الجزء الأول: المجلس الأول من الجزء الأول 0
المجلس الأول من الجزء الأول:
الحمد لله مخرج الودق ومقدر الرزق» وخالق العباد في بطون أمهاتهم خلقاً
من بعد خلق. وصلى الله على أفضل البرية محمد نبيه والأئمة من ذريته العترة
الهادية الزكية .
قد سمعتم أيها المؤمنون فيما تقدم كيف أنتم تنقلون حالاً بعد حال في
حدود الدين كانتقالكم ة الخلق الَمِر وإن خلق الد, مثله في الباطن
تأويله في الباطن ما قد سمعتم الأصل فيه أن الأمهات في الباطن هم
المستفيدون ممن فوقهم؛ المفيدون من دونهم؛ وبطونهم في التأويل باطن العلم
الذي عندهم ينقلون فيه المستفيدين منهم حدّاً بعد حد وذلك خلق الدين وقوله
تعالى: في عُلْكَسٍ ل (الأتر: ]١ يعني في الظاهر ما هو محيط بالجنين من
ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة التي هو فيها قد أحاطت به وأحاط
الرحم بها والبطن بالرحم ومثل الظلمات هاهنا في الباطن مثل الستر والكتمان إذ
الليل مثله مثل الباطن والقائم به وذلك قد يحيط به حدود ثلاثة: حد الإمام الذي
وحد من يقيمه للمستفيدين دونه؛ وقد بدأكم ولي الله لما استجبتم لدعوته فأخذ
من بين كم ولي استجبتم لدعو
3 تأويل دعائم الإسلام ج١
عليكم ميثاقه وعهده وكنتم حيننذ في التمثيل الباطن كالمولودين في الظاهر بمثل
ما يبتدأ به المولود فأول ذلك أن يختبر ما هو أذكر أم أنثى صحيح الجوارح أم
فاسد شيء منها وكذلك ينبغي للداعي إذا أخذ على المستجيب أن يختبر حاله هل
ذلك يعلم بما فيه من الحاسة والذهن والتخلف والبلادة وإن كانت أحواله حسنة
يصح لمثله كمثل ما تصلح به أحوال المولود في حين ولادته من القيام بأمر ظاهره
من دهن ظاهر بدنه وتعديل أعضائه وقطع سرت بالعصائب وأشباء ذلك مما يصنع
وأمًا مثل قطع سرة المولود من المشيمة التي هي به متصلة وكانت لباساً عليه
نجسة ميتة؛ فمثل المشيمة مثل ظاهر المؤمن المستجيب قبل دخوله الدعوة ولباسه
كما ترفض المشيمة وتستقذر بعد أن كانت هي ظاهر المولود» كذلك يرفض
المؤمن المستجيب ما كان عليه من ظاهر أهل الباطن ويتمسك بظاهر أهل الحق
وباطنهم ومثل ما يترك من سرته عند قطعها ويربط ويكوى طرفه إلى أن يجف
ويسقط مثل ما يترك المستجيب عليه من توحيد أهل الظاهر الذي هو إلى الشرك
يترك على ذلك في وقت الأخذ عليه إلا أنه يعرف أنه سيوقف على حقيقة توحيد
وذلك مثل ربط السرة وحسمها فإذا عرف حقيقة توحيد الله وتبين له ذلك سقط عنه
ما كان يعتقده من افتراء المبطلين على الله في ذلك وهذا مثل سقوط سرة المولود
بعد أيام من ولادته ومثل ما يصنع بظاهر بدنه من الإصلاح مثل ما يجب أن يبتدىء
الجزء الأول: المجلس الأول من الجزء الأول 7
به المؤمن المستجيب بعد أخذ العهد عليه من تعليمه علم ظاهر الشريعة الذي تعبد
الله تعالى العباد بإقامته وافترض عليهم العمل به وقد بسط لكم ذلك ولي الله في
كتاب دعائم الإسلام وابتداكم به كما ينبغي في ذلك ولا يجوز غيره فأنكر ذلك من
ولم يعلموا أن من لا ظاهر له لهو بادي العورة مكشوف السوأة خارج من الملة
على درجات وطبقات فمنهم البارع فيه المستفيد والمتوسط والمقصر على حالات
بآرائهم وقياسهم وأهوائهم وأخذ ظاهر الدين عن أولياء الله الذين صار إليهم
رسوله يلق فعلم ذلك منكم من علمه وتخلف من تخلف فيه فلم ير ولي الله حبس
السابقين منكم على المتخلفين فبسط لكم بعد ذلك حدّاً من حدود الدين وهو حد
الرضاع الباطن أثبت لكم فيه أصول التأويل وجاء فيه برموز من الباطن وبعض
التصريح ليكون ذلك مقدمة من العلم تثبت في القلوب على حسب الواجب في
على سبيل ما كنتم في الحدّ الذي قيله من السبق والتخلف فلم ير أيضاً ولي الله
حبس السابقين منكم على المتخلفين» وبسط لكم هذا الحد وهو حد التربية وهذا
المجلس ابتداؤه وابتداؤكم من ذلك بتأويل ما في كتاب الدعائم من أوله إلى آخره
وأنس رشده واستحق قبض ماله والتصرف فيه كما يتصرف الجائز الأمر في ماله
ولم يقصر به ولي الله عن الواجب له ومن تخلف عنه كانت سبيله سبيل من يولى
الولادة في الظاهر يكون حد البلوغ فيه للمولود لأنه يكون مولوداً يصلح ظاهر بدنه
كما ذكرنا ثم رضيعاً يغذى باللبن ثم صيًاً إذا فطم ثم يبلغ الحلم بعد ذلك والله
8 تأويل دعائم الإسلام ج١
وأول ما ذكر في كتاب دعائم الإسلام من قول رسول الله ولو : «لتصلكن
سبل الأمم قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب
وباعاً بباع حتى لو سلكوا خشرم دبر لسلكتموه» فالخشرم مأوى الزنابير وهو لقب
الشمع وتملؤه بعد ذلك عسلاً والزنابير لا تفعل ذلك والدبر جماعة الزنابير.
وقد سمعتم فيما بسط لكم من الأصول وقرىء عليكم من حد الرضاع في
الباطن أن لكل جنس من الحيوان أمثالاً من الناس يرمز في الباطن بهم لهم ويكنى
عنهم بذكرهم في القرآن وفي الكلام ومن ذلك قول الله: كما ين تآ في الأتن وَل
تعالى جل من مخبر أن جميع الدواب والطير أمثال العباد الآدميين فضرب من
لله تعالى وقد سمعتم أن أمثال حشرات الأرض وخشاشها والهوام أمثال الحشو
والرعاع من الناس وأن النحل أمثال المؤمنين.
ومن ذلك الحديث المأثور: «المؤمنون كالنحل لو علمت الطير ما في
بطونها لأكلتها» كذلك المزمن لو علم الكافر ما فيه من الفضل والعلم والحكمة
لقتله حسداً له؛ والزنابير أمثال حشو أهل الباطن الذين يتشبهون بأهل الإيمان كما
أن الزنبور يشبه النحل ويحكي صنعة بيتها الذي تصنعه بالشمع فينيه الزنبور
بالطين وليس فيه عسل كذلك أمثاله من حشو أهل الباطل لا خير عندهم وإن
الجزء الأول: المجلس الأول من الجزء الأول 9
الدبر والدبر جماعة الزنابير كما قلنا مثلاً لدعوة أشرار الناس وأوباشهم وأخبر
الأمة أنهم سيسلكون في اتباعهم أمثالهم ملك من تقدمهم من الأمم وقد فعلوا
الضب وخشرم الدبر فليس مما دخله الناس ولا يصح القول بذلك في الظاهر
تأويل سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.
وأما ما جاء في كتاب الدعائم من قول الباقر محمد تل : بني الإسلام
على سبع دعام الولاية وهي أفضل وبها وبالولي ينتهى إلى معرفتها والطهارة
والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد؛ فهذه كما قال علي دعائم الإسلام
فالولاية مثلها مثل آدم صلى الله عليه لأنه أول من افترض الله عز وجل ولايته وأمر
الملائكة بالسجود له والسجود الطاعة وهي الولاية ولم يكلفهم غير ذلك فسجدوا
إلا إبليس كما أخبر تعالى فكانت المحنة بآدم عُلِت الولاية وكان آدم مثلها ولا بد
لجميع الخلق من اعتقاد ولايته ومن لم يتوله لم تنفعه ولاية من تولاه من بعده إذا
وأئمة دينه وهو أولهم وأبوهم؛ والطهارة مثلها مثل نوح عي وهو أول مبعوث
ومرسل من قبل الله لتطهير العباد من المعاصي والذنوب التي اقترفوها ووقعوا فيها
من بعد آدم عيبل وهو أول ناطق من بعده وأول أولي العزم من الرسل أصحاب
والصلاة مثلها مثل إبراهيم غلبي وهو الذي بنى البيت الحرام ونصب المقام
فجعل الله البيت قبلا والمقام مصلى وحكى قوله تعالى : إل وَجيْتُ كَجِنَ لَِرَى
سن تأويل دعائم الإسلام ج١
هو افتتاح الصلاة للمصلين» والزكاة مثلها مثل موسى وهو أول من دعا إليها وأرسل
أمه أن تقول لمن رأته من البشر وهو قوله الذي حكاه تعالى عنه لها : ما تين نّ
هو كذلك يصوم دهره ولم يكن يأتي النساء كما لا يجوز للصائم أن يأتيهن في
حال صومه؛ والحج مثله مثل محمد فَيقه وهو أول من أقام مناسك الحج وسنّ
ذلك فقال في العمرة التي اعتمرها قبل فتح مكة بعد أن وادع أهلها وهم مشركون:
وأقام لهم بأم الله معالمه وافترض فرائضه وكان الحج خاتمة الأعمال المفروضة
وكان هو يق خاتم النبيين» فلم يبق بعد الحج من دعائم الإسلام غير الجهاد
وهو مثل سابع الأئمة الذي يكون سابع أسبوعهم الأخير الذي هو صاحب القيامة
وهو كما تقدم القول فيما سمعتموه يعد سابعاً للنطقاء إذ قد يجمع الله الناس كلهم
على أمره فلا يدع أحداً خالف دين الإسلام وحدود الإيمان إلا قتله وهو أحد أئمة
محمد كَل وآخر إمام من ذريته ودعوته ودعوة جميع الأثمة إلى شريعة
محمد قللو ففضله الله بذلك على سائر من تقدمه من المرسلين وجعل له دونهم
فضيلتين ومثلين الحج والجهاد وإذا كان الذي مثله مثل الجهاد من أهل دعوته
وشريعته وأحد أولاده وأئمة دينه فلذلك قام هو أيضاً بالجهاد مع إقامة الحج؛
الجزء الأول: المجلس الثاني من الجزء الأول ١
ذلك وكذلك مثله الذي هو خاتم الأئمة لا يكون في وقته عمل كما أخبر تعالى عن
فإ ذا كان محمد قذي انيسن يله
مثل الحج الذي هو خاتم الأعمال وفرضه مرة واحدة في العمر ولا يفوت المرء
أسابيع الأئمة يكون أول كل أسبوع منهم مثله مثل الولاية لأنه أول من افترض الله
من أمثال النطقاء؛ والسادس منهم يسمى متماً كما سمي محمد قله خاتم النبيين
ويكمل به أمر الأسبوع» ويكون السابع أقواهم ويتم به الأمر ومثله مثل الجهاد
على ما تقدم به القول. فهذه أمثال السبع الدعائم التي هي دعائم الإسلام وأمثالها
الذين هم النطقاء والأئمة كذلك هم دعائم الدين التي استقر عليها فافهموا الأمثال
الطاهرين وسلم تسليماً؛ حسبنا الله ونعم الوكيل.
المجلس الثاني من الجزء الأول:
عل البي معد ل زأهل به الشيع أشعب ال هنهم رسيس وطهره تطهرا -
وأما ما جاء في كتاب الدعائم من ذكر الإيمان والإسلام وأن كل واحد
منهما غير الآخر وأن الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان.
7" تأويل دعائم الإسلام ج١
فقد جاء بيان ظاهر ذلك في كتاب الدعائم» وباطنه أن الإسلام مثله مثل
الظاهر والإيمان مثله مثل الباطن ولا بد من إقامتهما جميعاً والتصديق بهما معاً
التصديق بشيء منهما مع التكذيب بالآخر ولا يكون إقامة الباطن إلا بعد إقامة
الظاهر كما لا يكون المرء مؤمناً حتى يكون مسلماً؛ وكذلك مثّل الإمام محمد بن
علي عَلِل الظاهر والباطن بدائرتين : إحداهما في داخل الأخرى» فمثل الإسلام
بالدائرة الخارجة وهي الظاهرة؛ ومثل الإيمان بالدائرة الداخلة وهي الباطنة؛
وذلك مذكور في كتاب الدعائم بصورته وشكله فأبان بذلك أن مثل الإسلام مثل
ومن ذلك أيضاً قول الأئمة لا إن الإيمان قول وعمل ونية؛ فمثل القول
مثل الظاهر ومثل العمل مثل الباطن لأن القول بالشهادتين هو الذي يرجب
الدخول في الملة؛ ولمن شهد بذلك حكم الملي» والعمل المفترض في حكم
الشريعة الذي مثله مثل الباطن مستور عن الناس إنما هو فيما بين العبد وبين ريه .
ومن قال إن الإيمان قول بلا عمل كما قالت المرجئة فهو بمنزلة قولهم إن الدين
ظاهر لا باطن له.
وقد جاء في كتاب الدعائم بيان فساد قولهم بذلك ومثل النية التي لا يصح
القول والعمل إلا بها كما جاء بيان ذلك أيضاً في كتاب الدعائم مثل الولاية لأن
النية اعتقاد القلب والفرض فيه ومثل القلب في التأويل كما تقدم القول بذلك مثل
باطن ولا يصح اعتقاد ولاية الأثمة إلا بعد اعتقاد رسالة الرسل الذين هم أصل
الشرائع والذين أقاموها والأئمة أتباع لهم فيها وآخذون عنهم ما بأيديهم منها لكل
الجزء الأول: المجلس الثاني من الجزء الأول 7
نبي منهم أئمة شريعته إلى منتهى حده وانقضاء أدوار أثمته على ما قدمنا ذكره وأنه
لا بد من التصديق بجميع الرسل والأئمة والعمل بما أتى به صاحب شريعة أهل
العصر وأمر إمامهم وطاعته والبراءة من كل من فارق الرسل والأئمة أو ادعى مقام
أحد منهم ممن ليس ذلك له.
وأمًا ما ذكر في كتاب الدعائم من ذكر الفروض على الجوارح فقد جاء فيه
بيان ظاهر ذلك وما على كل جارحة من جوارح الإنسان وما يلزمها من العمل
ولذلك تأويل في الباطن كما هو للجوارح من الأمثال.
وأمًّا ما قيل إن الإيمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل» فتأويل ذلك أن
الباطن الذي هو مثل الإيمان عمل كله لأنه لا يخلو شيء منه من أن يكون عملاً
بالجوارح واعتقاداً بالقلب وذلك عمل كما جاء مفسراً في كتاب الدعائم وفيه وجه
ينبغي إظهار شيء منه فإنه متى ظهر صار ظاهراً .
الظاهر فقوله والقول بعض ذلك العمل يعني أن الظاهر قبل أن يظهر قد كان من
فقد كان علم ذلك مأثوراً عنده عز وجل وأطلع عليه من شاء من رسله وإن لم
ييعثهم به فكان قبل أن يأذن للرسول الذي تعبده بإبلاغه وتعبد أمته بالقيام به
بأسماء من يأتي من بعدهم وبما يأتون به وكان ذلك من سر علمهم وباطنه الذي
أودعوه المخلصين من أتباعهم الذين أقاموهم حججاً على أممهم وكل ما أظهر