الدهشة بالتقدم العلمي والتكنولوجي ؛ الذي يصفونه- في كثير من الاحيان-
اب(للامحدود أو اللامتناهي) ؛ وبذا يتقئع الاسطوري أثواب العلمانية عندما
العلم نموذجا أمثل قابلآللتطبيق على الواقع ؛ وكفيلاً بتحقيق التقدم اللامتناهي »
لافاعلا في التاريخ (4).
كاسيرر - النهوض بفن أسطوري جديد “بل أصبح من الميسور صنع الاساطير
على نفس الوجه الذي يتبع صنع أي سلاج (5) ٠
استثمار السياسة للاساطير لتكوين الايديولوجيات التي تخدمها ؛ فائه بالامكان أن
نتوسع في المفهوم . فالاسطورة مادة لاتفنى ولاتخلق من العام فقد يتغير شكلها +
أذكر أني قرأت قصة كتبها الكاتب الانجليزي 5لل11.6.178 11 قبل هذا القرن +
مئات الاعوام ؛ ثم استيقظ فاذا بلندن غير تلك التي عرفها من قبلءلقد تغير كل
شيء فيها ؛ ليست هناك سيارات وانما توجد طرق متحركة ؛ وليست هناك إشارات
ضوئية أو علامات للمرور ؛ وإنما هناك أنفاق وجسور ؛ ولم يعد الانسان يحار
بطبخه ؛ فهناك حبوب 11119 تعوض عن وجبات الغذاء ؛ أو مطاعم كبيرة تلبي
طلبات البيوت ؛ وليس هناك عمل يدوي ؛ وإنما تقوم الال بكل ما يحتاجه الانسان
٠ وليس هناك حاجة الى المال ؛ فالواقع الجديد خلق إنسانا ياخذ ما يريد بقدر
حاجته ؛ أو انه لا يحتاج الى المال إطلاقا . المهم هناك شيء جديد واحد ؛ هو
وقّت الفراغ الكبير جدا ؛ فماذًا سيفعل الانسان لمعالجة ذلك؟ لقد تخيل الكاتب أن
الانسان سيلجأً الى الاهتمام الشديد بالفنون الجميلة ؛ وسيظهر التنافس بين بني
البشر لاظهار الفروق الفردية والتفوق في قدراته الابداعية . لم يكن الكاتب
مثيراً للسخرية في استخلاص هذه ٠ الدراسات الخاصة بالطبيعة
تكد على أن (التنازع) [ بالمفهوم الفلسفي الواسع لهذه الكلمة ] صفة أساسية
.كما أوضح ذلك البروفسور كارفر (6)
نعود الى موضوع الاسطورة وحياتنا المعاصرة أو حياة البشرية المقبلة ؛أقول إن
الاساطير المتنوعة لا تنتهي إلا بفناء العالم ؛ وعند ذلك يتحول الفناء الى اسطورة
كونها ؛ كلية تمثل نوازع جماعية لا فردية ءانها لا معقولة اذا عرضنا محتواها
ينبغي أن يكون عليه الانسان بعد هذا التقدم العلمي
والتكنولوجي الرائع ؛ والذي حول العالم الى قرية صغيرة ومن أهم هذه الاساطير
المروعة ؛ سوء توزيع الثروة في العالم ؛ الذي صار يؤدي الى موت ثلاثة عشر
مليونًُنصف المليون من الاطفال سنوياً نتيجة وحدانية السوق المفروضة على
الناس بحكم الهيمئة الامريكية (7) أالنظام الدولي الجديد لاحقاً ٠ وإن التبرير
اللاهوتي المزعوم للعدوانات المتكررة بالاعتماد على قراءة أصولية للنصوص
الموحى بها ؛ يحول الاسطورة الى تأريخ ؛ فالرمز العظيم المتجلي في خضوع
إبراهيم اللاشرطي لازادة الله ؛ ومباركة كل شعوب الارض . كل هذا يتحول الى
نقيضه القبلي ؛ أي : أن الارض المغزوة تصبح ارضاً موعودة !(8) -
وهناك عشرات الاساطير التي تعكس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ؛ إنهيار
الانسان بالرغم من الجلسات الصوفية للامم المتحدة ؛ وادعاء وسائل الاعلام
أسطورة التقدم والعدالة والمساواة -
ففي الوقت الذي يموت الملايين من جراء الجهل والمرض والفقر ؛ يقيم-
الاعلام المرئية والمسموعة . في نفس الوقت يتوفد المتخمون بالمل لحد القيء +
من مختلف بقاع العالم ؛ للمشاركة بجدية اسطورية في المزاد العلني المقام-عبر
نفس الوسائل- فيها ما قيل - أو لشراء سيارة محطمة
وفي مختلف المجالات والاصعدة ؛ لاسباب متنوعة ؛ وتحت ذرائع مختلفة .
فالنجومية في الرقص أو الغناء ؛ أو الالعاب مثل الملاكمة ؛ أو المصارعة ١
لحد الموت ؛ تحول البعض الى انصاف آلهة ؛ تتسابق الشركات في إستثمار
نجوميتهم ؛ لتصريف بضائعها وباسعار عالية جداً . فهذا الحذاء تلبسه الراقصة
الفلانية ؛ وهذا القميص يلبسه الملاكم الفلاني ؛ وهذه التقليعة في حلاقة الشعر
خاصة بالنجم المشهور فلان ٠
أما الاساطير التي لجأت التقنية العصريةالى إستغلالها لتكوين الايديولوجيات
التي تخدمها ؛ فقد قادت البشريةالى محرقة حربين عالميتين في أقل من نصف
قرن ؛ وهي معادلة قابلة للتكرار ؛ فهي ما زالت توقد الحروب الاقليمية؛العوقية
جحيم تحول فيه المل البإله يرسم خرائط الدنيا ؛ ويسلب الانسان حقه حتى في
الحلم الفاعل .
ولابد من أن يأتي اليوم الذي تكتب هذه الاساطير ؛ وربما شعاً ؛ لتطابق من
على وجه البسيطة ؛ فلابد له أن يبحث في الماضي ؛ وينشغل بوجوده وعلاقاته مع
ما يحيط به ؛ ويستشرف المستقبل . فالزمن بعد رابع ؛ وهو خط مستقيم يمتد من
الماضي مروراً بالحاضر الى المستقبل كما اكتشفه (9)-
ومعذرة إذا قلت : إنني أرى بئات الاساطير المراهقات يقفن على قارعة الطريق
المستقبل .
الهوامش و المراجع
0 موسوعة اساطير العرب عن الجاهلية ودلالاتها ؛ د. محمد عجيئة -
دار الفارابي بيروت 1994ص38
6 الاسطورة ك.ك.راثفين- ترجمة صادق الخليلي ؛ بيروت 1981ص89
)6 الاسطورة والمعنى ؛ فراس السواح ؛ دمشق 1977[ص29
01 موسوعة أساطير العرب ؛ د. محمد عجينه ص38
]5 الدولة والاسطورة ؛ ارنست كاسيرر ؛ مطابع الهيئة المصرية 1975
0 مهزلة العقل البشري ؛ د. علي الوردي ؛ دار كوفان ؛ لندن نط2
© الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرئيلية ؛ روجيه غارودي ؛ ترجمة
حافظ الجمالي طتبيروت1996[ص11
8 نفس المصدر ص17
01 خوارق اللاشعور + د. علي الوردي ؛ دار الوراق ؛ لندن ؛ ط2 ؛
الاساطير من ث ات النضال الدؤوب للانسان في جدله مع نفسه ؛ ومع الوجود
٠ ولم تنضج هذه الثمرات من فراغ ؛ ولا من وهم أو رغبة مجردة أو هوس ٠ وإنما
تفال حقيقي بين مجموعتين من المؤثرات في سياق زمكاني معين +
1- مؤثات الطبيعة بشتى صنوفها ؛ والتي أيقظت في الانسان القلق والخوف ؛ ثم
البحث المستمر عن وسائل لاسترضائها أو ١ عليها ؛ أو الانسجام معها .
2-عامل بايولوجية وسيكولوجية في النفس البشرية ذاتها ؛ فطرية أو مكتسبة .
إن التعرف على جوائب من الطبيعة البشرية ؛ والتي لها صلة بموضوع
الاسطورة ؛أمر ضروري في مساعدتنا على التقرب من فهم الاسطورة التي قل عنها
يونغ - وهو أحد تلامذة فرويد - إن كل المحاولات التي بذلت لتفسير الاسطورة لم
تساهم في فهمها ؛ بل على العكس ؛ لقد زادت في الابتعاد عن جوهرها وزادت
.فالبدائي يرى الموت حادثاً طارئاً لا مفر منه ؛ وهو ناجم عن تدخل قوة شريرة +
وحول هذا الموضوع قامت طقوس ؛ اهدافها تنمية القوى الحيوية وكبح النفوس
والانسان وحده هو الكائن الذي لا يقنع بما هو موجود ؛ أو بما هو وقعي
محض ٠ أو عقلاني محض ؛ فينشيء الرموز والانظمة الرمزية ؛ إعراباً عن توقه
باستمرار(4) وهذا ناشيء من إستحالة إشباع الحاجات البشرية كلها ومن حب