففي تغيير التصاريف ما يوقع في تغيير
الدلالات والاحتمالات» فليجتنب التصريف كما يجتنب الزيادة فإن تحت التصريف
الزيادة والنقصان .
التصرف الرابع : الذي يجب الإمساك عنه القياس والتفريغ مثل : أن يرد لفظ اليد
فلا يجوز اثبات الساعد والعضد والكف مصيراً إلى أن هذا من لوازم اليدء وإذا ورد
الأصبع لم يجز ذكر الأنملة كما لا يجوز ذكر اللحم والعظم والعصب» وإن كانت اليد
المشهورة لاتنفكٌ عنه وأبعد من هذه الزيادة إثبات الرجل عند ورود اليد واثي
خَلَقَ »4 . فهذه الأدلة تجري للعوام مجرى الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي +
وما أخذه المتكلمون وراء ذلك من تنقير وسؤال وتوجيه إشكال ثم اشتغال بحله فهو بدعة
وضرره في حق أكثر الخلق ظاهر. فهو الذي ينبغي أن يتوقى والدليل على تضرر الخلق
به المشاهدة والعيان والتجربة وما ثارمن الشر منذ نبغ المتكلمون وفشت صناعة الكلام
مع سلامة العصر الأول من الصحابة عن مثل ذلك» ويدل عليه أيضاً أن رسول الله فَي
والصحابة بأجمعهم ما سلكوا في المحاجة مسلك المتكلمين في تقسيماتهم وتدقيقاتهم
لا لعجز منهم عن ذلك» فلو علموا أن ذلك نافع لأطنيوا فيه ولخاضوا في تحرير الأدلة
خوضاً يزيد على خوضهم في مسائل الفرائض .
المتأخرين» وعلم الكلام راجع إلى علم معالجة المرضى بالبدع» فلما قلت في زمانهم
أمراض البدع قلّت عنايتهم بجميع طرق المعالجة» فالجواب من وجهين .
أحدهما: انهم في مسائل الفرائض ما اقتصروا على بيان حكم الوقائع» بل
الواقعة قبل وقوعهاء والعناية بإزالة البدع ونزعها عن النفوس أهم فلم يتخذوا ذنك
صناعة لأنهم عرفوا أن الاستضرار بالخوض فيه أكثر من الإنتفاع» ولولا أنهم كانوا قد
حذروا من ذلك وفهموا تحريم الخوض لخاضوا فيه .
والجواب الثاني : أنهم كانوا محتاجين إلى محاجة اليهود والنصارى في إثبات نبوة
محمد 8 وإلى إثبات البعث مع منكريه» ثم ما زادوا في هذه القواعد التي هي أمهات
العقائد على أدلة القرآن» فمن أقنعه ذلك قبلوه ومن لم يقنع قتلوه وعدلوا إلى السيف
والسنان بعد إفشاء أدلة القرآن وما ركبوا ظهر اللجاج في وضع المقاييس العقلية وترتيب
المقدمات وتحريم طريق المجادلة وتذليل طرقها ومنهاجهاء كل ذلك لعلمهم بأن ذلك
مثار الفتن ومنبع التشويش ومن لا يقنعه أدلة القرآن لا يقمعه إلا السيف والسنان» فيما
بعد بيان الله بيان على أننا ننصف ولا نتكر أن حاجة المعالجة تزيد بزيادة المرض وأن
لطول الزمان وبعد العهد عن عصر النبوة تأثيراً في إثارة الاشكالات وأن للعلاج طريقين .
أحدهما: الخوض في البيان والبرهان إلى أن يصلح واحد يفسد به اثنان» فإن
والعناية بالأكثرين أولى ٠
والطريق الثاني : طريق السلف في الكف والسكوت والعدول إلى الدرة والسوط
الكفار من العبيد والإماء تراهم يسلمون تحت ظلال السيوف ثم يستمرون عليه حتى
وذلك بمشاهدة أهل الدين والمؤانسة بهم وسماع كلام الله ودؤية بة الصالحين وخبرهم»
وقرائن من هذا الجنس تناسب طباعهم مناسبة أشد من مناسبة الجدل والدليل» فإذا كان
كل واحد من العلاجين يناسب قوماً دون وجب ترجيح الانفع في الأكثر» فالمعاصرون
للطبيب الأول المؤيد بروح القدس المكاشف من الحضرة الإلهية الموحى إليه من
الخبير البصير بأسرار عباده وبواطنهم أعرف بالاصوب والاصلح قطعاء فسلوك سبيلهم
لا محالة أولى .
الوظيفة السابعة: التسليم لأهل المعرفة وبيانه أنه يجب على العامي أن يعتقد أن
الصديق. وعن أكابر الصحابة. وعن الأولياء والعلماء الراسخين» وأنه إنما انطوى عنه
لعجزه وقصور معرفته؛ فلا ينبغي أن يقيس بنفسه غيره فلا تقاس الملائكة بالحدادين
وليس ما يخلوعنه مخادع العجائز يلزم منه أن يخلوعنه خزائن الملوك» فقد خلق الناس
متفاوتين كمعادن الذهب والفضة وسائر الجواهر» فانظر إلى تفاوتهما وتباعد
ما بيتهما صورة ولوناً وخاصية ونقاسة» فكذلك القلوب معادن لسائر جواهر المعارف
ة والولاية والعمل ومعرفة الله تعالى ؛ وبعضها معدن للشهوات
البهيمية والأخلاق
يطبق السباحة إلى حد قريب من الشط لكن لا يطيق خوض البحر إلى لجته والمواضع
الذي فيه نفائسه وجوهره؛ فهكذا مثال بحر المعرفة وتفاوت الناس فيه مثله حذو القذم
بالقذة من غير فرق
فإن قي : فالعارفون محيطون بكمال معرفة الله سبحانه حتى لا ينطوي عنهم
قلنا هيهات فقد بُّنا بالبرهان القطعي في كتاب المقصد الأقصى في معاني
أسماء الله الحسنى أنه لا يعرف الله كنه معرفته إلا اللهء وأن الخلائق وإن اتسعت
قليلا. لكن ينبغي أن يعلم أن الحضرة الإلهية محيطة بكل ما في الوجود إذ ليس في
الوجود إلا اله وأفعاله. فالكل من الحضرة الإلهية كما أن جميع أرباب الولايات في
المعسكر حتى الحراس هم من المعسكر فهم من جملة الحضرة السلطانية» وأنت
لا تفهم الحضرة الإلهية إلا بالتمثيل إلى الحضرة السلطانية» فاعلم أن كل ما في الوجود
داخل في الحضرة الإلهية؛ ولكن كما أن السلطان له مملكته قصر خاص وفي فناء قصره
ميدان واسع» ولذلك الميدان عتبة يجتمع عليها جميع الرعايا ولا يمكنون من مجاوزة
العتبة ولا إلى طرف الميدان ثم يؤذن لخواص المملكة في مجاوزة العتبة ودخول
الميدان والجلوس فيه على تفاوت في القرب والبعد بحسب مناصبهم» وربما لم يطرق
إلى القصر الخاص إلا الوزير وحده؛ ثم إن الملك يطلع الوزير من أسرار ملكه على
ما يريد ويستأثر عنه بأمور لا يطلعه عليها. فكذلك فافهم على هذا المثال تفاوت الخلق
في القرب والبعد من الحضرة الإلهية؛ فالعتبة التي هي آخر الميدان موقف جميع العوام
العارفون فقد جاوزوا العتبة وانسرحوا في الميدان ولهم فيه جولان على حدود مختلفة في
القرب والبعد وتفاوت ما بينهم كثير» وإن اشتركوا في مجاوزة العتبة وتقدموا على العوام
المفترشين. وأما حظيرة القدس في صدر الميدان فهي أعلى من أن يطأها أقدام العارفين
وأرفع من أن يمتد إليها أبصار الناظرين» بل لا يلمح ذلك الجناب الرفيع صغير وكبير
عوام الخلق في هذه الأخبار التي سألت عنها وهي حقيقة مذهب السلف؛ وأما الآن
ذ مل بإقامة الدليل على أن الحق هو مذهب السلف.
الباب الثاني
في إقامة البرهان على أن الحق مذهب السلف وعليه برهانان عقلي وسمعي .
'ما العقلي فاثثان كلي وتفصيلي . أما البرهان الكلي على أن الحق مذهب السلف
فيتكشف بتسليم أربعة أصول هي مسلمة عند كل عاقل
الأول: أن أعرف الخلق بصلاح أحوال العباد بالإضافة إلى حسن المعاد هو
الطبيب إذ لا مجال ل علوم التجريبية إلا بما يشاهد على سبيل التكرر» ومن الذي رجع
من ذلك العالم فأدرك المشاهدة ما نفع وضر وأخبر عنه ولا يدرك بقياس العقل» فإن
العقول قاصرة عن ذلك والعقلاء بأجمعهم معترفون بأن العقل لا يهتدي إلى ما بعد
الموت ولا يرشد إلى وجه ضرر المعاصي ونفع الطاعات. لا سيما على سبيل التفصيل
تحديد كما وردت به الشرائع بل أقروا بجملتهم أن ذلك لا يدرك إلا بنور النبوة وهي
تمه ور ؛ العقل يدرك بها من أمر الغيب في الماضي والمستقبل أمور لا على طريق
ف بالأسباب العقلية؛ وهذا مما اتفق عليه الأوائل من الحكماء فضا عن الأولياء
العنداء والراسخين القاصرين نظرهم على الاقتباس من حضرة النبوة المقرين بقصور
الأصل الثاني : أنه يَيةِ أفاض إلى الخلق ما أوحى ,ليه من صلاح العباد في
معادهم ومعاشهم » وأنه ماكتم من الوحي وأخفاه وطواه عن الخلق فإنه لم يبعث إلا
ومعادهم» فما ترك شيئاًمما يقرب الخلق إلى 'نجنة ورضاء الخالق إلا دلهم عليه وأمرهم
الأصل الثالث: أن عرف الناس بمعاني كل
صاحب بدعة فقد فتح على الإسلام فتح». وقال 8: دمن مشى إلى صاحب بدعة
ليوقرء فقد أعان على هدم الإسلام» . وقال َي : «س أعرض عن صاحب بدعة بغض أ له
على صاحب بدعة أو لقيه بالبشر أو استقبله بمنا يسره فقد استخف بما أنزل على
محمد قإة». وقال : «إن الله لا يقبل لصاحب بدعة صوماً ولاصلاة ولا زكاة
علماً ضرورياً بكون البدعة مذمومة
فإن قيل : سلمنا أن البدعة مذمومة» ولكن ما دليل الأصل الثاني وهو أن هذه بدعة
فإن البدعة ن كل محدث» فلم قال الشافعي رضي الله عنه الجماعة في التراوي
بدعة وهي بدعة حسنة؛ وخوض الفقهاء في تفاريع الفقه ومناظرتهم فيها مع ما أبدعوه
من نقض وكسر وفساد وضع وتركيب ونحوه من فنون مجادلة والزام كل ذلك مبدع لم يؤثر
عن الصحابة شيء من ذلك فدل على أن البدعة المذمومة ما رفعت سنة مأشورة+
ولا نسلم أن هذا راقع لسنة ثابئة لكنه محدث خاض فيه الألوان إما لاشتغالهم بم هواهم
منه وإما لسلامة القلوب في العصر الأول عن الشكوك والترددات فاستغنوا لذلك وخاض
فيه من بعدهم لمسيس الحاجة؛ حيث حدئت الأهواء والبدع إلى إيطالها وافحام
الجواب: أما ما ذكرتموه من أن البدعة المذمومة ما رفعت سنة قديمة هو الحق
وهذا بدعة رفعت سنة قديمة . إذ كان سن الصحابة المنع من الخوض فيه؛ وزجر من
سأل عنه. والمبالغة في تأدييه ومنعه بفتح باب السؤال عن هذه المسائل» والخوض
بالعوام في غمرة هذه المشكلات على خلاف ما تواتر عنهم؛ وقد صح ذلك عن
ابة بتواتر التقل عند التابعين من نقلة الآثار» وسير السلف حجة لا يتطرق إليها
ريب ولاشك ٍ تر خوضهم في مسائل الفرائض ومشاورتهم في الوقائع الفقهية»
وحصل العلم به ار آحاد لا يتطرق الشك إلى مجموعهاء كما نقل عن عمر
عن القرآن أهو مخلوق أم لا فتعجب عمر من قوله فأخذ بده حتى جاء به إلى علي
المؤمنين؟ فقال الرجل : سألته عن القرآن أمخلوق هوأم لا؟ فوجم لها رضي الله عنه
وطاطأ راسه» ثم رفع رأسه وقال: سيكون لكلام هذا نبأ في آخر الزمان ولووليت من أمره
ما وليت لضربت عنقه
وقد روى أحمد بن حنبل هذا الحديث عن أبي هريرة؛ فهذا قول علي بحضور
عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم ولم يقولا له ولا أحد ممن بلغه ذلك من الصحابة +
ولا عرف علي رضي الله عنه نفسه أن هذا سؤال عن مسألة دينية وتعرف لحكم كلام
الله تعالى وطلب معرفة لصفة القرآن الذي هو معجزة دالة على صدق الرسولء بل هو
الدليل المعرف لأحكام التكليف» فلم يستوجب طالب المعرفة هذا التشديد؛ فانظر إلى
فراسة علي وإشرافه على أن ذلك قرع لباب الفتئة. وان ذلك سينتشر في آخر الزمان
الذي هوموسم الفتن ومطيتها بوعد رسول الله 8» وانظر إلى تشديده وقوله : ولووليت
لضربت عنقه؛ فمثل أولئك السادة الأكابر الذين شاهدوا الوحي والتنزيل واطلعوا على
أسرار الدين وحقائقه؛ وقد قال يله في أحدهما: «لو لم أبعث لبعث عمر». وقال في
الثاني : «أنا مديئة العلم وعلي بابهاء. يزجرون السائل عن مثل هذا السؤال؛ ثم يزعم
من بعدهم من المشغوفين بالكلام والمجادلة وممن لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ
أحدهم ولا نصيفه. أن الحق والصواب قبول هذا السؤال والخوض في الجواب وفتح
التحصيل وما أخلى عن الدين من قاس الملائكة بالحدادين ويرجح المجادلين على
الأئمة الراشدين والسلف» فإذاً قد عرف علي القطع أن هذه بدعة مخالفة لسنة السلف
لا كخوض الفقهاء في التفاريع والتفاصيل» فإنه ما نقل عنهم زجر عن الخوض فيه؛ بل
إمعانهم في الخوض» وأ
مي
باب التأويلات والتصرف في خلاف الظواهر» وفي معنى العوام الأديب والنحوي
والمحدث والمفسر والفقيه والمتكلم بل كل عالم سوى المتجردين لتعلم السباحة في
بحار المعرفة القاصرين أعمارهم عليه؛ الصارفين وجوههم عن الدنيا والشهوات؛
المعرضين عن المال والجاه والخلق وساشر اللذات المخلصين لله تعالى في العلوم
:2 رسائل الغزالي (44/م4 ,
ات الفم
عند ورود العين أو عند ورود الضحك» واثبات الأذن والعين عند ورود السمع والبصر+
وكل ذلك محال وكذب وزيادة. وقد يتجاسر بعض الحمقى من المشبهة الحشوية
© سورة البقرة: الآية 34
الشيطانية؛ ؛ل ترى الناس يتفاوتون في الحرف والصناعات فقد يقدر
الواحد بخفة يده وحذاقة صنادته على أمور لا يطمع الآخر في بلوغ أوائله فضلاً عن
امه وأحراهم بالوقوف على كنهه ودرك
ما ما أبدع من فنون المجادلات فهي بدعة مذمومة عند أهل
التحصيل ذكرنا وجه ذمها في كتاب قواعد العقائد من كتب الاحياء» وأما مناظراتهم إن
كان القصد منها التعاون على البحث عن مأخذ الشرع ومدارك الاحكام؛ فهي سنة
السلف ولقد كانوا يتشاورون ويتناظرون في المسائل الفقهية كما نقل في مسألة الجد
وميراث الأم مع الزوج والاب ومسائل سواها . نعم إن أبدعوا ألفاظاً وعبارات للتنبيه على
وإن كان مقصدهم المذموم من النظر الافحام دون الاعلام والإلزام دون الاستعلام»
فذلك بدعة على خلاف السنة المأثورة.