إلى المرشد المربي الفاضل
إلى العالم الرباني الكامل
ويحار فيه أصحاب العقول والأفهام.
يوم أن غاب أبي
إلى التي بذلت الجهد والوقت والمال
أحمد سعيد حوى
كلمة بين يدي الطبعة الأولى
إن الحمد لله تحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفستا
ورسوله؛ بِلْْ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد؛
فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان
فإنني أقدم هذه الرسالة لطلاب العلم والباحثين بعد سنوات مضت
على مناقشتها وإجازتهاء وقد أشار علي بعض الزملاء بنشرهاء ووافق ذلك
خطاب وردني من الإخوة في دار الأندلس جزاهم الله خيراًء فرأيت أن لا
عذر لي في تأخير نشرها.
وإنني إذ أقدم هذه الرسالة أرجو ألا يُظن أنني أتعصب لهذا المذهب
أو ذاك» فإن الغرض من هذا البحث هو تعريف الباحثين على أصول التعامل
مع هذا المذهب ومصادره والتعرف على أعلامه؛ هذا في جانب منه؛ وأما
في الجانب الأصولي منه فإن الغرض هو تقريب هذه المسائل الأصولية مع
مناقشة هذه المسائل أو مقارنتها بغير هذا المذهب فذاك؛ مشروع آخر قد
يطول به الزمن» أسأل الله تعالى أن بيسره.
وأسأل الله تعالى المغفرة والقبول.
أحمد سعيد حوى
عمان ١١ محرم 167١ ها
٠ نيسان 7000م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله
وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعدء لما بدأت أفكر في موضوع يكون محل البحث والدراسة
لاستكمال متطلبات درجة الماجستير كنت أستشير الأساتذة الأفاضل»؛
والزملاء من طلبة العلم النجباء؛ وأعرض عليهم ما يجول بخاطري؛ ولم
يستقر رأيي على شيء؛ حتى عرض علي الأستاذ المشرف فكرة «المدخل»
إلى مذهب من المذاهب الفقهية فلاقى الموضوع هوى في نفسي؛ وأحببته؛
وقررت أن أكتب في «المدخل إلى مذهب الإمام أبي حنيفة التعمان
الأساتذة الأفاضل؛ ولكن بعض الإخوة والأساتذة نبهوني إلى جسامة العمل
أهمية الموضوع:
طالب علم؛ وكل باحث في مذهب الحنفية» وأرى أن أهمية هذا الموضرع
تبرز في النقاط الآتية:
١ - إعطاء طلاب العلم والباحثين فكرة عن المذهب الحنفي من حيث
- إعطاء صورة وافية عن قواعد وأصول هذا المذهب بأسلوب معاصر
موثق .
* - التعريف بأهم أعلام المذهب الحنفي عبر العصور والتعريف بأهم
مصنفات هؤلاء.
؛ - الوقوف على قواعد الترجيح بين الأقوال والروايات الكثيرة في كتب
المذهب الحنفي.
9 - الرد على بعض الاتهامات والشبهات التي أثيرت حول المذهب الحنفي
من بعض خصومةه.
+ - الموضوع بهذا الشمول يسد ثغرة في المكتبة الإسلامية تحتاج
إلى ملء؛ وذلك لعدم وجود كتاب جامع لهذه القضايا التي
الجهود السابقة في الموضوع:
كتايات تعالج بعض جوانب الموضوع؛ فقد وجد الكثير من الكتب التي
تغطي سوى جانباً صغيراً من بحثناء أما الجانب الأصولي من هذا البحث
فلا توجد فيه كتابات معاصرة - فيما أعلم - ذلك أن معظم الذين كتبوا في
أصول الفقه من المعاصرين ساروا على طريقة الشافعية» أو جمعوا بين
الطريقتين فلم يووا طريقة الحنفية حقها من العرض والتفصيل» أو عرضوا
بعض الجوانب دون بعض.
وأما كتب أصول الفقه القديمة فلا يخفى ما في كثير منها من الإطالة
ففيه من التعقيد ما يعسر فهمه على كثير من طلاب العلم المتقدمين فضلاً
عن المبتدئين» فاحتاج الأمر إلى عرض جديد.
وسأعرض هنا لكتابين سابقين يغطيان بعض جوائب الموضوع:
أبو زهرة» يمتاز الشيخ محمد أبو زهرة بكتاباته المسهبة والمستوعبة؛ وقد
عرض أببي حنيفة وأطال فيها وفضّل؛ وتكلم عن أصول أبي حنيفة؛
إلا أنه لم يتناول كل ما دخل في علم أصول الفقه فيما بعدء وإنما تكلم
عن الأدلة الإجمالية التي يحتج بها أبو حنيفة وهي القرآن والسنة والإجماع
والقياس والعرف والاستحسان وقول الصحابي؛ وفضّل ذلك إلا أن هذه
المواضيع لا تغطي سوى جزء من أبحاث أصول الفقهء زيادة على ذلك فإن
أبا زهرة يكتفي من التوثيق بأقله؛ والكتابات الجامعية تحتاج إلى مزيد من
التوثيق والتدقيق .
ثم تكلم الشيخ أبو زهرة في آخر كتابه عن قواعد الترجيح وما يتعلق
بذلك؛ وهذه المَرْجِعُ فيها العلامة ابن عابدين جمع عمن تقدمه؛ وعنه أخذ
من بعده ومنهم أبو زهرة وقد عرّف الشيخ أبو زهرة بأصحاب الإمام الأوائل
وعرف بأهم مصتفاتهم؛ وأما أعلام الحتفية عير العصور ومصنفاتهم فلا
يوجد شيء من ذلك في كتابه.
7 - كتاب «المذهب عند الحنفية؛ للدكتور محمد إبراهيم أحمد علي؛
وهو بحث مطبوع في جامعة أم القرى في نحو من خمسين صفحة؛ عرف
بالمذهب الحنفي وأئمته؛. وتحدث عن تطور المذهب من الناحية التاريخية
عبر ثلاثة مراحل: مرحلة النشوء والتكوين ومرحلة التوسع والنمو ومرحلة
المذهب عبر هذه العصورء ثم انتهى إلى الكلام عن قواعد الترجيح» وهذه
نقلها عن ابن عابدين» فهو المرجع فيها كما قلناء ولم يتطرق البحث إلى
أصول الحنفية إلا ما كان من الإشارة إلى أصول أبي حنيفة أي مصادر الأدلة
وبعدء فالكتابان لا يغطيان إلا بعض الجوانب من بحثناء وكذلك
هيكل البحث:
التمهيد: وتكلمت فيه عن نشأة علم الفقه وتطوره حتى نهاية القرن
الهجري الأول؛ أي إلى ما قبل ظهور المذهب الحنفي.
الباب الأول: أبو حنيفة والمذهب الحنفي.
الفصل الأول: أبو حنيفة مؤسس المذهب الحنفي:
الفصل الثاني: نمو المذهب الحنفي وانتشاره:
وتكلمت فيه عن دور أصحاب الإمام وأصحابهم من بعدهم في نشر
انتشار هذا المذهب في البقاع الإسلامية.
الباب الثاني: أصول فقه المذهب الحنفي:
وفيه تمهيد وأربعة فصول:
التمهيد في تدوين أصول الفقه عند الحنفية: وبينت فيه أن تأخر تدوين
أصول الفقه عند الحنفية لا يعني عدم وجود منهج أصولي محدد يسيرون
عليه؛ ونقلت عدداً من النقول عن الإمام تبين أن له منهجاً في الاستدلال
وترتيب الأدلة.
الفصل الأول: في الأحكام الشرعية وما يتعلق بهاء
وتكلمت فيه عن تقسيم الحنفية للحكم الشرعي ثم تكلمت عما يلحق
بهذا الموضوع من الكلام عن المكلف وما إلى ذلك.
الفصل الثاني: في الأدلة الشرعية:
وتكلمت فيه عن الأدلة الشرعية الرئيسة الأربعة المتفق عليهاء
ثم تكلمت عن الأدلة التبعية من الاستحسان والعرف وقول الصحابي وشرع
من قبلنا والاستصلاح والاستصحاب وبيّنت مدى احتجاج الحنفية بهذه
الأدلة
الفصل الثالث: في منهج الحنفية في الاستنباط من النصوص الشرعية:
وقد بينت فيه أن الحنفية لهم منهج دقيق في فهم معاني النصورص
إلى أبعد مجال» ويرتبوا تلك النصوص عند تعارضها.
الفصل الرابع: في التعارض والترجيح والسخ:
وبينت فيه منهج الحنفية لدفع التعارض الذي يظهر لنا بين
وبينت أن من طرائق دفع التعارض الجمع بين النصوص المتعارضة
أو الترجيح بينها ببعض المرجحات» ومن صور دفع التعارض الحكم
الباب الثالث: مصادر الحنفية ومصطلحاتهم:
الفصل الأول: مصادر الحنفية في مختلف الفنون الفقهية وأعلامهم.
وقد اقتصرت فيه على الأعلام الذين لهم تصنيف في مذهب
على حسب مواضيعها من أصول أو فقه أو فتاوى أو غير ذلك؛ ثم رتبتها في
كل موضوع على حسب سنة وفاة مؤلفيهاء وبهذه الطريقة يعرف كيف تطور
التأليف عند الحنفية» ويعرف ما ابتنى من الكتب على غيره.
الفصل الثاني : مصطلحات الحنفية وقواعد الترجيح في المذهب الحنفي:
التقسيم؛ ثم تكلمت عن تقسيم المسائل إلى طبقات أو مراتب يقدم أعلاها عند
التعارض» ثم تكلمت عن تسميات وألقاب شائعة لعدد من مشاهير الحنفية.
ثم تكلمت عن قواعد الترجيح بين الأقوال المنقولة عن الإمام أبي حنيفة
وأصحابه؛ وكيفية الوصول إلى القول الراجح المُفتى به في المذهب.
منهج البحث:
تنوع منهج البحث في هذه الرسالة تبعاً لتنوع فصولها وأبوابها:
ففي الباب الأول عند عرض سيرة الإمام وأصحابه؛ انتقيت عدداً من
الروايات المذكورة في عدد من الكتب التي ترجمت للإمام وأصحابه»
وأعرضت عن ذكر الروايات الغريبة والقصص العجيبة؛ وقد حرصت على
الاختصار في هذا الباب لأنه أقرب إلى باب تمهيدي للرسالة.
وفي الباب الثاني الذي تكلمت فيه عن أصول الحنفية؛ فقد حرصت
على الرجوع إلى أمهات كتب. الأصول عند الحنفية القديمة منها والمتأخرة