وهذه الجملة ثابتة في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ئ» حتى جاء
في حديث عبد الله بن عمر * أن النبي # ذكر هذه الجملة عل المشبرء وأنه
خطب في الناس فذكر الصدقة والتعفف والمسألة فقال ب: «واليد العليا خير
من اليد السفلى 6
وفي هذا دليل على فضل الإنفاق والإحسان إلى الناس» وأن من أراد الله
الله جل جلاله؛ فالدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاء وطالب علم
كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي #» فمن أعطاه الله الدنيا وأنفق فيها
ذات اليمين والشمال ابتغاء مرضاة الله د فقد أفلح وأنجح وعظمت تجارته مع
ملك الملوك وإله الأولين والآخرين» الذي لا يضيع ثواب المحسنين.
وفي قوله #8: وابدأ بمن تعول»» بين في هذه الجملة المنهج النبوي السامي
والعالي في دلالة الناس على ما ينبغي عل المنفق عند إنفاقه أن يراعي ذوي
أراد أن يتصدق فعليه أن يتفقد من أوجب الله عليه النفقة» نفقته. كأبنائه
وزوجته؛ فلا يتصدق عل الناس ويترك أقرب الناس إليه؛
شرح كتاب الصيام من سنن الترمذي حلاج
النفقة الواجبة.
ثانيا: أنه إذا أراد أن يتوسع» فعليه أن يبدا بأقرب الداس إليه؛ حتى في
التوسع وحتى في التوافل» فإذا كان عند الإنسان مال وأراد أن ينفق هذا المال في
مرضاة الله سبحانه وتعالى وطاعته فعليه أن ينظر إلى أقرب الناس إليه؛ وهم
وهكذا بالنسبة للأقربين من العصبة؛ كالأخوة الأشقاء والأخوة لأب وأبناء
الأخوة الأشقاء وأبناء الأخوة لأب» والأعمام الأشقاء والأعمام لأب؛ وأبناء
الأعمام الأشقاء وأبناء الأعمام لأب على تفصيل وضوابط» فهؤلاء ذا حصلت
أن تتصدق على سبيل التوسع» فالنفقة عليهم أفضل» فلو كان عند الإنسان أخ
وأراد أن يتصدق بال» ونظر إلى أخيه أنه إذا أعطاه هذا المال انتفع به كشيراً
شرح كتاب الصيام من سنن الترمذي 0
وهم خاصتك وقرابتك فحيئذ يكون الأجر أعظم والثواب أكبر» وهذا عناه
النبي # كما في الصحيح في قصة سعد بن أبي وقاص #» فإنه لما مرض واشتد
الناس » فهو يريد الصدقة؛ ويريد أن يتقرب إلى الله ع3؛ فمنعه # وجعل له
وهذا أمره يهمله الكثير إلا من رحم الله فإن البعض يريد الصدقة ويريد
هو بعيد» ويراعي الإحسان إليه أكثر من ذي القرابة؛ وهذا كله لأن الشيطان
أن الله سيفتح عليك أبواب الرحمة» من أحب منكم أن ينساً له في أثره ويبسط
عشر ما تفقه لقريبك أو لذي الرحم منك أو لمن تعول أن أجرك عند الله
شرح كتاب الصيام من سنن الترمذي 4
فإذا به يأتي ويخذلك ويقول لك: قرابتك بخير وليسوا بحاجة؛ والفقراء
أحوج والضعفاء أحوج» ولا شك أن الضعفاء تكون بهم حاجة؛
صلة الرحم كما ذكرناء وفيه جع لأطراف القرابة» وتقوية لأواصر القرابة؛
حتى في الدعوة إلى الله فد
ومن هنا فرع بعض العلماء على هذا أن الإنسان إذا أراد أن يدعوا الناس
ويدهم على الخيرء أنه يبدا بأقرب الناس إليه» فإذا كان هذا في أمور الدنيا أن
تبداأ بمن تعول» فمن باب أولى أمور الدين أن تبداً بأقرب الناس إليك» ولذلك
ثبت في الصحيح عن رسول الله 88 في خطبة حجة الوداع» في منسك جابر 8 أنه
قال في خطبة حجة الوداع: ألا وإن ريا الجاهلية موضوع وأول رباً أضعه ربي
عمي العباس بن عبد المطلب!» فبداً بأقرب الناس إليه؛ وقد قال الله د له:
ل وأنذر عشريتك الأقربين )ء فهذا كله بنا العلماء على أنه إذا كان في الدنيا
من أقربائه» يحتاج إلى الصبر وإلى تذكير بالله د فإنه يصبر عليه ويذكره بالله كف
فإذا رأى أنه بحاجة إلى نصيحة نصحه وصبر على أذاء واحتسب الأجر عند الله
شرح كتاب الصيام من سنن الترمذي ١٠٠-
وقد تجد الإنسان يصبر على الغريب أكثر مما يصبر على القريب؛ وقد
تحمل وتجمل أن ثوابه عند الله أعظم» وجزائه عند الله أكمل؛ يعلم عدو الله
ذلك علم اليقين» وأن الله سيفتح على العبد أبواب رحته إذا أحسن إلى ذي
قرابته» وخاصة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدلالة على الخير»
ولذلك تجد شر القرابة أعظم من شر غيرهم» حتى إن رسول الله # ابتلي
فأعظم الناس رداً لدعوة الإنسان وأعظم أذية في القلب حينا يرى
الإنسان أقرب الناس إليه ناقراً منه؛ ولكن مع هذا يتحمل ويتجمل» وإذا تأمل
يضحي به لقريب وغريب» وجد أنه لا يستطيع أن يتحمل أن ينشق أنصاف
ذلك الوقت ولا أرباعه ولا أعشاره للقريب» ويمكن أن يتحمل أضعاف
أضعاف ذلك للغريب» كل هذا من الشيطان لعلمه أن الأجر والشواب عندا
لله أعظم» قاعدة من رسول الله #» وأصل عظيم في الإسلام ابداً بمن تعول»
شرح كتاب الصيام من سنن الترمذي -١١-
قرابته» ومن أقرب الناس إلى قرابته» دلالة للخير وهداية للخير» فنفعه الله عد
فضل من الخير فابداً بمن تعول؛ وبأقرب الناس إليك؛ ومن هنا إذا احتاج
أقرب الناس إليك كبنتك وابنك إلى توجيه وإرشاد إلى نصيحة إلى تذكير باش
وتحملك وتجملك ما يرفع الله به درجتك ويعظم به أجرك ويحسن به عاقبتك»
وقد ابتلى الله العبد بقرابته» فتجد أكثر الناس طعناً في الإنسان قرابته»؛ وأكثر
المرسلون ومضى عليها الصالحون والأخيار والعلماء والحكماء, أن أزهد الناس
في العالم أهله؛ ولكن الأجر عند الله عظيم» والثواب عند الله كبير» والموفق من
رزق الصبر واحتساب الأجرء والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
وشئوتهم» فالعول يطلق بمعنى الفقر» فتقول: فلان به عالة أي به حاجة وفاقة»
يمن تعول» أي بقرابتك الأقربين الذين حملك الله أمانتهم ومسئولية القيام على
شئونهم وأمورهم.
شرح كتاب الصيام من سنن الترمذي ١"
عن عبد الملك بن عمير عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب قال: قال
قال الإمام أبوءيسى رحمه الله تعالى : هذا حديث حسن صحيح.
هذا الحديث في الحقيقة هو أ قوى من الحديث الأول في الدلالة على
النهي والتحذير» لأن قوله *: «إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه هو بمعنى
قوله 5 في الحديث الصحيح: «لا تزال المسألة بالرجل حتى تدعه وليس في
والأصل عند العلماء أنه إذا ورد الوعيد على فعل الشيء أو تركه بعقوبة
في الدنيا والآخرة دل على حرمته؛
ومن هنا دل الحديث على النهي عن سؤال الناس» وإنزال الحاجة وطلب
الحاجة والشيء من الناس» إلا أن يكون الإنسان عنده موجب لذلك؛ وقد بينا
الأسباب التي توجب السؤال وتبيح السؤال»
وقوله: سلطاناً» لأن المسلم له حق في بيت مال المسلمين» فإذا سأل ولي
أمر المسلمين حقه فهذا من حقه»؛ وهذا النوع من السؤال يستوي فيه الفقراء
شرح كتاب الصيام من سنن الترمذي ١"
ومن هنا جعل العلماء هذه المسألة تابعة للمسألة المستثاة أي يستثنى أن
لأن والد الرجل له سلطان على بيته وأهله؛ فله أن يسأل حقه في بيت مال
المدير حقه فليست بالمسألة الممنوعة» بل إنها مشروعة؛ لأنه يسأل حقأمن
داخلاً في المسألة المحذورة.
أو فيا لابد منه كما ذكرنا من مسائل ذي الفقر المدقع أو ذي الغرم المفظع
أو رجل تحمل حمالة كما ذكرنا أدلة السنة الصحيحة عن رسول الله # على
استثناء من تحمل حمالة» ومن نزلت به حاجة ومن أصابت ماله جائحة» ذكرنا
حديث قبيصة بن المخارق * في صحيح مسلم عن رسول الله » وبينا أحكامه
شرح كتاب الصيام من سنن الترمذي ١6
قال الإمام الترمذي رحمه الله لتعالي : بسم الله الرحمن الرحيم» أبواب الصوم عن
رسول الله ف قال رحمه الله: باب ما جاء في فضل شهر رمضان.
يقول الصنف رحمه الله؛ أبواب الصوم عن رسول الله 35:
الصوم في لغة العرب الإمساك. يقال: صام عن الشي-ء إذا أمسك عنه
سواء أمسك عن الحركة أو أمسك عن الكلام أو الأكل أو الشرب»
فمن إطلاق الصوم عن الإمساك عن الحركة»؛ قوهم: ضام النهار»
وقوهم: صام النهار إذا وقفت الشمس في كبد السسماء في منتصف النهار ولم
ويقولون أيضاً: صام إذا أمسك عن الكلام؛ ومنه قوله تعال: فإما
ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحن صوماً فلن أكلم اليوم إنسيا)»
فهذا من الإمساك عن الكلام»
وكذلك صام الفرس إذا أمسك عن الصهيل» وقيل: إذا أسك عن الأكل
فمنعت الخيل من العلف تضرية لها كما قال النابغة الزبياني:
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلق اللجم
وقيل: خيل صيام بمعنى ممسكة عن الصهيل» ولذلك قال: