ثم سمعنا يوماً ان أحد مشاهير الخطباء الايرانيين قاد
قدم الى النجف الأشرف وانه سوف يبحطبت جامع
الهندي بضع ليال . كان ذلك قبل ثلاثين ونيف من
السنين . وكان اسم الخطيب » اذالم تحني الذاكرة ؛
الاف غيري حتى اكتظ بهم المسجد على سعته .
التجديد . لقد فسر لا الشيخ الطبسي بعض الآيات
الكريمة من القرآن المجيد . وكان تفسيراً مزيجاً من
التاريخ » والفلسفة . والمنطق . والحديث » والروايات
المنقولة عن الأثمة ( عليهم السلام ) » وحتى النكتة والنادرة
(حدث في ليلة حارة ان فك الشيخ الطببي حزامة +
وراح يمسح به العرق عن رأسه ووجهه . ثم اعتذر عن
ذلك بقوله إن حزامه أشبه بعصا موسى » فهو حزام يوا »
وعمامة يوماً آخر . ومنديل لتجفيف العرق » وسفرة
يتناول عليها الطعام احياناً اخرى ) .
الجديد » وبساطة عرضه ؛ وسعة اطلاعه ولم ينفع معنا ما
أخذ يردنا بعد ذلك من مصر ولبنان من الكتب الجديدة
إلا أنها كانت قد كتب للتاريخ » وللنخبة من الناس 6
وليس للناس العاديين من الطبقات المتوسطة .
لقد كانت السنوات التي اعقبت الحرب العالمية الثانية
سنوات حرب اعنف وأشد ء حرب العقائد والأفكار
والايديولوجيات التي وفدت على الشرق مع ماورد من
الغرب من بضائع وعادات . إلا أنها كانت حربا غير
متكافئة » وقودها الطبقة الكادحة . والشباب المثقف
الأعزل » الذي لولا تأصل فطرته الدينية وتشبثه بمبادثه
الأصيلة » الجرفه التيار العارم . ومع ذلك فالخسائر لم تكن
قليلة » فقد اخذ التيار الكثير » ولقد كان بالإمكان تقليل
يمثل ما تسلح به رجال الدين الأفاضل في ايران » فهم إلى
جانب تضلعهم في العلوم الدينية ؛ درسوا العلوم
إيصال الأسس التي بني عليها الإسلام إلى قلوب الكشرة
الكاشرة من عموم أبناء الشعب » بلغة سهلة ؛ ومنطق
سليم » وقرع الحجة بالحجة » ودحض المفتريات بالأدلة
وتورحدها ؛ وفسكها بعلمائها الأعلام .
واليوم » وانا نزيل طهران » أجدني محاطاً بحشدٍ من
خيرة العلماء المتشورين الجاهدين . وبفيض من ”ب
القيمة التي تعين عامة الناس على التمسك بالإسلام دينا +
ولقد اتاح لي حسن الحظ ان أقوم بجولة ماتعة في
مجموعة مؤلفات الأستاذ الشهيد مرتضى مطهري ؛ اطاعة
لوصية امام الأمة » وإذا بي استرجع ذكرى الأيام الخوالي +
جلدته » وعرف ما ينبغي لهم ؛ فقدمه في تدرج سليم +
الطبيب النطاسي العارف بالداء » والعارف بالدواء »
أن عفدت العزم ؛ بعون الله عل أن أقدم هذه الكتب
ما فقيء شهيدنا الاستاذ مطهري ينادي في كتبه بضرورة
تعلمها وتعميمها حتى في المدارس الإبتدائية .
الكتاب الأول من سلسلة « القرآن » ليحدوني الأمل في ان
مد الله تعالى في توفيقي » فاقدم ما بقي من كتبه ودراساته
وبحوثه ؛ فاكون قد حققت بذلك ما كان ينبغي ان يتحقق
ولا يسعني هنا إلا أن اسجل تقديري وشكري لمؤسة
توفيق ؛ والله لا يضيع اجر من أحسن عملا ٠
جعفر صادق الخليلي
كلمة الناشر
« معرفة القرآن » . سلسلة من الخطب » كان الأستاذ
كان يعقدها في طهران .
كان الاستاذ مطهري خلال الخمس والعشرين سنة
من إقامته في طهران ؛ يعقد جلسات متنوعة مع غتلف
لتفسير القرآن » والتي كان يجضرها العامة من أبناء
الشعب .
مجمع علمي ؛ بما كان لديه من إحاطة شاملة بالعلوم
الاسلامية ؛ وما امتاز به من دقة النظر » ومن عشق عميق
للقرآن ؛ لكان لتفسيره شأن آخر . و لكن بالنظر إلى
طبيعة تكوين المجتمع العلمي » خليق بنا أن نقول ان
الاستاذ لم يكن يرمي إل إلى أن يتعرف العامة من المستمعين
غلى القرآن الكريم . ّ
البحوث » ولا من أي جزء من القرآن بدأها ء ولكن
بعض القرائن تدل على أنه قد بدأ بسورة مريم حتى نهاية
القرآف ثم عاد من بداية القرآن حتى الآية الشالشة
والعشرين من سورة البقرة +
على كل حال « اما هبر مسوم بجا اطليها
واستخرجناه من أشرطة التسجيل ؛ يشمل الجزء 74 و70
من القرآن ( مع فقدان بعض السيزم وتفسير سورة الفاتحة
نرى أنها ريما تكون قد بحثت بعد سنوات من تسجيل
الجزءين 14 و ١ إذ إن هذا القسم يحوي على وجهات
نظر جديدة .
بعض الجهات المنحرفة والمدعية بتفسير القرآن تفسيراً
يتماشى مع ميولها وأذواقها ومع أسس المادية . ولعل
الاستاذ الشهيد مطهري هو أوّل من تنبه إلى ما يجري
واكتشف مواضع الانحراف» فدق ناقوس الخطر بشدة 6
وراح يكتب ويخطب كلما وجد فرصة مناسبة ؛ يكشف فيها
ذلك الاعوجاج والانحراف . ومن ذلك هذه التفاسير
القرانية الي كان يرد با على تخرصاتهم ؛ ويدافع ماعن
الحقائق القرآنية دفاع المستميت ؛ حتى دفع في النهاية حياته
وفي السنوات الأخيرة من حياته ؛ كثيراً ما طولب
الأستاذ بتدوين هذه البحوث وطبعها ونشرها » بعد أن
كانت مسجلة على أشرطة التسجيل ؛ لكي تكون في
متناول الجميع . وبقي الأستاذ ينتظر الرصة المناسبة ء إلا
إعداد تلك البحوث وتحضيرها للنشر .
لقد بوشر في العمل بتفسير سورة الفانحة ؛ وبعض من
سورة البقرة » تحت نظر الأستاذ الذي أجرى عليها بعض
التعديلات والأضافات ؛ قبل أن يقع له الحادث المفجع .
فتوقف كل شيء عدا تفسير الجزءين 4؟ و © من
القرآن » اللذين أعدا للنشر بعد حذف الجمل المنكررة
المألوفة في الخطب
كان الأستاذ الشهيد قد بدأ سنة 17057 ه . ش بإلقاء
سلسلة من المحاضرات في « كلية صناعة شريف » بعنوان
« معرفة القرآن» » عل أن تكون مدخلا لسلسلة من
البحوث العقائدية العميقة الرئيسة حول معارف القرآن
ولكنبا توقفت على إثر اضرابات الطلبة في تلك السئة
وقيام الحرس المأجور بمهاجمة قاعات الدرس ؛ وتعطيل
الدراسة في الجامعة . كل الذي بقي ذكرى من تلك
المحاضرات خمس خطب » أعدت وهيئت لتكون مدخ
إلى تفسير القرآن المدرج في هذا الكتاب ؛ ونشر كجزء
أول له .
من المأمّل أن تكون هذه اللجموعة ؛ مشل باقي آثار
الأستاذ الشهيد مرتضى مطهري القيمة والتي تعتبر فر ا
يايها » أو قليلاً نظيرها » موضع تقدير القراء وفائدتهم .
بسم الله الرحمن الرحيم
معرفة القرآن :
إن معرفة القرآن لكل فرد عالم باعتباره عالاً ؛ ولكل
فرد مؤمن باعتباره مؤمناً . أمر ضروري وواجب . إلا أن
ضرورة معرفة القرآن لعلماء النفس ولعلماء الاجتماع +
المجتمعات الاسلامية ؛ بل وفي مصير المجتمع البشري برمته
كتاب ما كان للقرآن من الأشر في المجتمعات الانسانية
والحياة البشرية!') . ولهذايدخل القرآن عنوة إلى ميدان علم
)١( اما من حيث اتجاه الأثر ء وهل كان نحو تغيير سير التاريخ
باتجاه سعادة البشر ورفاههم + أم باتجاه التفسخ والانحطاط ؛ أو
في عروق المجتمعات البشرية دماء جديدة ؛ أوانه العكس .
ذلك موضوع خارج عن نطاق هذا البحث