على آثارهم صراطهم المستقيم . ثم سلك تابعوا التابعين هذا المسلك الرشيد ؛ وهدوا
إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد . ثم جاءت الأكمة من القرن الرابع
سار على آثارهم الرعيل الأول من أتباعهم » ودرج على منهاجهم الوفُقون من
ولقد أخذ هذا الرعيل العلم من أساطينه الذين حفظوا على الأمة معاقد الدين
ومعاقله » وحموا من التغيير والتكدير موارده ومناهله ؛ وترسموا في ذلك قول ابن
سيرين وغيره من الأئمة : ” إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخنون ديكم “ ىك
فلان : قال رسول الله 4 عند هذه الأساطين » وأشار إلى مسجد رسول الله #5 فما
أحذت عنهم شيداً - وإن أحدهم لو أؤتمن على بيت امال لكان أميناً - لأنم لم
+ )5/1( من خطبة الإمام ابن القيم لكتابه : إعلام الموقعين عن رب العلمين )١(
(؟) رواه عن ابن سيرين : مسلم في مقدمة صحيحه )١4/1( ؛ وابن أبي شسيية في مصنفه (7/7 3
والدارمي في سثنه (ه 047 476047) +
وقد روي نحو هذا القول عن غير واحد من الأئمة » وانظر هذه الأقوال في : المحدث الفاصل للحسن
الرامهرمزي (ص4 11) » والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب )١37/1( والكفاية للخطيب
أيضاً (ص4 4 )١ » والتمهيد لابن عبد العر )44/١( +
(©) رواه الخطيب في الجامع لآداب الراوي (1//؟١) » والدارمي في سننه (477-475) +
وقد روي نحو هذا القول عن غير واحد من الأئمة ؛ وانظر هذه الأقوال في : المحدث الفاصل للحسن
الرامهرمزي (ص4 11) » والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للحظيب )١737/1( والكفاية للحطيب
أيضاً (ص 44 )١ » والتمهيد لابن عبد البر (44/1) +
وكان من أبرز الأكمة الذين تفقهت الأمة على يديهم في القرن الثالث الهجري :
الإمامان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ؛ ولقد كان كثير من الأئمة في ذلك
حيث قيل له : ” أفبُلت على قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ؟ فقال : لا
أعلم في دهرٍ ولا عصر مثل هذين الرجلين “ » وقيل لأبي زرعة الرازي: ” اختيار
أحمد وإسحاق أحب إليك أم قول الشافعي ؟ قال : بل اختيار أحمد وإسحاق “ 0
ولهذا يجمع الترمذي قول أحمد وإسحاق ؛ فإنه روى قوهما من مسائل الكوسج ٠
وكانوا يتفقهون على مذهب أحمد وإسحاق ؛ يقدمون قولهما على أقوال غيرما»
وأئمة الحديث كالبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم هم أيضاً من أتباعهما
وبمن يأخذ العلم والفقه عنهما.. .“©
وقد حظي كتاب : مسائل حرب الكرمانٍ عن أحمد وإسحاق بإجلال العلماء
وتقديرهم » فابن القيم رحمه الله يقول : «... حرب الكرماني صاحب أحمد وإسحاق
رحمهم الله تعالى » وله مسائل جليلة عنهما »© » والذهبي يقول في سيره : «مسائل
حرب من أنفس كتب الخنابلة »90 ,
ولقد كان من حسن تدبير الله لي وجزيل إنعامه علي أن وفقي للوقوف على
)١( رواه ابن عبد البر في التمهيد (17/1) » ونقله ابن الجوزي في صفة الصفوة )١77/7( ؛ والذهبي في اللسير
(9) سير أعلام النبلاء 31/6/11 +
(©)سير أعلام النبلاء )306/1١(
(©) بجموع الفتاوى (177/78) -
(7) سير أعلام النبلاء ( 17 / 145 ) +
المقدمة
قطعة فريدة من هذا الكتاب الخليل النفيس - بعد أن كان الكتاب كله يُعدُّ في تراث
الأمة المفقود - فكان فيما لاقته عند كل من اطلع عليها من المشايخ وطلاب العلم من
الفرح والحفاوة ما شجعي على التقدم بطلب تحقيقها موضوعاً لنيل درجة الدكتوراة
في فرع الفقه والأصول بقسم الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة أم القرى في
مكة المكرمة .
سبب اختيار الموضوع
لا ريب أن قيمة هذا الكتاب العلمية كانت الدافع الأكبر لاختيار تحقيقه
موضوعاً لدرجة الدكتوراة » وأحسب أن فيما قدمته ما يميط اللثام عن بعض جوانب
الدراسة ؛ شرحت في أحدهما منهج حرب الكرماني في كتابه » وبينت في الآخر قيمة
كتاب مسائل حرب العلمية ؛ فكان مما جاء فيهما :
عدداً كبا من المسائل عن الإمام أحمد ؛ ولذا لا يكاد يخلو كتاب في فقه الإمام أ مد
إلا وتقف فيه على عشرات بل مئات من هذه النصوص النقولة عن مسائل حرب إما
فيه عدداً كبيراً من الآثار عن صحابة رسول الله 8 ؛ كما روى الكثير من اللسائل
عن فقهاء التابعين ؛ كابن للسيب وشريح والحسن وابن سيرين والزهري وعطاء
كسفيان الثوري والأوزاعي وغيرهم .
© - أن الكتاب يعد إضافة مهمة في مكتبة الحديث الشريف حيث روى حرب
وهما : مسند إسحاق بن راهويه وسنن سعيد بن منصور » وقد فُقد هذان الصنفان
المقدمة
4 - أن هذا القسم من الكتاب بوجه خاص سيكون - في تقديري - مرجما
مهما لطلاب علوم الشريعة على اختلاف تخصصاتم ؛ حيث اشتمل إلى جوار المسائل
الفقهية على مسائل متنوعة في السنة وأصول الاعتقاد » وي الحديث وعلله ؛ وفي
معرفة الرواة وجرحهم وتعديلهم » وفي التفسير والرقاق والسير والفتن والناقب
والمثالب ؛ وغير ذلك .
خطة البحث
قد قسمت خطة هذا البحث إلى قسمين :
أولا : قسم الدراسة .
واشتمل هذا القسم على فصول خمسة :
الفصل الأول : عصر المؤلف .
البحث الأول : الحالة السياسية .
البحث الثاني : الحالة العلمية .
الفصل الثاني : ترجمة الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني .
وفيه ثلاثة مباحث :
للبحث الثاني : شيوخة .
البحث الثالث : تلاميذة .
الفصل الثالث : ترجمة الإمامين : أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه .
المقدمة
البحث الأول : ترجمة الإمام أحمد بن حنبل
وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الثاني : شيوخ الإمام أحمد .
المطلب الثالث : تلاميذ الإمام أحمد +
البحث الثاني : ترجمة الإمام إسحاق بن راهويه ٠
وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : اسمه ونسبه ونشأته ووفاته.
اللطلب الثاني : شيوخ الإمام إسحاق بن راهويه -
الفصل الرابع : التعريف بكتاب مسائل حرب الكرماني .
وفيه أربعة مباحث :
البحث الأول : نشأة كتب مسائل الإمام أحمد وقيمتها العلمية .
البحث الثاني : ألفاظ الإمام أحمد في مسائله ودلالاتها .
البحث الثالث : منهج حرب الكرمان في مسائله .
للبحث الرابع : تقييم كتاب مسائل حرب الكرماني ٠
الفصل الخامس : التعريف بالمخطوطة وبمنهج تحقيقها .
البحث الأول : وصف المخطوطة .
البحث الثاني : منهج التحقيق .
القسم الثاني : النص المحقق .
واشتمل هذا القسم على النص المحقق من كتاب : مسائل حرب الكرمانٍ . وقد
تضمن هذا القسم تسعة أبواب ؛ وهي :
ثانياً : كتاب الطلاق .
رابعاً : كتاب الظهار .
خامساً : كتاب اللعان .
سادساً : كتاب الأدوية
سابعاً : كتاب اللباس .
ثامناً : كتاب الآداب .
تاسعاً : كتاب التاريخ -
منهج التحقيق
قد ختمت القسم الدراسي - كما تقدم في خطة البحث - يمبحث بينت فيه
المنهج الذي سرت عليه في تحقيق الكتاب ؛ وكان من أبرز معاله ما يلي :
أولاً : تحقيق نص الكتاب ؛ حيث بذلت طاققٍ في إخراحه على أحسن
من التصحيف والتحريف +
ورد من اللصطلحات وأسماء الأعلام أو الفرق أو البقاع +
القدمة طّ
القسم الثاني : النص المحقق .
واشتمل هذا القسم على النص المحقق من كتاب : مسائل حرب الكرماني . وقد
تضمن هذا القسم ثمانية من الأبواب الفقهية ؛ وهي :
ثانياً : كتاب الطلاق .
رابعاً : كتاب الظهار .
خامساً : كتاب اللعان .
سادساً : كتاب الأدوية .
سابعاً : كتاب اللباس .
ثامناً : كتاب الآداب .
تاسعاً : كتاب التاريخ ٠
منهج التحقيق
قد ختمت القسم الدراسي - كما تقدم في خطة البحث - بمبحث بهنت فيه
المنهج الذي سرت عليه في تحقيق الكتاب ؛ وكان من أبرز معاله ما يلي :
ل : تحقيق نص الكتاب ؛ حيث بذلت طاقيٍ في إخراجه على أحسن
من التصحيف والتحريف .
ثانياً : التعليق في الهامش بما يخدم النص ؛ فعزوت الآيات وخرّحت الأحاديث
ورد من المصطلحات وأسماء الأعلام أو الفرق أو البقاع +
ثالكاً : دراسة أسانيد حرب في مسائله ؛ إذ التزمت بترجمة رجال كل سنديما
يكشف رتبتهم عند أئمة الجرح والتعديل ؛ ليتبين في كل مسألة الرواة الثقات عن
رابعاً : الدراسة الفقهية لمسائل الإمام أحمد » حيث أفردت كل مسألة فقهية
من هذه للسائل بدراسة وافية في ضوء المذهب الحنبلي » وممكن إجمال منهج هذه
الدراسة في النقاط التالية :
أ. بيان ما اختلفت فيه الرواية عن الإمام أجمد - رحمه الله - من
المسائل .
ب. في حال عدم اختلاف الرواية عن الإمام أحمد - رحمه الله - في المسألة
أبين إن كانت هذه المسألة من مسائل الإجماع -
ج. أخرَّج الرواية - أو الروايات - عن الإمام أحمد - رحمه الله - في كل
مسألة من هذه السائل » ويكون اعتمادي في تخريج كل رواية على ككب
الذهب وفق الترتيب التالي :
+ المطبوع من كتب مسائل الإمام أحمد ؛ كمسائل عبد الله وصالح وأبي
داود وابن هانئ والبغوي وغيرها ٠
+ كتاب مسائل إسحاق بن منصور عن الإمامين أحممد بن حبل
+ كتب الذهب الي عُنيت بجمع أو نقل مسائل الإمام أحمد بألفاظها ؛
كالأجزاء المحققة من كتاب جامع الخلال » وكبعض كتب القاضي أبي يعلى أو
شيخ الإسلام أو تلميذه ابن القيم +
+ باقي كتب اللذهب » ولا سيما ما عي منها بذكر اختلاف الرواية عن
الإمام أحمد ؛ كالمغي والشرح الكبير والفروع والمبدع والإنصاف . وأحرص عند
النقل من هذه الكتب على ذكر ناقل كل رواية مق وجدت له ذكراً .
المقدمة كك
د. اذكر في كل رواية ما ينقله الأصحاب فيها من تقوية وتوثيق أو توهين
وتضعيف ؛ كأن يقال في تقويتها وتوثيقها : هي آخر الروايات عنه ؛ أو
وتضعيفها : رجع عنها » أو هي غلط عن الإمام » أو لا تثبت عنه » أو تفرد
ه. التزمت في كل مسألة من هذه المسائل بذكر ما استقر عليه الذعب
بين الإقناع والمنتهى “ ووضعت نصب عين في تقرير الذهب شروح هذه
المتون الثلاثة ؛ وهي :
+ كشاف القناع في شرح الإقناع -
+ شرح منتهى الإرادات للشيخ منصور بن يونس البهوتي ٠
+ مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى .
وقد أرجع مع ذلك - عند الحاجة - إلى تقريرات محققي الذهب المتأخرين
كالشيخ عثمان بن قائد النجدي » أو الشيخ محمد السفاريج صاحب كتاب : ” غذاء
الألباب في شرح منظومة الآداب ““» أو غيرهما .
الصعوبات التي واجهتني في البحث
واجهتي في تحقيق هذا الكتاب عقبات ومزالق ؛ وكان من أشدها علي ما يلي :
١ - التحقيق على أصل واحد » وهو أمر معلوم صعوبته عند المشتغلين بالتحقيق؛
ولعله من أظهر ما يصدق فيه قول الجاحظ : ”...ولربما أراد الولف أن يصلح
تصحيفا أو كلمة ساقطة » فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ وشريف العى