الطيعة الاولى
مجلة «سوراقيا» بين ١١ من آذار (مارس) 1448 و/ا1 من تموز (يوليئى 144١8 وقد زيدت في
هذا الكتاب وُنقحت وحذف منها. وهي في أي حال من الاحوال ملك كاتبها ولا تلزم الآراء
الواردة فيها والمواقف دار «أرادوس للنشر».
© حقوق الطبع والاقتباس والترجة الى لغات أجنبية محفوظة لدار «ارادوس للنشر » لندن .
ولا يجوز لأي مطبوعة أو وسيلة اعلامية أخرى مقروءة أو مسموعة أو مرئية. نقل هذا الكتاب
لقد أمضيت ثلاثة عقود طويلة من عمري متدداً في كتابة
«السلطان الأحمر» فيا شعرت بهاء وما كان قرار التفرغ له لولاا الزميل
أطول للاستاع الى تلاوتي وترتيب أفكاري وتنسيق جلي وإعادة
فليس أمراً سهلل أن أتذكر أحداثاً جرت قبل ثلاثين عاماً وأكثر,
ولا بد لي هنا من أن أتوجه بالشكر الى الذين تعاونوا معي في تحقيق
ويتأخر ويتأرجح أيضا.
أخص من هؤلاء عبدالله باكير وأدونيس قباني وبهيج عنداري ونديم
الحافظ .
حسبي انني في تذكراتي جانبت الحقيقة وحاذرت الخطأ في الوقائع
يأتي من يلفت الى السهووالى الخطأ فأتدارك وأصحح في طبعة مقبلة .
غسان زكريا
اذا السلطان هذه الايام؟
هذه الايام؛ ٠, تتطلب تفرغا وأيجاثاً. اضافة الى كونها عملا يبحث عن حجم وتأثير
يأ - ربا - على قائمة اواسط التسعينات» لاسباب تكونت عئدي قناعة بها عندما
رتبت ما أتمنى انجازه عندما أقرر أن اعتزل وأتخل وأتفرع للعمل التأريجي - وهو
اختصامي - والعمل الصحافي - وهو مهنتي - في شكل كتب او كتيبات حدودة
التوزيعم» بعيدة عن الملاحقة اليومية والتعليق الاسبوعي المباشر على الاحداث
كان 1 ان افرع من وضع «كرونولرجي؛ صحيح للشرق القديم؛ بعيداً عن
تشويهات التاريخ الأوروبي - الاميركاني . وكان علج ان افرغ من تبويب أبحاثي عن
بعد التمهيد التاريخي لفهمها كظاهرة او مرحلة ف تاريخ كيانات المشرق؛ ذلك ان
تجهيل وتعتيم وترهيب وتفريغ مقصودة با سبقها من قرون استعباد عثماني (تركي)
رجالات التاري يخ المشرقي افضالهم» وحتى بيجلس عبدالحميد السراج مثلا في مقعد
صالح العلي و ابراهيم هنثانو أو سعد الله الجابري أو هاشم الاتامي؛ فيعتير ذلك
افتتااح مصنع للحليب المجفف (مثلا) بقرض أجنبي وخيرةٌ و سوفياتية وتنفيذ أشتراكي
ودوث مساهمة شامية تذكر من الناحية التكنولوجية؛ يعتى عملا خالداء بطولياء
لأنهم لا يعرفون ان صالح العلي مثلا قاتل فرنسة وهز وجودها في الساحل؛
سورية كانت قبل ستين سبعين عاما عملا خارقا لم يتأت للكبار الكبان وكانت
نتائج تلك الثورات والحروب والمعارك على جغرافية الشام واقتصاد الشام وانسان
الغلاب . ا
كان أملي ان يفرج عن التاريخ خ السوري الرسمي (والوثائق) كما تفعل الدول
الخمسينات» بل كان القصد من تأخير الكتابة عنه والنشر طوال ثلاثين عاما ان تتاح
لي وثائق اكثر. باعتبار ان مصادر تأريخ موطني وأمتي لا تزال في. ارشيفات دول
الفترة بين ١567 ل 143١ وهي كافية جداء فم حاجتي للوثائق للاقتناع ار
الاكتشاف. فلقد كنت في عصر عبد الحميد السراج شاهد عيان» وما توصلت اليه
من معرفة تؤكده الحقائق كل يوم بل كل ساعة ودقيقة.
ويساري لا تبشر بتخير قليل او كثير والقيود على الوثائق وعلى الفكر التى طالما شكا
النذر اليسير. .
لكن اهم الاسياب في نظري لقراري السابق في تأجيل الكتابة والنشر» ان يفعل
عامل الزمان فعله وف القارىء معاء فتبرد حدة الاحداث العاصفة وتتحول الى
مثلي ان يدعي الحياد في الكتابة عن «الحقبة السراجية»» وانا كمواطن سوري ؛
عابس ش أحدائها كاملةي فأثرت قِ حياتي وعمري وحاضري ومستقبلي الشخصي
والمهني والقومي . . . يستحيل ان يكون محايدا في الحديث عن «حقبة» اعطته أتعس
«سعت وتسعى لتغيير مجرى التاريخ عبر مسيرة ستين عاما من الكلام والصير
الطويل؟ كيف وقد اعطيت احلى سنوات عمري في سبيل انتصارهاء أكون محايدا
ازاء ضربها وقمعها ووقف صعودها . !
غمرت قلبا مثل فرحتي بقيام نظام «الإنفصال» عن مصر مع التسليم باستحالة
هل أستطيع أن أنسى «الحزة» الوطنية القومية التي غمرت القلب والروح والعقل
باعلان يوم 7 ايلول (سبتمبر) وتصفية ة المصالح المصرية والثقافة المصرية بين عالمي
عبقري مصري من سلالة حتشبسوت ربيا. !
بل كيف اكون محايدا ازاء خروجى من دائرة النفوذ المصري الصرف الى الحيمنة
وكيف أكون محايدا وقد كان ثمن «الاستقلال» تقطيع أوصال الهلال الخصيب '
وفصل لبئان وفلسطين والعراق والكويت وفبرص عن الشام؟ كيف أكؤن محايدا وأنا
الذي لو خيرت في بداية حياتي بين بقاء الاحتلال التركي الف عام وقبول فصل هذه
الكيانات ؛ لما اخمترت ابذا فصل واحدة منبا» وقد كان شعار دمشق يوم م اذار
(مارس) 170 ايام يوسف العظمة «وحدة من طوروس الى العقبة ومن زاغروس
الى البحر» قالها في «المؤتمر السوري الكبي». !
هزمئا فرنسبة في لبنان والشام وطردناها بعد صراع ربع قرن» لكننا تركنا موثي
دايان يقول عن حرب الجولان «من بين السبعين الف عسكري سوري الذين
أهذا جرح يندمل ويشفى؟ لاء . . بل سيرافقني الى القبى ولول انه غسل بالدم
وببزقية غولدا ماثير في حرب تشرين (اكتوب» «ايقظ هثري كيسنجر الآنء لأننا
كامل مجروح للعرض والطول يوم البعث والنشور. !
أيمكن ان أكون محايدا وأنا أكتب عن المجازر التي مارسها عبدالحميد السراج
واعوانه في فئة مؤمنة كل غايتها كانت ولا زالت - ان تكون المجتمع الاكمل
والاجمل والامثل» الذي فيه كل خير وحق وجال . الى يوم تستطيع فيه ان تكمل بناء
جيل النصر الآتي! .
العدو العبراني ٍِ ترتكبها , !؟
ما بين فرحة ة والوحدة» النى صنعتها «جونتا» العسكر العشرة (فِ اوساط
الخمسينات) وبين الحسرة والنقيب اكرم الصفدي يعد عناصره بأنه اتفق مع
«السلطان» على تخصيص كذا مليون ليرة من ثروة الشوا م لدعم «نورة» صائب سلام
وعبدالله يافي و«المقاومة الشعبية» عام 18 في لبنان. !
وما بين الفرحة ب «الوحدة» المصنعة وحلاوة الانفصال وانتكاسة استعادة لبئان
وتمزق الوطن الى قبائل وعشائر وانحسار الحقبة السورية عن الفعل العربي العام
وانحسار دور السوريين . .
ما بين تنشيط الاقتصاد السوري وإطلافه تابضا قوياء وتدمير هذا الاقتصاد
والقضاء على فرصة سورية لبناء الوحدة الهمللخصية الاقتصادية (المشرقية يه حوا
: وبقيادتها؛ حتى لم ببق في المهاجر والمغتربات الا المغترب السوري والمغترب اللبناني
والمغترب الفلسطيني» وف دمشق اقيمت اول شركة طيران عربية ة بأموال القطاع
الخاص , وأول بنك عربي» واول مصنع نسيج » واول صحيفة سياسية؛ واول مؤثر
لوحدة سورية عربية» بل ان دمشق كانت عاصمة «القومية» العربية الاولى وبعغداد
الثانية؛ وان ذلك كله حصل بين ال 1478 وال 1848 ودمر في حقبة عبدالحميد
السراج الذي حول الحكم الى «مزرعة» سلمها الى عبدالوهاب الخطيب وبرهان
ادهم وشوقي دقاق ومروان سباعي وبهجت مسوقي وبقية اخوان الصفا. !
كيف أكون محايدا وقد حول عبد الحميد السراج سورية في زمانه الى سجن كبير
اختفت فيه كل مظاهر وشكليات الديمقراطيةوضرب فيه وعذب وزراء ونوابا واطباء
ومحامين وصحافيين ورجال اعمال ومهندسين ونساء ورجال دين» وهو ما لم يجرؤ
الاستعيار الفرنسي على مدى ربع قرن على فعله وهو يحتل الشام ولبنان بياثة "الف
كيف أكون محايدا والقانون في اجازة؟
ما بين ذكريات ويا ظلام السجن خيم» لنجيب الريس ومحاولات فرنسة استعادة
معاهدها قبل ان نجيرهم لمعاهد الولايات المتحدة الاميركية او الاتحاد السوفياتي.
وبين تراجع اعلام سورية الى المرتبة الخامسة في دول العالم العربي حتى التي
تعلمت القراءة من أبجديتها وعبر اساتذتها ومعلميهاء وبين تواري أحمد عسة.
اعلاميا حتى ان الصحافي الراحل عباس الحامض اطلق على «الرأي العام»
صحيفته صفة «مدرسة الخيانة».
بين هذا وذلك مستحيل ان يدعي الواحد فينا حيادا في الكتابة عن ال «شرطي»
ثلاثة عقود طويلة» فرأيت صورة السراج وسط شلة المعارضين السوريين المرهقين
المتعبين في بغداد. وسمعت ان الحوار الخاطىء حول من هو الاسواً: العقيد عبد
الحميد السراج او الفريق أمين الحافظ, قد رجح كفة الاول» ونسي المتحاورون ان
رجالات سورية ورجال السياسة فيها والفكر والعقيدة والماضي والتأريخ» وان
مفهوما واسلوباء وان عبد الكريم نحلاوي وحيدر كزبري ومهيب هندي وفايز .
في دارة روشن بدرخان كان مساعدا رئيسا له» مع الفارق بين نفاق الوارث والدنيا
مقبلة. واستجدائه وقد جدبت الموارد وأفلست الخزائن !|
حاولت أن أجد بعض كتاب عن عبدالحميد السراج ؛ وهالني ان شخصه
كلمتين ربا. !
يستوجبها وللحيرة ما يبررهاء فالاخ. . عبدالحميد كان يجاول مُلكاً في بغداد قبل ان
تقوم الدنيا ولم تقعد لأجل الكويت وجابر وسعد وصباح . وقررت ان أنشر ما كتبت
وان احدث ناس هذا الزمان والناس التي لم تلد بعد عن رجل - ولا كالرجال -
استقوى على امرأة كل ذنبها انها كانت زوجة لشهيد. ! عن رجل - ولا كالرجال
قوض ثقافة وقوض حضارة وقوض حركة كادت تغير محرى التاريخ . !
عندما ستحصى تركات التاريخ » سيبقى يوم الجمعة 77 من يسان ا(
٠١ يوماً فاصلا في تاريخ سورية والشرق الأدنى .
ففي ذلك اليوم» حدثت نقلة بالغة الخطورة في حياة السوريين» إذ وجدوا
أنفسهم أسارى حكم استخباراق جائر ييارس عليهم طقوسه؛ وعلى رأسه رجل
يلوون ازاءه الرقاب . فاستحكم وحكم ونحكم على مدى منترات ست طويلة
دمشق . بعد ظهر يوم الجمعة 77 من نيسان (ابريل) ١14596 .
الملعب البلدي ؛ يختشق بالناس الذين توزعوا على مدرجاته؛ لحضور مباراة في
كرة القدم بين منتخبي الجيشين السوري والمصري .
لاستقبال ضيوف الشرف من علية المسؤولين في الدولة والسلك الديبلومامى .
رئيس الشعبة الثالثة في القوات المسلحة السورية؛ ومن أرباب العزم في الدولة.
ما ان وقفت سيارته عند المدخل حتى هلل المذيع من مكبرات الصوت مرحبا به
فتاججت مدرجات الملعب واشتعلت الحناجر بالصراخ.
كان طويل القامة, ممتلىء الجسم؛ عريض الاكتاف شديد الشبه بمظهر
الضباط البروسيين, أول م يأخذ جنيك فيه هذه الثقة قِ ثبرات الصوت
تقدحان شررا.